يسرا .. أيقونة فنية يفخر بتكريمها أي مهرجان !
كتب : محمد حبوشة
الإنسان عالم من المواهب والإبداع، وكلما اكتشف ذلك، سارع لاكتشاف أفضل وأكبر المواهب فيه، وهنا لب الموضوع؛ حيث إن اكتشاف الموهبة منذ الصغر سيساعد على تطويرها وتنميتها، والنجاح فيها؛ بل وإيصالها إلى أبعد ما هو ممكن؛ لتكون طريقه إما نحو الشهرة، أو الكسب، أو مزيد من الارتياح النفسي، وأيضا أن ينفس من خلالها، ويضيف شيئا جميلا ومفيدا للناس من خلالها، ولعل واحدا من أهم عوامل النجاح في الموهبة وتنميتها بعد اكتشافها هو جدية الإنسان، والتركيز على عدم تركها مهما تراكمت الصعوبات والعراقيل؛ حيث إنه بهذا يضع لبنة أساسية تمكنه من استغلال فرص المستقبل، أو كل من هو مهتم بمساعدته أو توجيهه وتعليمه أكثر، وهذا من شأنه تحفيزه أكثر أين يسعى لتطويرها، والعمل عليها، ولإعطائها مزيدا من الجمال والدقة والتطوير.
والنجمة الكبيرة (يسرا) واحدة من أولاء الموهوبين موهبة طاغية من صغرها وحتى اليوم، وهى في كل مراحل حياتها تسعى لتنمية الموهبة التي تتمتع بها على جناح الجدية ولا تترك فرصة إلا وتضع لبنة جديدة في بناء صرحها الفني الذي يمنحنا طاقة إيجابية ترفع شعارا دائما لايتغير عنوانه (الجمال والدقة والتطوير)، ولعل كل موهوب مبدع سيصل إن ركز على موهبته كما ركزت (يسرا) على موهبتها الطاغية في التمثيل، والتي غلبتها على باقي المواهب لديها، وكلما أحبتها أكثر أعطت فيها أكثر، وكلما تدرجت النتائج الإيجابية من جراء تلك الموهبة، زاد عملها وإبداعها فيها؛ ولذا فمن المهم على الإنسان فهم الأمر، إنها الموهبة، فلا تركنها في جانب الترفيه، وخذها إلى الارتقاء والاحتراف؛ لأنك وهي والعالم ينتظرونها، ويستحقونها كما تستحقها النجمة الكبيرة (يسرا) بعد أن ترجمتها في روائعها السينمائية والتليفزيونية وحتى الغنائية على جناح إحساس مرهف وشفاف.
ولأن الثروة البشرية هى الثروة الحقيقية لأي مجتمع من المجتمعات، ويعتبر المتفوقون أو الموهوبون (مثل يسرا) على رأس تلك الثروة؛ نظرا لأهميتهم في مواجهة تحديات العصر الحديث؛ وعليهم ترهن الدول في سباقها للحاق بركب التطور، في عصر أصبح يمثل امتلاك التقانة فيه جوهر الصراع والمنافسة بين أقطابه القوية، وتلك التي تسعى لتجد لنفسها مكانا تحت الشمس، وذلك بفضل المقدرة أو القدرة في أي من المجالات الآتية؛ (القدرة العقلية – الكفاءة – الأكاديمية – الإبداع – القيادة – فنون الأداء في المجالات المختلفة)، فالقدرة تعني ليسرا إمكانية الفرد الحالية التي وصل إليها بالفعل، سواء ذلك عن طريق نضجه، أو نموه، أو خبرته، أو تعليمه، أو تدريبه على مزاولة نشاط ذهني، أو حسي، أو حركي في مجال معين.
النجمة الكبيرة يسرا هى بمثابة كتاب مفتوح لكل من يجيد القراءة الإنسانية أو يفك خط أبجدية الحب والصداقة والوفاء ويفهم معاني (الجدعنة) و(الشهامة) المصرية الصادقة، ومن ثم فعلى من يريد الاقتراب من عالمها أن ينازع عن نفسه أساليب المناورة واللف والدوران فهي إنسانة بسيطة صريحة ومباشرة، الحوار معها فيه الكثير من الإنسانية.. حيث لا حدود أو حواجز، ولأنها بقلب مفتوح وعقل ناضج فلديها قدرة على أن تأخذك من حكاية لحكاية وأنت مشدود إليها، والسبب أن كل ما في قلبها تجده على لسانها، ورغم الذكاء الشديد الذي تتمتع به والمكانة الفنية التي وصلت إليها إلا إنها شديدة التواضع أمام الآخرين حتى إذا كانوا أقل منها في السن والمستوى الفني والاجتماعي، وربما يكون هذا سر الشفافية العالية التي تتمتع بها في إحساسها بالآخرين وخاصة من تحبهم.
يسرا واحدة من الفنانات اللاتي يؤمن بأن الرأي شورى خاصة في أعمالها الفنية، فهي لا بد أن تناقش المقربين منها في الأدوار التي تقدمها ومدى ارتباط الأدوار بالجماهير، وقبل أي عمل تجد يسرا في توتر دائم.. وعلى مدار أربعة عقود تقريبا قدمت يسرا عشرات الأفلام التي حملتها لتضعها في مصاف النجوم بعد أن شقت طريقها بثبات وثقة وموهبة، لقد حلمت كثيرا بالنجاح ولم تركن للحلم بل سارعت بتنفيذه من خلال عشرات الشخصيات والأدوار، فكانت المرأة القاتلة والفتاة الوديعة والأم والفلاحة، وسيدة الأعمال، وبنت البلد والصعلوكة والهانم والصعيدية والصحافية والزوجة الخائنة.
وتعترف يسرا بتأثير يوسف شاهين على مشوارها الفني، فأفلامها مع شاهين هى أنضج أعمالها الفنية وحصلت من خلالها على العالمية وشاهدها العالم من خلال المهرجانات في كان وبرلين وفينسيا، كما حصلت على العديد من الجوائز والكثير أيضا من الإشادة النقدية، يسرا تؤكد انه عندما قدمها شاهين في فيلم (حدوتة مصرية) شعرت وقتها فقط إنها وضعت قدميها على طريق النجومية، وبعد (حدوتة مصرية) قدمت العديد من الأفلام مع يوسف شاهين منها (إسكندرية كمان وكمان، المهاجر، إسكندرية نيويورك)، وتقول يسرا عن علاقتها بشاهين: (لقد علمني كيف أتمنى أن أموت جوعا ولا أقدم فيلما هابطا أو أهين نفسي كفنانة من أجل حفنة جنيهات، ولذا فقد رفضت رفضا قاطعا مجرد الزج باسمها من جانب (انتشال التميمي) مدير مهرجان الجونة السينمائي، في قائمة من لا يصح تكريمهم ، والسبب لأنها عضو في اللجنة الاستشارية للمهرجان.
من جانبها علقت الفنانة الكبيرة يسرا على تصريحات (التميمى) من خلال منشور عبر صفحتها على (فيس بوك) ، قائلة بأدب جم وذكاء موهبة نادر: (بخصوص حوارك عن سياق تكريمات مهرجان الجونة بالعام الحالي، وتحديدا في إشارتك به لعدم قدرة مهرجان الجونة على الاحتفاء بي، وهو بنفس محتوى الملف الإعلامي الذي أصدره مهرجان الجونة.. أرغب في توضيح بعض النقاط:
أولا: من الطبيعي أن تشير المهرجانات إلى خطتها في تكريم الفنانين الذين تود أن تكرمهم، وتوضيح حيثيات اختياراتها للشخصيات المكرمة، لكن ما أجده غريبا، ولم يحدث من قبل في أي مهرجان دولي أو محلي، هو الإشارة إلى الأشخاص الذين لن يتمكن المهرجان من تكريمهم.
ثانيا: الإشارة لي بهذا السياق تحديدا لا يمكن أن تُفهم بشكل جيد أو إيجابي كفنانة يسعى المهرجان للاحتفاء بها كما تدعي، ولكن كتبرير لسؤال لم يُطرح من الأساس، لا من الصحافي خلال الحوار، ولا بيني وبين إدارة المهرجان، ولا حتى من أي أطراف أخرى، علمًا بأنه تم تكريمي ومنحي جوائز، سواء بشكل مباشر لشخصي أو عن أعمالي، من خلال أكثر من 80 جهة محلية ودولية، ولا أحتاج لأي مبررات سواء لتكريمي أو عدمه، (ما هو أسوأ، هو تبريرك يا أستاذ انتشال لعدم الاحتفاء بي، لعضويتي باللجنة الاستشارية للمهرجان!).
ونظرا لدماثة أخلاقها الرفيعة، قالت يسرا إنها تتشرف بأنه جرى اختيارها في هذه اللجنة الاستشارية، قائلة: (أتشرف باختياري فيها بجوار عدد من السينمائيين الممتازين من أنحاء العالم، هذا التبرير يضع علامات استفهام كثيرة حول معيار المهرجان في اختيار الأعمال الخاصة بالسينمائيين أعضاء اللجنة، حيث سبق أن اختار المهرجان فيلمًا للزميلة باللجنة والصديقة العزيزة هند صبري التي أعتز بها جدًا، كما فازت بجائزة التمثيل، وهى كلها اختيارات رائعة وصائبة، لكن أذكرك بجملتك في عدم اختيار أي أحد من اللجنة الاستشارية العليا، بنفس هذا المنطق لن يعرض المهرجان أي أعمال لهؤلاء السينمائيين رغم أهميتها)، وأوضحت في النهاية: (لذلك أرفض الزج باسمي في سياق خاطئ وغير ضروري بالمرة، وهو ما أدى لهذا التناقض المرفوض وغير المقبول).
يسرا ليست بحاجة إلى تكريم متعسف من جانب إدارة مهرجان عابثة وجاهلة بأبسط معايير الاختيار الحقيقيي الذي يستند إلى الجودة والإبداع، بقدر ما تجنح نحو المجاملة والمحسوبية، ويكفي أن سحر روح يسرا الشرقية وابتسامتها وبساطتها أجبرتها على خوض المغامرة السينمائية من سن 17، وتقديم هذا الوجه الذي ما زال يجعلنا كالمسحورين عندما نراه على الشاشة، ولا ننطق بكلمة واحدة حتى تنتهي من كلامها، ويبدو أن هذا الاسم (يسرا) يحمل الكثير من سمات شخصيتها البسيطة، التي اقتحمت قلوبنا بكل يسر وأجبرتنا على حبها دون أن ندري السبب الحقيقي، فلقد تسربت إلينا بخطوات ثابتة وواضحة، بدءاً من أول تجربة لها في فيلم تسجيلي صامت بعنوان (شهر عسل في القناة)، ما ينبهنا إلى أن براعة أي ممثل تظهر في صمته وليس كلامه، لتنطلق بعدها في أول بطولة في فيلم (قصر في الهواء).
وبالرغم من ذلك فطريق الفن بالنسبة للفنانة الكبيرة يسرا لم يكن مفروشا بالورود، فقد قامت ببطولة أربعة أفلام لم يعرض منها شيء، ومع ذلك لم تستسلم وأصبحت شريكا أساسيا في معظم أفلام السينما المصرية، منذ بداية مشوارها قبل أكثر من ثلاثين عاما، وهى في حالة نشاط مستمر حتى أنها مارست الغناء والرقص من خلال أدوارها المتنوعة في أكثر من 80 فيلما سينمائيا، وعدد من المسلسلات التي تطل علينا بها كل عام خاصة في شهر رمضان الكريم.
ولعل الكثير منا يحب يسرا ويحب طلتها الجميلة على شاشة السينما أو التليفزيون، لكن معظمنا لا يعرف سر ذلك، والذي يكمن – بحسب الناقدة السينمائية علا الشافعي – في (خلطة) يسرا التي تبدأ عند نشأتها وتربيتها القائمة على المراهنة على الحب دائما، فأمها وخالاتها صنعن الجانب الجميل في روحها، كما أن لملامح النجمة الجميلة (الحادة) المميزة التى كانت بالنسبة للسينما شيئا مختلفا بعيدا عن (الوجه الأنثوى) الذى كان (موضة) السينما فى تلك الفترة، فضلا عن ذكاءها الفطرى الذي جعلها تدرك معادلة (الانتشار ثم الاختيار)، وعلاقتها بالمخرجين ومدارسهم المختلفة، والتليفزيون وكيفية الظهور فيه من المرأة المثالية إلى المتمردة.
ومن أجل ما مضى ستبقى (يسرا) أيقونة شديدة الجمال والخصوصية تدير ظهرها لكل من يتعلل بتقدم العمر، نجمة عنيدة تلمع في سماوات عدة، لا تعترف بزمن طالما لديها مشروعها الفني والثقافي ورسالتها التي مازالت قادرة على العطاء فيها وزيادة سطورها كل يوم بكلمات جديدة، ففي الفن وحدها يسرا تستخدم كافة الأسلحة والآليات الفنية الرائعة، تملك أدواتها أمام الكاميرا، أداءا رائعا يتحدى الزمن لتثبت للجمع أن العمر مجرد رقم لا دخل لنا فيه، سنوات تمر لأن الأيام التي تبدأ مع إشراقة شمس الصباح حتما ستنتهي بالغروب، لكن هذا العمر الذي أضاف لتجربتها الحياتية والفنية لم يقضم جمالها وأنوثتها وأناقتها التي تحرص عليها وتعلمها للنساء والفتيات، تجد أنه لازاما على المرأة الحرص على أناقتها ببساطة ودون تصنع، ترى أن هناك ثوبا يمكنه التحدث سفيرا عن المرأة وآخر يضيف للمرأة عمرا مجانيا ويعطيها سنوات ليست من حقها، فتبدو مسنة في رداء سخيف!.
ذكاؤها الاجتماعي جعلها نموذجا مغايرا لصناعة النجم، فهي تجرب كل الصيحات الجديدة في الفن والغناء، حتى أنه لمجرد ظهور يسرا على الشاشة يبعث حالة من التفاؤل والسعادة وحب الحياة، طاقة هائلة من الفرح البسيط، ووجود اسمها في أي عمل فني، سواء كان سينمائيا أو مسرحيا أو غنائيا يعطي شهادة صلاحية بأنك أمام عمل من طراز فريد، تجتمع لها ومعها كافة عناصر الإبهار، كطابع البريد التذكاري يتوقف عندها الزمن ليعلن وجود طابع استثنائي لحدث نادر، فتجد العمل ذات قيمة فنية وأسرية ويحمل الكثير من المعاني الراقية، والتعامل المختلف مع معطيات الحياة.
خلال مسيرتها المهنية الفنية تمردت يسرا على التابوهات السخيفة في التعاطي مع القضايا النسائية، فلا تنتفخ حنجرتها أو يعلو صوتها في دور كالوعاظ يعتلي منبر الأخلاق والفضيلة، بل تتضفر معها كافة العناصر لصنع تيمة مختلفة تستطيع تقديم ما تراه مناسبا للأحداث بتلقائية، عيناها وحدهما تستطيعان التعبير دون كلمات، ففي مسلسلها الأخلاقي (حياة الجوهري) قالت بعينيها ما تكفي له حلقات طويلة في مشهد يجمعها بزوجها وبارتعاشة يديها في التوقيع على عقد تمليك لقطعة أرض لصالح رجال أعمال فاسدين.
وأعود لكلام (انتشال السخيف) الذي ينم عن جهل بأبسط قواعد التقدير والاحترام لقاماتنا الفنية، وأذكره وأذكر نفسي والجمهور المصري عندما عادت الفنانة (يسرا) إلى القاهرة على متن طائرة قادمة من واشنطن في نوفمبر 2019، حيث حظيت بتكريم مميز من (جمعية أميركا للإعلام الخارجي – (American abroad media)، ورمزها (AAM) في العاصمة الأميركية، وسط حضور حاشد دبلوماسي وفني أميركي وعربي، في حفل العشاء السابع للجمعية، وأضيف اسمها إلى قامات بارزة عربية (هند صبري، ناصر القصبي، وحيد حامد، مروان حامد) وعالمية (كاترين بيجولو، وبول جرينغراس)، وألفت نظر انتشال أنه من شروط هذه الجائزة التي تمنحها الجمعية للمكرمين أن (تكشف أعمالهم عن التزام قوي بقيم عالمية ومن يقدرون قوة الإعلام في نقل المعلومات والإلهام والتأثير الإيجابي على المجتمع) .. هذه هى المعايير الحقيقية وليس غيرها لتقييم الفنان يا انتشال!.
وهو ما ركز عليه (آرون لوبيل) مؤسس ورئيس الجمعية في الكلمة التي ألقاها بالمناسبة قائلا: (يسرا أيقونة في الشرق الأوسط وإلهام حقيقي لملايين من معجبيها سواء من خلال عملها كممثلة على الشاشة أو تفانيها لأجل خدمة مجتمعها وخلق عالم أفضل، وتفخر AAM بتكريم الفنانة التي لا مثيل لها يسرا، وجاء رد الفنانة المكرمة أمام الحضور الحاشد كالتالي: (فخورة بأن أكون ممثلة لبلدي والمجتمع العربي في جائزة بهذه القيمة والأهمية، وسعيدة جداً بالإحتفاء بأعمالي وتكريمي).
عند هذا الحد يتضح لنا أن معايير مهرجان الجونة السينمائي تدعو للشك والريبة في مصداقية عمليات الاختيار للمكرمين في دورات مهرجان الجونة السينمائي – الذي نتمنى له التقدم والتفوق دائما – ففي العام الماضي تم تكريم الفنان (خالد الصاوي)، وكان المهرجان قد أعلن قبل فترة عن تكريم الممثل المصري (أحمد السقا) بجائزة الإنجاز الإبداعي، اعترافا بمسيرته السينمائية الاستثنائية، ومساهمته الفائقة في مشهد صناعة السينما المصرية التي تمتد لأكثر من عقدين، وهو ما يدعنا نتساءل بأي معيار يتم تكريم فنان لم يقدم للسينما رصيدا كبيرا من الأفلام التي ترشحه لاعتلاء منصات التكريم؟، خاصة أن (السقا) قدم عملا دراميا رديئ المستوى في رمضان قبل ستة أشهر (هل تكافئ الفشلة يا انتشال؟!)، ولست أدري ماهى الحكمة من منح تلك الجائزة لنجوم مازالوا في طور الشباب، علما بأن مسيرتهم السينمائية لا تستحق تكريما كبيرا بهذا القدر، ويمكن أن يؤجل لعشر سنوات قادمة.
وخاصة أن إنجازهم الأكبر ربما يكون في الدراما التليفزيونية والمسرح وليس السينما التي لم يسند لهم فيها دور البطولة التي تستحق جائزة (الإنجاز الإبداعي)، كما لايوجد لهم فيلم واحد ضمن أهم مائة فيلم في تاريخ السينما، اللهم إذا كان عنصر المجاملة يتدخل في الاختيار، والحقيقة أنني لا أقلل من شأن أي فنان موهوب وصاحب تجارب تمثيلية رائعة في الدراما التليفزيونية التي تشهد له بالكفاءة والتميز، لكنه مهرجان سينما ياسادة، يفترض أن تمنح جوائزه لأصحاب الإنجاز الإبداعي عن جدارة في مجال السينما.. أليس كذلك؟.
في مصر والعالم العربي، هنالك من يستحق تلك الجائزة أكثر من (الصاوي والسقا)، خاصة أنهم يحملون على أكتافهم تراثا سينمائيا هائلا يمكن أن يوصف بالإنجاز الإبداعي الحقيقي، ومنهم على سبيل المثال وليس الحصر النجوم (حسن يوسف، دريد لحام، منى واصف، على عبد الخالق، بشير الديك، خيري بشارة، على بدرخان، صلاح السعدني، محيي إسماعيل، يحيى الفخراني، حسين فهمي، مصطفى فهمي، محمود قابيل، محمود حميدة، نيللي، نبيلة عبيد، نادية الجندي، سميرة أحمد، لبنى عبد العزيز، بوسي، نجلاء فتحي، ومرفت أمين، شريهان، هشام سليم، ليلى علوى، إلهام شاهين)، وغيرهم من سقطوا من بقايا الذاكرة المنسية لإدارة مهرجان الجونة، وكلها قامات سينمائية أظنها تستحق التقدير والاحترام، وتتوفر فيهم جميعا صفة (الإنجاز الإبداعي)، فضلا عن أن غالبيتهم لهم أفلاما ضمن أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
وأخيرا لابد لي من تحية تقدير واحترام للنجمة الجميلة والمتألقة دائما (يسر) التي تحتل عرش قلوب المصريين من خلال مسيرة طويلة لمعت خلالها على الشاشتين وأدت أدوارا رائعة لا تبرح البال أبدا، ومع ذلك ظلت المتواضعة، الذكية، القادرة على إحتواء كل ما يدور في فلك الفن بيسر وفرح وطواعية في شخصيتها، وربما لا تكون بحاجة لتقديرات وتكريمات وجوائز لكثرة ما حازت منها، لكنها بالقطع كانت ستجد الأمر يستحق الاهتمام عندما يهتم مهرجان الجونة بتكريمها الذي يعد تكريم له هو في حد ذاته، لأنه يكرم أيقونة في الشرق الأوسط وإلهام حقيقي لملايين من معجبيها سواء من خلال عملها كممثلة على الشاشة أو تفانيها لأجل خدمة مجتمعها وخلق عالم أفضل – بحسب AAM – التي قالت عنها بأنها (الفنانة التي لا مثيل لها)، وهى التي ظلت الشخصية الثابتة الوقورة المبتسمة على الدوام، فضلا عن حضورها كفنانة وتميزها في مجال متابعة كل ما يتعلق بحقوق المرأة في المجتمعات التي ما تزال فيها غير قابضة على حقها كإنسان الى جانب شريكها الرجل.