من (الصفقة وأشعة الشمس) إلى (الملك وخالد بن الوليد) .. مسلسلات ماتت بالسكتة القلبية !
* الموت كان وراء عدم اكتمال الصفقة لرشدي أباظة
* خلاف بين سمير خفاجه المنتج المنفذ وجهة الإنتاج العربية تحول دون إتمام (أشعة الشمس السوداء)
* أزمة بين (ناهد فريد شوقي) المنتج المنفذ، وقطاع الإنتاج بالتلفزيون المصري منع ظهور (زي القمر)
* تدخل ورثة الشيخ زكريا أحمد حجب خروج (هو صحيح الهوى غلاب)
* المشاكل الإنتاجية أوقفت مسلسلات كثيرة منها الفراشات يحترقن دائما، وقصاقيص ورق.
كتب : أحمد السماحي
قبل أيام قليلة من شهر رمضان 2020، أعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وقف تصوير مسلسل (الملك) وتشكيل لجنة عاجلة من مجموعة من المتخصصين في التاريخ والآثار وعلوم الاجتماع لمشاهدة المسلسل ومراجعة السيناريو كاملا وإبداء الرأي بموضوعية ومهنية حتى لو ترتب على ذلك عليه عدم عرضه في موسم رمضان.
وبالفعل تم تأجيل المسلسل لأجل غير مسمى، بسبب تعرض المسلسل وصناعه لموجة من الانتقادات والسخرية، بعد عرض (البرومو) الأول للعمل من قبل جمهور المشاهدين على مواقع التواصل الاجتماعي، وانصب النقد على الملابس، واللهجة، والأسلحة المستخدمة، مسلسل (الملك) كان مأخوذا عن قصة (كفاح طيبة) لأديب مصر الكبير (نجيب محفوظ)، سيناريو وحوار (محمد وخالد وشيرين دياب)، إخراج حسين المنباوي، وبطولة مجموعة كبيرة من النجوم منهم (عمرو يوسف، صبا مبارك، ماجد المصري، محمد فراج، شريف سلامه، سوسن بدر، محمد لطفي، ريم مصطفى، ياسين السقا) وغيرهم، ويتناول كفاح الملك (أحمس) لطرد الهكسوس من مصر.
وحتى الآن لا أحد يعلم هل سيعود تصوير الأجزاء المتبقية أم أن المسلسل مات بالسكتة القلبية، كما مات قبله مسلسل (سيف الله… خالد بن الوليد) بطولة (عمرو يوسف، ويوسف شعبان، محسن محيي الدين، سوسن بدر، رانيا يوسف، أحمد خالد صالح، رانيا محمود ياسين، رشدي الشامي) سيناريو وحوار إسلام حافظ، عن كتاب (عبقرية خالد) للأديب والمفكر عباس العقاد، إخراج رؤوف عبد العزيز.
وبعيدا عن أسباب توقف استكمال تصوير المسلسل الذي دخل ثلاجة الموتى، يهمنا التوقف مع مجموعة من المسلسلات التى سبقت (الملك، وخالد بن الوليد) ودخلت ثلاجة الموتى فعلى مدى تاريخ الدراما التلفزيونية توقف تصوير أكثر من مسلسل رغم البدء في تصويرها، سنتوقف فى هذا التقريرمع أشهر هذه المسلسلات.
أشعة الشمس السوداء
بعد النجاح الهائل الذي حققه فيلم (المذنبون) عام 1976، ترقب الجميع العمل الذي سيقدمه المخرج (سعيد مرزوق) بعد هذه الجرأة والضجة، والنجاح الجماهيري، وكان يجب أن يبحث عن موضوع سينمائي جديد أكثر جرأة، وأكبر نجاحا، ولم يجد ذلك السيناريو الذي يدفعه لدخول الإستديو، ومرت فترة من التوقف إلى أن عرض عليه سيناريو مسلسل بعنوان (أشعة الشمس السوداء) المأخوذ عن المسرحية العالمية (مهاجر بريسبان) للكاتب العالمي (جورج شحادة)، وأعجب (مرزوق) بالسيناريو ووجده جديداً على الأعمال التي أعتاد التليفزيون تقديمها في ذلك الوقت فتحمس لإخراجه.
ووقع اختياره على (نادية لطفي) لأول مرة في الدراما التلفزيونية و(فريد شوقي، وسميحة أيوب، ويوسف وهبي، ويوسف شعبان)، وتم تصوير بعض الحلقات مابين لندن والفيوم والقاهرة، لكن نشب خلاف بين المنتج المنفذ (سمير خفاجه) الله يرحمه، وجهة الإنتاج العربية، فتوقف تصوير المسلسل الذي كانت تدور أحداثه حول عثور أهالي إحدى القرى على جثة رجل عجوز وبجواره حقيبة مليئة بالنقود، والمجوهرات وفي يده رسالة يوصي فيها بتسليم الحقيبة لابنه دون ذكر اسمه أو اسم أمه، فيدور صراع شديد بين رجال القرية حول الابن والحقيبة، ويحاول كل رجل أن ينسب الطفل إلى زوجته.
وبعد توقف المسلسل قال البعض إن السبب هو (لعنة المذنبون)، فالكل كان يحسد (سعيد مرزوق) على احتلال قمة الإخراج السينمائي، بعد تقديمه مجموعة متميزة من الأفلام الجديدة والجريئة سواء في موضوعاتها أو في شكلها الإخراجي، ومنها (زوجتي والكلب، والخوف، وأريد حلا).
الصفقة
في عام 1979 لم تكن أحوال السينما على مايرام وانتشرت أفلام الرقص والأكشن الخالية من الفن والإبداع، فقرر النجم الكبير (رشدي أباظة) أن يجرب حظه لأول مرة في التلفزيون، والذي كان يرفض الظهور فيه وأعلن أكثر من مرة أنه ممثل سينمائي، ولن يعمل في مسلسلات التلفزيون، وظل على إصراره أكثر من 19 عاما منذ ظهر التلفزيون، إلى أن وافق قبل رحيله بشهور على القيام ببطولة مسلسل (الصفقة) الذي عرضه عليه المخرج (عادل صادق)، وشجعته فكرة المسلسل، وفريق العمل الذي سيشاركه البطولة ومنهم (صفاء أبوالسعود، حمدي أحمد، حسن حسني، فكري أباظة، صفاء السبع).
وبعد مرور ثلاثة أسابيع من العمل اعتذر (رشدي) عن عدم التصوير أربعة أيام بسبب آلام حادة كان يعانيها، وبعد شفائه عاد ليقف أمام الكاميرا، ووقتها كان المرض بادياً عليه، ولكنه أرجع ذلك إلى المهدئات التي يتناولها، وصور مجموعة من المشاهد، لكن المرض هاجمه مرة أخرى، فاضطر للسفر إلى لندن للعلاج، وقبل سفره قال: هذا المسلسل نحس عليَّ لدرجة أنني تشاءمت منه ودوري في المسلسل يكاد يكون نفس الحالة التي أمر بها، وقد روادتني قبل إجراء العملية فكرة إرسال برقية إلى (عادل صادق) منتج ومخرج العمل كي يحضر إلى لندن ويصور لقطات إجراء العملية على الطبيعة، والمشكلة كانت هل سيوافق الدكتور (أندرو) على التصوير وهو يجري الجراحة أم لا؟! .
والمطب الذي كنت سأقع فيه أنا والمنتج لو وافق الدكتور وطلب أجراً أكثر مني عندئذ كنت سأغضب وربما فكرت في الاعتزال، بعد هذا المسلسل، وعلى الرغم من أن هذه الفكرة لم تتم، وتصوير الجزء الباقي من المسلسل لم يتم أيضاً بسبب الظروف المرضية المتلاحقة، فإن (رشدي) لم يعتزل الفن فقط بل اعتزل الحياة كلها.
زي القمر
بعد غياب 15 عاماً عن الشاشة الصغيرة عقب مسلسلها الشهير (ألف ليلة وليلة)، رشح المخرج (أحمد يحيي) عام 1997 النجمة (نجلاء فتحي) للقيام ببطولة مسلسل (زي القمر) الذي تدور أحداثه في 15 حلقة منفصلة عن المشاكل التي تواجه المرأة العربية، ومن خلال هذا المسلسل كانت (نجلاء) ستجسد 15 دوراً، سيشاركها البطولة مجموعة من نجوم الشاشة الصغيرة مثل (كمال أبوريه، بهاء ثروت) وأكدت أثناء تصويرها لهذا العمل أنه سيكون نقلة كبيرة في حياتها الفنية، وبعد تصوير أكثر من حلقة نشب خلاف حاد بين المنتجة (ناهد فريد شوقي) المنتج المنفذ للمسلسل، وقطاع الإنتاج بالتلفزيون المصري حول الميزانية الخاصة بالعمل فتوقف التصوير.
الفراشات يحترقن دائما
المشاكل الإنتاجية لم توقف فقط مسلسل (زي القمر) بل أوقفت أيضا مسلسلي (الفراشات يحترقن دائما) بطولة (جالا فهمي وعبدالله محمود) وإخراج علي بدرخان، و(قصاقيص ورق) للنجمة نيللي وكمال أبوريه وإخراج إبراهيم عفيفي.
زكريا أحمد
من المسلسلات المهمة التي توقف التصوير فيها أيضا، لكن ليس بسبب ظروف إنتاجية، ولكن بسبب الورثة، مسلسل (هو صحيح الهوى غلاب) بطولة (محمد الحلو، سوسن بدر، أحمد ماهر)، والذي كان يؤرخ لحياة وسيرة شيخ الملحنين (زكريا أحمد)، حيث اعترضت ابنته (تحية) على سيناريو الحلقات، وأكدت رفضها لشكل شخصية والدها في المسلسل وعلاقته بالأحداث والمواقف، وطالبت بإلغاء الشخصية وحذف كل ما يتعلق باسم والدها فيه، وتقدمت بشكوى إلى المهندس (عبدالرحمن حافظ) رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري – وقتها – وطالبت بوقف تصوير المسلسل، بحجة أنه يسيء إلى والدها.!
وبعد محاولات ومفاوضات أجرتها (جيلان حمزة) كاتبة القصة والسيناريو والحوار، وافقت (تحية) على تعديل شكل الشخصية التي رأت أنها كانت لرجل مزواج يعشق السقوط والانحراف وخارج على مبادئ أسرته، في حين أن أسرته حريصة كل الحرص على إظهار المواقف الحقيقية في حياة الشيخ (زكريا أحمد)، الذي تربى في كنف أسرة عريقة صاحبة تقاليد ومبادئ إلا أن التصوير توقف والحلقات التي تم تصويرها كلفت 600 ألف جنيه، وكان قطاع الإنتاج بالتلفزيون المصري قد تعاقد في عام 2000 على تسويق المسلسل للعرض في أكثر من 18 محطة تليفزيونية عربية.
مداح القمر وزيزانيا
إلى جانب المسلسلات التي توقف تصويرها بسبب الأزمات الإنتاجية، أو الورثة أو الموت، هناك عشرات الأعمال التي توقفت قبل التصوير، رغم اتفاق أصحابها من مؤلفين ومخرجين وممثلين على تقديمها، ومنها (مداح القمر) بطولة محمد نجاتي وإخراج مجدي أحمد علي، و(البرنسيسة والأفندي) الذي كانت ستقدمه (نيكول سابا) وفشل منتجه في تسويقه للفضائيات، الأمر الذي دفع المنتج للانسحاب من استكمال التحضير للعمل، وتأجيل التصوير لموسم آخر، كما تقدم مخرج العمل (جمال عبدالحميد) بشكوى ضد منتج المسلسل بسبب ما ألحقه به هو والمؤلف وفريق المسلسل من أضرار مادية وأدبية.
كما توقف العمل في الجزء الثالث من مسلسل (زيزينيا)، وكان الراحل (أسامة أنور عكاشه) ينوي تقديمه من خلال القطاع الخاص، بسبب ارتفاع أجور النجوم وقتها، وهناك أيضا (السيرة الهلالية) وهو عمل درامي أسطوري تصدى له الكاتب الكبير (يسري الجندي)، لكنه توقف عن استكمال أجزائه بسبب الخلافات الإنتاجية، وصراعات النجوم.
أعمال أخرى
كما توقف تصوير مسلسل (أحلام مستحيلة) إخراج منال الصيفي، وقالت (منال الصيفي) مخرجة المسلسل وقتها إن مسلسلها توقف بسبب أزمة مالية وضعف تسويقي دفع المنتج لوقف العمل لحين تجاوز أزمته المالية والنجاح في تسويقه، فضلا عن انشغال الممثلين بتصوير أكثر من عمل في وقت واحد، ولنفس الأسباب أيضا توقف تصوير مسلسل (العنيدة) تأليف عبدالمنعم شطا وإخراج عادل الأعصر، بطولة ميس حمدان.
كلمة أخيرة
بعد أن استعرضنا أشهر المسلسلات التى ماتت بالسكتة القلبية، نستطيع أن نؤكد أن (الملك) و(خالد بن الوليد) هما أيضا سيلحقون بهذه المسلسلات ولن يتم استكمال تصويرهما.