رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(مها صبري وعلي شفيق) .. قصة حب أغضبت الرئيس عبدالناصر (1/2)

* جمالها الصارخ كان وراء طلاقها مرتين وهى في العشرين من عمرها

* رجاء الجداوي فتحت لها أبواب المجد والشهرة دون أن تدري

* زوجة (شارل نحاس) ترشحها لزوجها المنتج الشهير لبطولة أول أفلامها (أحلام البنات) مع رشدي أباظة وشكري سرحان.

* عبدالسلام النابلسي يختار لها اسمها من قصيدة لابن الساعاتي

مها صبري وقمة الأنوثة والإثارة

كتب : أحمد السماحي

كانت المطربة الجميلة الصاعدة إلى المجد والشهرة بسرعة الصاروخ على موعد مع القدر فى بورسعيد، حيث سافرت لإحياء حفلة من حفلات أعياد ثورة يوليو مع كوكبة من نجوم الغناء، وكان كبار رجال الدولة يجلسون بالمقاعد الأمامية، وكان بينهم اللواء (علي شفيق) مدير مكتب (عبدالحكيم عامر) وزير الحربية، أشاروا إليها نحوه بعد إنهاء وصلتها الغنائية، نزلت إليه صافحته وطلبت منه خدمة لأحد أقاربها، وكانت البداية!.

لكن قبل البداية لابد أن نذكر أن هناك علامة فاصلة بين النصيب والقدر، فالنصيب هو الذى يصنع الإنسان أحداثه، بينما القدر هى الأمور التى تأتى من عند الله وبأمره جل وعلىّ دون تدخل من أى أحد، فلا شأن للإنسان بها أو باستطاعته تغييرها، وقد لعب القدر دورا كبيرا في حياة الفنانة الجميلة (مها صبري)، فبينما كان المشير (عبدالحكيم عامر) يستعد للزواج من نجمة السينما المثيرة (برلنتي عبدالحميد) كانت قصة حب أخرى تنسج خيوطها ببراعة أحد طرفيها اللواء (على شفيق) مدير مكتب المشير، بينما كان الطرف الآخر المطربة الجميلة (مها صبري).

وقائع القصة مثيرة وبدايتها أكثر إثارة، ونهايتها لا يستطيع أكبر مؤلفي الدراما صنعها فتعالوا بنا نسمع قصة (زكية محمود فوزي صبري) الشهيرة بـ (مها صبري).

اللواء علي شفيق

طفولة معذبة

نشأت (زكية) في أسرة فقيرة، وعانت الحرمان في طفولتها، ونظرا لضيق ذات اليد لم تكمل تعليمها رغم أنها كانت تحلم بأن تصبح محامية شهيرة أو مضيفة طيران، لكنها ودعت أحلامها مع انفصال والدها عن والدتها والزواج بأخرى، حيث أخذها  لتعيش معه، لكنها ضاقت العذاب من زوجته التى استغلتها كشغالة تكنس وتغسل وتطبخ، فتركت منزل والدها وعادت لتعيش مع والدتها، وحتى تنفق على والدتها عملت في حياكة الملابس والتطريز لتصرف على البيت.

التطريز وحياكة الملابس

كبرت (زكية) ولفت جمالها الصارخ أنظار شباب ورجال حي (باب الشعرية) فكان خروجها إلى الشارع يعني أن القمر يسير وسط الناس، وكان جمالها فى هذه الفترة  من صباها هو مصدر سعادتها الوحيد فعندما كانت تخرج لشراء مستلزمات البيت أو الخياطة كان الكل يتابع مشيتها وهيئتها، ولم تكن رخص ثيابها ليغيب عنها، لهذا كانت تلف الملاءة لفة تشي بحسن قوامها الرشيق، وتصور عجيزتها البارزة الملمومة أحسن تصوير، وتبرز ثدييها الكاعبين، وتكشف عن نصف ساقيها المدملجتين، ثم تنحسر فى أعلاها عن مفرق شعرها الذهبي، وعينان جميلتان لهما حور بديع فاتن، ورغم هذا كان غضبها لا يُستهان به عندما يقترب منها أحد الشباب ويتلفظ بلفظ لا يعجبها.

الزواج في سن مبكرة

فى هذه الفترة لفت جمالها أنظار أحد أغنياء الحي فتزوجها وهى لم تكمل بعد السابعة عشر، وكان يلبي لها كل طلباتها، لكنها لم تنعم كثيرا بالسعادة والثراء الذي كانت تعيش فيه بسبب غيرته الشديدة عليها، فالرجال يتابعونها بإعجاب مثير، والشباب يعاكسونها أمامه، والنساء يحسدونها على جمال جسدها، وبعد عامين وقع الطلاق بعد إنجابها لابنها (مصطفى)، بعده تزوجت وهى في العشرين من عمرها من أحد التجار الكبار ويدعى (عبدالفتاح) وأنجبت منه ابنتين هما (نجوى، وفاتن)، وكما حدث في الزيجة الأولى حدث في الزيجة الثانية حيث كان جمال (زكية) الصارخ وغيرة الزوج الشديدة عليها هما أسباب الطلاق، وبعد طلاقها من هذا التاجر عادت مرة أخرى لمهنة الحياكة والتطريز حتى تستطيع الإنفاق على أسرتها الصغيرة ووالدتها.

رجاء الجداوي وزوجة شارل نحاس

فى هذه الفترة تعرفت بالمصادفة فى أحد محلات بيع مستلزمات التطريز بعارضة الأزياء الجديدة (رجاء الجداوي) التى بدأت تشق طريقها إلى السينما وشاركت في بطولة فيلمي (دعاء الكروان، وغريبة) وتبادلتا أرقام التليفونات، وفى أحد الأيام اتصلت بها (رجاء) وعزمتها على (ديفليه) ستشارك في عروضه في أحد الفنادق، وبالفعل حضرت (زكية) وكان الحفل يضم كثير من نجوم المجتمع والفن، وأثناء مباركتها لصديقتها (رجاء الجداوي) شاهدتها زوجة المنتج الشهير (شارل نحاس) فأعجبت بجمالها، ورفضت أن تدع الفرصة تفلت من يدها، فطلبت منها العمل في السينما، في أفلام من إنتاج زوجها، ووافقت (زكية) على العرض، وحددت لها زوجة المنتج الشهير المكان الذي ستوقع فيه العقد.

أفيش (أحلام البنات) .. أول أفلام الوجه الجديد مها صبري

بليغ حمدي يدربها على الغناء

لم تنم (زكية) بعد عودتها من عرض الأزياء، ودرست الفرصة من كل الوجوه، وبدأت تحلم بحياة النجوم والشهرة والمال والأضواء، ووقفت تتأمل جمالها أمام المرأة، وتنتقي بعض الملابس التى ستذهب بها غدا لمقابلة (شارل نحاس) وبدأت تدندن بصوتها بعض أغنيات معشوقتها (ليلى مراد) وفجأة تذكرت أن كثير من جيرانها كن يمدحن صوتها عندما كانت تغني في مجالسهم الخاصة، وقررت أن تذكر هذا للمنتج الشهير، لكنها خشيت أن يكون جيرانها كانوا يجاملونها فتخسر الفرصة التى جاءتها على طبق من فضة.

وفى الصباح الباكر ارتدت أحلى ما لديها، واستقلت تاكسي إلى ستوديو (نحاس) وهناك قابلت المنتج الشهير والسيدة زوجته التى قدمتها لزوجها، وبُهر المنتج الشهير بجمال الوجه الجديد، وبعد التعارف صرحت له على استحياء شديد بأنها تُجيد الغناء أيضا، وانطلقت تغني كوبليه لأم كلثوم، وآخر لعبدالحليم حافظ، وثالث لليلى مراد، وعندما استمع إليها (نحاس) أعجب جدا بصوتها، ووقع معها عقد بطولة أول أفلامها (أحلام البنات) مع (زيزي البدراوي، وبرلنتي عبدالحميد، وشكري سرحان، ورشدي أباظة، وعمر الحريري، وعبدالسلام النابلسي)، واستدعى لها الملحن الشاب (بليغ حمدي) ليدربها على الغناء.

مها صبري مع إسماعيل ياسين في مشهد من فيلم (حسن وماريكا)

النابلسي يختار لها اسمها الفني

أول يوم تصوير (لحست) زكية عقول الرجال، اشتعلت نار الغيرة في قلب المنتج إذا حدثها مخرج الفيلم (يوسف معلوف) على انفراد، وشاط المخرج غضبا إذا تودد إليها المنتج، كبار نجوم التمثيل تسابقوا للحديث مع النجمة الواعدة، كبار المخرجين تركوا الاستديوهات وذهبوا إلى ستوديو نحاس حيث تصور فيلمها الأول، وانهالت عليها العروض، وأثناء ذلك اختلى بها النجم الكوميدي (عبدالسلام النابلسي) على انفراد وقال لها اسمك إيه يا حلوة؟! فقالت: (زكية)، فرد عليها بقصيدة شعر(لإبن الساعاتي) عن جمال العيون يقول فيها :

 عيون المها مالي بسحركِ من يدِ

ولا في فؤادي موضع للتجلُّدِ

رويداً بقلبٍ مستهامٍ متيَّمٍ

ورفقاً بذا الجفن القريح المسهَّد

وأثناء ذلك اقتحم خلوتهما المنتج (شارل نحاس) وقال لها تحبي نكتب إسمك (زكية فوزي) ولا (زكية صبري) فى إعلانات الفيلم، وفى توزيع الخبر على الصحف والمجلات، فقال النابلسي بغيظ وعنجهية : زكية إيه، وهباب إيه، الجمال ده لازم له إسم فني جديد، أنت شايف عيونها الجميلة زي عيون المها، وتوقف (النابلسي) لحظة وقال للمنتج هنسميها (مها صبري)، ورددت (زكية) الاسم أكثر من مرة وهى في حالة سرحان، ولم تصدق إنها تعيش فى الواقع، ملأت صورها الجرائد والمجلات، وتعاقدت على بطولة فيلمين آخرين هما (حسن وماريكا) مع إسماعيل ياسين، و(عودة الحياة) مع (أحمد رمزي) وهى لم تنته بعد من فيلم (أحلام البنات).

مشهد يجمع بين مها صبري واسماعيل ياسين واستفان روستي من حسن وماريكا

الزوج الثالث مصطفى العريف

أثناء ذلك وأثناء تناقلها بين الاستديوهات وبالتحديد عام 1959 كانت على موعد مع الزوج الثالث ونترك (مها صبري) تحكي لنا حكاية زواجها وطلاقها من الزوج الثالث (مصطفى العريف) كما جاءت في مجلة الكواكب عام 1960:

التقيت بزوجي الثالث (مصطفى العريف) في دعوة على العشاء دعاني إليها أحد الأصدقاء، وفي السهرة تحدث معي (العريف) عن الفن والسينما والغناء، وكنت أقوم ببطولة فيلم (أحلام البنات)، وبعد شهر التقيت به على مدى ليلتين متتاليتين، إحداهما في ملهى (الأريزونا) والأخرى في (صحراء سيتي)، وفي الليلة الثانية راقصني (سلو) وأخذ مني رقم تليفوني، وتعرف مني على مواعيد التصوير، وأصبح يتردد على الاستوديو أثناء بطولتي لفيلم (عودة الحياة).

وفجأة طلب مني (مصطفى) الزواج، وطلبت منه مهلة، وبعد تفكير وافقت، فقد كنت في حاجة إلى رجل يحميني من الإغراءات الكثيرة التى اتعرض لها في الوسط الفني، وتم عقد القران في منزل والدتي بمصر الجديدة عام 1959 وكان الحفل عائليا، وكان (مصطفى) فى هذا الوقت يعمل موظفا في شركة المنسوجات بالأسكندرية، وفى ليلة الزفاف بدأت الخلافات.

حيث كان (مصطفى) معجبا بشقة على النيل إيجارها 25 جنيها شهريا وإيجار الجراج خمسة جنيهات في الشهر، وكان راتبه خمسين جنيها، وأصر على إيجار الشقة، وأحسست يومها بعدم الراحة لهذا التشبث بالشقة، خاصة أن راتبه بسيط أيضا، ودار هذا الحديث بعد عقد القران مباشرة ليلة الزفاف، وحتى لا أتسبب في مشكلة ليلة زفافي نزلت على رغبته واستأجر الشقة وكتب عقدها باسمه.

وعشنا في الشقة ثلاثة أشهر فقط ثم تركناها بسبب أن العمارة لم يكن فيها أسانسير وكنت أشعر باضطراب في قلبي من صعود السلم إلى الدور الثالث، وبعد الزواج تغير (مصطفى) فلم يكن يرفض لي طلبا قبل الزواج، أما بعده فأصبح مخالفا لكل آرائي وطلباتي بالإضافة إلى أنه كان عنيدا.

وزادت الأحوال سوءا بعدما قدم (مصطفى) طلبا للشركة في الأسكندرية لنقله إلى القاهرة، لكن الشركة رفضت فقدم استقالته وتم قبولها، وأصبح متوترا في تلك الفترة، فأقدم على إنتاج فيلم لي ولم أكن راضية عن ذلك، فذهب إلى شركة (الشرق) وتعاقد معها واضطررت لتوقيع العقد رغم أنفي.

وتضيف مها صبري: بعد شهور قليلة اتضحت لي عيوبه ولم أعد أطيق تصرفاته، فطلبت منه الطلاق، وبالفعل انفصلنا في 7 ديسمبر 1960، وكنت أشعر بمرارة لكني كنت أرى أن الطلاق ضرورة حتمية، وبعد الانفصال التقيت بالفنانة (مريم فخر الدين) مصادفة فى إحدى المستشفيات التى دخلت إليها وقالت لي: (ايه الحكاية بتاعتنا دي .. ندخل المستشفى في وقت واحد أنا وانتي وبعدين نتطلق في وقت واحد) !

كنت دخلت المستشفى وأشيع يومها أني أزلت الزائدة الدودية، لكني كانت حاملا من (مصطفى)، ولم تكن حالتي تسمح بأن أواصل الحمل مع رجل يصنع لي الخلافات الدائمة.

مها صبري وبرلنتي عبدالحميد وماري منيب وزيزي البدراوي في (أحلام البنات)

………………………….

فى الحلقة القادمة نستكمل:

* مها صبري تطلب من زوجها (على شفيق) أن يطلق زوجته إبنة النجم السينمائي الشهير.

* لماذا أخرج (عبدالناصر) علي شفيق من منصبه عام 1967.

* أم كلثوم تتوسط لعودة صوت مها صبري للإذاعة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.