كيف حافظت فاتن حمامه على القمة في (يوم حلو ويوم مر)
كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو ” سيلفي” بلغتنا الآن.
كتب : أحمد السماحي
هذا الأسبوع في باب (سيلفي نجوم زمان) لن نبتعد كثيرا عن الحاضر، فقط حوالي 32 عاما في صورة تجمع المخرج الكبير خيري بشارة مع سيدة الشاشة العربية (فاتن حمامة) والفنانة المبدعة (عبلة كامل) التى كانت تخطو فى هذه الفترة أولى بداياتها الفنية فى كواليس الفيلم الشهير (يوم حلو .. ويوم مر) الذي عرض عام 1988، والذي كان أول تعاون بين فاتن حمامه والمبدع (خيري بشارة).
واللافت فى هذا الفيلم هو الدرس الإنساني الذي أعطته (فاتن حمامه) لكل النجوم، وهو كيفية المحافظة على النجومية والاستمرار، فمن المعروف أن (فاتن حمامه) بدأت فى السينما طفلة مدهشة من خلال فيلم (يوم سعيد) عام 1939، وظلت ملكة متوجة على الشاشة بالنسبة للمجتمع العربي كله طوال هذه السنوات، وظلت نموذجا وأسطورة عند المرأة العربية بالذات، لأنها كانت ذكية جدا فى إدارة موهبتها، والمحافظة على استمرار توهجها الفني، حيث كانت تلتقط بسرعة الظروف المحيطة بها شخصيا، لتغير من نفسها بسرعة هى أيضا، لتكون دائما فى موقع الصدارة.
عندما وجدت فى بداية الثمانينات السينما المصرية تجدد نفسها من خلال مجموعة من الكتاب والمخرجين المتميزين مثل (محمد خان، رأفت الميهي، عاطف الطيب، خيري بشارة، بشير الديك، فايز غالي) وغيرهم تابعت أعمالهم بانتظام من خلال شرائط الفيديو كاسيت فى هذا الوقت، وعندما قررت العودة للسينما فى هذا الوقت بعد آخر أفلامها (ليلة القبض على فاطمة) إخراج بركات، قررت أن تكون العودة من خلال واحد من شباب المخرجين، وهو (خيري بشارة) وهنا يتضح ذكائها الشديد فالمخرج الشاب هو أصلح من يقدم موضوع فيلمها (يوم حلو ويوم مر) لأنه ولد فى نفس الحي الذي تدور فيه أحداث الفيلم وهو حي شبرا.
فالأم (عائشة أو عيوشة) فى الفيلم تعيش فى حي (العسال) أحد أفقر أحياء منطقة شبرا الشعبية الضخمة فى القاهرة، وفى بيت بالدور الأرضي فى حارة ضيقة مختنقة وفى أتعس ظروف حياة من أجل أن تربي بناتها الأربعة وابنها الصبي (نور)، فهذه السيدة أرملة مات زوجها الذي كان عازفا فى إحدى فرق الجيش الموسيقية، وما زالت تجاهد لاستخلاص معاشه من براثن الروتين ليساعدها فى الإنفاق على أولادها الذين تركهم لها زوجها بلا أي مورد.
ويحكى الفيلم بلا كآبة كل الظروف الصعبة التى تمر بهذه الأسرة الفقيرة، ويتركنا ونحن نشعر بالاطمئنان عليهم مع عودة الابن الصغير صباح يوم العيد فى مشهد رائع حيث تجلس الأم (عيوشة) فى نافذة بيتها الذي خلا عليها من الجميع ومن بين شعاع الضوء القادم من الشارع كأنه خيوط الأمل يقبل شبح صغير كأنه ضائع وجد مكانه أخيرا، لنكتشف أنه ابنها الصبي الصغير عائدا إليها بهدية العيد كيلو لحمة!
شارك فاتن حمامه البطولة كلا من (عبلة كامل، حنان يوسف، سيمون، محمد منير، محمود الجندي).