ناظم الغزالي وسحر الغناء الشرقي الجميل في ذكرى رحيله الـ 58
كتب : أحمد السماحي
تمر هذا العام الذكرى المئوية لميلاد واحد من أساطين الغناء فى العالم العربي، وهو المطرب العراقي المبدع (ناظم الغزالي) المولود عام 1921، والذي يمتلك صوتا مليئا بالرجولة والجمال والعذوبة، هذا الصوت يلمس بداخلك شيئا ما، فتنصت له باهتمام وحب وعشق وصوفية، ويصنف خبراء الموسيقى صوت (الغزالي) بأنه من الأصوات الرجولية الحادة (التينور) الدرامي وهو الصوت الرجالي الأول في التصنيفات الغربية، أما مجاله الصوتي فيراوح بين (أوكتاف ونصف إلى أوكتافين)، و(الأوكتاف) أو (الديوان) بالعربية يتضمن ثماني نوتات أو درجات.
وتنحصر حلاوة الأماكن في صوت (الغزالي) بين النصف الأول والثاني من (الأوكتافين)، بهذا الشكل تكون مساحة صوت (ناظم) قد زادت على أربع عشرة درجة في السلم الموسيقي، ومع انفتاح حنجرته كانت قدرته غير العادية على إجادة الموال، وتوصيل النوتات بوضوح بجوابه المتين وقراره الجيد في مختلف ألوان المقامات وأنواعها، وإضافة إلى ذلك كله فقد ساعدته دراسته للتمثيل على إجادة فن الشهيق والزفير في الأوقات الملائمة.
لقد أجاد (الغزالي) الموال باعتراف النقاد وكبار الموسيقيين الذين عاصروه، وماكان يميزه في ذلك معرفته وتعمقه في المقامات العراقية وأصولها إضافة إلى ذلك انفتاح حنجرته وصفائها، وكذلك جوابه المتين وقراره الجيد في مختلف ألوان المقامات وأنواعها.
هذه الأيام نحيي الذكرى الـ 58 لرحيله حيث رحل عن حياتنا وهو في شرخ الشباب في مثل هذه الأيام وبالتحديد يوم 23 أكتوبر عام 1963، ومازال رحيله لغزا محيرا حيث لم يكن يشتكي من أي أمراض، ورحل وهو أمام المرآة يحلق ذقنه، وبهذه المناسبة قررنا أن نتوقف هذا الأسبوع فى باب (غلاف ألبوم) مع واحد من أشهر ألبوماته وهو (نخبة من أجمل أغنيات ناظم الغزالي) الذي يتضمن 8 أغنيات من أشهر ما غنى هذا (البلبل) العراقي في مشواره وهى (أي شيئ فى العيد أهدى إليك، عيرتني بالشيب، حياك بابا حياك، فوق النخل، قل للمليحة، أقول وقد ناحت بقربي حمامة، يا راهب الدير، وطالعة من بيت أبوها).
والحقيقة أنني أجد صعوبة في التوقف عند أي من الأغنيات والقصائد للحديث عنها أو كتابة كلماتها فكلها بلا استثناء من عيون الغناء العربي، ولها شهرة مدوية عند الجمهور من المحيط إلى الخليج، فكل أغنية من هذه الأغنيات الثمانية تحفة غنائية والحديث عنها يحتاج كلمات وكلمات لتحليلها وتفسيرها، لهذا سنكتفي بنشر كلمات بعضها، مع وعد تقديم قصص بعضها في (حواديت، ومحذوفات الأغاني) حيث تعرضت بعض من هذه الأغنيات إلى حذف بعض أبياتها مثل (يا راهب الدير).
الآن دعونا نتوقف عند كلمات أربع من أغنيات وقصائد هذا الألبوم، فى البداية نتوقف مع كلمات أغنية (طالعة من بيت أبوها) كلمات جبوري النجار، الحان ناظم نعيم، والتى تقول كلماتها:
طالعة من بيت أبوها، رايحة لبيت الجيران
فات ما سلم عليَّا، يمكن الحلو زعلان
قلت لها ياحلوة ارويني ،عطشان مايَّه اسقيني
قالت لي روح يا مسكيني، ماينا ما تروي العطشان
قلت لها يا حلوة ارويني، على طولك فرجيني
قالت لي روح يا مسكيني، يا طولي زرعة ريحان
قلت لها يا حلوة ارويني، على عيونك فرجيني
قالت لي روح يا مسكيني، عيوني عيون الغزلان
…………………………………..
قصيدة (عيرتني بالشيب) من كلمات : الخليفة العباسي المستنجد بالله، وألحان ناظم الغزالي:
عيرتني بالشيب وهو وقار
ليتها عيرت بما هو عار
ان تكن شابت الذوائب مني
فالليالي تزينها الاقمار
دموعي بيوم فقد الولف ليلى
وردت عيني يمرها النوم ليله
تعيرني عجب بالشيب ليلى
واخير اثنيننا نشيب سوا.
…………………………………..
قصيدة (أي شيئ فى العيد) كلمات الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي
أي شيء في العيد أهدي اليكِ
يا ملاكي وكل شيء لـديك
أسوارا أم دملجا من نضار
لا أحب القيود في معـصميك
أم خمورا وليس في ألأرض خمر
كالذي تسكبين من عينيك
أم ورودا والورد أجمله عندي
الذي قد نشقت من خديك
أم عقيقا كـمهجتي يتلظى
والعقيق الثمين في شفتيكِ
ليس عندي شيء أعز من الروح
وروحي مرهونة في يديكِ
…………………………………..
قصيدة (قل للمليحة) كلمات (ربيعة بن عامر التميمي) الشهير بــ (مسكين الدَّارمي):
قل للمليحة في الخمار الأسود
ماذا فعلت بناسك متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه
حتى وقفت له بباب المسجد
الله أكبر الله أكبر
يا داعـيًا لله مرفوع
اليد متوسلًا متضرعًـا للمنجـد
يا طالبًا منه الشفاعة في غد
قل للمليحة في الخمار الأسود
فسلبت منه دينه ويقينه
وتركته في حيرة لا يهتدي
ردي عليه صلاته وصيامه
لا تقتليه بحق دين محمد
ردي عليه صلاته وصيامه
لا تقتليه بحق عيسى وأحمد
…………………………………..
رحم الله مطرب العراق الأول (ناظم الغزالي) الذي أثرى المكتبة الغنائية بمجموعة من الروائع التى لا تنسى والمحفورة في أذهان ووجدان كل عشاق النغم الشرقي الأصيل.