سر هروب المسرح المصري إلى الوراء !
كتب : أحمد السماحي
هل هروب عروض المسرح المصري المعروضة الآن إلى الماضي، توجيهات وأوامر من المسئولين عن المسرح وقياداته إلى نجوم العروض؟ أم هى مصادفة بحتة ليس ورائها أي جهة ما؟! هذا السؤال تبادر إلى ذهني عندما وجدت أن إعلانات 90% من مسارح القطاع العام المعروضة الآن أو التى تجرى بروفاتها تتحدث عن الماضي، أو مأخوذة من عروض عالمية قديمة أيضا.
المسرح القومي
فالمتابع لعروض مسارح الدولة يجد أنه يعرض الآن على خشبة المسرح القومي (ليلتكم سعيدة) عن قصة (مطربة الكورس) لأنطون تشيكوف، العرض بطولة (محمد على رزق، مريم السكرى، بسنت صيام، مروة عيد)، ألحان المهدي، نديم هشام، ملابس هالة الزهوي، ديكور عمرو عبدالله، مخرج منفذ علا فهمي، وكتابة وإخراج خالد جلال.
وبعد انتهاء عرض (ليلتكم سعيدة) يعود المخرج المبدع (سمير العصفوري) للإخراج المسرحي من خلال المسرح القومي حيث انتهى من بروفات عرضه الجديد (مورستان) المأخوذة عن مسرحية (بير السلم) للأديب الكبير (سعد الدين وهبة) وبطولة كوكبة من نجوم المسرح الكبار منهم (سميحة أيوب، أشرف عبد الغفور، سماح أنور، وأحمد سلامة، ونورهان، ورامي الطمباري، سميحة توفيق، هشام الشربيني، علي كمالو، أيمن إسماعيل، فتحي سعد، محمد نصار).
وتصميم الديكور المهندس حازم شبل، والموسيقى والألحان لأحمد الناصر، أما الاستعراضات فلضياء شفيق والملابس للدكتورة أماني حسني، العرض تعرض لمشكلة عدم موافقة بعض ورثة الراحل (سعد الدين وهبه) وبمجرد حل المشكلة سيخرج العرض للنور.
وبعد انتهاء تقديم عرض (مورستان) سيتم تقديم عرض (أغنية البجعة) للكاتب العالمي الشهير (أنطون تشيخوف)، والذي يمثل عودة النجم الموهوب (توفيق عبدالحميد) للفن مرة أخرى، وإخراج ناصر عبدالمنعم.
مسرح الطليعة
بعد استعراضنا للعروض الثلاثة التى يقدمها المسرح القومي حاليا، والقادمة، وبعد القادمة!، وكلها من العروض العالمية والقديمة!، نجد أن مسرح الطليعة هو الآخر يقدم عروض عالمية فيعرض الآن على خشبته مسرحية (سيدة الفجر) تأليف أليخاندرو كاسونا، إعداد، وإخراج أسامة رؤوف، إنتاج فرقة مسرح الطليعة، قصة العرض تدور حول قرية تزورها سيدة غريبة فى إحدى الليالي وزيارتها تسبب فى تغير حال القرية 180 درجة، العرض بطولة كلا من (خالد يوسف، مصطفى عبد الفتاح، راندا جمال، مى رضا، نشوى إسماعيل، وفاء عبده، مجدى شكرى، بدور زاد، وعادل سمير توفيق) موسيقى هانى شنوده، ديكور عمرو الأشرف، أزياء شيماء محمود.
وبعد انتهاء هذا العرض يقدم المخرج (ناصر عبدالمنعم) رواية (أحدب نوتردام) لـ (فيكتور هوجو)، ترجمها و كتبها للمسرح الكاتب الراحل (أسامة نور الدين)، أشعار طارق علي، موسيقى وألحان كريم عرفة، استعراضات كريمة بدير، ديكور حمدي عطية، أزياء نعيمة عجمي، بطولة (رجوى حامد، محمد عبدالوهاب، محمد دياب، محمد حسيب، جورج أشرف) وبمشاركة شباب من خريجي ورشة (أبدأ حلمك) البيت الفني للمسرح، مسرح الشباب.
مسرح البالون
على مسرح البالون تجرى حاليا بروفات العرض المسرحي (زقاق المدق) عن قصة أديب مصر العالمي (نجيب محفوظ) وإخراج د. عادل عبده، وبطولة مجموعة كبيرة من النجوم في بطولة جماعية منهم (دنيا عبدالعزيز، محسن محيي الدين، أمل رزق، نيهال عنبر، بهاء ثروت، ضياء عبدالخالق، أحمد صادق، حسان العربي، د. عبدالله سعد، مراد فكري صادق، عصام مصطفى، مروة نصير، سيد عبدالرحمن).
ويعرض الآن على خشبة مسرح (محمد عبدالوهاب) فى الإسكندرية عرض (ألمظ وسي عبده) إنتاج مسرح البالون تأليف وأشعار الدكتور مصطفى سليم، إخراج مازن الغرباوي، ويتناول السيرة الذاتية لـ (ألمظ وعبده الحامولي)، وذلك من خلال تسليط الضوء على تاريخهما الفني والغنائي، كما يسلط الضوء على العصر الذي عاشا فيه، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهو بطولة (مروة ناجي، وائل الفشني، حسن العدل، محمد حسني، لبني الشيخ، إميل شوقي، محمد عمر، أحمد الشريف، نورهان صالح، طارق مرسي، عماد عبد المجيد، محمد الخيام، صابر عبد الله، محمد طلبة)، والطفلة ملك مازن، ومشاركة خاصة بالأداء الصوتي لسيدة المسرح العربي الفنانة القديرة سميحة أيوب.
المسرح العائم
على المسرح العائم الصغير بالمنيل يعرض الآن العرض المسرحي المتميز (أفراح القبة) عن رواية الكاتب الكبير (نجيب محفوظ)، كتابة وإخراج محمد يوسف المنصور، بطولة (محمد تامر، سمر علام، حنان عادل، حمزة رأفت، مينا نبيل، أحمد صلاح، عبدالمنعم رياض، محمد عبدالقادر، رنا خطاب، يوسف مصطفى، مينا نادر، محمد يوسف، هايدى عبدالخالق، وفاء عبد الله ، أحمد عباس، باسم سليمان، مارتينا روؤف، حسام علاء، هدير طارق، ديكور وتصميم إضاءة عمرو الأشرف، تصميم أزياء عبير بدراوي، تأليف موسيقي أحمد نبيل، تصميم حركى مناضل عنتر، كتابة وإخراج محمد يوسف المنصور.
ورود صناعية
هذه هى أهم وأشهر العروض المسرحية التى تعرض الآن وكلها كما ذكرنا إما عروض عالمية تعود إلى مئات السنين الماضية، أو عروض عن أعمال أدبية عربية تعود أيضا إلى عشرات السنين الماضية، كأن الزمن الحالي فقد مبدعيه، وأعماله، أو ليس به مشاكل أو قضايا تُناقش، وكأن الغرض من هذه العروض الجميلة والمتميزة بفكرها ونجومخا وإخراجها إلهاء الشعب أو الجمهور بعروض مسرحية ممتعة وجميلة لكنها أشبه بالورود الصناعية ليس لها رائحة ذكية تتحدث عن الحاضر وترصد الواقع بكل سلبياته وإيجابياته، كما كان حال المسرح فى الخمسينات والستينات.!
هوس الماضي
السعي لتوقيف الزمن والعيش في الماضي والهيام به لدرجة الهوس، في جزء منه، حالة عاطفية فردية، شخصها الطب الحديث كآلية دفاع لمقاومة الشعور بالانكسار، وفي جزء ليس باليسير، حالة تعكس عجزا مؤسفاً في القدرة على عيش الحاضر، والإنجاز فيه، وتطويره والإسهام في صناعة المستقبل، ما يستدعي الهروب إلى الماضي تعويضاً عن بؤس الحاضر.
والسؤال هل واقعنا الحالي سيئ إلى هذه الدرجة التى تجعلنا نهرب إلى الوراء، خاصة أنه من المؤسف أن حالة الهروب هذه، مرشحة للاستمرار كما يبدو من المشهد المسرحي الحالي، وستظل مجتمعاتنا عالقة هناك ذاهلة عن الحاضر، مصرة على هزيمة المستقبل ما دمنا نفتقر إلى الشجاعة لتحدي الواقع بلغته وأدواته، والتخلص من الزيف والأوهام التي تُنسج عن الماضي والاشتباك مع الحياة كنهر متدفق لا يتوقف ولا يعود إلى الوراء.