العنف عند المصريين .. وغياب الإعلام الديني !
بقلم : علي عبد الرحمن
نتابع سويا أخبار الحوادث والجرائم المؤلمة التي تنشرها وسائل التواصل الاجتماعي وتلهث خلف فاعليها وسائل الإعلام التقليدية فهذه تقتل زوجها وهذه تقتل صديقتها وهذا يقتل زوجته وبينهما من يطرد أمه وحولهما جرائم دس السم وكهربة أعضاء الجسد وغيرها الكثير من جرائم النفس، وغالبا ما تسبق وسائل السوشيال ميديا في نشر الخبر وبعضا من تفاصيله طبعا بصورة غير مهنية، لا أصول في صياغة الخبر ولا حرفية في تحريره، وتلهث بعدها وسائل الاعلام التقليديه في تتبع فاعليه وتسافر الي موقع الجريمه وتلتقي بأهالي المجني عليه وأهل الجاني وأحيانا مع الجاني نفس في طرح يعظم طرق ارتكاب الجريمه ويشرح تنوع أساليبها وكأنه درس تعليمي في كيفية ارتكاب الجريمة وتنوع أساليبها وكيفية الهروب منها!!! دون مراعاة لقيم المجتمع ولا ثوابت الدين ولا توجيه رسالة مغزاها ان الجريمة لاتفيد وأن الجاني لن يفلت من العقاب وأن آثار الجريمه السلبيه متعدده وممتده علي الأسرة والمجتمع.
والغريب أن حلبة الجرائم دخل إليها مجرمين لأول مرة من حملة الشهادات العاليه والعليا وممن كنا نحسبهم قادة رأي ومثقفي أمة، ورغم كم الجرائم وبشاعة حدوثها وغرابة مبرراتها وعلاقة الجناه بالمجني عليهم ودخول فئات جديده ميدان الجريمة، إلا ان خبراء ومراكز علوم التربية والاجتماع والدين لم يحركوا ساكنا لا في تفسير أسباب هذه الجرائم ولا في البحث عما أدي الي ذلك، ولا في كونها ظاهرة مسببة أو مرحلة جديده في مجتمعنا الآمن المتدين، وكذلك نفض الإعلام يديه من الجرائم ومن الخبراء أيضا.
ولدي إعتقاد أظنه صائبا في أن هذه الجرائم وماسيتلوها جاء نتيجة لغياب دور الأسرة المفككة والمشغوله في كسب العيش والتسلية على وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك غياب دور المدرسه التي أصبحت مزارا للاتفاق علي سعر وموعد ومكان الدروس الخصوصية وأيضا غياب دور المؤسسات التعليميه مابعد المدرسه ودور الأندية والأحزاب والمؤسسات الدينية وقادة الرأي، وعظم كل ذلك غياب المحتوي الديني التربوي الوسطي من شبكاتنا وقنواتنا الكثيرة الحالية وغياب إعلام ديني وسطي متخصص من سيل القنوات المتخصصة في الفنون والرياضه والطبخ وتفسير الأحلام.
ذلك في بلد الأزهر قبلة أهل السنه في سائر أرجاء الأرض، الإعلام الديني المتخصص الذي شهد محاولات كثيره تعثرت ولم تر النور رغم مسيس الحاجة إليها دون أسباب واضحة، فبرغم الاستحواذ علي معظم الشبكات والقنوات، وبرغم كافة القنوات المتخصصة التي يمتلكها الإعلام الرسمي وشقيقه شبه الرسمي لم نخصص قناة للمحتوي الديني ولا برنامجا دينيا جماهيريا يقدم حوار مفتوحا بين الشباب وأئمة الدعوة، بل لم نجد فقرات دينيه تربويه للنشئ ولا للفتاة، وغياب هذا المحتوي الديني الراشد جعل الجميع يلجأ إلى الفتاوي الإلكترونية وإلي فتاوي جهلاء الدعاة وإلي الإفتاء لأنفسهم بأنفسهم، مما جعل مرتكبي الجرائم بلاخلفية دينية ولا ثوابت عقائدية ولارؤي تنويرية وأصبحوا رهن لحظة غضب أو فتنة من شيطان مارد أو نية مبيته خلا منها الوازع الديني.
فهل هذه الجرائم تحرك مراكز البحث الاجتماعي لإجراء البحوث والاستبيانات حول أسباب الظاهرة وتدفع خبراء التربيه لظهور مدونة سلوك تربوي، الرموز الدينيه لزرع مفاهيم صحيحة في نفوس مطمئنة؟، ولعل ذلك كله يثير شهية الاعلام لاطلاق قناة ذات محتوي ديني وتقديم برامج مواجهه جماهيرية وتقديم فقرات متخصصة للنشئ وللشباب وللأسرة متنوعة التناول والضيوف ووسائل الايضاح حتي تكون متعددة التأثير والرسائل بدلا من التسطيح والتسفيه والإلهاء السائد حاليا.. ذلك من أجل بلد آمن بدون ظواهر إجرامية وبلد معتدل بدون شطط وبلد واعي بأصول دينه، وبلد إعلامه مسئول أمام شعبه .. حمي الله مصر من كل مكروه وشر.. آمين ياربنا ياكريم.