مصطفى النحاس باشا وراء خروج فيلم (معالي الوزير) للنور !
كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو (سيلفي) بلغتنا الآن.
كتب : أحمد السماحي
هذا الأسبوع لن نبتعد كثيرا عن الحاضر فقط حوالي 18 عاما، حيث صورة طريفة مليئة بالبسمة والضحكة الحلوة من آخر يوم تصوير في فيلم (معالي الوزير) الذي عرض عام 2003 ، وهو من تأليف الكاتب المبدع الراحل وحيد حامد، وإخراج (سمير سيف) وبطولة (أحمد زكي، يسرا، لبلبة، عمر الحريري، هشام عبدالحميد، ميمي جمال، أحمد عقل) وغيرهم من الفنانيين، وقد جرى تصنيف الفيلم كأحد الأعمال الفنية التي تُحارب الفساد، فقد كانت الدولة ومازالت تسعى من آن لآخر لمواجهة الفساد.
والصورة التى نعرضها هذا الأسبوع تجمع بين بطل الفيلم النجم الكبير أحمد زكي، وبعض فريق عمل الفيلم منهم مدير التصوير رمسيس مرزوق، المخرج سمير سيف، الفنان هشام عبدالحميد، فضلا عن العاملين في الفيلم من التقنيين.
من تابع التاريخ الحديث يكتشف أن أحداث فيلم (معالي الوزير) حدثت على أرض الواقع عام 1950 في تعيين وزير التموين (مرسي فرحات) في وزارة (النحاس باشا) عن طريق الخطأ بسبب تشابه اسمه مع شخص آخر، كما نشر في مجلة (آخر ساعة) بتاريخ 25 يناير 1950.
تبدأ قصة تعيين وزير التموين بالصدفة في يوم تأليف الوزارة حيث اعترض (سرى باشا) رئيس الديوان أن يجمع الأستاذ (غنام) بين وزارتي التموين والتجارة، واقترح أن يعين المستشار راتب في وزارة التموين.
لكن سرعان ما قال (النحاس باشا): إنه تذكر قاضيا من أهم أحكامه أنه برأ المتظاهرين الوفديين في بنها، وكان هذا الحكم سببا في فصله من وظيفته لكن تم إعادته إلى الوظيفة مرة أخرى.
وقال النحاس: (لا بد أن يكون هذا القاضي قد أصبح مستشارا الآن وتذكر اسم والده فرحات، ولا أتذكر اسمه، لكن أنا فاكر شكله كويس).
وبالفعل بحث بعض الوزراء عن مستشار باسم (فرحات) ووجدوا مستشارا اسمه (مرسي بك فرحات) وتم إدراج اسمه في كشف الوزراء، ونالت الأسماء بالموافقة من القصر.
وتم الاتصال بـ (مرسي فرحات) وطلب منه الحضور لحلف اليمين، وأثناء حلف اليمين لمحه النحاس فسأل من هذا؟ قيل له (مرسي فرحات)، فقال النحاس: (أبداً مش هو!)، لكن استسلم (النحاس) للأمر الواقع، وعند خروج الوزراء قال (النحاس) إنه افتكر اسم القاضي (قطب فرحات).
وعندما ظهر الخطأ امتدح (نجيب الهلالي باشا) و(عبد الفتاح الطويل باشا) كفاءة الوزير بالصدفة وقالوا إنه كان مديرا لمكتب (صبري أبو علم باشا)، وأصبح (مرسي فرحات) وزيراً للتموين حتى تم إقالة الملك 1952.
ورغم تطابق هذه القصة الحقيقية مع أحداث الفيلم، خرج الكاتب المبدع (وحيد حامد) قبل وفاته ليؤكد في حوار تليفزيوني لقناة (الشرق) أن فيلمه أحداثه استوحيت من قصة حقيقية، لكنه ابتعد عن قصة (مرسي فرحات)، وتحدث عن قصة أخرى قائلا: إنه في عصر الرئيس (حسني مُبارك) كان هناك بعض الوزراء الذين يودعون أموالهم في أحد بنوك سويسرا، وكانت لهم خزائن خاصة تُفتح ببصمة الصوت، وفى أحد الأيام فقد أحد المسؤولين ثروته التي كان يحتفظ بها هناك، إثر إصابته بسرطان الحنجرة، حيث تغير صوته بعد أصابته بمرض السرطان و(الفلوس كلها راحت عليه).
هذه هى القصة التى رواها (وحيد حامد)، لكني أعتقد أنه استوحى أحداث فيلمه من قصة (مرسي فرحات) لأنها الأقرب لموضوع فيلمه، لكن السؤال الذي حيرني هو لماذا اختلق قصة الفساد وإصابة وزير بالسرطان في صوته، ولم يتحدث عن القصة الحقيقية التى استوحى منها فيلمه، بحكم أنه قارئ جيد للتاريخ، وبالتأكيد مرت عليه قصة الوزير (مرسي فرحات)؟ .. عموما الله أعلم!.