سر حذف وإضافة كلمات من رائعة محمد قنديل ( إن شاء الله ما أعدمك)
المطرب الحقيقي يمتلك حساً استثنائياً بالكلمة التي يغنيها، فهي لابد أن تتسرب إلى أعماقه، وتذوب في وجدانه، ويجب ألا تكون زائدة، أو مكررة،أو ثقيلة على الأذن، وإلا رفضها على الفور وطلب من الشاعر مؤلف الأغنية تغيير هذه الكلمة أو ذلك المقطع، فى هذا الباب سنتوقف مع بعض الأغنيات التى تم تغيير بعض كلماتها، أوحذفها .
كتب : أحمد السماحي
يعتبر مطربنا الكبير (محمد قنديل) واحد من أجمل الأصوات المصرية، فعندما تسمعه لا تشعر بمرارة الأيام، لكنه يجعلك تشعر بعذوبة وجمال الغناء، فهو يتمتع بصوت عذب وصافي، وله مساحة صوتية واسعة، وقدرة فائقة على التعبير عن معاني الكلمات التى يؤديها بإحساس مرهف، وعاطفة متدفقة ومؤثرة في كل من يسمعه.
بدأ قنديل مشوار الغناء فى نهاية الأربعينات من خلال الأركان الغنائية التى كانت تقدمها الإذاعة المصرية، وخلال المشوار قدم العديد من الروائع التى لا تنسى من هذه الروائع أغنية (إن شاء الله ما أعدمك) التى كتب كلماتها المظلوم إعلاميا عبقري الكلمة (فتحي قوره) وألحان نهر الموسيقى الشرقي (أحمد صدقي).
هذه الأغنية كتبت ولحنت فى البداية ــ وكما جاء فى مجلة الراديو ــ لتكون موجودة فى أحد الأفلام المصرية الذي تدور أحداثه فى إحدى القرى المطلة على البحر حيث يعمل بعض أبطاله فى البحر، لهذا حملت كلماتها الأولى بعض الجمل الطريفة مثل (دي قلوبنا بحور وأنت السمك) فى مطلع الأغنية الذي يقول : (إن شاء الله ما أعدمك، دى قلوبنا بحور وأنت السمك).
وبعد الانتهاء من كتابة وتلحين الأغنية، توقف تصوير الفيلم ولم يخرج للنور، ورد كلا من (قنديل وصدقي وقوره) الفلوس التى حصلوا عليها للمنتج، واتفق الثلاثة على تقديمها للإذاعة المصرية، وبالفعل تلقفتها الإذاعة وبمجرد إذاعتها رددها الشارع المصري بقوة وأصبحت حديث الناس بسبب لحنها المتطور جدا فى هذا الوقت، حتى أن كثير من الموسيقيين الأجانب والمطلعين على الموسيقى الغربية الذين يعملون بالغناء أخذوا اللحن وأعادوا توزيعه وعزفه فى الملهي الليلية الشيك التى كانت منتشرة فى مصر حتى بداية الخمسينات.
بعد النجاح الساحق وبعد أسبوع من إذاعة الأغنية لأول مرة طلب الموسيقار الكبير (أحمد صدقي) من الشاعر (فتحي قوره) تغيير بعض المفردات الموجودة فى الأغنية وإضافة (كوبليه) جديد لتطويل مدة الأغنية، وبالفعل حذف (قوره) جملة (دي قلوبنا بحور وأنت السمك) وغيرها إلى كلمة (يا جميل) فى الكوبليه الأول فأصبح (إن شاء الله ما أعدمك، يا جميل، إن شاءالله ما أعدمك)، وأضاف كلمات الكوبليه الآخير الذي يقول فيه :
الصبر طال .. ولا حد طال
غير الخيال .. والانشغال
يااللي قلبك زيي مال وحب الله يرحمك
ان شاالله ان شالله ما اعدمك ..
يا جميل يا جميل ان شاالله ما اعدمك.