سر هروب (صلاح منصور) من الاستديو، ولماذا حاول اليمنيين قتله؟!
كتب : أحمد السماحي
يعتبر فيلم (ثورة اليمن) الذى عرض عام 1966، هو الفيلم العربي الوحيد الذى وثق وأرخ للثورة اليمنية، وذهب إلى مكان الثورة، لكن كثير من النقاد يعتبرونه فيلم دعائي ليس له قيمة فنية كبيرة فهو ليس نتاج رغبة في الإبداع بل جاء بأوامر فوقية من أولي الأمر من الساسة، وقد وصف من جانب بعض النقاد بالسطحية التي وصلت إلى درجة السخافة ويعتبرونه فيلماً سياسياً دعائياً أكثر منه عملاً فنياً إبداعياً، وربما كانت الحسنة الوحيدة للفيلم أنه سجل حدث قيام الثورة اليمنية ولو في إطار روائي، لكن كثير من اليمنيين يعتبرونه واحدا من أجمل الأفلام العربية، وكثير من المثقفين اليمنيين يفتخرون به ويضعونه على مواقعهم الإلكترونية.
المخرج عاطف سالم تحدث عام 1986 فى مجلة (الموعد) اللبنانية عن ذكرياته عن هذا الفيلم فقال: تم تصوير مشاهد كثيرة من الفيلم في اليمن وبالتحديد فى مدينة (تعز)، وكان من المفروض فى أحد مشاهد الفيلم أن نصور لقطة (للإمام أحمد) الذى جسده (صلاح منصور) وبالقرب منه أسد رابض، وبدأنا نفكر كيف؟ وبعد عدة أيام علمت أن السيدة (إحسان الحلو) صاحبة سيرك الحلو الشهير تملك أسدا مشلولا، منظره سواء حين ينام أو وهو جالس كسبع قصر النيل، ولكنه فقط لا يستطيع الحركة، وكان بالضبط هذا هو المطلوب.
لذلك قلت أن هذا الأسد هو الذى ينفعني فى اللقطة، ولم يبق إلا أن نقنع (صلاح منصور) بأن يجلس إلى جانب الأسد وقلت لصلاح: (أنه حيوان مسالم ومشلول، يعني أنه سيجلس إلى جانبك ولا يستطيع أن يتحرك أبدا)، لكن (صلاح) خاف جدا ورد بخوف قائلا: (هو صحيح مشلول لكنه برضه سبع حيوان مفترس)، وبعد تردد وطول تفكير وافق لكنه رفض رفضا باتا وقاطعا أن يلمس السبع أو يربت على رأسه واضطررت للقبول، رغم أننى كنت أتمنى أن يحدث ذلك لأنه كان يصور تماما فكرة أن من كان يغضب (الإمام) يأكله السبع، وأن (الإمام) قادر على ترويض أشرس وأقوى الحيوانات، ولذلك يسهل عليه ترويض الناس!
ويضيف سالم قائلا: بدأنا التصوير ولاحظت أن (صلاح منصور) كان يجلس ونظره إلى الأسد لا إلى الناس الذين يخاطبهم، ولا إلى الكاميرا، وأدى هذا لأن أوقف التصوير أكثر من مرة، وفى كل مرة كان (صلاح) يقول لي وهو مرعوب: (يا أستاذ عاطف أنه أسد مهما كان!)، وكنت أعود لأقول له ولكنه أسد مشلول، أنه كالقطة، وأولاد (الحلو) أمامك ولو حدث أن تحرك لهجموا عليه، وهناك مسدس نقتله به، بل وجاء أحد أبناء عائلة (الحلو) الذى كان يحضر التصوير ونخز الأسد بالشوكة، فزأر الأسد، وحاول أن يفز من مكانه.!
وهنا صرخ (صلاح منصور) بعلو صوته وركض هاربا بكل قوته خارجا من الاستديو، فخرجت ورائه وقمت بتهدئته وبعد حوالي ساعتين أعدنا التصوير، وقد أخذ هذا المشهد الذى لا يتعدى عرضه دقيقة على الشاشة يوما بأكمله في التصوير.
ويستكمل مخرجنا الراحل حديثه قائلا: وإذا كان هذا العملاق خشى من هجوم الأسد المشلول عليه ففى أحد الأيام كاد أن يتعرض للموت، فأثناء تصوير الفيلم كان يصور أحد المشاهد بملابس الإمام فى شوارع مدينة تعز اليمنية فجأة اندفع البسطاء نحوه وكل واحد منهم معه (خنجر) يريدون قتله وهم يهتفون: (اﻹمام عاد من جديد اقتلوه اقتلوه)، و(صلاح) يصرخ ويحاول أن يوضح لهم أنه ممثل مصري وأنه يجسد فقط شخصية (الإمام) وهم مصرين على الفتك به، فأوقفت التصوير وحاولت التدخل لكنهم لم يستمعوا إلى صوتي ولم ينقذه من بين أيديهم سوى رجال الأمن المرافقين لنا أثناء التصوير.