عصام السيد : نتمنى أن يعود المسرح المصرى إلى الوراء ولكن!!
بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد
آلمنى ما كتبه الصديق و الناقد المتميز احمد السماحى عن المسرح المصرى ، و سجل فى ملاحظة ذكية ، كيف أن عروض المسرح تهرب إلى الوراء ، إلى عروض معظمها تعيش فى الماضى و تجتر مافيه ، و مصدر ألمى هنا أن مسرحنا المصرى بالفعل يعانى من آلام و إحباطات كثيرة ، كثيرا ما فكرت أن أكتب عنها و لكننى تراجعت لأننى أحد المستفيدين و المضارين فى آن واحد ، و إذا تحدثت بما أعرفه لربما ظن البعض اننى أتحدث لمصلحة شخصية ، أو أشكو واقعا مريرا مرارة العلقم أصابنى منه الكثير .
و لكن تقرير العزيز السماحى فتح الجروح و أثار الشجون ، و إن كنت أختلف معه فى أن المسرح لا يعانى من النكوص أو الحنين للماضى فى عروضه فحسب ، بل يعانى ما هو أكبر و أشرس من ذلك ، و حال المسرح يدفعنا لأن نتمنى أن يعود إلى الماضى فعليا ، حين كانت الحركة المسرحية قوية و عفية ، بل يا ليتنا نحافظ على البقية الباقية ، و لكن كيف و بعض المسرحيين و جزء من المسئولين و بعض أجهزة الدولة اجتمعوا على قتله فعليا !!!
و لنبدأ بأجهزة الدولة التى لا تعرف ماهو المسرح و لا كيف يدار؟ ، فلقد كتبت هنا فى موقع (شهريار النجوم) عدة مرات عن القوانيين المكبلة و المعوقة للعمل المسرحى ، و قلت – و معى كثير من المسرحيين – إنه لا يصح أن تسرى القوانين التى تتعامل بها وزارات مثل التموين و الصناعة على المسرح و على الفن عموما ، و بدلا من تخفيف تلك الترسانة من المعوقات نكتشف أن بعض أجهزة الدولة تزيدها ، فطوال عمر المسرحيين و على مدى كل مؤتمرات المسرح التى انعقدت منذ الستينات و حتى الآن يطالبون بالتحرر من تلك القوانين و يصرون على أن المسرح لن ينصلح حاله إلا بالحرية و التحرر من بيروقراطية سخيفة و لوائح عقيمة ، و بدلا من تنفيذ توصيات الفنانيين – و هم أدرى بشعاب الفن – تعمل بعض أجهزة الدولة بعكس تلك التوصيات تماما .
آخر تلك الوقائع أن البيوت الفنية التى سعى الجميع لمزيد من الحرية لها ، و مؤخرا كان هناك مشروع تم إعداده فى زمن الدكتور جابر عصفور بأن يتم إنشاء قطاعين ليحلا محل قطاع الإنتاج ، أحدهما للمسرح و الآخر للسينما ، و تحرير القطاعين من المركزية و إعطاء حرية أكبر للبيوت الفنية داخل كل قطاع ، نرى الجهاز المركزى للتنظيم و الإدارة يعيد تشكيل المشروع – أو يعيد هيكلة قطاع الانتاج – بأن يضم عدة إدارات مركزية داخله سالبا منها كل حرية ، لاغيا الإدارات المالية و القانونية بكل إدارة مركزية و ضمها جميعا فى إدارة واحدة بالقطاع ، و هذا ينم عن أن جهاز التنظيم و الإدارة لا يعرف طبيعة عمل المسرح ، إن إلغاء الوحدة الحسابية داخل كل إدارة مركزية و تحويلها إلى إدارة واحدة مركزية سوف يعيق العمل و يعطله ، فكيف تقوم إدارة واحدة بالإنتاج لما يزيد عن 20 فرقة مسرحية إذا كانت الإدارة المالية لإثنى عشر فرقة تتعثر بسبب الروتين و اللوائح و القوانين و ضغط العمل؟.
و حتى لا نصدع القارئ بتفاصيل قانونية ، يكفى أن نذكر أن إلغاء الإدارات القانونية فى الإدارات المركزية هو أمر مخالف لمواد كثيرة فى القانون و لقرارات وزير العدل ، مما دفع أعضاء الشئون القانونية لإرسال شكاوى لمجلس الوزراء ولرئاسة الجمهورية يعترضون فيها على دمج الكل فى إدارة مركزية واحدة .
لقد أصدر الجهاز المركزى للتنظيم و الإدارة قراره الكارثى بإعادة هيكلة قطاع الإنتاج بوزارة الثقافة ، و لكن جميع الإدارات أرسلت اعتراضاتها و تخوفاتها إلى مكتب وزير الثقافة بناء على مخاطبة منه للإدارات المعنية ، و نحن فى انتظار هل يستجيب الجهاز المركزى لآراء المسرحيين أم يصم آذانه و يموت المسرح ؟
أما البعض من السادة المسرحيين و كذا من السادة المسئولين فهم يعرفون أى جرائم يرتكبون فى حق المسرح و سوف يحاسبهم التاريخ .