اليوم ذكرى (علوية جميل) .. المرأة التى كانت ترعب (محمود المليجي)
كتب : أحمد السماحي
على الرغم من عدم حصولها على أدوار البطولة المطلقة، إلا أنها حفرت اسمها بحروف من ذهب في سجل السينما المصرية، واستطاعت رغم صعوبة الأدوار التى قدمتها وعدم تعاطف الجمهور معها أن تترك بصمة كبيرة فى أدوار المرأة المتسلطة صاحبة الكلمة النافذة التى لا تسقط أبدا على الأرض، المرأة التى تحمل طابع القسوة والتعامل مع الحياة بكبرياء باعتبارها من أصحاب النفوذ.
اليوم تمر الذكرى الـ (27) لرحيل النجمة الكبيرة (علوية جميل) التى رحلت عنا حياتنا فى مثل هذا اليوم عام 1994، لن نتوقف مع أفلامها السينمائية التى اقتربت من الـ 70 فيلم، ولن نتحدث عن أدوارها فى عشرات المسرحيات التى قدمتها، فكل هذا متاح على شبكة الإنترنت ويمكن لأي متصفح أن يعرف عدد أفلامها ومسرحياتها، ولكن يهمنا اليوم أن نتوقف عن نقطتين مهمتين الأولى فنية، والثانية إنسانية!.
النقطة الفنية أن هذه السيدة كانت شجاعة وجريئة جدا ففى الوقت الذي كان الجمهور يصدق ما يراه على الشاشة فى الأربعينات والخمسينات ولا يفصل بين الخيال والحقيقة، وفى الوقت الذي كانت النجمات تهرب – وحتى الآن – من أدوار الست القوية، أو المرأة المسيطرة، أو الست الشريرة أجادت (علوية جميل) فى تقديم هذه الأدوار وقدمتها بحرفية شديدة لدرجة أن الجمهور كان يسبها فى دور العرض أثناء تأديتها لهذه الأدوار.
وتنقلت بين هذه الأدوار وكأنها تتنقل فى حديقة غناء مليئة بأشجار الورد والفل والياسمين والريحان، ولم تطلب من المخرجين تغيير هذه النوعية من الأدوار حتى تكسب عطف الجمهور بل استمرت فى تقديمها حتى آخر يوم فى حياتها، لهذا انتصر لها الزمن وشعر الجمهور الآن بعظمة هذه الفنانة.
النقطة الثانية وهى الإنسانية حيث تزوجت (علوية جميل) من العملاق (محمود المليجي) وكانت الزيجة الثانية لها بعد طلاقها من زوجها الأول ووالد أبنائها، واستطاعت هذه السيدة احتواء (المليجي) منذ أن تعرفت عليه أثناء عملهما فى المسرح وبدأت شرارة الحب بينهما عندما رحلت والدته، ووقتها لم يجد النجم الشاب معه نفقات الجنازة، فباعت (علوية) مصاغها ووقفت بجوار زميلها وساندته مادياً وأدبياً ولم ينس لها (المليجي) هذا الموقف فتزوجها ووجد نفسه يتجه إليها لا يدري كيف احتوته ووصلت إلى حدود السيطرة.
ورغم حبها لـ (المليجي) إلا أن كرامتها وكبريائها عندها كانا بمثابة خط أحمر، ممنوع الاقتراب منهما ويسيطران على كل تصرفاتها، وفى أحد حوراتها الصحفية لمجلة (الاتنين والدنيا) أكدت أنها لا تحب أن تقترب أي إمرأة من بيتها أو من زوجها، لدرجة أنها تمنع الضيوف من زيارتها حتى تحافظ على قدسية منزلها وحرمته، وهى تقدس الحياة الزوجية ولا تحب أن تخطف سيدة زوج من أخرى مهما كانت الظروف.!
ورغم هذه القوة والسيطرة إلا أنها لم تستطع أن تكبح نزوات (المليجي) أوتحد من طيشه، حيث وقع فى أكثر من نزوة عاطفية وبعضها انتهى بالزواج، ففي عام 1953 أحب الفنانة (لولا صدقي) ولكنه لم يستطع الزواج منها حيث علمت (علوية) بقصة الحب وذهبت للفنانة (لولا صدقي) وأخبرتها بعلمها بما يدور خلف ضهرها وطلبت منها إنهاء قصة الحب بينها وبين زوجها وإلا ستفضحهما فى الجرائد والمجلات، فخشت (لولا صدقي) على سمعتها وتركت (المليجي).!
وفي أواخر الخمسينيات تزوج (المليجي) من الفنانة (درية أحمد)، وعندما علمت (علوية) بهذه الزيجة قالت له: (طلقها يا محمود)!، وبالفعل ذهب إليها في المسرح ورمى عليها يمين الطلاق، فسألته (درية) لماذا؟! أجابها هذه أوامر (علوية)!، ولم تكتف (علوية) بهذا بل جعلت الفنان (إسماعيل ياسين) يقوم بفصل (درية) من فرقته إرضاء لرغبتها.
وفي أحد الأيام، علمت (علوية) بزواج (المليجي) من فنانة شابة تُدعى (فوزية الأنصاري) كانت تعمل بفرقة أم كلثوم، وعلى الفور أجبرته على تطليقها في اليوم الثالث من الزواج، ولم تهدأ عندما فعلت ذلك بل اتصلت بها هاتفيا وقالت لها بنبرة صارمة: (إنت طالق يا فوزية)!
بعد ذلك وفي نهاية السبعينيات تزوج (المليجي) مرة أخرى من الفنانة (سناء يونس) التى ظلت على ذمته حتى رحيله، ولم تعلم (علوية) بأمر هذه الزيجة حتى رحيلها فى مثل هذا اليوم 16 أغسطس عام 1994، رحم الله علوية جميل وعفر لها بقدر ما أسعدتنا بأدوارها العظيمة.