لأول مرة نكشف سر تحول (الكحلاوي) من حياة الجاهلية إلى الإسلام !
كتب : أحمد السماحي
يعتبر شهر أكتوبر هو الناطق الرسمي باسم مداح الرسول وشيخ المداحين (محمد الكحلاوي) الذي ولد في أوله، ورحل يوم 5 أكتوبر عام 1982، هذا الراهب في محراب الأغنية الدينية، الذي لم يكرمه مهرجان الموسيقى العربية حتى الآن رغم عطائه الكبير في كل مجالات الأغنية، حيث قدم الأغنية العاطفية، وبرع فى الأغنية البدوية، وأخلص للأغنية الوطنية، وأمتعنا في الغناء الشعبي، وكتب اسمه بحروف من نور فى الغناء الديني، الذي أعتبره رسالته الحقيقية، وسلاحه في هذه الحياة.
اليوم في باب (صحافة زمان) سنتوقف مع حوار بسيط لكنه ممتعا نشر في مجلة (الكواكب) عام 1963 بين أبوالفوارس (محمد الكحلاوي) وبين الكاتب الصحفي والشاعر الغنائي (جليل البنداري) نشر تحت عنوان (عبلة ..أول كحلاوية تلتحق بالجامعة) جاء فيه الآتي: التحقت (عبلة) ابنة (أبوالفوارس) محمد الكحلاوي بالجامعة، وقبل التحاقها بالجامعة اشتبكت مع أبيها في مناقشة حامية، فأبوها – كما تعلمون – رجل محافظ ولا يحب اختلاط الجنسين.
وسألته عبلة فجأة: إذا كنت تعترض على دخولي الجامعة فلماذا علمتني إذن؟ ودعاني (الكحلاوي) لاتدخل في هذا الموضوع، فسألته وكيف تتم تعليمها إذن؟
فقال: أنا مستعد ابعتها أوروبا أو أمريكا لتتم تعليمها هناك، انما تقعد جنب الشبان في فصل واحد لأ!
فقلت له : يا أبوالفوارس أنت راجل لفيت الدنيا كيف يفوتك أن جامعات أوروبا وأمريكا ليس فيها سلاملك وحراملك؟ فضحك الكحلاوي وقال : يا شيخ أنا باهزر هو أنا مجنون عشان أمنعها تخش الجامعة.
وكانت (عبلة) هى أول فتاة في أسرة الكحلاوي تلتحق بالجامعة.
والكحلاوي بدأ حياته شقيا في شارع (عماد الدين)، وانتهى درويشا ومحسوبا للسيدة زينب، وكانت هوايته الأولى تحطيم المقاهي والفوانيس إذا لم يعجبه الحال، وأصبحت هوايته الأخيرة هى بناء المساجد وفرش بيوت الله بالسجاد وإنارتها بالثريات.
ومنذ سنوات كان يكسب الآلاف من غناء المواويل والأغاني الشعبية، وكان يخسر الآلاف على أشياء تافه لا تنفع لكنه تضر!، وفى أحدى الليالي رأي فيما يرى النائم السيدة (زينب) تزوره وتدعوه للهداية وزيارتها في ضريحها، وتبشره بمولود ذكر، فتردد على المسجد وصلى ركعتين ثم أمضى سهرته هناك، وبحث عنه أصدقاؤه فلم يعثروا له على أثر، ثم عرفوا بعد ذلك أنه أصبح من محاسيب الست.!
وبعد أشهر رزق بأول مولود ذكر فسماه محمدا، وكان (محمد) هو أول ولد يرزق به بعد أربع بنات، فاشترى (الكحلاوي) كسوة للضريح، وزينه بالكهرباء، وصرف على المسجد بهذه المناسبة حوالي ستة آلاف جنية.
ثم تردد على مسجد السيدة (نفيسة) فرزق بولد ثان، سماه (أحمد) فهجر السيدة (زينب) وبدأ يسهر في كل ليلة مع محاسيب السيدة نفيسة، فاغتاظ محاسيب السيدة (زينب) وأنذروه بأن (أم هاشم) ستغضب عليه أن لم يعدل بينها وبين السيدة (نفيسة)!
فقرر أن يعطي يوما للسيدة (زينب)، ويوما للسيدة (نفيسة)، ومن ذلك اليوم بدأت الدروشة تتسلل إلى ألحانه وأغانيه، وأحدث عمل فني قام به (الكحلاوي) هو تلحين قصة (الرسول عليه الصلاة والسلام) التى اشترك معه في أدائها الممثل المشهور (محمد الطوخي) فكان (الطوخي) يرتل آيات القرآن الكريم، و(الكحلاوي) يروي القصة بالنغم الشعبي، وقد بعث إليه الموسيقار (محمد عبدالوهاب) ليتباحث معه في تسجيل هذه الملحمة على اسطوانة من الحجم الكبير.
وقد اشترى (الكحلاوي) قطعة أرض في البساتين وبنى عليها مسجدا، وأراد أن يضيئه (بنجفة) ضخمة من الكريستال، وتعاون 15 رجلا في حمل النجفة ليعلقوها في سقف قبة المسجد، وما كادت النجفة تستقر في مكانها حتى سقطت على الأرض، وسقط معها قلب (الكحلاوي)!
وحدثت المعجزة، فقد سقطت النجفة على العامود الذي يحملها فلم تصب باي سوء، وقد أقام (الكحلاوي) غرفتين فى هذا المسجد، كما بنى على الأرض الملحقة به مدفنا أنيقا لنفسه بعد عمر طويل.
وفى أحد الأيام أيقظني – يقول البنداري – من النوم قبل الفجر، وطلب منى أن أرتدي ملابسي فورا لأنه سينتظرني على الباب بعد عشر دقائق، ثم أخذني في سيارته إلى حي البساتين خلف الأمام الشافعي، وأوقف (الكحلاوي) سيارته أمام باب المسجد، ثم دعاني لصلاة الفجر معه، وبعد الصلاة دعاني مرة أخرى لمشاهدة المدفن الجديد الذي بناه لنفسه، ثم أشعل شمعه وسبقني في النزول إلى التربة التى بناها على الطراز العربي، وفى داخل التربة قال لي : أيه رأيك؟ فقلت له : في أيه؟ فقال الكحلاوي : تدفن معايا هنا! ومضى (الكحلاوي) يقول: أن هذه أجمل تربة يمكن أن ندفن فيها معا!.
وكانت هذه أغرب عزومة تلقيتها في حياتي.