بقلم : محمد حبوشة
ما قيمة الرغبة والحلم إن لم تكن أصلا مبنية على الموهبة، وهى ما ينبني عليها لاحقا المهنة، فعلى الراغب بالتمثيل أن يكون ذو قدرة فطرية على تقمص الشخصية التي يرغب بأدائها حتى لا يسقط في فخ التكلف، والتي تحمل المشاهد على تجنب مشاهدته أو على الأقل انتقاد أداءه، ويجب على الشخص الموهوب أن لا يقف عن حدود موهبته، فهى لا تكفي بل يجب عليه صقلها وتنميتها، وهناك عدة طرق لإبراز الموهبة وتنميتها، كالدراسة، والممارسة والتدريب عن طريق التمثيل أمام الآخرين من الأصدقاء والعائلة، أو ممارستها عن طريق مسارح المدرسة أو الجامعة وغيرها، لكن من المهم أن لا تبقي موهبتك عند حدود معينة وأن تعمل على تطويرها .
وضيفنا في باب (في دائرة الضوء) هذا الأسبوع النجم الشاب (أحمد حاتم) ذو موهبة طاغية، بل أن بريق تلك الموهبة يلمع في عينيه من أول إطلالة له على الشاشة في فيلم (أوقات فراغ)، حيث بدا تلقائيا فطريا ولم يسقط أبدا في فخ التكلف، لذا فقد نمى موهبته تلك فيما بعد وخطى خطوات واثقة في مهنة التمثيل، واكتسب مجموعة واسعة من المهارات التي تعتمد بشكل أساسي على قدرة الشخص على تطويرها، مثل الخيال والتقمص العاطفي واستخدام لغة الجسد، بالإضافة إلى وضوح مخارج الحروف والقدرة على فهم الدراما، فضلا عن كل ذلك هو ولادته مع موهبة القدرة على عرض المشاعر وتقمص الأدوار، إلى جانب والتدريب والممارسة، وهذا وغيره زاد بالطبع من فرصه بأن يصبح ممثلا بارعا ورائدا شابا في هذا المجال.
صحيح أن الكثيرين يعتقدون أن الممثل البارع هو من يلعب دوره بشكل طبيعي ودون اصطناع واضح، لكن الحقيقة، وفقا للمخرج والمشرف الفني (ماركوس)، فإن أداء الدور بعيدا عن الاصطناع أمر مفروغ منه، ولكن التميز يكمن باستطاعة الممثل على مفاجأة الجمهور بردود فعله وعدم قدرة المشاهد على التنبؤ بما سيقوم به، و (أحمد حاتم) هو واحد من الذين يفاجئون جمهورهم في كل دور جديد له، فهو فنان شاب موهوب، عشق التمثيل منذ صغره، لذا برع كثيرا في اختيار أدواره، ولعلك تلحظ من خلال تركيبته الخاصة أنه لا يهتم بفكرة الانتشار بقدر ما يهتم بتقديم مضمون يترك بصمة، معتمدا على موهبته في الكثير من الأعمال السينمائية والتليفزيونية التي ظهر فيها خلال السنوات الـ 15 الأخيرة والتي تلخص عمره الفني.
هدفه في الفن عموما هو أن يقدم شخصيات متنوعة ومتباينة، فلا يحبس نفسه في شخصية واحدة لمجرد أنه نجح في تقديمها والجمهور تعلق بها مثل فيلمه الأول (أوقات فراغ) الذي غير كثيرا من المفاهيم حول سينما الشباب في حينه، فالتنوع الذي يشاهده (أحمد حاتم) من المعجبين في الشارع عندما يصادفونه وطريقة ترحيبهم المختلفة يجعله يدرك أي شخصية جذبتهم، وهذا ما يصنع تاريخ متنوع للممثل، وسيظل حريصا على تقديمه طوال طريقه في الفن، على الرغم من أن السوق أحيانا من الممكن أن يفرض على الفنان دورا مشابها لما قدمه سابقا، ولكن يحاول بقدر الامكان أن تكون التفاصيل مختلفة.
أحمد حاتم يدرك جيدا أن الفن هو ليس مجرد تسلية وترفيه فقط، بل هو رسالة هادفة، رسالة يشترك فيها الكثير بغية إيصالها، بدءا بصاحب فكرة العمل، فكاتب السيناريو أو الكلمات، ثم المخرج، وربما الحلقة الأهم في هذه الدائرة في اعتقادي هى الممثل، لسبب بسيط، وهو أن المتلقي أي المقصود بالرسالة لن يظل في ذهنه سوى صورة الممثل، أو المغني أو.. أو.. ومنها يستوحي مضمون الرسالة، هذا ربما قد يدعوك لطرح سؤال مهم، وهو: ما هى سمات الممثل الناجح؟ وهل تكفيه الموهبة وحدها مثلا؟
والإجابة كما ترسخ في ذهن (أحمد حاتم) أن الممثل أو الفنان الناجح لا يجب أن يقتصر على الموهبة فقط، بل إلى جانب ذلك ينبغي أن يكون مزودا بمستوى فكري وثقافي معين، فالفنان هو قدوة الناس اليوم، فإذا كان متخلفا، فبدون شك أن الناس يقتادون به في ذلك، وإذا كان مثقفا وذا رسالة عميقة فالناس سيتخذونه قدوة في ذلك أيضا، كما أن من أصعب المهارات التي يمتلكها (حاتم) كممثل محترف هى القدرة على الانكشاف العاطفي أو كما يسميه البعض (التعري العاطفي)، والذي يعني استعداد الممثل لعرض مشاعره الإنسانية بشكلها الحقيقي في موقف درامي ما ضمن القصة التي يمثلها، إذ يكمن سبب ضعف الأداء لدى العديد من الأشخاص في هذه النقطة.
كثير ما تجد ممثلا يتوهج فنيا وتبدو عليه علامات النجومية، ولكن سرعان ما ينطفئ نجمه ويتوارى ثم يبتعد بشكل من الأشكال عن طموحه ونجاحه، وعلى جانب آخر تجد ممثلا آخر يبدأ حياته الفنية مثل نجوم الصف الأول، كلما قام بعمل سواء سينمائى أو درامى يشتعل نجمه أكثر، ويبدأ فى التركيز على موهبته، ويطور من أدائه فيصبح الأمر محيرا لدى الجمهور والنقاد، وهو ما فعله النجم الشاب (أحمد حاتم)، الذى أصبح ورقة (رابحة) لنجاح أى عمل فنى بجميع أشكاله، فضلا عن تهافت المنتجين على التعاقد معه، خصوصا بعدما قدم أعظم أدواره فى السينما بفيلم (أوقات فراغ) واستطاع أن يجبر الجميع على احترام موهبته لدرجة الدهشة.
ولد النجم الشاب أحمد حاتم في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر في عام 1987 بحي الدقي بالقاهرة، ووالده هو الكاتب الصحفي الكبير (حاتم صدق) المحرر العلمي ونائب رئيس تحرير جريدة الأهرام، درس أحمد في كلية الإعلام، عاشق للرياضة ويشجع عليها باستمرار، ويحرص على ممارستها بحسب ما يتيح له جدول أعماله، ومن ثم شارك ضمن منتخب مصر للسباحة لسباق التتابع 100×50م، وحطم هو وفريقه الرقم القياسي في السباق، ودخل بموجب هذا الرقم موسوعة (جينس) للأرقام القياسية، وذلك من خلال السباق الذي نظمته إحدى الشركات الرياضية، بالتعاون مع الاتحاد المصري للسباحة ووزارة الشباب والرياضة.
التحق (أحمد حاتم) بعد تخرجه من الجامعة بورشة د. محمد عبد الهادي لإعداد ممثل، وهو الذي اختاره لأول دور له في فيلم (أوقات فراغ) والذي ضم مجموعة من الوجوه الشابة، تألق بعد ذلك وحقق نجاحا كبيرا من خلال الأدوار التي أسندت إليه والتي من أبرزها دور (نائل) في مسلسل (ابن حلال)، ولفت إليه جميع الأنظار ليخوض من بعدها العديد من التجارب الناجحة، فشارك في بطولة فيلم (الماجيك) مع الفنان عمرو عابد، فيلم (الهرم الرابع) الذي تم عرضه في عام 2016، كما تألق بدور (عمر) الذي يخون صديقه مع زوجته في مسلسل (فوق مستوى الشبهات) والذي شارك في بطولته النجمة يسرا، النجمة شيرين رضا، النجمة نجلاء بدر وغيرهم، ثم كانت مشاركته بدور متميز في مسلسل (حكايتي) مع النجمة ياسمين صبري وأحمد صلاح حسني.
ولا ننسى لأحمد حاتم أدواره المتمزة في أفلام (لمح البصر) في عام 2009، المركب – 2011، الكنز: الحقيقة والخيال – 2017، قصة حب – 2019، الغسالة، والتاريخ السري لكوثر، حظر تجول – 2020، موسى – 2021، فضلا عن أدواره البارزة والرائعة في الدراما التليفزيونية عبر مسلسلات (لحظات حرجة) في عام 2010، ونكدب لو قلنا مبنحبش – 2013، السيدة الأولى – 2014، حواري بوخارست، وحارة اليهود – 2015، حلاوة الدنيا، و الدخول في الممنوع، وكلبش – 2017، لدينا أقوال أخرى، و الشارع اللي ورانا – 2018، الأب الروحي، و رسايل – 2018، لعبة النسيان – 2020 قصر النيل – 2021.
تألق (أحمد حاتم) مؤخرا في أكثر من عمل تليفزيوني ومنها دوره في مسلسل (طاقة حب)، ومسلسل (ليه لأ) الذي جسد فيه شخصية (صلاح)، هو الدور الذي تمكن به الفنان أحمد حاتم، من دخول قلوب عشاقه وجمهوره، فهو الأب الذي اختار أن يربي ابنته (ليلى)، ويعوضها عن غياب والدتها، بعد انفصالهما، حتى وقع في الحب، للمرة الثانية، مع (طبيبة العيون ندى) وهي الفنانة منة شلبي، كما أنه الوحيد الذي تقبل فكرة تبني (ندى) طفلا، في ظل رفض كل المحيطين بها للأمر، بل وكان يعاملها معاملة حنونة، وكأنه أب حقيقي له، إلى جانب (ليه لأ) هناك مسلسله الكوميدي (حلوة الدنيا سكر) مع هنا الزاهد، ويعرض له حاليا مسلسل (شقة 6 – العين الثالثة) مع روبي، بالإضافة إلى 5 أفلام، منها ماعرض ومالم يعرض هم: (السرب، وجارة القمر، وعروستي، والعاشق، وموسى).
كما يعد من أكثر أدوار (أحمد حاتم) تميزا من قبل أيضا دوره في فيلم (الغسالة – 2020، من خلال دوره الصعب (عمر هاشم الضبع – الحاضر)، والذي كان يدور حول فكرة جديدة ومختلفة خارج الصندوق، فهو – على حد قوله – عمل فانتازى لكنه جاد فى نفس الوقت، الكوميديا فيه مختلفة تعتمد على الموقف، فلا هناك حاجة للافتعال أو الفزلكة لانتزاع ضحكات الجمهور، إلى جانب السيناريو الذى تمتع بحرفية عالية في الكتابة، بالإضافة إلى النجوم المشاركين فى العمل على رأسهم الفنان الكبير محمود حميدة، ولهذا يعتبر الفنان الشاب هذا الفيلم تجربة قوية ومميزة له.
ظل (أحمد حاتم) يعود جمهوره طويلا على مشاهدته في دور الشاب المستهتر، الذي يبتعد في معظم أدواره عن الرومانسية إلى أن جاءته الفرصة في فيلم (قصة حب) الذي حوله إلى ممثل رومانسي من طراز رفيع، حتى أن هذا أكد على أن يتمتع بكاريزما خاصة في الأدوار الرومانسية، وإمكانات فنية أخرى ساعدته على تحقيق النجاح بجانب تنفيذه الأدوار الصعبة، لينضم بذلك لقائمة نجوم الصف الأول، ويصبح .. (جان) السينما المصرية الجديد، وهو اللقب الذي حصل عليه ليس لوسامته فقط بل أيضا لقدرته على أداء أدوار الحب بشكل مقنع، وهو ما يتجلي في تقديمه الكثير من الأعمال الناجحة التي لاقت إعجاب الكثيرين.
وفي النهاية لابد لي من تقديم تحية تقدير واحترام للنجم الشاب المتوقد الموهبة، تلك التي تلمع في بريق عينيه إلى حد أنها تظهر على نحو احترافي في أي مشهد يؤديه، مع أنه لا ينظر للدور المعروض عليه بالمساحة بل يهتم بالكيف أكثر من الكم، فمن الممكن – على حد قوله – أن يكون دور مكونا من 20 مشهدا، لكنه غير مؤثر مثل دور مشهدين أو ثلاثة مشاهد فقط ، وهذا التأثير في الجمهور هو الأهم بالطبع بالنسبة للممثل الذي ينتظر رد فعل إيجابي يحفزه على الدخول في أعمال جديدة.