إقالة (انتشال التميمي) وأعضاء (لجنة برمجة الأفلام) من إدارة مهرجان الجونة
كتب : شهريار النجوم
على الرغم من أن التحضيرات التي سبقت الدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائي كانت تسير على (على قدم وساق)، والتي وصفها رئيس المهرجان (انتشال التميمي) بأنها دورة استثنائية لعدة أسباب: أولها عرض قرابة 80 فيلما متنوعا لخلق تواصل أفضل بين الثقافات من خلال فن السينما، كما تقرر ارتفاع قيمة الجوائز المقدمة إلى 224 ألف دولار أمريكى، إضافة إلى الجوائز العينية وهى جائزة نجمة الجونة، إلا أن الدورة منيت بالفشل الذريع الذي بدت آثارة تظهره واضحة في اليوم الثالث ترتيبا على عوامل كثيرة، منها ثورة الجمهور على نجمات السجادة الحمراء على السوشيال ميديا، وتدخل نجيب ساويرس في الحرب الكلامية الدائرة على السوشيال ميديا، وكذلك ظهور محمد رمضان بأغنية قبيحة في حفل الافتتاح، كما تقدمت إدارة المهرجان باعتذار رسمي للشعب المغربي الشقيق عن عدم تقديم النجم العالمي من أصل مغربي (ريد وان) والملحن المغربي (نعمان بلعياشي) خلال حفل الافتتاح، مؤكدة أن ما حدث خطأ غير مقصود في الإعداد للحفل، وتعرب عن أسفها لوقوعه ونتمنى عدم تكراره.
لكن الأخطاء ظلت تكبر ككرة ثلج يوميا بفضل ممارسات إعلاميين أغبياء وغير محترفين، وصحفيين لا يدركون حرفية التغطيات، وممارسات ترقى لمستوى المراهقة من جانب نجوم السجادة الحمراء الذين تباروا في عروض حية لأجسامهم على الهواء مباشرة، وهو الأمر الذي تسبب في وجود حالة ارتباك أدت بالضرورة إلى تشويه الصورة العامة عن مهرجان يضم كما هائلا من الأفلام الجديدة والجيدة والتي لم يتحدث عنها أحد من قريب أو بعيد، ما جعل الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تنتبه لاستفزاز الشعب المصري، فقامت بسحب قنواتها المعنية بتغطية فعاليات الدورة بعدما ضجت فعالياتها بالعشوائية، على الرغم من أنه سبقتها تصريحات عنترية من رئيس المهرجان، الذي قال أن الجونة يتحدى نفسه لكونه مهرجانا كبيرا، بحثا عن الجديد وهو أمر ليس سهلا، كنا محظوظين بمسيرة تصاعدية للمهرجان خلقت منه إشعاعا كبيرا، دائما نسعى للتقدم والابتكار.
وعلى عكس توقع (التميمي) عن الدورة الخامسة التي تضم – على حد تعبيره – برنامجا قويا هو الأفضل على مدار كل سنواته، بل زاد في المبالغة بقوله إنه يعتبر الأكثر زخما فى كل المسابقات، وللأسف تواجد عدد كبير من الأفلام العالمية فى المهرجانات سوف يسحب البساط من الأفلام العربية ليس فى الجونة فقط، ولكن فى معظم المهرجانات، سواء البحر الأحمر أو قرطاج أو القاهرة وغيرها، ولكنه لايدري أنه ورط الإدارة العليا منذ بداية انطلاق هذا المهرجان في اختيار (إدارة برمجة الأفلام) التي تضم شخصيات مشبوهة ورطت المهرجان نفسه في أفلام مسيئة على جناح سياسي مسيئ ومثلية جنسية وغيرها من الموبقات التي شكلت تحديا كبيرا أمام اللجنة العليا، ما دفع – على أغلب الظن – مدير المهرجان (أمير رمسيس) إلى تقديم استقالته دون وضوح أسباب معلنة.
عندئذ بدأت حبات المسبحة تنفرط ساعة بعد أخرى ويوما تلو الآخر، حتى أحدثت تصرفات رئيس المهرجان ولجانه الفنية والإعلامية حالة من الاحتقان لدى الإدارة العليا لمهرجان الجونة حتى قررت منذ ساعات قليلة – بحسب مصدر رفض الكشف حاليا عن اسمه لبوابة (شهريار النجوم) – إقالة كل من (انتشال التميمي من رئاسة المهرجان، وكذلك الفنانة بشرى من منصبها، وكذلك تسريح اللجنة الإعلامية بكامل هيئتها)، وبالطبع كان على رأس أولويات اللجنة العليا إقالة أعضاء (إدارة برمجة الأفلام) بسبب سوء اختيارتهم لبعض الأفلام التي تسيء تارة بمضونها السياسي، وتارة أخرى تعمد إلى اختيار أفلام خارجة عن التقاليد والأعراف المصرية والعربية فضلا عن شبهة التورط في أفلام تطبيعية أو تسطيحية، ما أثار جدلا حولها على صفحات التواصل الاجتماعي، على الرغم من عرض المهرجان الأفلام الكلاسيكية الأيقونية التى حازت إعجاب الجماهير على مدار الزمن.
وفي الوقت الذي تواصل فيه منصة الجونة السينمائية دورها فى دعم صناع السينما الشباب وتقدم جوائز بقيمة 250 ألف دولار أمريكى، للمشاريع الفائزة فى مرحلة التطوير والأفلام الفائزة فى مرحلة ما بعد الإنتاج، وذلك من خلال برنامجين الأول (منطلق الجونة السينمائى، وجسر الجونة السينمائى)/ اللذين يقدمان الفرص للسينمائيين، للتعلم والمشاركة من خلال جوائز مادية وعينية وورش لصناعة الأفلام وحلقات نقاش وطاولات حوار مستديرة، إضافة إلى محاضرات لخبراء صناعة السينما، إلا أن أحد من اللجنة الإعلامية لم يسلط أضواء كاشفة على هذ، بل لم يشر إلى صناع السينما من الشباب من قريب أوبعيد، وهو ما زاد علامات الاستفهام حول دور اللجنة الإعلامية الفاشلة التي ظلت تكبر دون إدراك من جانب (انتشال التميمي) وعصابته، حيث خيمت الأجواء الكئيبة عليه وعليهم بالإقالته المهينة جراء سوء إدارتهم للفعاليات.
جدير بالذكر أن مهرجان الجونة السينمائي في دورته الحالية التي تنتهي غدا الجمعة عرض هذا العام 37 فيلما روائيا طويلا بكل أقسام الدورة الخامسة، إضافة إلى 16 فيلما روائيا ضمن المسابقة الرسمية، وفيلمين ضمن أفلام التحريك، ويعرض 15 فيلما وثائقيا من بينها 10 بالمسابقة الرسمية، وعرض 3 أفلام روائية طويلة عرض عالمى أول، الأفلام المتنافسة فيها تمثل 36 دولة، هى الأردن، إسبانيا، أستراليا، إستونيا، ألمانيا، الإمارات العربية المتحدة، أوكرانيا، إيطاليا، البرازيل، بلجيكا، بولندا، التشيك، جورجيا، الدنمارك، روسيا، سلوفينيا، السويد، سويسرا، الصين، فرنسا، فنلندا، كرواتيا، كمبوديا، كوستاريكا، لاتفيا، لبنان، المجر، مصر، المغرب، المكسيك، السعودية، النرويج، الهند، هولندا، الولايات المتحدة الأمريكية، اليونان.
وعرض المهرجان أيضا 23 فيلما قصيرا، وفيلمين ضمن أفلام التحريك، وقدم 5 أفلام قصيرة كعرض عالمى أول، وفيلمين كعرض دولى لأول مرة، الأفلام المتنافسة فيها تمثل 22 دولة هى الأرجنتين، الأردن، ألمانيا، إيطاليا، بلجيكا، التشيك، تونس، روسيا، سنغافورة، سويسرا، الصين، فرنسا، فلسطين، كندا، كوسوفو، المجر، مصر، السعودية، المملكة المتحدة، هونج كونج، الولايات المتحدة الأمريكية، اليونان، وضم البرنامج الخاص 6 أفلام من 6 دول، هى ألمانيا، بولندا، الدنمارك، سويسرا، فرنسا، النرويج، والعروض العالمية والدولية الأولى فى هذه الدورة تصل إلى 1 أفلام، ويصل إجمالى عدد البلدان الممثلة فى المهرجان 44 دولة.
وكان انتشال التميمى، رئيس المهرجان قد تشدق فى تصريحات سبقت حفل الافتتاح، قال فيها: حاولنا الاستفادة من خبرات كل المهرجانات الدولية السابقة، سواء فينسيا أو كان ولوكارنو، وغيرها من المهرجانات الكبرى، التى يتجاوز عمرها 70 عاما، إضافة لمهرجانات عربية فى حجم القاهرة وقرطاج، واستفاد صناع مهرجان الجونة من تجربتهم الذاتية أيضا، ودائما نحرص على وجود 5 أفلام عربية فى مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، و4 فى مسابقة الأفلام الوثائقية، و8 فى مسابقة الأفلام القصيرة، لأن مسابقاتنا دولية، ونعرض هذا العام فيلم (ريش) الحائز على الجائزة الكبرى للجنة تحكيم أسبوع النقاد، إحدى الفعاليات التى تقام على هامش مهرجان كان السينمائى الفرنسى، ولم يكن يدري أنه سيتسبب في أزمة كبيرة – ربما كانت السبب في إيجاد مبرر منطقي في الإطاحة به ولجانه – وكذلك فيلم (أميرة) لمحمد دياب الذي يروج للتطبيع وبتلخيص مخل للقصية الفلسطينية في بويضة بحسب أحداثه التي تميل نحو السطحية والسذاجة في معالجة القضية الأبرز في تاريخ العرب.
ربما الحسنة الوحيدة التي قالها التميمي وتحسب لمهرجان الجونة في دورته الخامسة – حيث جاءت على النقيض تماما من فيلم (أميرة) الذي شوه القضية الفلسطينية – هى تكريم المخرج الفلسطينى الكبير محمد بكرى، وذلك لتاريخه وكونه أحد أهم المخرجين على المستوى العربى، وقد أضاف التميمي قائلا: لم يأت بعد الجدل الذى أثير حول فيلمه (جنين جنين)، لا نعمل وفق ردود الأفعال على الإطلاق، نهتم بدون شك بمساندته ضد الصراع مع الاحتلال الإسرائيلى، وهو ما وضعناه فى عين الاعتبار، المهرجان له دور فنى وثقافى واجتماعى، وننتصر دائما للجانب الفنى، واهتمامنا يكون بالمناحى الفنى، واختيارنا لمحمد بكرى جاء لاعتباره مخرجا وممثلا مسرحيا وسينمائيا، قدم أفلاما طويلة وقصيرة، صاحب بصمة فى السينما العربية والعالمية والفلسطينية، من أوائل الممثلين العرب الذى شارك فى أفلام عالمية، هو وأبناؤه (صالح وآدم وزياد بكرى)، لا نأخذ بعين الاعتبار ردود الأفعال، نثق فى اختياراتنا جدًا، نحترم الرأى والرأى الآخر.
ومن جانبنا في بوابة (شهريار النجوم) نلفت النظر إلى أن (بكرى) اكتسب شهرة عالمية من خلال مشاركته أعمالًا فى هولندا وبلجيكا وفرنسا وكندا، نال عن بعضها جوائز عالمية من بينها: جائزة أفضل ممثل من مهرجان (لوكارنو السينمائى الدولى) عام 2004 عن دوره فى فيلم (خاص)، وأفضل ممثل من مهرجان (القاهرة السينمائى الدولى) عام 2005 عن نفس الدور، كما منحه مهرجان (برلين السينمائى الدولى) عام 2010 جائزة حرية التعبير، وحصل على جائزة النقاد العرب فى مهرجان (كان) السينمائى عام 2018 عن دوره فى فيلم (واجب) إضافة إلى 4 جوائز أخرى عن نفس الدور من مهرجانات دبى ووهران ومار دى لا بلاتا وروما، كما فاز بأربع جوائز (تانيت ذهبى) من مهرجان قرطاج عن مجمل أعماله المسرحية وعن ثلاثة أفلام: (عيد ميلاد ليلى، جنين، جنين، يوم ما رحت).
وبوصول مهرجان الجونة في دورته الخامسة ليلة غدا الجمعة إلى خط النهاية يكون قد كتب نهاية أخرى لـ (انتشال التميمي، وبشرى، واللجنة الإعلامية، وإدارة برمجة الأفلام) ، ومن المتوقع أن تعلن اللجنة العليا للمهرجان أسباب الإقالة ربما في حفل الختام، أو بعد انتهاء الدورة مباشرة، كما أنه من المرجح حسب معلومات نمت إلى (شهريار النجوم) أن يعود (أمير رمسيس) إلى منصبه فور التخلص من التميمي ومسانديه بإغلاق الستار عليهم جميعا دون رجعة.