رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

رمضان في الجونة .. نقبك على شونة !

جماليات وسلبيات مهرجان الجونة الخامس

طارق عرابي

بقلم الدكتور : طارق عرابي

عندما صعد (محمد رمضان) مختالاً فخوراً كعادته الحمقاء إلى المسرح لأداء فقرة غنائية من إنتاج شركة (يونيفرسال آراب ميوزيك) توقعت أن يكشف (رمضان) بأدائه عن مرحلة جديدة في حياته الفنية تحمل مساراً إبداعياً جديداً يرقى بطريقة غير مباشرة إلى تقديم اعتذار وأسف شديدين للجمهور المصري والعربي الساخط على أعماله الفنية الداعية للبلطجة وتصرفاته الصبيانية في السنوات القليلة الماضية، والتي كان آخرها منذ أقل من 48 ساعة عندما راقص المضيفة ثم زميلتها بطيارته الخاصة وهو في قمة الاختيال والاختلال والغرور أثناء رحلته الجوية لحضور فعاليات مهرجان الجونة.

ولكنه للأسف فعل مثلما فعل الفلاح المصري الذي ترك زراعته وراح طامحاً وطامعاً ينقب عن مقبرة جديدة اعتقد أنها ستكون اكتشافاً أعظم من مقبرة (توت عنخ آمون) ودعا أهل قريته لمصاحبته ودعمه في هذا الاكتشاف العظيم ، ولكنه بعد الحفر وكسر الحائط الجداري تحت الأرض لم يجد سوى (شونة) لأحد جيرانه من المزارعين كمخزنٍ لغلاله ، فخاب أمله ، ومن هنا أطلق أهل القرية على هذا الفلاح عبارة (نأبك  – نقبك – طلع على شونة) التي أصبحت واحداً من الأمثال الشعبية المصرية .. وللمرة الألف أوجه إلى النجم المغرور والموهوم (محمد رمضان) رسالة تحذيرٍ (وليست رسالة نصح كما اعتدت من قبل) بأنك مازلت تسير في طريق (التدمير الذاتي) ، وإياك أن تتوهم بأن إنتاج شركة عالمية لك في أي مجال فني سينقذك من غيابة جُب الجهل والاختيال والاختلال.

وإن كنت يا (رمضان) – كما تدعي دائماً – قريباً من الله بحق وليس رياءً (ثقة في الله نجاح .. وكده) ، فعليك أن تعود لسورة الكهف وتتعظ من أحد الرجلين الذي كان مختالاً فخوراً بجنته وماله ونفره وقال لصاحبه : (أنا أكثرُ منك مالاً وأعزُ نفرا)، ثم بعد ذلك أُحيطَ بثمره بأمرٍ من الله القوي العزيز المعز المذل (فأَصبح يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ على ما أَنفقَ فيها وَهي خاوِيةٌ على عُرُوشِهَا وَيقولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا) .     

نجحت إدارة المهرجان فقط في فقرة تأبين سمير غانم

مهرجان الجونة بين الجماليات والسلبيات

أدعو الله أن يرحمنا من الجهلاء وأنصاف وأرباع المثقفين ومن حاملي فيروس الغرور والتعالي الذين لا يرون من الأشياء إلا أسطحها وظاهرها فقط دون أن يلتفتوا لأخذ الإفادة من جوهرها ، كما ندعو الله أن يشفي أصحاب العلل النفسية الذين يسارعون باتهام كل من يكتب نقداً بأنه (حاقد، وكاره لنجاح الآخرين) .

هناك ثناءٌ واجبٌ علينا جميعاً لآل “ساويرس” على فكرة هذا المهرجان من دورته الأولى منذ خمس سنوات ، فهو عملٌ يؤكد أنهم من جذورٍ وطنيةٍ خالصة لا يسعون من وراء هذا المهرجان إلا لتقديم أبهى صورة عن مصر وفنها ونجومها – كما نجحت إدارة المهرجان في فقرة تأبين سمير غانم – إلى جانب حقهم المشروع في الترويج لكيانهم التجاري ولشركتهم المنظمة للمهرجان.

القاعة التي تم السيطرة على الحريق الذي شب فيها قبل 48 ساعة من الافتتاح

وتحية تقدير وإجلال للعاملين ولكل من ساهم في إدارة أزمة الحريق الذي نشب بمقر الاحتفال قبل الموعد بيومٍ واحد ، والذي كاد أن يقضي على حلم الدورة الخامسة من المهرجان لولا إرادة المصريين المخلصين الذين يغارون على سمعة وطنهم.

المظهر العام وأعمال الديكور والتنظيم يستحق كل بند منهم درجة الامتياز القصوى ، فقد كانت الأجواء التي أظهرها التصوير من جميع الزوايا القريبة والبعيدة أجواءً تعكس صورة مصر الجميلة (بغردقتها الساحرة) وتروج في نفس الوقت لمصر السياحية.

ناردين فرج .. مذيعة قدمت صورة مشرفة للإعلام المصري

كانت (ناردين فرج) مصرية وفرعونية الملامح ذات الابتسامة الساحرة نجمةً براقة على المسرح بأناقتها ولباقتها وتلقائيتها النابعة من ثقتها الكاملة في إمكاناتها الفريدة ، لقد كانت بالفعل واجهة مشرفة للغاية للمهرجان على وجه الخصوص ولدولة مصر بوجهٍ عام .

أما السماجة والافتعال والبسمات والضحكات المفتعلة فقد كانت واضحة لي ولكل المشاهدين على المذيع المدعو “شريف” وزميلته “منعدمة الموهبة والخبرة القادمة خصيصاً من مدينة أبو ظبي ، واللذان كانا الواجهة الأولى في استقبال ضيوف الحفل وعمل لقاءات سريعة معهم ، وقد كان جلياً أن المدعو (شريف) نجح في الاستحواذ على كل الأضواء وحجبها عن زميلته (المنظر) ، وكانت أسئلتهما لضيوف الحفل من النجوم لا تعكس إلا سفهاً قادماً من أعماق الجهل والسطحية الفكرية والاعتقاد بأن إجادتهما للغة الإنجليزية في بعضٍ من كلماتهما قد تغفر لهما مستواهما الفكري الضحل (لدرجة إن حتى عمي عبده “الغلبان” كان “قرفان”).

شريف نور الدين، والقادمة من أبو ظبي ثريا شوقي
سيد رجب كان رائعا في حودايت كان يا ما كان

ومن أجمل ما شاهد المصريون ، وأنا منهم ، فقرة الفنان الجدير بالاحترام (سيد رجب) الذي أجاد في تقديم عظماء الفنانين الذين رحلوا عن عالمنا ، بالمزج المنسق جيداً بين صوته (اللايف) الصادق ومشاهد من أعمال هؤلاء الفنانين الذين رحلوا بعدما تركوا ما يخلدهم في ذاكرة الجمهور المصري والعربي.

والذي لا يليق بهذا المهرجان ولا يليق أيضاً بمستوى (آل ساويرس) هو جلب (محمد رمضان) ليؤدي أغنية استعراضية غاية في التفاهة والرداءة ، ورداءتُها كانت جليةً للجميع من حيث الأداء وفكرة الاستعراض الراقص هزيل المستوى ولحنها الذي يفتقد إلى أي إبداع ، وكلماتها المنفصلة تماماً عن الحدث والتي لا تقدم إلا أسوأ صورة للفن المصري أمام العرب والعالم ، فقد كانت دعوة ورسالة لنشر ثقافة (قلة الأدب) ودعوة الشباب إلى استرخاص قيمة الأنثى وإباحة تعدد علاقة الرجل الواحد المغرور والمستهتر (اللي شايف نفسه) مع العديد من الفتيات ، وهو ما يدمر كل القيم الاجتماعية والأخلاقية في بلادنا العربية بل ويفوق بجهله وسفهه كثير من المهازل الغنائية العالمية ببعض الدول الأجنبية.

محمد رمضان فشل في تقديم أغنية تعبر عن جو السينما

أدعو (آل ساويرس) الذين مازالوا في إطار الاحترام منا ومن المصريين ألا يساهموا مرة أخرى في إفساد ما صنعت أيديهم من جمال في (جونة الغردقة) بمثل هذه السلبيات القادرة على محو كل جميل .. من القلب المحب (بدون حقد!).

Dr.TarekOraby@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.