عاجل.. مكالمة الرئيس لماسبيرو
بقلم : محمد شمروخ
كانت المداخلة التليفونية التى أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع أحد مقدمى البرامج الليلية على القناة الأولى بمثابة إنعاش للأمل لدى كثير من العاملين في ماسبيرو، ليس هم فقط، بل كل من يرجون عودة قوية لإعلام الدولة والذي لن تمثله إلا قنوات رسمية تبث من ماسبيرو، فمهما نجحت بعض القنوات التى تدار بالمال الخاص المباشر أو المشترك مع إحدى مؤسسات الدولة بشكل غير مباشر، فإن الفراغ الإعلامى والثقافى لن تملأه إلا الدولة، مهما بذلت القنوات الأخرى من جهد أو قدمت من برامج.
ومع أن الإعلام الخاص قد فرض نفسه منذ تسعينات القرن الماضي إثر التقدم التقنى المذهل لوسائل البث والاستقبال الفضائي، إلا أن ورود كلمة (خاص) لها محاذيرها الخطيرة، فحتى مع وجود مال خاص مخلص ووطنى – ولابد من الاعتراف بهذا – إلا أن التشابكات المالية مع تعقيد العمليات التجارية ودهاليز التعاملات ومحدثات التنظيرات الاقتصادية مع بعض الجهات والمؤسسات في ظل ما فرضته (الرأسمالية المتوحشة) على العالم، تجعل من فرص تسلل قوى (معينة) إلى الإعلام الخاص، كبيرة وذات أوجه متعددة ومخادعة، وقد شهدنا هذا بوضوح في عمليات غسيل المخ الجماعية التى تجريها قنوات الإعلام التقليدية وغير التقليدية لصالح بث وتبنى أفكار معينة للتشويش على الوعى القومى وتعمل على تلويثه تحت دعاوى نعرف جميعا ما وراءها.
فمهما بدا من بيروقراطية في طريقة عمل التلفزيون الرسمى وأساليب التعقيد التى تحكم بعض إجراءاته، إلا أن الالتزام بقواعد المهنية الإعلامية وبميثاق الشرف الإعلامي والأعراف الأخلاقية، ملموسة بقوة في قنوات ماسبيرو، بل إن هناك مواهب على كل المستويات ماتزال باقية في دهاليز هذا المبنى الضخم بشقيه الإذاعى والتلفزيونى، تنتظر فرص الانطلاق أو الاهتمام أو التركيز، رغم ما جرى من تجفيف لمنابع ماسبيرو وتخذيل متعمد لقدراته في ظل منافسة شرسة مع الإعلام الخاص تقارب من ربع القرن من إغراءات لكوادره وخطف لمواهبه بتأثير مالى لا يقاوم من أباطرة الإعلام الخاص وبارونات الإعلان ووكلائهم.
فأطقم المبنى العملاق عل كورنيش النيل من إداريين وفننين ومعدين ومذيعين، يعملون تحت ضغط هائل منذ أن صار المبنى مقصدا للضغط على الدولة في أعقاب ثورة يناير، إذ تعامل البعض مع المبنى على أنه (يد الحكومة الموجوعة) مع ضغوط لا تطاق من داخل وخارج المبنى.
ولا شك أن هناك تنمر من البعض بقنوات التلفزيون المصري داخليا وخارجيا، فمخالفة صغيرة غير ذات بال تراها على شاشة ماسبيرية تقيم الدنيا ولا تقعدها، بينما هناك جرائم مهنية ترتكب في قنوات أخرى (ومنها عالمية) فلا يكاد يتوقف أمامها أحد إلا قليلا ثم يمضي.
ولأمر ما كان يداهمنى شعور كلما ذهبت إلى ذلك المبنى أن أوجه الإهمال فيه بداية من الريسبشن ونهاية بالاستوديو، أن هناك من يريد هذا الإهمال.. من هم؟!.. وإلى أي فصيل ينتمون؟!.
الإجابة: (……..)
وأكثر ما كان يثير حزنى هو الإحباط الذي تكتسي به الوجوه وتلك الرتابة في العمل وحالة من الانقباض المميت، لكن مكالمة الرئيس جاءت فأنعشت القلوب وأثلجت الصدور واشرأبت بها الأعناق تستطلع هلال الأمل بأن الدولة سترضى عن ماسبيرو مرة أخرى، فمع اهتمام الرئيس بأن يتحدث تليفونيا مع برنامج ماسبيروى، فلابد من أن تتلوه الاهتمامات الأخرى التى ينتظرها ماسبيرو.
ومع أن القناة الأولى هى فقط التى مازالت تحتفظ بقطاع كبير من المشاهدين، هى التى تلقت المكالمة الموعودة، إلا أنها ستسحب وراءها بقية القنوات التى تختزن مواهب لا نظير لها في القنوات الخاصة التى اعتمدت في انطلاقها و(بقائها) على كوادر ماسبيرية ( ناهيك عن الكنوز من المواد الإعلامية القديمة فهذا أمر مفروغ منه).
فمكالمة الرئيس لم تعرب فقط عن اعتزازه ببطلة مصر الذهبية فريال عبد العزيز مع بقية الأبطال الحاصلين على ميداليات في الأوليمبياد، لكنها كانت اعتزازا بتلفزيون جمهورية مصر العربية الذي لابد من أن يعود لمكانته في القريب العاجل بعد هذه البشرى.