الطريق الى 30 – (18) .. موجات الغضب
بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد
صباح الثلاثاء 28 مايو كانت الدكتورة ايناس عبد الدايم بمكتبها بدار الأوبرا تستعد للذهاب إلى مجلس الشورى لمناقشة ميزانية الدار عندما فوجئت بقرار وزير ثقافة الإخوان بإلغاء انتدابها من معهد الكونسرفتوار إلى دار الأوبرا . و على الفور انتشر الخبر على المواقع الصحفية و صفحات التواصل ليبلغ الموقف قمة اشتعاله و يصل الغضب إلى مداه من قرارات الوزير ، و تحرك العاملون بدار الأوبرا ضد القرار بحزم و قوة و بشكل منظم ، فغباء الوزير أعطاهم الفرصة فى إجراء بروفة قبل هذا القرار بأسبوع عندما سرت شائعة إبعاد الدكتورة إيناس عن منصبها و التى نفاها الوزير فى حينها ، و الآن بإصدار قراره كان كل العاملين بالأوبرا يعرفون ماذا يفعلون لمجابهة ذلك القرار.
و عندما اتجهت عيون الصحافة إلى الأوبرا ، توالت تصريحات عبد الدايم فى صحف مختلفة قالت فيها إنها كانت تسعى لتقديم استقالتها لرفضها التعامل مع الوزير ، إلا أنها فضلت أن تتركه ليتخذ قراراته وتنكشف خطته للجميع ، لأن الإخوان ينفذون أجندة و خطة ممنهجة ، كما أعلنت أنها توقعت القرار منذ تولي علاء عبدالعزيز حقيبة وزارة الثقافة ، و أنها أدركت أن القرار سيصدر بمجرد تولي الوزير ، فهى لم تلتق الوزير منذ تولية لمنصبه سوى مرة واحدة في اجتماع مع القيادات، و تساءلت: هل يعقل ألا يقابل الوزير الموظفين الذين يعملون معه ولا يناقشهم ولا يوجههم ؟ ، هذا يدل أنه (مبيت النية) على قرار الإقالة .
و قالت أن تراجع عبدالعزيز عن قرار إقالتها الذي صدر قبل أسبوع يرجع إلى مظاهرات موظفي الأوبرا ضد قراره ، مشيرة إلى أن اتصاله بها تليفونيا لينفى القراركان لتهدئة الأوضاع فقط ، و تأتى الإقالة هذه المرة لتؤكد كذبه المفضوح ، فهو معروف عنه عدم الصدق والتراجع في القرارات ، و أعلنت عن اتجاهها لمقاضاة الوزير مشيرةً إلى أنها منتدبة انتدابًا كلياً إلى الأوبرا ومن المقرر أن ينتهى هذا الانتداب فى فبراير لعام 2014، وهو ما يجعل قرار الوزير مخالفًا لقانون الانتداب والجامعات وطالبت الوزير بالكشف عن ملفات الفساد التى يدعى اكتشافه لها، والتى بلغت نسبتها الـ 60% على حد تصريحاته فى الفضائيات . وقالت (عبد الدايم) لى الشرف بأنه تمت إقالتى فى عهد وزير يتراجع فى قراراته .
ورفضت عبد الدايم التعليق على شخص رئيس الأوبرا الجديد قائلة هذا الموضوع لا يخصني لكنني على يقين بأن قرارت الوزير لا تخضع للكفاءات لكن للأشخاص وانتماءاتهم ، و أنه جاء سرا إلى الاوبرا ليجتمع بأحد أصدقائه من العاملين بها ( ع . س ) ربما للتشاور حول الرئيس الجديد للدار .
و كانت شائعات قد انتشرت بتكليف الدكتور رضا الوكيل رئيس البيت الفنى بالأوبرا برئاسة الدار إلا أن (الوكيل) أعلن إنه يرفض التكليف، لقناعته التامة بأن الدكتورة إيناس عبد الدايم، أفضل من يدير الدار، خلال المرحلة المقبلة، ووصف قرار تكليفه، بأنه محاولة لإحداث الوقيعة بين الفنانين ، و لم يكتف الوكيل بالإعلان عن رفضه بل أغلق تليفونه تماما و فى المساء توجه إلى دار الأوبرا ليجتمع مع الدكتورة إيناس ليعلن لها تضامنه معها ، ثم انضم الى مجموعة العاملين الذين أعلنوا رفضهم للقرار.
و فى مجال البحث عن بديل لرئاسة دار الأوبرا سرت شائعة بترشيح المهندس بدر الزقازيقى، رئيس الإدارة المركزية للتجهيزات الفنية لشئون خشبة المسرح ، الذى أكد صحة الشائعة فى الصحف قائلا إن الوزير عرض عليه تولى المنصب، إلا أنه لم يعط الوزير جوابًا سواءً بالموافقة أو الرفض، احترامًا لقامة الدكتورة إيناس عبد الدايم، التى لا يمكن تخطيها، وكذلك الأصدقاء بالأوبرا، ولا يمكنه أن استغلال مثل هذه الظروف، وأن (أخون العيش والملح بينا). وأشار (الزقازيقى) إلى أن الوزير أبلغه بأنه حريص على أن يأتى بأحد العاملين فى الأوبرا لا من خارجها، وهو ما رد عليه (الزقازيقي) بأنه كان يتمنى أن يأتى هذا القرار فى وقت أفضل من هذه الظروف، وأن رغبة الأصدقاء فى الأوبرا هى التى ستحدد موقفه، لافتًا إلى أنه قرر بالفعل عدم قبول القرار ورفضه تولي المنصب خلفًا للدكتورة إيناس عبد الدايم.
و فى حين قال الوزير إنه سيصدر بيانا فيما بعد يشرح فيه أسباب استبعاد عبد الدايم نشرت جريدة (الحرية و العدالة) أن إقالة الدكتورة إيناس عبد الدايم جاءت بسبب سوء الإدارة واضطهاد شباب العازفين والفنانين بالأوبرا ومنعهم من تولى المناصب الإدارية ، كما أضافت أن من أهم أسباب الإقالة هو تدنى مستوى العروض والتي لم تلق قبولا في الآونة الأخيرة، فقد تم إنتاج أحد العروض بمدينة الإسكندرية تكلف أكثر من 200 ألف جنيه ولم تتجاوز حصيلته 3 آلاف جنيه، كما قامت الإدارة بزيادة عدد الدعوات المجانية الممنوحة للأصدقاء لسد العجز فى الحضور، وتدني أعداد التذاكر المشتراة على العروض الضخمة، والتي لا يتجاوز في بعض الأحيان 20 تذكرة .
كما ادعت الجريدة أن الدكتورة إيناس عبد الدايم رفضت مغادرة مكتبها عقب انتهاء مواعيد العمل الرسمية بالأوبرا رغم قرار إنهاء ندبها صباح اليوم ، وحاولت الاشتباك مع مدير أمن الأوبرا بعد طلبه منها مغادرة مكتبها بعد انتهاء دوامها الرسمي فى ظل حالة الهرج التي يقوم بها بعض أنصارها، مما ينعكس على تقاليد وقواعد الأمن المتبعة في الأوبرا منذ نشأتها، إلا أنها رفضت المغادرة واعتدت عليه لفظيا وبدنيا، مما سبب استياء لدى كثير من أفراد الأمن من مرءوسيه وعدد كبير من موظفي الأوبرا. مما اضطر شريف خميس، رئيس الإدارة المركزية للأمن بالأوبرا، لإصدار بيان مكتوب نفى فيه ما نشر. قائلا: (قمت أنا مدير أمن الأوبرا بطلب إخلاء مكتب رئيس دارالأوبرا فور صدور القرار، فقمت بدورى بإبلاغ الدكتورة عبد الدايم بهذا الطلب، حيث بادرت معى – وعلى الفور – وبناء على رغبتها بترك دار الأوبرا، وأثناء خروجها من المكتب تجمهر حوالى 100 فنان من العاملين فى دار الأوبرا، وقاموا بمنعها من مغادرة المكتب، مما اضطرنى إلى تجميد الموقف على ماهو عليه مراعاة لعدم الاحتكاك بين أمن الأوبرا والزملاء من الفنانين).
في أثناء ذلك عقد عدد كبير من فنانى الأوبرا اجتماعا حضره المايسترو ناير ناجى والمايسترو هشام جبر ومغنى الأوبرا عبد الوهاب السيد وعازفة الهارب الدكتورة منال محيى الدين والفنان محسن فاروق ومديرى الإدارات والمسئولين الإداريين بدار الأوبرا اتفقوا فيه على وقف كافة فعاليات دار الأوبرا على جميع مسارحها، بالإضافة لحفلات الفرق الأجنبية، للمطالبة بإقالة وزير الثقافة .
و لم تكن القرارات سوى التمهيد لعدة موجات من الغضب قادتها الأوبرا ، و لهذا حديث آخر ..