أجندة المهرجانات مابعد الجونه !
بقلم : على عبد الرحمن
لم أجد قدحا متاحا لدي في عرض أزياء الجونة حيث سبقني أولو الاختصاص قدحا ونقدا واستياءا، فقد اعتقد الكثيرون من أهل مصر أن مايحدث في الجونة هو مسابقة بين الفنانين في مايلبسونه من قصار الفساتين أو أشباها أو مقطوعها ومفتوحها، أو أنه عروض أزياء لمصمميها وأن الفنانات هم (الموديلز) أو العارضات، كما سبق وأن اعتقد أهل مصر أن شعار الجمهورية الجديدة الموضوع أعلي يسار الشاشات ماهو إلا تنويه عن مسلسل أو عمل قادم!؟، وكأنه كتب على أهل مصر أن يبذلوا قصاري جهدهم في اكتشاف وفهم الأحداث دون أن يمهد لهم أحد.
ولما كان مهرجان الجونة قد تكررت نسخه في هذا الشكل الإستعراضي لأزياء النجوم العارية وملابسهم التي تغاير ثقافتنا وأنه تحول إلى مهرجان للعري والتقاليع والافتكاسات وأنه استعراض مقصود لمفاتن الأجساد وعوراتها، ولما كان التكرار بهذا الشكل مقصودا والفنانات متماديات، فقد رفع المهرجان السينمائي شعاره (إن لم تستح ،فافعل ماشئت) بدلا من أن يرفع شعار(من أجل سينما نظيفه) أو (تبادل الثقافات مع الآخر) أو (قوة مصر الناعمه تعود).
أبدا لم يرفع المهرجان شعاره المفترض، ولا أن يسوق لمنطقة الجونة والبحر الأحمر سياحيا كأن يعرض تنويها عن جمال هذه المنطقة ومقوماتها السياحية، أو أن ينظم جولات وندوات في أماكن ومعالم هذه البقعة المصريه فيسهم الفن في تنشيط السياحة كما يحتاج الوطن أو كما يفعل الوطنيون، ولكن أصبح المهرجان مسابقة للخلاعة علي السجادة الحمراء وأصبح المهرجان وضيوفه حبيسي القاعات والسجادة الحمراء وحبيسي ملابسهم الضيقة والممزقه وضاعت أهداف المهرجان من انفتاح علي العالم أو تبادل ونقل الخبرات أو التسويق سياحيا لمصر أو الترويج فنيا لها أيضا.
ولم أجد في تغطية هذا المهرجان ما أجده دوما في مهرجانات الغير، فلا نجوم عالميون روجوا لمواقع مصرية ولا ندوات حول مستقبل السينما، وموضوعاتها وتقنياتها ودورها في تقارب الشعوب، ولكن كل ما خرج من جنبات الجونة هى نماذج صارخه من العري والخلاعة والتقاليع، وكأن أمر السينما لايعني هؤلاء المشاركين من قريب أو بعيد، ولما كان هذا الأمر متكررا وأصبح مقصودا وله حكاياته السابقة والحالية فقد قفز المهرجان علي سلم الخلاعة إلي ساحة الإساءة للوطن!، الإساءة في هذا الشكل الفاضح، والإساءة في إهمال تنشيط سياحة الوطن، والإساءة في عدم استفادة كوادره من تجارب العالم الفنية، بل والإساءة في عروض المهرجان من أفلام ومطربين وحفلات.
ولما كان هذا المهرجان يخرج لسانه لكل مخلص غيور، ويسبح عكس تيار الوطن ذي القيم والثوابت، ويخدش حياء البسطاء من أهلنا، ويثير شهية فتياتنا نحو الخلاعة والعري، فإن هذا يستدعي وقفة تقييم وإرشاد وتصحيح مسار، لأن مصرنا، وطن ذو أعراف وتقاليد ومبادئ وثوابت دينيه،لايمكن لفئة ان تمحوها، ولما كان الأمر قديما قاصرا علي الملبوسات الخليعة فقد ضم هذا العام فرض نجوم افتتاح لايليقون بقيمة مصر وقامتها وعرض أفلاما ليست هى واقع مصر وقدمنا إلي العالم بأننا أمة عارية دون حياء أو قيم، ولهذا فإن على وزارة الثقافه وخبراء المجتمع المدني وحراس القيم وحماة الآداب، عليهم جميعا محاسبة مسئولي هذه الكارثه وتحديد أهداف وسياسات وفورمات لمثل هذه النوعية من الأحداث ولا أقول المهرجانات.
ولعل حياء المجتمع وصدمته فيما حدث في الجونة يجعلنا في حاجة ماسه لوضع أجندة للمهرجانات علي أرض مصر سواء كانت دوليه او إقليميه أو محلية، بحيث يكون لهذه المهرجانات أهدافا وسياسات وإطار ونتائج لصالح الوطن وصالح المهنة، وليكن لدينا لجنة قوميه للمهرجانات تراجع أجندتنا وتحسن توزيع هذه المهرجانات علي مدار العام وفي بقاع مصر كلها وفي تنوع مضمونها وفي جدية إقامتها وفي جودة المنظمين والفقرات، ولتراجع هذه اللجنه كافة تفاصيل التنظيم وليكن لها الصلاحيه في إثابة الجيد، ومنع إقامة السيئ،أو تصويب مساره، ولتتنوع المهرجانات مابين الفن والميديا والرياضه والموضة والرقمنة والابتكار والإستثمار والتنمية وكل صنوف الحياة الداعمه لخطط مصر المستقبليه والداعمة لأصول المهن والناقلة لخبرات العالم والمؤلفة بين الشعوب والملائمه لقيمة وقامة ودور ومستقبل مصر المحروسه.
ولتضع هذه اللجنه في اعتبارها، أن دنيا المهرجانات لدينا تنقرض وأن المهرجانات من حولنا تتقدم وتزدهر وتزداد بريقا عالميا، وليقارنوا بين مهرجانات السينما لدينا ولدي أشقائنا من حولنا ولينظروا إلي مهرجانات الميديا ومعارض المعدات وأسواق الإنتاج الإعلامي من حولنا، وليكتشفوا أنه ليس لدينا مهرجانا للتنافس الإعلامي أو سوقا للمعدات الحديثه أو معرضا للإنتاج الإعلامي أومنتدي أو ملتقي، والعالم حولنا يجود ويعرض وينافس ونحن غافلون عن أهمية وجود أجندة مدروسه ومتنوعه لمهرجانات تعكس صورة مصر إجتماعيا وإقتصاديا وتقنيا وفنيا وتراثيا وتجديدا وإبتكارا فنري معها أحداث عالمية جادة وأعمال عالمية مبتكرة وخبرات منقولة ومفيدة، وتقارب يحتاجه العالم حاليا وبسطا لنفوذ قوي مصر الناعمة وإختفاءا لكل ما لايشبه سمعة مصر ولا يتناسب مع قدرها ولا يروق لأهلها الطيبين.
فما بين العري والإساءه تتضاءل قوي مصر الناعمة ولن تقوي إلا بنظام وطني لوضع وإدارة وتقييم ودعم وتنوع أجندة مهرجانات الوطن وما أكثر اللجان لدينا والمجالس وما أكبر خبراتنا في التنظيم والإبهار وما أحوجنا لأحداث جادة تخدم تطلعاتنا وقضايانا، فهل من غيور، محب لوطننا هذا .. حمي الله مصر وأبعد أحداثها عن التفاهة والخلاعة والعري وأثري أحداثها بكل مبتكر وجديد ومفيد .. وتحيا دوما مصر.