رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(ع الدوغري) لـ (أحمد سعد ومصطفى حجاج) غناء قبيح يروج للبلطجة والصياعة !

صوتان طربيا وقعا في براثن التردي

كتب : أحمد السماحي

في كل العصور كانت الرداءة إذا أصابت العمل السياسي تنعكس مباشرة على مختلف مناحي الحياة، فتغدو الفنون رديئة، والصناعة رديئة، والعلاقات الاجتماعية رديئة، وحتى الحروب نفسها لا يمكن أن تكون جيدة، حيث تتحول إلى حروب وحشية رديئة، فالرداءة هى الوسيلة نحو تسليع الإنسان، وإفقاده قيمته الحقيقية، وتحويله إلى أداة لصراع سيكون هو ضحيته، لكن من العيب جدا أنه في ظل التطورات المذهلة في (مصر الجديدة) حاليا في كافة المجالات على مستوى البشر والحجر أن تنتشر موبقات الأغاني إلى هذا الحد المؤسف.

أتحدث عن الرداءة بعد أن سمعت أغنية (ع الدوغري) كلمات مصطفى حسن، وألحان محمد عبدالمنعم، توزيع أحمد حسام، وإلهامي دهيمه، وغناء (أحمد سعد، ومصطفى حجاج) وهما اثنين من أجمل الأصوات المصرية على الساحة الآن، حيث يمتلكان كل العذوبة والشدو العذب، لكن مشكلتهما أنهما لا يمتلكان أي نوع من الثقافة، وبالتالي يغنيان أي كلام يعرض عليهما من على قارعة الطريق دون التفكير في أثر هذا الكلام على المتلقي.

فريق عمل الاغنية

 فأغنية (ع الدوغري) التى طرحت منذ أيام قليلة نوع من الغناء (القبيح والمتردي والهابط )! وغير المسئول الذي يروج للبلطجة و(الصياعة)، ويهدم ولا يُبني، الغناء الذي يتعامل مع الجمهور وكأنهم (شوية عيال صايعة، شاربة سيجارتين بانجو، أو حجر حشيش على الشيشة!)، وأنا آسف قارئ العزيز لاستخدامي هذه المصطلحات، لكن البعض لا يفهم إلا بهذه الطريقة! تقول بعض كلمات الأغنية التى لم أصدق نفسي وأنا أسمعها، والتى ينتمى لحنها إلى المقسوم وتترجم الموسيقى بعض الجمل على الإيقاع:

ع الدوغري وكفاءه، سايقين الدنيا سواقه

لو إيه مايعطلناش، إحنا أسامي كبيره

وإنتوا عيره، مالكوش مابينا سيره يا أقذام

إنتوا نسيتوا إنتوا مين، إنصاص ومتساقين

وإحنا اللي ف إيدينا اللجام

ندخل خناقه، آخر جراءه جوه البطاقه مكتوب أسود

سكاكينا حاميه نار، بتجري أي فار

كلمتنا أتقل م العقود.

ع الدوغري وكفاءة سايقين الدنيا سواقه

لو إيه مايعطلناش.

هذا النوع من الغناء الردئ الذي ينتمى لفصيلة (الردح والسب والقذف) فى ساحة الطرب! لا يمكن أن يقبل عليه إلا فئة قليلة ومعروفة من الشعب، وهى الفئة معدومة الذوق، كما أن هذا النوع من الغناء يزج به في قفص المساءلة القانونية لكونه أصبح يضرب القيم ويصيبها في مقتل، لأن حجم إساءاته لا يعد ولا يحصى، خاصة في غياب الثقافة عند معظم الشباب الحالي، وغياب الغناء العربي الراقي بصفة مستمرة أمام سطوة هذه الأعمال المبتذلة والمقززة، والحبلى بالكلمات الهابطة والمضامين الفجة التى ارتفع ايقاعها وصداها في زمن الهبوط هذا الذي سادت فيه الجرأة وقلة الحياء، وظهرت المضامين والعبارات غير اللائقة، فضلاً عن ما تحمله مثل هذه الأغنيات من الرسائل المزعجة مثل (ع الدوغري) التى تدعى العفة والشهامة، لكن على طريقة (ملوك البلطجة)! الذين شاهدناهم فى رمضان الماضي ولم يتوقف الجمهور عندهم.

ما تعيشه الأغنية في الوقت الراهن من ابتذال وتحول جعلها تتراجع ذوقيا وأخلاقيا ليثار التساؤل حول حدود العلاقة بين الفن والأخلاق وطبيعة الخيط الناظم بينهما، فهل انتشار هذا (النمط الغنائي) بمضامينه تلك يجسد المعنى الحقيقي لحرية التعبير في مصر والعالم العربي؟ ويعبر عن الشارع المصري؟ لا أعتقد! فالجمهور له ما يقدم له، لو قدمت له مهرجانات سيتجاوب معها ويرقص عليها حتى لو كان رافضها من داخله، ولو قدمت له غناء جميل يغذي روحه، ويسمو بوجدانه سيتسمع به جدا لأن فطرته سليمه.

لكن المشكلة أن الأغنية الهابطة الحالية مثل (ع الدوغري) وأخواتها بكل انفلاتاتها تحاول جاهدة سحب البساط من تحت أرجل قيمنا وأخلاقنا وتقاليدنا، حتى يصل الكثير منا إلى ترديد أغاني فارغة بلا شكل ولا مضمون ولا طعم ولا رائحة، ويتماهى معها الجمهور وخاصة الناشئ منه، معلنا الثورة على أفكار وقوالب جمالية وأخلاقية.

المصيبة أن أغنية ( ع الدوغري) من إنتاج شركة محترمة، قدمت لنا فى الماضي كل ما هو جميل وهادف وراقي في الغناء وهى شركة (مزيكا) لصاحبها (محسن جابر) الذي بحكم معرفتي به متأكد أنه رافض هذا النوع لكنها التجارة (إللي فيها شطار) في الفن الذي يقدم حاليا!

بعضا من العقل في الاختيار لأن الغناء له أثره البالغ على نفوس الشباب

فى النهاية لا نطلب من (أحمد سعد ومصطفى حجاج) أن يكونوا مثل (محمد عبده، وعلي الحجار، وخالد الشيخ، وعلي عبدالستار، وأحمد الجميري، ولطفي بوشناق) أو غيرهم من شعراء الطرب والغناء، ولا أن يغنوا (سيدي وصالك، أوليل وفرح، أو لما يجيبوا سيرتك، أو صوتك ماله، أو يا غربة رسينا،  أو غرقان في الهوى، أو الرسالة، أو عارفه مش عارف ليه، أو لكل عاشق وطن، أو الأماكن، أو يعني كلمة وطن، أو ياريت في خبيها، أو أسف حبيبتي، أو لما النسيم، أو أنا طير في السما) أوغيرها من الروائع الغنائية الكثيرة جدا التى نعيش عليها لأن، كل إناء ينطح بما فيه.

 و(أحمد سعد ومصطفى حجاج) فى النهاية مساكين وغلابة لن يستوعبوا هذا النوع من الغناء الراقي، ولن يكونوا يوما ما شعراء الأغنية، لأن أصحاب هذه الأغنيات التى ذكرنا أسمائهم أو المطربين الذين ذكرنا بعض القليل من أغنياتهم من المثقفين.! ولديهم حرية الإختيار، والاختيار ثقافة!، لكن نطلب بعضا من العقل في الاختيار لأن الغناء له أثره البالغ على نفوس الشباب المتمرد بالسليقة على كل شيئ.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.