منة شلبي .. فخر الصناعة المصرية !
بقلم : محمد حبوشة
لأنها فخر الصناعة المصرية التي عشقتها الكاميرا، ونظرا لأن تملك مجموعة واسعة من المهارات الاستثنائية التي تعتمد بشكل أساسي على قدرة الشخص على تطويرها، مثل الخيال والتقمص العاطفي واستخدام لغة الجسد، بالإضافة إلى وضوح مخارج الحروف والقدرة على فهم الدراما، فقد أعلنت إدارة جوائز إيمي (Emmy) عن ترشيح الممثلة والنجمة المصرية الشابة منة شلبي لجائزة الإيمي الدولية بنسختها لعام 2021، وذلك عن دورها في مسلسل (في كل أسبوع يوم جمعة)، لتصبح أول مصرية على الإطلاق تحصل على هذا الترشح، وتنافس في هذه الفئة ممثلات من الأرجنتين وإسبانيا وإنجلترا، وأعمال أنتجتها كل من نتفليكسNetflix) ) وإتش بي أو.(HBO)
وعلقت منة شلبي على اختيارها عبر حسابها بموقع الفيس بوك، بنشر بوستر خاص لها لمسلسل (في كل أسبوع يوم جمعة) وكتبت: (شكراً للأكاديمية الدولية لفنون وعلوم التلفزيون على ترشيحي لجائزة إيمي في فئة أفضل ممثلة، شرف كبير ليا ولكل فريق عمل في كل أسبوع يوم جمعة إني أكون أول ممثلة مصرية وعربية مرشحة للجايزة دي عن عمل ناطق باللغة العربية.. أنا حقيقي مبسوطة من قلبي).
والحقيقة أن منة شلبي واحدة من أبرز بنات جيلها حيث تألقت في السينما والدراما التليفزيونية واللاتي قدمن علامات بارزة ستظل راسخة بأسمائهن في سجل الفن المصري الحديث، وهو شيئ طبيعي جدا لأن ولادتك مع موهبة تمنحك القدرة على عرض المشاعر وتقمص الأدوار، إلى جانب التدريب والممارسة، يزيد فرصك بأن تصبح ممثلا بارعا ورائدا في هذا المجال، وفضلا عن ذلك فهى واحدة من أولئك الموهبين والتي انخرطت في دراسة أكاديمية منحتها البراعة في لعب أدوارها بشكل طبيعي ودون اصطناع واضح، لكن الحقيقة، وفقا للمخرج والمشرف الفني (ماركوس)، فإن أداء الدور بعيدا عن الاصطناع أمر مفروغ منه، ولكن التميز يكمن باستطاعة الممثل على مفاجأة الجمهور بردود فعله وعدم قدرة المشاهد على التنبؤ بما سيقوم به، وهو ما تفعله (منة شلبي) صاحبة الموهبة الفذة في كل دور تقوم به كما بدا واضحا مسلسل (في كل أسبوع يوم جمعة) الذي رشحها للجائزة.
في كل أسبوع يوم جمعة ظهرت (منة شلبي) ممثلة محترفة في الأدوار المعقدة عبر عدد كبير من الانفعالات الإنسانية التي تقمصتها في عدة مواقف ولحظات، ولكن ظهرت جودة موهبتها أكثر في فهم هذا الطيف الواسع من الانفعالات وإدراك عمق كل منها وعلاقتها بالشخصية التي تؤديها، ومن ثم اختارت الأداء الأنسب للشخصية، ولهذا لم تتحول كممثلة إلى شخصية مملة تكرر انفعالاتها بشكل مبتذل، بل كانت دوما تملك القدرة على الانكشاف العاطفي الكامل، وتلك تعد من أصعب المهارات المتوقعة من الممثل، والمقصود بالقدرة على الانكشاف العاطفي أو كما يسميه البعض (التعري العاطفي)، والذي يعني استعداد الممثل لعرض مشاعره الإنسانية بشكلها الحقيقي في موقف درامي ما ضمن القصة التي يمثلها، إذ يكمن سبب ضعف الأداء لدى العديد من الأشخاص في هذه النقطة.
يحتاج الممثل أو الممثلة إلى الوقت والممارسة بالوقوف على المسرح أو أمام الكاميرا، حتى يصلوا إلى مرحلة الراحة بالوجود أمام مجموعة كبيرة من الناس، أما في حالة ضعف الثقة بالنفس عند الوقوف أمام الكاميرا، فإن الممثل يدفع إلى ما يمكن تسميته (حماية أنفسهم) من الانكشاف العاطفي عند تأدية الممثل دوره وفقا لمزاجه الخاص، سيجبر نفسه على تمثيل انفعالات الشخصية، وهذا ما تفعله (منة شلبي) في كل حالاتها الإبداعية وربما هذا ما يميزها كممثلة مخضرمة عن الممثل الصاعد، إذ يساعد تراكم الخبرة لديها بزيادة ثقتها بعملها حتى إن أخطأت في بعض الأماكن أو تعرض للمعوقات في أثناء العمل، على عكس الممثل الصاعد الذي يمكن لأي مطب صغير أن يوقعه بالارتباك.
وقد لفت نظري من خلال متابعة آخر أعمالها (في كل يوم جمعة وليه لأ) أن مهنة التمثيل عند (منة شلبي) تتضمن العمل ضمن قوالب عدة منها اللغات واللهجات، فهى تملك قدرة مميزة على استخدام شتى اللغات أو اللهجات ببراعة، ولا يؤثر ذلك على أدائها التمثيلي والفني بشكل كبير، فهى تملك مثل كثير من البشر طيف واسع من الأصوات التي يمكن إصدارها من الحنجرة، ولكنها تستخدم عددا محدودا جدا منها، ولأنها ممثلة جيدة للغاية فتعمل على تدريب حنجرتها ولسانه على أداء أكبر عدد ممكن من هذه الأصوات، خصوصا أن الصوت أداة رئيسية في مهنة التمثيل، وبالتالي القدرة على التحكم بالصوت تعني القدرة على ضبط إيقاع كلمات النص بما يناسب اللحظة الدرامية لكل منها.
ومن هنا لابد لي من تقديم تحية تقدير واحترام وإعجاب شديد جدا مع وافر الشكر للنجمة المتألقة (منة شلبي) كنموذج أصلي للصناعة المصرية الفنية بجودة عالية، والتي تعد واحدة من أبرز أبناء جيلها اللاتي برعن في فن التمثيل الحقيقي، فقد ظهرت منذ بداية الألفية الثالثة بشكل مختلف على مستوى الأداء الاحترافي العذب، ولا تزال تقدم الكثير من الأعمال المميزة، حتى أصبحت في الوقت القصير الماضي رقما صعبا في معادلة السينما والدراما التليفزيونية، نظرا لأنها من أصحاب الاختيارات الجريئة، فإذا نظرنا إلى الأعمال الأخيرة لها نجدها تهتم أكثر بالأدوار المركبة وتحاول قدر الإمكان الابتعاد عن الأدوار ذات الرتابة والشخصية الثابتة، وهذا ما رأيناه
واضحا من خلال مسلسلاتها الأخيرة التي تحمل معالجات تتسم بالجرأة والتعقيدات الدرامية الشديدة للغاية التي تجيد (منة شلبي) أداءها بكفاءة واحترافية عالية.ع
جدير بالذكر أن جائزة إيمي الدولية هى جائزة تمنحها الأكاديمية الدولية لفنون وعلوم التلفزيون (IATAS) تقديرا لأفضل البرامج التلفزيونية التي تم إنتاجها وبثها خارج الولايات المتحدة، ويتم تقديم الجوائز في حفل توزيع جوائز إيمي الدولية، الذي يقام سنويا في نوفمبر في مدينة نيويورك، وأقيم حفل إيمي الدولي الأول عام 1973، لتوسيع ما كان في الأصل جائزة إيمي الأميركية، وقد أعلنت الأكاديمية الدولية لفنون وعلوم التلفزيون قبل أيام قليلة عن الترشيحات لجوائز الإيمي الدولية لعام 2021، وتشمل الترشيحات 44 مرشحا في 11 فئة من 24 دولة، ويعتبر هذا العدد الكبير من الترشيحات والبلاد رقما قياسيا جديدا يثبت تعافي صناعة الإنتاج التلفزيوني من أزمة ما بعد وباء كورونا ومخاوف إبطاء الإنتاج. وسيتم الإعلان عن الفائزين في حفل شخصي في مدينة نيويورك، يوم الاثنين، 22 نوفمبر 2021 في مكان سيتم الإعلان عنه قريبًا.
كما يجدر بالذكر أيضا أنه قد عرض مسلسل (في كل أسبوع يوم جمعة) على منصة شاهد الإلكترونية عام 2020 ليحقق سريعًا مشاهدات عالية في حينه، وحظي بصدى رائع على مواقع التواصل الاجتماعي، وأشاد النقاد والمشاهدون بأداء (منة شلبي) على الأخص في دور البطولة المعقد للغاية، حيث قدمت شخصة (نور) الفتاة المثقفة التي تضطرها ظروفها العائلية للتخلي عن هويتها والابتعاد عن عائلتها نتيجة لتلاعب أحد الإعلاميين بها مما تسبب في فضيحة بين أهلها الذين نبذوها، وتبدأ حياة جديدة بهوية مختلفة، إذ تعمل مرافقة شخصية لابن أحد العائلات الغنية المصاب بمرض عقلي، وتبدأ استغلاله في القيام بعمليات انتقامية ممن دمروا حياتها، وقد تميز المسلسل ذو العشر حلقات بالإثارة الشديدة، مع تصاعد درامي في كل حلقة، مما جعل الجمهور متشوقا بالفعل لنهاية الأسبوع لمشاهدة الثلاث حلقات المعروضة أسبوعيا على منصة نتفلكس.