سكر هانم .. (أيقونة الأفلام الكوميدية) هل كان يروج للمثلية الجنسية؟!
* الفيلم مليئ بالكوميديا اللفظية الراقية
* كان من المقرر أن يلعب (إسماعيل ياسين) دور (سكر هانم) لكن انشغاله فى سلسلة الأفلام الوطنية حال دون ذلك
* رفضت شادية الدور الذي لعبته (سامية جمال) في الفيلم نظرا لإنشغالها بأدوار أخرى
كتب : أحمد السماحي
دخل فيلم (سكر هانم) تاريخ الأفلام السينمائية المصرية من أوسع أبوابه، وأصبح أحد كلاسيكيات السينما الكوميدية الراقية، بسبب إبداع العبقري (أبوالسعود الإبياري) الذي كتب حوار يتميز بالرشاقة وخفة الظل، من منا ينسى جملة (شاهين الزلط أو عبدالفتاح القصرى) لـ (سكر هانم أو عبدالمنعم إبراهيم) وهو يقول لها : (ست؟ أنا مش شايف قدامى أيتها ست، ده أنا جنب منك أبقى مارلين مونرو)، فترد سكر : (انت عميت؟ مش شايف القوام؟، فيرد عليها قائلا: (هو الحقيقة قوام عايز له بردعة ولجام)، تصرخ فيه (سكر هانم): (شات آب، ده أنا واخدة الجايزة الأولى فى جمال السيقان)، فيرد عليها المعلم (زلط) ــ وانتبهوا من الإسم ــ: (يا ولية اختشى يا قَرَشانة.. ده الفرق بينى وبينك شنب)، هذا واحد من أهم مشاهد الكوميديا اللفظية المحترمة التى لا يوجد بها أي ابتذال.
كمال الشناوي يتذكر
رغم جمال هذا الفيلم إلا أن له قصة حكاها النجم الراحل (كمال الشناوي) لا يعلمها الكثيرين حيث يقول : جاءني يوما الفنان الموهوب المخضرم (السيد بدير) وقدم لي نصا سينمائيا لي ولزميلتي الفنانة (شادية)، وبعد أن قرأت الأوراق وجدت أنها مجرد (كولاج) ــ قص ولزق ــ من أعمال وشخصيات سبق لي أداؤها فى أفلام سابقة، وذكرت (شادية) بذلك، وكان أن اعتذرنا سويا.!
وبعد أيام جاء (السيد بدير) يطلب منا العدول عن قرارنا فشرحت له وجهة نظري أنني أكرر نفسي في ذات المواقف، ومع (شادية) ذاتها، فأخبرنا أن اعتذارنا سيكبد الإنتاج خسائر ضخمة حيث تم بناء الديكورات معتمدين على موافقتنا المبدئية الأولى، وحين أصريت على الرفض، جلس بجواري يحكي لي قصة أخرى اقتبسها زميله المؤلف البارع (أبوالسعود الأبياري) عن قصة (العمة شارلى) للمؤلف الإنجليزى براندون توماس.
وكان (إسماعيل يس) يقدمها بفرقته تحت عنوان (عمتي فتافيت السكر) إخراج محمد توفيق، ويشاركه البطولة (محمود المليجي، محمد رضا، كريمان، عبد الفتاح القصري، عفاف شاكر، خيرية أحمد، ليلى حمدي، عبد النبي محمد، زينات صدقي) فوجدت الدور مختلف وكوميدي فوافقت، ورشحت (شادية) لتلعب الدور الذي لعبته (سامية جمال) لكن نظرا لانشغالها فى عدة أدوار سينمائية أخرى اعتذرت، وكان من المقرر أن يقوم (إسماعيل ياسين) بدور (سكر هانم) لكن نظرا لانشغاله فى الأفلام التى كلفته بها الإدارة السياسية عن (الشرطة والجيش والطيران) اعتذر عن تأدية الدور، فلعبه النجم (عبدالمنعم إبراهيم).
هل كان سكر يروج للمثلية الجنسية؟!
كتبت الناقدة اللبنانية (فرح داغر) رؤية لطيفة عن الفيلم فى جريدة (الأخبار) اللبنانية عام 2006 جاء فيها: يفضل نقاد كثيرون تحييد فيلم (سكر هانم) عن شبهة الترويج للمثلية الجنسية على رغم أنه يظهر شخصية رجل هو الممثل (عبد المنعم إبراهيم) يجسد دور أنثى اسمها (فتافيت السكر)، والسيدة (سكر) هى عمة (كمال الشناوي) وعمر الحريري، لكن نظرا لحدوث ظرف طارئ للعمة الأصلية، يستقدمان صديقهما (سكر) الذي يهوى التمثيل ليدعم خطتهما في التودد إلى الجميلتين (سامية جمال وكاريمان)، في المحصلة تحضر العمة الحقيقية وتنكشف اللعبة.
رفض غالبية النقاد أن يروا في الفيلم الذي يعرض على القنوات الفضائية، أكثر من معالجة كوميدية خفيفة لقصة ظهرت مطلع الستينيات من تأليف (أبو السعود الإبياري) وإخراج السيد بدير، زخرت تلك الحقبة بموجة ما سمّى (الأفلام الرشيقة) التي ابتعدت من الدراما (الثقيلة) وكانت نتيجتها ظهور نجوم مثل (سعاد حسني وحسن يوسف)، وترسيخ نجومية من بدأ قبلهم مثل (عبد المنعم إبراهيم).
يلعب (عبد المنعم إبراهيم) دور الأنثى باتقان، ما دفع بعض النقاد إلى وصفه بـ (أبرع كوميديانة مثّلت في مصر)، صوته الرقيق ونعومة ملامحه ساعداه في تجسيد الشخصية ببراعة، تلك الملامح خدمته أيضاً في فيلم (إشاعة حب)، حينما قلّد حركات هند رستم، وفي (سكر هانم) سيشعر المشاهد على مدى ساعتين تقريباً بأنه أمام نموذج لشخصية (متحوّلة الجنس)، من دون أن تتسرب إليه المشاعر السلبية المعهودة من (اشمئزاز) أو (نفور)، الأبيض والأسود يوحيان على رغم كل شيء بزمن البراءة البعيد من تلك الظواهر.
وإن المعالجة الكوميدية تخفي أي رغبة – إن وجدت – في التطرق المبكر إلى موضوع المثلية، فيحار المشاهد إن كانت الكوميديا هنا تسخر من المثلية أو تستخدمها للإضحاك؟، أو أن المخرجين يتخفّون وراء الكوميديا لتمرير رسائل عصية على التقبل الجماعي في ذلك الزمن؟، طبعاً فحال سينما هوليوود لم تكن أفضل حين قدّمت تجارب المثلية المبكرة في القوالب الكوميدية المتخفية، حتى مسلسلات الـ (سيت كوم) لا تزال تفعل ذلك إلى اليوم رغم كل الانفتاح الذي أظهر المثلية بجرأة على الشاشة وصلت الى حدّ تكريم أفلام تناولت تلك المسألة وخصّها بجوائز عالمية.
إلا أن (سكر هانم) لم يكن استثناء في هذا السياق، فكان هناك أفلام سابقة ولاحقة مثل (الآنسة حنفي وبنت اسمها محمود، وللرجال فقط – سعاد حسني ونادية لطفي المتنكّرتان بزي رجال)، وأفلام كثيرة لرأفت الميهي (سيداتي سادتي، سمك لبن تمر هندي)، وصولاً الى محمد هنيدي ومحمد سعد.. كلها أفلام أظهرت المتحوّلين في إطار مضحك خفيف لا يصدم.
نموذج (سكر هانم) كان مقبولاً على الشاشة، لكن ليس في الشارع المصري في عام 1960 أو في عام 2006 فذاك (شغل سيما)، كما يحلو لبعضهم القول، مستريحاً من عناء التفكير في رسائل مدسوسة وظّفتها بعض الأفلام المصرية لتحاكي عالم المثليين، (شغل سيما) قد يكون أيضاً هو الأخطر في نظر بعضهم الآخر من المصابين بـ (رهاب المثلية)
…………………………………
أهم الأحداث السينمائية عام 1960
كان عام 1960 من الأعوام الفقيرة سينمائيا كما يرى الناقد السينمائي الراحل (علي أبوشادي) فى كتابه (وقائع السينما المصرية في مائة عام) وإليكم أبرز ما حدث عام 1960 .
* تم إنشاء معمل (خورشيد) فى طريق الأهرام لطبع وتحميض الأفلام 35 م، و16 م، وأطلق عليه بعد ذلك إسم (معامل اعتماد خورشيد) زوجة أحمد خورشيد.
* تم إقامة أول مهرجان سينمائي دولي بمصر وهو المهرجان الأفريقي الأسيوي الثاني، وكان المهرجان قد أقيم فى طشقند (الاتحاد السوفيتي)، وشاركت مصر في المهرجان بفيلم (قيس وليلى) إخراج أحمد ضياء الدين.
* شاركت مصر في مهرجان (برلين) بفيلم (دعاء الكروان) إخراج بركات، كما رشح الفيلم لجائزة الأوسكار لأحسن فيلم أجنبي لعام 1960.
* ظهر أربعة مخرجين جدد هم سعد عرفه الذي أخرج (لقاء في الغروب)، و طلبة رضوان (غراميات إمرأة )، وشريف والي (شجرة العائلة )، وعدلي خليل (قلب فى الظلام).
* خلا العام تقريبا من الأفلام المتميزة، سوى فيلم (بداية ونهاية) لصلاح أبوسيف، وهو أول عمل أدبي للكاتب (نجيب محفوظ) على الشاشة.
* فاز فيلم (قيس وليلى) إخراج أحمد ضياء الدين، وبطولة (ماجدة وشكري سرحان) بجائزة المركز الكاثوليكي.
* تم تسجيل وإشهار (جمعية الفيلم) تحت رقم 1329 لسنة 1960 لتزاول نشاطها فى مجال الثقافة السينمائية بعد توقف ندوة الفيلم المختار فى نوفمبر 1959، ورأس مجلس إدارتها الناقد والمصور (أحمد الحضري).
…………………………………
الأفلام المصرية التى عرضت عام 1960
عرض عام 1960 حسب موسوعة أفلام السينما المصرية للناقد السينمائي والباحث (محمود قاسم) 59 فيلم نافست بقوة فيلمنا (سكر هانم)، وهذه الأفلام هى (البنات والصيف، لوعة الحب، حب وحرمان، لقاء في الغروب، ملاك وشيطان، أنا وأمي، حلاق السيدات، أبوالليل، إني اتهم، حب حتى العبادة، قيس وليلى، أبو أحمد، بين إيديك، الغجرية، رجل بلا قلب، رجل في العاصفة، لحن السعادة، حب في حب، النغم الحزين، حيجونني، عمالقة البحار، بنات بحري، معا إلى الأبد، جسر الخالدين، بهية، لقمة العيش، وطني وحبي، وداعا يا حب، خلخال حبيبي، غرام في السيرك، الفانوس السحري، سوق السلاح، شهر العسل، بصل، ثلاث وريثات، غراميات إمرأة، العملاق، نهاية طريق، الرباط المقدس، العاشقة، حبي الوحيد، ثلاثة رجال وإمرأة، شجرة العائلة، اقوى من الحياة، نداء العشاق، سر إمرأة، نساء وذئاب، بداية ونهاية، الناس اللي تحت، اسماعيل يس في السجن، نهر الحب، زوجة من الشارع، إشاعة حب، مال ونساء، وعاد الحب، قلب في الظلام، المراهقات، صائدة الرجال).
…………………………………
فريق عمل فيلم (سكر هانم)
إنتاج : أفلام المنصورة (والي السيد)
سيناريو وحوار : أبوالسعود الأبياري
مساعد المخرج : أحمد السبعاوي، ومساعد ثاني السعيد مصطفى
كلاكيت: سيد عيد
المكياج : يوسف محمود
الريجسير: إمام عويس
المونتاج :مصطفى مختار
مونتاج نيجاتيف: مارسيل صالح
مهندس الديكور : حلمي عزب
منسق المناظر : عبدالمنعم علي
التصوير الفوتوغرافي : شركة مصر الفوتوغرافية
المصور : عادل عبدالعظيم
الرقصلت : موسيقي منير مراد
الموسيقى التصويرية : منتخبات الموسيقى العالمية
أخذت المناظر وتم الطبع والتحميض : استديوهات جلال
إخراج : السيد بدير
بطولة : سامية جمال، كريمان، كمال الشناوي، عمر الحريري، حسن فايق، عبدالفتاح القصري، عبدالمنعم إبراهيم، زوزو ماضي، محمد شوقي، ليلى حمدي، حلمي حليم، على كامل، محمد سليمان.