توجو مزراحي مع أبطال فيلمه (تحيا الستات) الذي ناصر المرأة المصرية
كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو ” سيلفي” بلغتنا الآن.
كتب : أحمد السماحي
كان المخرج والمنتج والسيناريست (توجو مزراحي) الذي نحتفل هذا العام بمرور 120 عاما على مولده، من النجوم الذين يمتلكون ثقافة كبيرة، ورؤية مستقبلية، واقترن اسمه ببدايات السينما المصرية، ورغم أنه يهودي من أصل إيطالي إلا أنه عشق مصر التى ولد فيها، ورفض الذهاب إلى إسرائيل عندما بدأت تكون دولتها وأحبت أن تستقطب كل نجوم العالم اليهود المشهورين إلى دولتها الجديدة، وعاد إلى بلده إيطاليا، وكان يكتب اسمه على بطاقته أو (كروته) الشخصية بلقب (الكونت توجو مزراحي) كما حكى الفنان (حسين صدقي) عنه.
ولا يمكن لأحد أن ينكر دور هذا الرجل فى صناعة السينما المصرية، واكتشاف العديد من النجوم لعل أشهرهم الفنانة (ليلى مراد) التى صنع شخصيتها السينمائية وقدمها في سلسلة من الأفلام الناجحة جدا، ويكفى أن فيلمها (ليلى) استمر عرضه في دور العرض لمدة 22 أسبوعا لأول مرة فى تاريخ السينما المصرية، وأدر على (توجو) بحكم كونه المنتج أكبر الإيرادات.
هذا الأسبوع نتوقف فى باب (سيلفي النجوم) مع واحد من أشهر أفلامه وهو (تحيا الستات) الذي كان سابقا لعصره وقدم للمرأة تحية خاصة، وأكد على أهمية دورها وأن الحياة لا تستقيم إلا بوجود المرأة، حيث تدور أحداث الفيلم حول ثلاثة شبان يقاطعون خطيباتهم إثر خلاف بينهم وبينهن، وذلك في محاولة للحياة بدون نساء، ويظنون أنهم بذلك يستطيعون أن يعيشوا حياة كلها حرية واستمتاع بكل شيء، فيذهبون إلى عزبة أحدهم، ويقاطعون كل شيئ خاص بالنساء، ولكن هذه الحياة لا تستقيم وتتغلب الطبيعة البشرية عليهم، ويوقنون أنهم لا يستطيعون الاستغناء عن النساء.
الفيلم كتب قصته وسيناريو وحوار ومونتاج (توجو مزراحي) وبطولة (أنور وجدي، محمد أمين، محسن سرحان، حسن فايق، إسماعيل ياسين، مديحة يسري، ليلى فوزي، ميمي شكيب، ثريا حلمي، زينات صدقي) وغيرهم.
غادر (توجو مزراحي) مصر عام 1949 بعد حرب فلسطين، حيث تغيرت الرياح السياسية، وشعر أن الجو العام وقتها ضد كل ما هو يهودي، واتهمه البعض بالصهيونية، فاقترح أهله وأصدقائه عليه الهجرة لإسرائيل، ولكنه رفض رفضا قاطعا، وهاجر إلى إيطاليا واستقر بها، وفي الستينيات، صودرت شركة الإنتاج الّتي أسسها، وحُجر على ممتلكاته.
ورحل عن حياتنا فى 5 يونيو عام 1986 بعد أن قدم لنا مجموعة رائعة من الأفلام الغنائية والكوميدية التى سكنت ذاكرة المصريين والعرب لكبار نجوم الفن المصري مثل (أم كلثوم، يوسف وهبي، ليلى مراد، علي الكسار) وغيرهم .