لو أن لنا إعلام ؟!
بقلم : علي عبد الرحمن
بداية: اللهم لا نفاقا ولا تطلعا ولا تعريضا ولاتقليلا من دور أحد، اللهم إلا الوطن خير الأوطان، والسبب أنني وأنا أتابع قطاعات العمل الوطني لم أجد قطاعا نال هذا الكم من عدم الرضا وهذا الكم من المناشدات وهذا الكم من التوجيه وهذا الكم من النصح والإشارة إلي مايجب عليه فعله سوي قطاع الإعلام من الساده سكان الاستديوهات المجهزة والمكاتب الأنيقه والسيارات الفخمة والبيوت العصرية والمرتبات الضخمة، وهم سكان العلالي في برجهم العاجي، المعزولون عن مجتمعهم وماينجزه، الغافلون عن كل مبادرة رئاسيه ومجتمعية، الصامون آذانهم عن كل نداء وإرشاد.
فالحديث إليهم هو جهد ضائع، وقديما قال عملاقنا عباس محمود العقاد: (لاتحكي لأصلع شيئا يشيب له شعر الرأس، فإنه جهد ضائع)، كما ينطبق علي أهل إعلامنا ماتوارثناه شعرا: (ولقد أسمعت إذ ناديت حيا، ولكن لاحياة لمن تنادي)، فقد بح صوت الجميع، قيادة وحكومة وبرلمانا وخبراء وإعلاميون ومجتمع مدني وسائر أهل مصر من كثرة مناشدتهم للإعلام أن يقوم بدوره كسائر إعلام الأرضفي أن يعلم ويخبر ويؤرشف ويوثق ويثقف ويصحح ويدعم مسيرة وطن ويسبق شعبه إلي آفاق الغد الرحبة، ولكن يبدوا أن أهل الميديا لهم رأي وفكر وتخطيط وقناعات أخري غير ما ينادي به مجتمعهم وتقتضيه أصول مهنتهم العريقه.
ولان أصواتنا بحت منادية – فقط – واقعنا المشرف من إنجازات فوق الأرض وتحتها وجهودا يتابعها العالم وواقع تتناقله وسائل الإعلام في أرجاء المعمورة، ولأن الإعلام دوره الإلتحام بالمجتمع وليس التقوقع في الاستديوهات والمكاتب، ولأنه يحتاج فكرا خلاقا وليس آداءا تقليديا، ولأنه سباقا وليس تابعا فما نعيشه الأن – بصدق – له مايبرره!، فالإعلام دوما تثير شهيته الأحداث وما أكثرها في بلدنا، والإعلام تجذبه الإنجازات وما أعظمها في بلادنا، والإعلام يهرول نحو رضا أهله، وما منه كثر الساخطون عليه عندنا، والإعلام دوما سباق إلي الغد وما أحوجنا نحن لذلك!!!.
وحتي نكون منصفين تعالوا نستعرض إخفاقات إعلامنا على مدار سنوات، أين الاعلام في تقاريره ووثائقياته من بسط الأمن في ربوع المحروسة؟، وأين مكلمة ال‘علام من كل مبادرات السيد الرئيس صحيا واجتماعيا واقتصاديا؟، وأين الاعلام وأشكاله البرامجية من صعود نجم المرأة والفتاة في كل مجالات العمل الوطني؟، وأين الاعلام وساعات بثه من المشروع العملاق لتطوير ريف مصر؟، وأين الاعلام ورغيه من تنمية أطراف الوطن شماله وجنوبه وشرقه وغربه ووسطه؟، وأين الاعلام من مشروعات الوطن القوميه من العاصمة الإدارية والمدن الجديدة ومنظومة الطرق وشبكة الأنفاق وتعظيم موارد الدوله والمليون وحدو والمليون ونصف فدان وجودة التعليم وجودة الغذاء وجودة التأمين الصحي ومبادرات الحياة الكريمة و١٠٠مليون صحه والتطعيمات وتطوير العاصمه، وقضايا التسليح للجيش والشرطة وإعمال حقوق الإنسان، وبسط القانون، واسترداد أراضي الدولة، بل أين الإعلام من جهود الرئيس المضنية للتواصل مع بسطاء شعبه،وأين ؟وأين؟.
ألا يعلم الإعلام – كما نعلم – بكل أو بعض تلك الإنجازات؟، ألا يستحق كل بند مما سبق تحقيقات مصورة وأفلام موثقة وحوارات شارحة؟، ألا يقدر الإعلام لغة الأرقام فيما تحقق، وهي بمئات المليارات؟، ألم يسمع الإعلام بالجمهورية الجديدة التي يرفع شعارها علي شاشاته؟، ألا يشغل الإعلام باله بملامح تلك الجمهورية ومواصفات العائشون فيها؟، ألا يقتنع الإعلام بما تم إنجازه أم تراه لايقتنع بحاجة مواطنينا لمعرفة كل ذلك زرعا للأمل في الغد؟، ألم يقم الإعلام بدوره الريادي في الدعوة أو التنظيم لمعرض إنجازات الوطن يلف به محافظات مصر؟، ألم يخطر بباله أن الأمر يتطلب قناة وثائقيه لنقل كل مايتم، أم تراه لايفكر في إنتاج أو وسيلة لملاحقة كل ذلك؟.
هذا عن الشأن الداخلي المرئي فهل يعلم الإعلام عما يتحقق لتجويد معيشة أهل مصر، بنية وتأسيسا وتطلعا؟، ثم ألا يعلم إعلامنا عن ذراع مصر الطولي شرقا وغربا وجنوبا؟، ألم يكلف نفسه بإنتاج وثائقي عن دور مصر التنموي المتعاظم في قارتنا السمراء؟، ومتي عرض علينا إنتاجا يوثق دور مصر في غربها في الشأن الليبي والتونسي وغيره؟، ألم تأخده مهامه إلى إلقاء الضوء علي دور مصر في الشأن الفلسطيني واللبناني والسوري والعراقي واليمني وحتي الشأن الصومالي!!!.
أين وثائقيات الإعلام المصري وأين كاميراته ومراسليه وأين خططه وأهدافه؟، أم هل اكتفي الإعلام بدور الرئيس في إعلام شعبه وتنقله بين ربوع الوطن ولقاءاته مع بسطاء قومنا وأعتبروا أن الرئيس يعلم هو بنفسه أهله؟.
إذن فلا داعي لخروج كوادر الإعلام من الاستديوهات بالعاصمة واكتفوا بخبر أو تنويه أو مكالمة، أم هل اعتمدوا علي إنتاج الجهات التي تصنع هى إعلامها بنفسها كالمراكز الإعلاميه للوزارات فأين إذن تذهب نفقات الإعلام المليارية؟، وأين تستخدم معداته وماذا يصنع كوادره؟، إضافة لكل ماسبق: هل قدم الإعلام جديدا في تصحيح خطابنا الديني وهل حارب تطرفا أو شغل أوقات شبابنا؟، وهل حقق تنوعا مكانيا ومهنيا بين طوائف شعبنا؟، وهل وصل إليه مفهوم التنوع في الإعلام؟، وهل يشغله مفهوم العدالة الإعلامي؟، وهل اكتفي أهل الإعلام بما يرد إليهم من جهات الإنتاج الذاتي بأجهزة الدولة؟، ولماذا إذن يتقاضي الإعلام الرسمي من الدوله مبلغا وصل إلي 800 مليون جنيه تحت بند (خدمات إعلاميه مؤداة للوزارات والهيئات)؟، وفيما يتم إنفاق موازنته السنوية التي تزيد علي 10 مليارات من الجنيهات؟، وماذا فعل راعيه الإعلام شبه الرسمي لكل متطلبات الوطن وأهله؟، وأين أيضا ذهبت مليارات تم إنفاقها عليه قاربت السبع مليارات؟.
وإذا كان هذا حال الأخبار والبرامج والوثائقيات، فما بالك بالدراما التي لاتشبهنا، ولماذا لم تصل الدراما لكل هذه الموضوعات؟، ولماذا لاتصور هى والأغاني بين إنجازات الوطن تعريفا بها وتوثيقا لها وتسويقا لمصر وبقاعها سياحيا واقتصاديا؟، هل ينتظر الإعلام أن ينتج المواطنون أفلامهم الوثائقية، أم هل أصبح الإعلام جهة بث فقط وليست جهة إنتاج؟، ثم أين دور المجلس الأعلي والهيئة الوطنية، بل والنقابة؟، وأين دور اللجان العديدة وأين خطط الاعلام وإنتاجه، وماذا ينتظر أهله!.
الإنجازات وأصبحت واقعا، والمواطنون وأصبحوا متلهفين لصور وأرقام الإنجاز والتحولات والمشروعات، المجتمع كله يناشدهم والخبراء والاساتذه ينتقدهم والتمويل يتدفق إليهم والدعم موصول لهم، والساحة خاوية والمنافسة تشتد والشاشات من حولنا تقفز للأمام والبساط من تحتنا كاد أن ينسحب، والدعوات لهم مستمرة ولا حياة لمن تنادي، فما السر في ذلك؟، هل التقوقع أصبح شعارا لهم!، أم الاعتماد على إنتاج الغير أصبح فلسفة قائمة؟!، أم الانعزال أصبح هدفا!، أم غض البصر عما تم إنجازه أصبح عادة متوارثه!، أم صم الآذان عن كل الدعوات أصبح ثقافه لهم!، أما ماذا في الأمر لانعمله؟!.
خبرونا يا أهل الإعلام وخاصته، رعاة اهل مصر فكرا وإرشادا، قد يكون العيب فينا نحن المناشدون لكم أو العيب في إلحاحنا عليكم أو في إنكم اتخذتم قرارا بصمت وتقوقع، دعونا نعلم نواياكم ونعرف قناعاتكم ونقترب من خططكم ونتداخل مع فكركم الرفيع الرائد حتي نصمت عن المناشدة ولا نصدع لكم رأسا وسط مشاغلكم، أو يكون كل الكلام لايصل إليكم أو يصل ولايروق لكم، فأي طريق تسلكون! وأي لغة تدركون! وأي اعلام تصنعون! وأي وطن تسكنون؟!.
خبرونا حتي تهدأ أصواتنا وتنعمون بهدوءكم في مكاتبكم واستديوهاتكم ومساكنكم ومصايفكم وأماكن لهوكم ومرحكم، أسعد الله دوما أوقاتكم، وأغني وطننا عن خدماتكم، فلو أن لنا إعلام ماطالت لنا مناشدتكم،فلله درنا ودركم وسلام علي أمتنا دون إعلامكم، ولا أحوجنا الله أبدا لأمثالكم، وتحيا دوما مصرنا ومصركم .. آمين.