الإنس والنمس .. مغامرة جديدة بتوقيع شريف عرفه

بقلم : عمر علي

في بداية شهر أغسطس تم طرح فيلم (الإنس والنمس) في دور العرض وهو من بطولة النجم محمد هنيدي وإخراج شريف عرفه الذين يعودان للتعامل سوياً بعدما قدما فيلم (فول الصين العظيم) قبل حوالي 17 عاماً. وهذا الفيلم أيضاً يمثل عودة هنيدي لشاشة السينما عموماً بعد غياب أربع سنوات منذ آخر أفلامه (عنتر ابن ابن شداد) الذي قدمه عام 2017 مع النجمة درة والمخرج شريف إسماعيل ولم يحقق وقتها نجاحاً كبيراً.

تدور قصة الإنس والنمس حول تحسين الشبراوي الذي يعمل مديراً لبيت الرعب بإحدى الملاهي ويعيش مع أسرته المجنونة إلى حد ما ، في يوم يقابل نرمين (منة شلبي) ويعجب بها ويسعى للزواج منها في حين أنه لا يعرف أنها جنية وليست إنسانة ، تشترط أسرتها على تحسين أن يأتي ويقيم معها لعدة أيام كي يعرفوا شخصيته قبل موافقتهم على الزواج ومن هنا تنطلق أحداث الفيلم في إطار كوميدي رعب .

يحسب لشريف عرفه في كل أفلامه أصراره على التجريب والاختلاف في كل تجربة يقدم عليها ، لهذا من الصعب أن يجد له الجمهور أفلاماً متشابهة ، فمنذ بداياته كمخرج في منتصف الثمانينات ونلاحظ أنه يسعى دائماً للخروج عن المألوف، فحين قدم أول تجاربه (الأقزام قادمون) عام 1987 لم يكن هناك مخرج في مصر قدم فيلماً مثل هذا وأيضاً في أفلامه التالية (الدرجة الثالثة) و(سمع هس) الذي كان فيلماً موسيقياً بإمتياز ولم تكن السينما المصرية في هذا التوقيت قدمت أفلاماً موسيقية منذ فترة ، وهذا الإصرار على الخروج عن المألوف هو ما صاحب شريف عرفه في تجاربه التي قدمها مع جيل الشباب في بداية الألفية الجديدة والتي بدأها مع الراحل علاء ولي الدين بفيلم (عبود على الحدود) عام 1999 ، ونجاح هذه التجربة التي كانت مختلفة جملاً وتفصيلاً عن ما كان يقدم وقتها هو ما جعل شريف عرفه اسمه يرتبط بهذا الجيل وقدم معهم جميعاً أفلامه التالي.

وهذا الجيل لا يعتبر من النجوم فقط بل مع المؤلفين والمنتجين أيضاً ، فنراه يقدم أول فيلم أكشن في تاريخه مع السقا في (مافيا) عام 2002 ويقدم الأكشن الكوميدي مع هنيدي في (فول الصين العظيم) ، ونراه يقدم فيلم السيرة الذاتية مع أحمد زكي في (حليم) 2006 والأكشن الملحمي في (الجزيرة) 2009 وفيلم الجاسوسية في (ولاد العم) 2009 والكوميديا الرومانسية في (إكس لارج) 2011 والدراما التاريخية في (الكنز) بجزئيه والأكشن الحربي في (الممر) 2019 ، وفي أحدث أفلامه (الإنس والنمس) يقدم لأول مرة في تاريخه وفي تاريخ السينما المصرية الرعب الممزوج بالكوميديا.

كل تلك التجارب بالطبع لم تحقق كلها نفس الدرجة من النجاح والانتشار ولم تكن كلها على نفس الدرجة من الجودة ، ولكن حس التجريب لدى شريف عرفة هو ما يجعلنا نغفر أي أخطاء يقع فيها الفيلم ، ففي الإنس والنمس على مستوى السيناريو الذي كتبه شريف عرفه بمشاركة السيناريست الشاب كريم حسن بشير ، كانت هناك عدة فجوات في الحبكة كانت أغلبها في الثلث الأخير من الفيلم الذي حدث فيه تطويل للأحداث بشكل غريب وأصبح ما يحدث غير منطقي بالمرة فطريقة إكتشاف تحسين لحقيقة قبيلة النمايسة لم تقدم بشكل مقنع على الإطلاق.

وهذا الارتباك الشديد هو أول ما أدى للوصول إلى نهاية غير منطقية بالمرة أضعفت الفيلم للغاية ، وأنا أعتقد أن الفيلم كان بحاجة إلى نهاية مفاجئة وغير متوقعة مثل أن يكون كل الأحداث التي رأها تحسين ما هي إلا شخصيات موجودة في بيت الرعب ، بعيداً عن ذلك فإن الفيلم يحتوي على جرعة كوميدية عالية وهناك اجتهاد وتصميم واضح للمواقف الكوميدية التي مر بها تحسين داخل أسرة النمايسة ، وهناك اجتهاد واضح أيضاً في تصميم كل شخصية محيطة بالبطل ، ويحسب للسيناريو أيضاً عدم الاكتفاء بشخصية تحسين فقط بل تم إفراد مساحة كبيرة لكل الشخصيات الآخرى المحيطة به مثل تلك الشخصيات التي جسدها كل من (عمرو عبد الجليل، بيومي فؤاد، شريف دسوقي، صلاح عبد الله، صابرين، عارفة عبد الرسول)، وغيرهم من طاقم التمثيل.

على مستوى الصورة فمازال شريف عرفة في كامل لياقته الفنية ومازال قادراً على تقديم تجربة بصرية من أمتع ما يمكن ويحسب له إستخدامه المتميز للجرافيكس بشكل يخدم قصة الفيلم ، الكادرات والتكوينات التي قدمها مدير التصوير أيمن أبو المكارم غاية في الروعة وتصميم الملابس الذي قامت به إيناس عبدالله كان جيداً للغاية ، وأيضاً من عناصر الفيلم البصرية هو الديكور الذي صممه بجداره باسل حسام ، ومن العوامل الجيدة جداً في صناعة الفيلم هو عودة شريف عرفه للتعامل مع الموسيقار الكبير مودي الإمام منذ آخر تعاون بينهم في فيلم (النوم في العسل) منذ ما يزيد عن الربع قرن.