موسم الرياض 2021 .. إبهار بصري ساحر، ونقلة نوعية في حياة المواطن السعودي
كتب : محمد حبوشة
لقد أصبح واضحا جليا أن صناعة الترفيه في المملكة العربية السعودية، تعتبر بلا شك إحدى الصناعات التي يتنوع أثرها الاقتصادي بين الأثر المباشر وغير المباشر، وذلك كان نتاجا طبيعيا لحملات العلاقات العامة التي سعت مؤخرا لتغيير صورة المجتمع السعودي المحافظ إلى مجتمع منفتح على العالم، بحيث أصبح الآن وفي ظل رؤية 2030 التي وضع أسسها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، مجتمعا جاذبا للأجانب مرحبا بالغرباء والاستثمار.
والحقيقة أن تغير الصورة عن الممكلة يرجع الفضل فيها لجهود المستشار بالديوان الملكي (تركي آل شيخ) رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، والذي غير مفاهيم الترفيه وأرسى قواعد صناعتها العصرية التي تتمثل في السينما، المسرح، التليفزيون، الحفلات الموسيقية والغنائية والرياضات المختلفة، فضلا عن المعارض والأوبرا والعروض والموضة والألعاب الإلكترونية والفنون الاستعراضية، والترفيه الرقمي والمعالم السياحية والمطاعم العالمية الشهيرة، والتي كشفت مؤخرا عن كنوز ثقافية وأثرية تحظى بها الجغرافيا السعودية، ليتيح للمواطن في النهاية كل فرص الاستمتاع بالترفيه التي اعتاده في سفره وترحاله خارج المملكة لسنوات طويلة.
ولأن (تركي آل شيخ) أحد العقول المستنيرة في المجتمع العربي الحديث، بحكم أنه ينتمي إلى طائفة المثقفين النابهين من الشعراء وكتاب الأغاني وأخيرا كتاب الدراما التليفزيونية، من مبدعي هذا الزمان، فضلا عن كونه ينتمي للطبقة الوسطى من أبناء السعودية، فقد وضع نصب عينيه منذ توليه رئاسة هيئة الترفيه أنها صناعة مؤثرة في الاقتصاد العالمي بدليل أنه تم تخصيص 1.8 تريليون دولار لدفع عجلة هذه الصناعة في العالم بأثره، كما أنه من المتوقع وزادت لـ2.2 تريليون في 2020، ويبدو لنا ذلك التطور في أن أمريكا على سبيل المثال خصصت 655 مليار دولار لها، ومن المتوقع وصولها لـ 720 مليار دولار، بما يمثل 3.5 % من الناتج المحلي الإجمالي.
إذن الفوائد الاقتصادية لخلق قطاع الترفيه بالسعودية كثيرة ومتعددة، فبالإضافة إلى توفير أكثر من 225 ألف فرصة عمل خلال العشر سنوات القادمة، فقد أصبح ملموسا زيادة استهلاك السلع والخدمات المصاحبة لتلك الفعاليات الترفيهية، والتي أدت بالضرورة إلى تحفيز الاستثمار، حيث تحتاج إلى 64 مليار دولار استثمارا حكوميا وخاصا، محليا وأجنبيا، خلال 10 أعوام؛ وذلك بهدف إنشاء البنية التحتية اللازمة للصناعة، بالإضافة إلى أن ضخ هذه الأموال يرفع من النمو السنوي للاقتصاد السعودي خاصة الاقتصاد غير النفطي الذي تعتمد عليه المملكة بشكل أساسي.
والأمر الملحوظ أكثر في تطوير هذا قطاع الترفيه بالسعودية، أن هنالك فوائد غير مباشرة تتمثل في وقف تسرب الأموال لخارج المملكة، فمعروف أن السائح السعودي يعد الأعلى إنفاقا في العالم بمتوسط 6000 دولار للرحلة الواحدة، ومن ثم فإنه بإمكان هؤلاء المواطنين استخدامها في الاستثمارات الترفيهية الداخلية بالمملكة، وهو ما يؤدي بطبيعة الحال إلى صناعة الاستقرار والمساهمة الكبيرة في تحقيق السلم الاجتماعي، وتخفيف التوجه المحافظ وحدة التشدد الديني الذي ظل شبحا مخيفا لسنوات طويلة، وإتاحة متنفس للشباب السعودي، ومن هنا فإن مواسم السعودية التي أطلقت في عدة مدن بالمملكة وعلى رأسها (موسم الرياض) تأتي بمثابة تظاهرات ثقافية وفنية وتراثية تؤدي إلى تحويل المملكة إلى إحدى أهم الوجهات السياحية في العالم، من خلال ألوان من الفعاليات الكبرى والتجارب السياحية الفريدة المليئة بألوان الفرح والبهجة، حيث يكتشف المواطن السعودي من خلالها عراقة ماضي السعودية وثقافتها الفريدة، وسحر طبيعتها الخلابة.
وهو ما تحقق أكثر في (موسم الرياض 2021) الذي حمل شعار (تخيل أكثر.. تخيل قد ما تقدر) .. هذا هو الشعار الذي أطلقه المستشار تركي آل شيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه بالمملكة العربية السعودية، في بداية كلمته في افتتاح الموسم الثاني، ومن بعده لم تنم العاصمة السعودية ليلة الأربعاء/ الخميس الماضي – كما شاهدت وتابعت على شاشة قناة mbc 1 – وهى تشهد افتتاح الموسم الأكثر نضوجا في نسخته الثانية، والتي تمتد على مدار 6 أشهر كاملة، وضمن خارطة محتشدة بالفعاليات والترفيه ووافر الانتقاءات والخيارات الملائمة لكل الأذواق، والمناسبة لكل أفراد العائلة.
ولفت نظري ما قاله المستشار تركي آل شيخ في المؤتمر الصحفي الذي سبق الافتتاح من أرقام تدعو لفخر المملكة بتنظيم موسم ترفيهي يقدم أفضل تكنولوجيا العصر لخدمة المواطن السعودي، حيث قال: في هذا الموسم أن عدد الشركات المشاركة والمنظمة المشاركة في المواسم والفعاليات 2300 شركة، والفعاليات 2500 فعالية، كما تجاوز عدد الزوار 75 مليون زائر، فيما بلغ عدد التراخيص 4400 ترخيص، وعدد الوظائف المباشرة 100 ألف وظيفة، وأخيراً بلغ عدد المتدربين 100 ألف متدرب، مشيرا إلى وجود 9 أنواع مختلفة من التراخيص، و6 برامج متنوعة لتطوير الكوادر البشرية، وإتاحة حلول تمويلية لتحفيز الاستثمار، لافتا إلى وجود 14 منطقة للترفيه خلال هذا الموسم، وأكثر من 7500 فعالية، و10 معارض عالمية، و350 عرضاً مسرحياً عربياً وعالمياً، وبطولة للألعاب الإلكترونية، و100 تجربة تفاعلية، و18 مسرحية عربية، و6 مسرحيات عالمية، ومعارض ومزادات لسيارات عالمية، و6 حفلات غنائية عالمية، و70 مقهى، و 200 مطعم منها 10 مطاعم عالمية لأول مرة بالمملكة، وأكثر من 30 طن ألعاب نارية، وحفل مصارعة حرة، وأكثر من 76 حفلة غنائية عربية، ومباراتين في كرة قدم عالمية.
وأضاف آل شيخ: إن من الأهداف الرئيسة التي خطط لها سمو ولي العهد أن تكون الرياض عاصمة كبيرة يتجاوز سكانها الـ 15 مليونا، مشيرا إلى ديمومة فعاليات الترفيه والسياحة في العاصمة، باستمرار منطقتي (بوليفارد رياض سيتي، فيا رياض) طوال العام، وأكد تنافسية أسعار التذاكر في فعاليات وأنشطة موسم الرياض بفارق يصل إلى 40 % عن المنطقة وباقي دول العالم، إضافة إلى وجود 4 مناطق مجانية الدخول، وعن تنوع الفعاليات، أوضح آل الشيخ أن الحفلات الغنائية لا تتجاوز 2 % من إجمالي فعاليات الموسم، مشيرا إلى تخصيص العديد من المناطق والمسارح لاكتشاف وتطوير المواهب السعودية، ومؤكدا في ذات الوقت أن الهيئة قطعت 30 % من الهدف المخصص لها قبل 2030، لافتاً إلى أنه بمشاركة عشرين دولة، ستجتمع أقوى 250 ماركة مجوهرات في العالم في معرض unique jewelry salon بمنطقة واجهة الرياض، من (2 إلى 6 نوفمبر) في موسم الرياض.
وكان حفل الافتتاح لموسم الرياض الثاني 2021، قد قدم لوحة من الإبهار الاستثنائي، ووسط حضور جماهيري ضخم، تخطى الـ 750 ألف متابع، ناهيك عن الملايين الذين تابعوه عبر البث المباشر، في عدد من القنوات التلفزيونية والمواقع والحسابات الإلكترونية، واستبق حفل افتتاح بحملة ترويج ضخمة، هيأت العالم لترقب هذا الحدث الترفيهي الأبرز على المستويين المحلي والإقليمي، حيث نفدت تذاكر حفل الافتتاح خلال ساعة واحدة من طرحها قبل أيام من بدء الفعاليات، كما شملت حملة الترويج الإعلان عن موعد انطلاقة الموسم في ميادين عالمية، منها (مانهاتن في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، ومدينتي لندن ونيوكاسل الإنجليزيتين)، وفي عدد من المدن العربية، ومنها (دبي والكويت والدوحة)، فضلًا عن المدن السعودية الكبرى، وشاشات التليفزيون العربية والعالمية.
وتوجت الألعاب النارية بكل إدهاشها روعة حفل الافتتاح، الذي رسخ ـ إضافة للعروض التي يتضمنها برنامج الموسم ـ مكانة صناعة الترفيه في المملكة، كما كان حفل الفنان العالمي (بيتبول) علامة بارزة في أول مساءات الموسم هذا العام، وتقاسمت 14 منطقة مجهزة بأحدث المعايير العالمية، في الخدمات اللوجستية وأدوات الرفاهية، فعاليات الموسم، منها: منطقتا (بوليفارد رياض سيتي، وفيا رياض)، المجهزتان بطريقة مستدامة لخدمة أهالي وزوار مدينة الرياض خلال الموسم وبعده، كما سيتميز الموسم بالفعاليات المتنوعة والمطاعم والمقاهي الفاخرة، والمتاجر العالمية المتميزة، والألعاب الإلكترونية، وأدوات الاستجمام والاسترخاء، وهى (كومبات فيلد، ونتروندرلاند، واجهة الرياض، المربّع، رياض سفاري، العاذرية،أوايسس الرياض، ذا جروفز، نبض الرياض، قرية زمان، شجرة السلام،خلوها.
هذا وقال رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، خلال كلمته في افتتاح الموسم: أتقدم بالشكر والعرفان لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولولي العهد، عراب الرؤية، وقائدنا الملهم، على دعمهما اللامحدود لقطاع الترفيه ولموسم الرياض.. الموسم الأول كان شعارنا (تخيل) والموسم الثاني شعارنا (تخيل أكثر).. صدقتم؟ أكيد تصدقون، ما دام عندنا قيادة ملهمة دفعت كل سعودي إلى أن يرتفع عنده حد الطموح، ويحقق الأحلام.
وعكست فعاليات اليوم الافتتاحي روح المهرجان، حيث احتضن عددا من الفرق التنكرية المزينة بالألوان، والموسيقى النابضة بالإيقاعات العالمية، مع حضور عدد من الشخصيات الشهيرة على مستوى العالم، من أبرزهم المصارع الشهير أندرتيكر، وامتزج افتتاح موسم الرياض 2021 بروائع الفن العالمية، التي اجتمعت في أرض المسيرة عبر 88 فود ترك، جمعت أنواع الأطعمة من مختلف أنحاء العالم، فضلاً عن خدمات الرعاية الصحية، والعيادات الطبية المتنقلة، وشمل الحفل عددا من الفعاليات المحلية والعالمية، إذ انطلقت من أرض المسيرة عروض نارية ضخمة، أنارت سماء الرياض، بالتزامن مع مواقع أخرى من المدينة، أبرزها برج المملكة، وبرج المجدول، إضافة إلى عدد من العروض الحية، وعروض رقصة السامري، وعروض العربات، وعرض الرجل الطائر.
وجدير بالذكر أنه من 26 أكتوبر الحالي وحتى نهاية مارس 2022 تقام فعاليات منطقة (الرياض ونتروندر لاند) في 6 مناطق وتشتمل على 103 ألعاب للكبار والصغار، وأنشطة وعروض ترفيهية تقام في الهواء الطلق، وتشمل المناطق الـ 6، منطقة (دريم لاند كرنفال) بألعابها المزينة بالأضواء الساطعة، ومنطقة (غابة الثلوج) التي تمكن الزوار من الاستمتاع بحلبة التزلج ومتاهة الثلج المميزة، بعروض متنوعة كشخصيات ديزني، ومنطقة (صندوق الألعاب السحرية) المخصصة للأطفال بألعابها الممتعة، ومنطقة (مغامرات الرعب) التي تقدم ألغازًا مثيرة وتجارب شيقة، ومنطقة (طريق العجائب)، ومنطقة (المهرجان الشتوي) الذي يجمع بين الثقافة والترفيه.
ونظرا للإقبال المتوقع على فعاليات منطقة (الرياض ونتروندر لاند) زاد عدد ألعاب المنطقة واتسعت مساحتها بنسبة 40 % عن الموسم السابق لتصبح 376,025 م2، وفيها 51 لعبة للكبار منها: (سكاي لوب، بيت الرعب، حلبة التزلج) وسط أجواء تحيطها نافورة راقصة، وتحتوي المنطقة على فعاليات عدة، أبرزها: (كوكوميلون)، التي تتيح للأطفال فرصة خوض التجربة الكاملة لحياة الشخصية، بدءا بتجربة العيش في المنزل والذهاب إلى المدرسة والمزرعة، وهناك كذلك (خيمة السيرك) بعروضها البهلوانية والموسيقية والضوئية، وأُضيف 50 كشكًا لشحن بطاقات اللعب، كما تقام في المنطقة ألعاب عالمية للمرة الأولى في المملكة.
كما تستقبل منطقة المربع أفخم المطاعم والمقاهي الراقية، وذلك ابتداء من 24 أكتوبر الحالي، لإرضاء الذوّاقة، حيث ستقدم تلك المطاعم أطباقا ومأكولات من أمريكا، وبريطانيا، وإيطاليا، واليابان، والأرجنتين، وفرنسا، وسط عروض ومشاهد موسيقية وفنية، وتعكس استضافة الموسم لأشهر الطهاة العالميين، سعيه لإشباع تطلعات محبي ارتياد المطاعم التي توفر المأكولات البحرية وغيرها، ويتميز بأجوائه المضاءة بالشموع العصرية والأنيقة، مع الإبقاء على الطابع الريفي للمطعم.
لقد أدخل (تركي آل شيخ) بجهوده الحثيثة وعقله المستنير النشاط الترفيهي بالمملكة العربية السعودية منعطفًا تاريخيا جديدا عبر الاستراتيجية الجديدة للترفيه، والتي تفضي إلى تنظيم عدة مهرجانات إبداعية وفنية وإقامة الملاهي المتنقلة، وعروض الخدع البصرية والسيرك، والعروض التفاعلية الخيالية باستخدام التقنيات ثلاثية الأبعاد، وكذا مسابقات الألعاب الالكترونية والمغامرات الكبرى، كما يبدو لنا واضحا جليا من خلال “موسم الرياض” في تظاهراته وحفلاته الغنائية الحالية.
وفي النهاية يبدو لي ولغيري من المراقبين لحالة التطور التي تشهدها السعودية حاليا بفضل رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن استراتيجية (آل شيخ) تستند إلى قاعدة صلبة تتمثل في أن المملكة العربية السعودية لها باع طويل في الفن والثقافة والفكر والأدب، لكنه تم اختطافها – وذلك على حد قوله – لفترة من الزمن وتعود لها المملكة الآن من جديد، وكان نتاجا طبيعيا لذلك أن تحققت مؤخرا طفرة كبيرة في إيرادات السياحة الترفيهية بفضل هذا التوجه الجديد نحو تنويع مصادر الدخل القومي، وإحداث نقلة نوعية وجريئة تصب في خانة الترفية للمواطن السعودي الذي ظل طويلا لا يدري عن كنوز بلاده، حيث الغني الثقافي والفني جمال الطبيعة الساحرة والتظاهرات التر اثية التي تستعيد عراقة الماضي في ثوب عصري وبمفهوم انفتاحي جديد.. تحية تقدير واحترام لولى العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وذلك بمساهمة جادة من جانب (دينامو الترفيه الأول) الشاعر والمثقف (تركي آل شيخ) رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه.