* مكتبة خاله ساعدته على تنمية حبه للأدب حيث كان يمتلك مكتبة أدبية ثمينة
* كان والده يعده لأن يخلفه على كرسي العمودية
* اتخذ (علام) من (محمد عبدالرحيم، وجورج أبيض وعبدالرحمن رشدي) أساتذة روحيين له
* سرإطلاق (محمد التابعي) عليه لقب (علاموف)؟!
* أصدر مجلة أدبية فنية باسم (الفنون)، كما ساهم فى تحرير بعض المجلات الفنية مثل (المسرح)
* ربطت بينه وبين أمير الشعراء أحمد شوقي صداقة وطيدة
كتب : أحمد السماحي
هو واحد من جيل العمالقة الكبار الذين بدأوا مشوارهم مع بدايات السينما المصرية، وهو أول فتى أول (جان بريمييه) مصري فى السينما، فقد سبقه الفنان التركي (وداد عرفي) الذي أقنع بخبث ودهاء رائدة السينما المصرية (عزيرة أمير) بأنه قادر على الإخراج، فعهدت إليه بمهمة إخراج وتمثيل أول فيلم روائي مصري وهو (ليلى) لكنه تعثر وتباطأ وأخفق فى النهاية، مما اضطر (عزيزة أمير) إلى تكليف المؤلف والمخرج (أحمد جلال) بإعادة كتابة القصة، واسندت إلى (استيفان روستي) مهمة اخراج النص الجديد، واضطرت إلى الاحتفاظ بـ (وداد عرفي) بطلا، لأنه كان قد صور مشاهد عديدة كان من الصعب الاستغناء عنها.
وكان الفتى الأول الذى تلى (وداد عرفي) الفنان الوسيم (بدر لاما) القادم مع أخيه من المهجر الأميركي، فقد أخرج (إبراهيم لاما) فيلمين هما (قبلة في الصحراء) و(فاجعة فوق الهرم)، وأسند إلى أخيه بطولتهما.
ثم جاء (أحمد علام) فكان أول فتى أول مصري، حيث أسندت (عزيزة أمير) له بطولة فيلمها الصامت الثاني (بنت النيل) الذي صور عام 1928 والذي أخرجه المخرج الإيطالي (روكا) وشاركته البطولة بالطبع (عزيزة أمير) ومعهما (فردوس حسن، وحسن البارودي، عمر وصفي)، وعرض الفيلم بنجاح كبير في سينما (متروبول) في يوم 2 ديسمبر 1928.
ابن العمدة
لم يكن فيلم (بنت النيل) الصامت هو أول ظهور للنجم الوسيم (أحمد علام) فقد سبقه كفاح طويل ومرير ورفض وإصرار و وهزيمة وانتصار لهذا الفنان صاحب الصوت المميز الذى جسد كثير من الشخصيات التاريخية وبرع فيها جميعا، خاصة الشخصيات التاريخية الممنوعة مثل بطولته لمسرحية (زليخا) حيث جسد شخصية سيدنا يوسف، كما جسد بصوته فقط شخصية السيد المسيح!.
ولد الطفل (أحمد محمد مصطفى علام) لأب هو عمدة قرية (سندبيس) بمحافظة القليوبية، لذا ما أن رأى (أحمد) النور فى العشرين من شهر يونيو عام 1900 حتى نظر إليه والده على أنه الغصن الجديد فى شجرة العمودية، فبدأ يعده لهذه الوظيفة ذات الشأن الكبير فى ريف مصر فى هذا الوقت، ولم تكن العمودية تحول بين صاحبها وبين أن يصبح مهندسا أو محاميا أو دكتورا.
هواية الأدب
وفر الأب (مصطفى علام) لأبنه مناخ متابعة الدراسة بنجاح فالتحق بمدرسة (القريبة) الإبتدائية، وبدأت ميوله الأدبية تظهر فى المدرسة، فكان يقرأ كثيرا ويروي الشعر القديم والحديث، وكان وهو تلميذ فى السنة الرابعة الابتدائية عام 1913 يكتب موضوعات إنشائية جميلة تبهر مدرسة اللغة العربية، فيطلب منه أن يلقيها بصوته أمام زملائه، فكان يلقيها بصوت واضح معبر، دون أن يخطئ فى اللغة، ويعرف كيف يبدأ ومتى الوقوف.
وساعده على تنمية حبه للأدب مكتبة خاله الأديب (كامل حجاج) الذي كان يمتلك مكتبة أدبية ثمينة تحوي كتب الأدب القديم والحديث، فكان (علام) يمضي أوقات فراغه فى هذه المكتبة، يقرأ فيها ما تقع عليه يده فقرأ (الأغاني)، و(العقد الفريد) وأشعار (المتنبي، والجاحظ، وأبوالعلاء المعري، وأحمد شوقي، وأبي تمام، وحافظ إبراهيم) وغيرهم.
ولم تصرفه هواية الأدب عن الرياضة، فكان يرأس الفريق الرياضي بالمدرسة، وساعدته هذه الهواية على الاحتفاظ بقوامه الذي يعتبر رأسمال الممثل كما يقول المؤرخ الفني (محمد السيد شوشه) فى كتابه (رواد ورائدات السينما المصرية).
المدرسة السعيدية وعبدالرحيم
بعد انتهائه من الدراسة الإبتدائية انتقل إلى مدرسة (السعيدية) الثانوية، وظلت هواية الأدب والرياضة معه، وأضاف إليهما هواية جديدة بدأت تسحره وتسلب عقله وهى التمثيل، وبدأ يحلم بأن يصبح ممثلا كبيرا تسلط عليه الأضواء، ويخطر في جلال وعظمة على خشبة المسرح، ويدوي صوته عاليا فى سمع الجماهير، وما شجعه على ذلك أحد أساتذته فى تلك المدرسة وكان رائدا من رواد الحركة المسرحية في مصر، وهو (محمد عبدالرحيم) الذي أسس جمعية أنصار التمثيل والسينما عام 1913، وكان أول رئيس لهذه الجمعية.
جورج ورشدي وعبدالرحيم
فى هذه الفترة بدا التمثيل يتخذ مسارا محترما وبدأت تظهر فرق يحمل أصحابها فكر محترم من هذه الفرق فرقة (جورج أبيض) التى أنشئت عام 1912 والتى انضم إليها (عبدالرحمن رشدي) المحامي الذي فضل مهنة التمثيل على مهنة المحاماة، ومن ثم بدأ التمثيل يأخذ مكانة مرموقة ومحترمة، رغم نظرة المجتمع الدونية للعاملين فيه، ورغم هذه النظرة إلا أن التمثيل بدأ يجذب كثير من أبناء الذوات، وازداد إعجاب الطالب الثانوي (أحمد علام) ابن العمدة بالتمثيل، واتخذ من (محمد عبدالرحيم، وجورج أبيض وعبدالرحمن رشدي) أساتذة روحيين له فى هذا الفن، يقتفي أثرهم ويتبع خطاهم.
يتنقل بين الفرق
أراد (أحمد علام) أن يزاول هواية التمثيل، فانضم إلى بعض نوادي التمثيل التى كانت منتشرة فى ذلك الوقت مثل نادي (الكتيخانة) الذي كان من بين أعضائه عبدالقادر المسيري، والمنولوجست (عبدالله شداد)، ونادي (جمعية زهرة التمثيل)، ونادي (جمعية النجم الأبيض)، كل هذا فى الوقت الذي كان يتابع فيه مسيرة الحركة المسرحية، ويشاهد تراجيديات (جورج أبيض)، وغنائيات (سلامة حجازي) وفودفيليات (عزيز عيد)، إلى أن كون (عبدالرحمن رشدي) فرقته المسرحية الأولى عام 1917 وضم اليها مجموعة جديدة من الشباب المثقف أمثال (زكي طليمات، سليمان نجيب، محمد عبدالقدوس) فانضم إليها (علام) وترك دراسته ليحترف التمثيل، وأسند إليه فى البداية مجموعة من الأدوار الصغيرة، وكان الدور الذي لفت إليه الأنظار فى الفرقة الجديدة دور (السكرتير) فى مسرحية (النائب هلير)، وبعد نجاحه فى هذا الدور أسند إليه رائده (عبدالرحمن رشدي) دور الفتى الأول فى المسرحية الثانية (الشعلة).
ثورة الأب
علم الأب بعمل ابنه فى مجال التشخيص فثار وهاج! كيف يفعل ذلك، وأنذره أكثر من مرة بالبعد عن (كار) المشخصاتية والأرجوزات هذا والالتفات إلى مستقبله، ولم يكتف الأب بالتهديدات أو الإنذرات ولكنه وضعه أمام الأمر الواقع وعثر له على وظيفة كتابية بالتوجيهية بوزارة الحقانية، وبالفعل اشتغل في هذه الوظيفة فترة لكنه لم يجد نفسه فيها وعاد إلى المسرح، وفى هذه الفترة كانت له عبارة مأثورة يقولها دائما لأصدقائه: (انني اذ لم أثبت أنني ممثل قادر على إقناع الجمهور بكفاءتي التمثيلية فإنني سأعود إلى قريتي لأبدأ حياتي هناك فلاحا، أحمل الفأس وأزرع الأرض).
فرقة رمسيس
تنقل (أحمد علام) بين فرق كثيرة، لم يستقر فيها طويلا لأن أصحاب تلك الفرق كانوا يشتغلون بالتمثيل فى نفس الوقت ويغضبون ويغارون منه لأنه جذب الجمهور بوسامته وصوته المميز، وطلته، حيث كانوا يعتبرونه منافسا خطيرا لهم.
وعندما أسس (يوسف بك وهبي) فرقة (رمسيس) في 10 مارس 1923، التحق بها وكان من بين أعضائها المؤسسين حيث اشترك فى مسرحية الافتتاح التى كانت بعنوان (المجنون) التى قام فيها بدور الطبيب الذي قتله المجانين، وفى فرقة (رمسيس) لمع نجمه وحقق شهرة كبيرة وأجاد فى تمثيل مختلف أنواع المسرحيات سواء التراجيدية أو الكوميدية، نذكر منها (الذئاب، توسكا، الإغراء، اللهب، اللصوص، الشرف، قمبيز، راسبوتين، الإستعباد) وغيرها.
مقابلة أمير الشعراء
كان (أحمد علام) مفتونا بالأدب، خاصة الروسي حتى أن الكاتب الصحفي الكبير (محمد التابعي) كان يطلق عليه وقتئذ (علاموف)، واجتذبته الصحافة فى هذه الفترة وبالتحديد عام 1924 فأصدر مجلة أدبية فنية بالاشتراك مع (أحمد كمال الدين الحلي) باسم (الفنون)، كما ساهم فى تحرير بعض المجلات الفنية مثل (المسرح) التى كان يصدرها (محمد عبدالمجيد حلمي).
وفى أحد الأيام كان يجلس مع صديقه (سليمان فوزي) صاحب مجلة (الكشكول)، وجاء ذكر الأدب، فأخذ يروي له الكثير من الشعر القديم والحديث، وبالأخص شعر أمير الشعراء (أحمد شوقي) الذي كان فى هذه الفترة فى المنفى، فأعجب به (سليمان) ووعده بأن يقدمه إلى (شوقي بك) عندما يعود من منفاه.
ولما عاد (شوقي) تصادف أن شهد الحفل الذي أقامته نقابة الصحفيين على مسرح دار سينما (الكوزموجراف) الذي قدم فيه نادي (النجم الأبيض) مسرحية بعنوان (اللغز) من إخراج وتمثيل (أحمد علام)، فى تلك الليلة وفى (سليمان فوزي) بوعده فجاء عقب انتهاء التمثيل إلى غرفة الممثل الشاب ومعه أمير الشعراء حيث قدمه إليه كأديب وفنان وراوية لشعره، فأبدى (شوقي) إعجابه به وأخذ يراقب نجمه على المسرح، ونستكمل باقي تفاصيل فتى السينما المصرية الأول فى الحلقة القادمة.
………………………………………………………………………………
فى الحلقة القادمة :
* منافسة بينه وبين (عزيز عيد) على (مجنون ليلى)، وفاطمة رشدي تنتصر له.
* جسد شخصية سيدنا (يوسف) على المسرح، وأدى بصوته شخصية المسيح.
* حول (يوسف شاهين) للتحقيق بسبب التمثيل، وطلب لـ (عبدالحليم حافظ) البوليس.
………………………………………………………………………………
مصادر الموضوع :
1ــ كتاب رواد ورائدات السينما المصرية
2ــ أعداد من مجلة الكواكب
3 ـ موضوع جيل العمالقة مجلة نورا