رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

الصرخة .. فيلم يحذر من هتاف الصامتين !

نار الحقد والغل تأكل قلب عمر

* تجربة سينمائية واقعية لم تتكرر مرة أخرى في السينما المصرية

* كرم النجار كتب نهايتين للفيلم وشباب الصم والبكم أختاروا النهاية العنيفة!

* حسن الحداد : تحول الفيلم الى نوع من العداء بين المعوقين والآخرين، مما قد يدفع المتفرج من الخوف من المعوقين بدلاً من الإحساس بمشكلتهم

* النجم الكبير (يحيى الفخراني) قبل الظهور بشخصيته الحقيقية بالفيلم، وصور لمدة ثلاثة أيام في الشارع من دون أي مقابل مادي.

عمر أمام ورشة الميكانيكا مع معلمه

كتب : أحمد السماحي

يعتبر فيلم (الصرخة) واحد من أهم أفلام المبدع الراحل (كرم النجار) الذي رحل عن حياتنا أول أمس السبت 16 أكتوبر، و(الصرخة) فيلم ذو طبيعة خاصة جدا لم تتكرر في السينما المصرية، حيث اختار (المؤلف) عالماً شديد الخصوصية ـ كما ذكر الناقد السينمائي حسن الحداد – يتحدث فيه عن هؤلاء العاجزين عن الكلام والنطق، رغم إرادتهم، عالم كل من فيه أخرس، أبكم، أصم، وإن امتلك القدرة على الفهم والمتابعة، وتحلى بالفطنة والذكاء الفطري.

فالمؤلف هنا يقدم تجربة إنسانية صادقة، وحقيقية حيث كشف المؤلف فى أكثر من حوار تليفزيوني وصحفي أنه استمد قصة الفيلم من أحداث واقعية لشاب يعمل في محطة بنزين اسمه (عمر) وكان أخرساً، وكان يجيد تقليد كل الفنانين وكان (النجار) يمر يومياً الى محطة البنزين ويلتقيه، ونشأت بينهما صداقة جميلة، وقرر أن يكتب قصة عن عالم الصم والبكم يكون بطلها (عمر).

معزوزة .. نهلة سلامة التي كان حلم عمر للزواج منها
معزوزة تعايره ببخله في حال الزواج منها
والده عبد الحفيظ التطاوي يبلغه بخروجه على المعاش
عمر يتحسر على مارآه بعينيه من علاقة مشبوهة من جانب زميله
تيسير المحمودي تورط عمر بالتصوير

قصة الفيلم

دارت أحداث فيلم (الصرخة) حول الميكانيكي الشاب (عمر) الذي يعيش مع والده، الذي يموت بعد أن ترك له مبلغاً من المال، هذا المبلغ يجعل الفتاة (معزوزة / نهلة سلامة) التى تتمتع بالجشع والطمع تقبل الزواج به طمعاً في هذا المبلغ، وأثناء ذلك يشاهد (عمر) الفتاة (فكرية) صديقة (معزوزة) وهي في وضع عاطفي مع شاب، وتحمل منه بعد ذلك، مما يجعله يتخلى عنها بعد أن حملت منه.!

 وبعد الزواج يقوم (عمر) بجمع المال كي يجري عملية حتى يسترد سمعه، وفى هذه الفترة يلتقي بخبيرة بلغة الاشارات (تيسير المحمودي / معالي زايد) فتُعجب بـ (عمر) وتحاول أن تقيم معه علاقة جنسية فيرفض، وتتفق النساء الثلاث (تيسير، معزوزة، وفكرية) على (عمر) ويُتهمونه بقضية اغتصاب، ويشهدون ضده، مما يجعله يعترف بما لم يرتكب فيطلق سراحه.

لكنه يخطط مع زملائه الخرس إلى اختطاف النساء الثلاث ونقلهن الى مختبرات الصم في المعهد، حيث يحاكمهن ويصدر مع الآخرون الحكم عليهم، يتم ربط أيديهن وكم أفواههن وإدخالهن غرفة التعذيب، التى عبارة عن مكبرات صوت تصدر صريراً متواصلاً وعالياً يؤدي بالتدريج الى إفقادهن السمع، لينتهي الفيلم بصرخة يطلقها الأخرس تعبيراً عن إنتصاره عليهن.

الخرس يتهيئون لصرخة مدوية في قاعة المحكمة
الانتقام بافقاد الفتيات الثلاثة السمع

كواليس الفيلم

بعد نقد نهاية الفيلم من قبل كثير من النقاد سألت صديقي المخرج الراحل (محمد النجار) عن سر إصراره على هذه النهاية العنيفة فقال لي : (كنا نريد أن نقول للمجتمع احذروا هتاف الصامتين!، كما أن كثير من شباب الصم والبكم عندما عرضنا عليهم نهايتين اختاروا هذه النهاية!)، وقد شارك بالفيلم مجموعة من شباب الصم والبكم وايضاً البطلة (أمل الصاوي) كانت من ضمنهم.

وأثناء الاستعداد لتصوير الفيلم كتب (كرم النجار) نهايتين، الأولى يظهر فيها (عمر) وهو يسامح الخبيرة على ظلمها له، وهنا غضب منه شباب الصم والبكم وطلبوا منها تغييرها، فكان أن كتب نهاية ثانية وهى الانتقام من (الخبيرة) وجعلها تفقد حاسة السمع لتصبح مثلهم ليصرخ (عُمر) بهتاف الانتقام وهنا صفق الشباب وأصروا بالإبقاء على هذه النهاية وكان لهم ما أرادوا.

وفى هذا الفيلم استعان (النجار) بالنجم الكبير (يحيى الفخراني) ليطل ضيفاً بشخصيته الحقيقية بالفيلم، وكيف يلتقي وهو النجم الكبير بالشاب (عمر) بمحطة البنزين ويعمد الى تقليده بفيلم (الكيف) ويومها ضحك (يحيى) بالمشهد من قلبه، وصور لمدة ثلاثة أيام في الشارع من دون أي مقابل مادي.

نقد

كتب الناقد السينمائي (حسن حداد) فى مجلة (هنا البحرين) نقد عن الفيلم جاء في بعض منه التالي : فيلم (الصرخة) استمر يشد اهتمام المتفرج حتى منتصفه، حيث إثارة الشفقة والتعاطف مع هذا الإنسان الأصم الأبكم الذي يعيش في غابة من الأشخاص الطبيعيين، حيث يحاول كل من يلتقي به استغلاله والاستفادة من عاهته، إلا أن هذا التعاطف، خاصة في المشهد الأخير، لا يلبث أن يتحول الى الشعور بالنفور من هذا المعوق الذي يملك كل هذا العنف وكل هذه القسوة التي تجعله ينتقم هذا الإنتقام المخيف والمروع.

ولم يكتف الفيلم بأن يجعل الانتقام فردياً، بل إنه جعل مجموعة المعوقين في المعهد يشتركون جميعاً في الجريمة، وبذلك تحول الفيلم الى نوع من العداء بين المعوقين والآخرين، مما قد يدفع المتفرج من الخوف من المعوقين بدلاً من الإحساس بمشكلتهم، ثم أن هذه النهاية البشعة قد أضرت كثيراً بالفيلم فنياً، وأثرت على رهافة التناول التي سادت تنفيذ أحداث الفيلم، وأفسدت المتعة الفنية والبهجة التي استطاع تجسيدها المخرج، لتتحول صرخة المرارة والألم التي يطلقها (عمر) الأخرس في النهاية الى تعبير أجوف عن انتصار زائف وتتويج لنهاية دموية.

 يلحق الفيلم – عنوة – بتيار سينما الدم والعنف، وهو على العكس من ذلك، يفيض رقة وعذوبة، ساهم فيها الفنان (نور الشريف) بأدائه الواعي والمتفهم للشخصية.

أهم الأحداث السينمائية عام 1991

* كان عام 1991 مليئ بالأفلام التى وصل عددها إلى 59 فيلما سينمائيا، كما كتب الناقد السينمائي الراحل (علي أبوشادي) فى كتابه (وقائع السينما المصرية في مائة عام) وإليكم أبرز ما حدث عام 1991.

* قدم أربعة مخرجين جدد أفلامهم الأولى وهم علاء كريم الذي قدم فيلم (اشتباه)، وأسماء البكري (شحاتين ونبلاء )، وتيمور سري (تصريح بالقتل)، وسعيد عماشة (لحظة خطر ).

* انعقدت الدورة الخامسة عشرة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، واشتركت مصر فى المسابقة بفيلمين هما (يا مهلبية يا)، و (البحث عن سيد مرزوق) إخراج دواد عبدالسيد، الذي حصل جائزة لجنة التحكيم الخاصة ( الهرم الفضي)، وكرم المهرجان فاتن حمامه ، وأصدر كتابا عنها بقلم (محمد منير إبراهيم).

* أقام صندوق التنمية الثقافية المهرجان الأول للأفلام الروائية المصرية المنتجة عام 1990 وأهدى الدورة إلى إسم الموسيقار (محمد عبدالوهاب) الذي رحل في شهر مايو، وحصل فيلم (سوبر ماركت) إخراج محمد خان على الجائزة الذهبية، وحصل فيلم (الهروب) إخراج عاطف الطيب على أربعة جوائز، و(اللعب مع الكبار) لشريف عرفه على ثلاثة جوائز، وافتتح المهرجان بنسخة جديدة من فيلم (المومياء) إخراج شادي عبدالسلام، وتم تكريم المونتير  سعيد الشيخ، والمخرج بركات، وإصدار كتاب عنه بالتعاون مع قصر السينما من إعداد عوني الحسيني.

* عقد لأول مرة مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة فى أبريل 1991، ورأس (أحمد الحضري) لجنة التحكيم، وحصل فيلم (سوق الرجالة) من مصر إخراج (حسام علي)، على ذهبية الأفلام التسجيلية، وحصل الفيلم المجري (كان يا ما كان) على ذهبية الأفلام الروائية القصيرة، وحصل الفيلم السوفيتي (إمنستيا) على ذهبية التحريك.

* كانت دورة المهرجان القومي الرابع عشر للأفلام التسجيلية والقصيرة فى الإسماعيلية في شهر أبريل، ورأس لجنة التحكيم عبدالقادر التلمساني، وحصل (حسام علي) على ذهبية الأفلام التسجيلية بفيلم (أوكازيون)، وعادل أديب على ذهبية الأفلام الروائية القصيرة عن (الكوبري)، وجائزة سعد نديم للفيلم لشفيع شلبي عن (تحولات سيوة)، وصدر عن المهرجان كتاب (سعد نديم) لكمال رمزي، وصلاح التهامي لـ (حمدي عبدالمقصود).

* صدر حكم قضائي بتاريخ 26 يناير بإلغاء قرار منع فيلم (درب الهوى) من العرض، وقامت أكاديمية الفنون بترميم أفلام محمد بيومي الصامتة، وقام المركز القومي للسينما بإنتاج فيلم (وقائع الزمن الضائع) عن الرائد محمد بيومي إخراج محمد كامل القليوبي.

* فاز فيلم (سوبر ماركت) لمحمد خان على جائزة أحسن فيلم من المركز الكاثوليكي، وشهد العام وفاة الناقدين السينمائيين الكبيرين سمير نصري في شهر أبريل، وسامي السلاموني في يوليو.

…………………………………………………………………………………..

الأفلام التى عرضت عام 1991

عرض عام 1991 حسب موسوعة أفلام السينما المصرية للناقد السينمائي والباحث (محمود قاسم) 59 فيلما، نافس بعضها بقوة فيلمنا (الصرخة)، وهذه الأفلام هي:

(يا ناس يا هووه، نساء صعاليك، اللعب مع الشياطين، تحت الربع، تصريح بالقتل، مجانين على الطريق، نساء ضد القانون، لعبة الأشرار، البرئ والجلاد، مجرم رغم أنفه، أبو كرتونة، المخطوفة، المساطيل، مسجل خطر، نور العيون، الهروب، خبطة العمر، سمع هس، زوجة محرمة، بنت الباشا الوزير، رغبة متوحشة، شياطين المدينة، اللعب مع الكبار، نص دستة مجانين، الهاربة إلى الجحيم، شاويش نص الليل، المفسدون.

 كيد العوالم، الشيطان يقدم حلا، اشتباه، شحاتين ونبلاء، لحظة خطر، الجبلاوي، قانون ايكا، بنت مشاعبة جدا، الكيت كات، الصعلوك والهوانم، المزاج، المشاغبات والكابتن، عصر القوة، الراعي والنساء، شمس الزناتي، المشاغب ستة، مراهقون ومراهقات، الغشيم، المشاغبات في الجيش، احذروا هذه المرأة، صائد الجبابرة، الكابتن وصل، بائعة الشاي، البحث عن سيد مرزوق، الدكتورة منال ترقص، الفرقة 12، بطل من الصعيد، الصرخة، المواطن مصري، يا مهلبية يا، قبضة الهلالي).

أفيش الفيلم

…………………………………………………………………………………..

بطاقة فيلم الصرخة:

إنتاج والتوزيع الخارجي : الأهرام للسينما والفيديو (إبراهيم شوقي).

التوزيع الداخلي: شركة أفلام النصر (محمد حسن رمزي)

قصة وسيناريو وحوار: كرم النجار

مكياج: عبدالسميع

كوافير: فاطمة البكري

اكسسوار: الدسوقي محمود

مؤثرات حية: حسن الشاعر

ريجسير: محمد وجدي

الصوت: عبدالعزيز عمارة، مصطفى كامل، إبراهيم طاهر، هيام محمد.

ملابس: علي عزت، حسين فرج، سعاد بشير، أصيلة

موسيقى تصويرية: راجح دواد، سوليست فلوت إيناس عبدالدايم، سوليست كورنو ريهام توفيق صالح.

تعليم الأشارات والمتابعة: محمد فرج

تصميم الديكور والملابس: رشدي حامد

مدير التصوير: طارق التلمساني

مونتاج: فتحي دواد

إخراج: محمد النجار

بطولة: (نور الشريف، معالي زايد، نهلة سلامة، وفاء الحكيم، أمل الصاوي، سمير وحيد، عبدالرحيم حسن، عبدالحفيظ التطاوي، محمود العراقي، عبير الصغير، عثمان الحمامصي، رشدي عسكر، أحمد أبوعبيه، عبدالعزيز عيسى، فاروق قمر الدولة).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.