بقلم : محمد حبوشة
يقول السير (لورانس أوليفيه) الممثل الأول في إنجلترا، في مقابلة أجراها معه الناقد الإنجليزي الشهير (كينيث يتنان) ونشرتها مجلة (لنستر): (أتمنى أن يصبح الممثل أكثر أهمية في حياة الناس، وإن ما يحتاجه الممثل في تكوينه بوصفه ممثلا هو دقة الملاحظة وسرعة البديهة، فإذا ما وضع في أعلى مكانة، أصبح في كل ما يمثله شعلة تضيء القلب الإنساني مثله مثل الطبيب النفسي، أو رجل الدين.. أو المفكر، ومن أوليفيه إلى المخرج الفرنسي (موريس فيشان) الذي يصف فن التمثيل على أنه: (فن خلاق، كفن العازف، يستخدم الممثل من خلاله كل مفردات جسمه وصوته لنفس الغرض.. لينقل خيال الكاتب بصدق وبراعة.
وظني أن ضيفنا في باب (بروفايل) لهذا الأسبوع النجم العربي (جمال سليمان) هو فعلا بمثابة شعلة حقيقية مثله مثل الطبيب ورجل الدين والمفكر في أدائه العذب على مقام الدهشة الإبداعية التي لازمته طوال حياته عازفا على مفردات جسده وصوته ولغته العربية الفصيحة تارة والعامية والبدوية تارات أخرى، إنه بالفعل إنسان خلاق مبدع من خلال أدواته ولغته الخاصة لأنه ببساطة ودون تعقيد يعرف كيف يستخدمها، ولأن علماء النفس يربطون ما بين الممثل وحالته السيكولوجية، ومنهم من جعل من الجنون الرمزي صفة لازمة له، باعتبار أن الفن (هروب من الواقع) وأن الممثل غالبا ما ينسلخ عن شخصيته لكي يندمج في شخصية أخرى، ويسمي البعض ذلك التمثيل بالحالة المرضية الناجمة عن أمراض العصابية والانفصام التي ترتبط بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فهل هذا هو الممثل حقا.
نعم هذا هو الممثل النجم (جمال سليمان) .. فالممثل لا تكمن أهميته في تقديمه للمسرحيات فقط – بحكم بدايته المسرحية ودراسته للماجستير بلندن في المسرح أيضا، بل يعتبر هو العنصر الوحيد في العملية المسرحية الذي لا يمكن تجاهله أو الاستغناء عنه، وهو أيضا العنصر الذي يتحمل فشل المسرحية أو نجاحها.. نعم تفشل المسرحية إذا حاول الممثل تجاوز دوره، كأن يضيف عليه أشياء من عندياته تسيء إليه، وتشتت الجمهور عنه، أو عن الأدوار الأخرى إذا حاول أن يقوم بأداء حركات وإيماءات وإشارات معينة أثناء حوار للممثل الذي يقابله في الحوار المشهدي.
التركيز لجدب الجمهور
لكننا في حالة (جمال سليمان) نلحظ أن لديه لحظات موحية تتطلب الصمت أو التركيز لجذب انتباه الجمهور، ومن الممكن بأفعال كهذه تدميرها.. لكنه حريص دائما على أن أي تصرف يصدر منه لايمكن أن يكون خارج عن السياق العام للمعنى، ومن ثم فأية لفظة أو حركة مفتعلة لها معنى دائما عنده، ونظرا لأن اختيار الأدوار من قبل المخرجين غالبا ما يقوم على المواصفات الفيزيولوجية (الجسمانية) للمثل أو أن دورا معينا قد التصق به، مثل أداء دور الشرير أو العاشق وهنا تصبح المقاييس مجردة، لذا لايستنكف (سليمان) من أداء أدوار صغيرة جدا على الشاشة.. ولا يعتبر أن ذلك محط انتقاص من شخصياته أو تاريخهم الفني الطويل.
لدى النجم (جمال سليمان) قناعة تامة بإن الفن الخلاق هو وحده الذي يتكلم ويقرر!، وفي هذا لاينسى إن الممثل بحاجة دائمة إلى التدريب والمران المستمرين على عدة أشياء من أهمها فن الإلقاء، وإخراج الصوت، ورشاقة الجسم (اللياقة البدنية الخاصة بالأدوار الحركية والاستعراضية)، والعمل الجماعي، وصناعة الماكياج والأقنعة، إلى جانب ضرورة اكتساب اللياقة الداخلية من خلال المخرجين الذين يعمل معهم أو من خلال المتخصصين، أو من خلال دراسته الأكاديمية لتلك المفردات والعناصر التي تعتبر مهمات مميزة في عالم التمثيل الشمولي.
يدرك صفات كل حرف
يقول الفنان المصري الراحل عبد الوارث عسر، عن فن الإلقاء: (إنه فن النطق بالكلام على صورة توضح ألفاظه ومعانيه، وتوضيح اللفظ يعني دراسة الممثل للحروف الأبجدية وصفات كل حرف، ليخرج من الفم سليما معافى، كاملا، واضحا، بلا عيوب لفظية أو نطقية، ولهذا فإن توضيح المعنى عند (جمال سليمان) يأتي من خلال دراسة وافية للصوت الإنساني: طبقاته، حدته، وأيضا دراسة موسيقية للأصوات من حيث النغمات التي تتناسب والمعاني (الحوار الرومانسي مثلا يتطلب صوتا ناعما هادئا) كما في جاء في مسلسلي (الشوارع الخلفية وقصة حب).. لتأتي مطابقة لدرجة الصوت وتحدث وقعا لطيفا على أذن السامع.. ويبدو لي في هذا أنه قد درب نفسه منذ صغره على يؤدي مقطعا من مسرحية هاملت لشكسبير وبالأصوات الأربعة المعروفة: السوبرانو، الألتو، الباص، التينور كي ينجح في تجسيد الشخصية على نحو احترافي يكتب له التوفيق.
جمال سليمان يقيد نفسه منذ بدايات الأولى خاصة في المسلسلات التاريخية التي لعب بطولتها كثيرا بقواعد النطق المهمة وهة: مخارج الحروف والسكتات أو (التمبو) و بحسب مادرسه أكاديميا في لندن تأتي أبرز تلك العناصر في أداء الجمل المسرحية الطويلة، إذ إنها تمثل الفواصل الزمانية في الحوار المسرحي أو أداء المونولوج، وأخيرا فن التركيز وهو تدريب نفسه كممثل أن يؤدي هذا المونولوج من مسرحية أو فيلم أو مسلسل تليفزيوني، من خلال دراسته مدارس الإلقاء العديدة التي أدرك من خلالها أنه على الممثل أن يجيدها لكي تصبح أداة طيعة من أدواته التعبيرية، وهي: أولا: المدرسة الصوتية: وتعتبر الصوت هو حجر الأساس في عملية التمثيل، كما تعتبر الصوت الجميل المعبر القوي هو كل شيء بالنسبة للممثل دون اهتمام بتطوير القوى الداخلية الخلاقة التي تساعد على تنمية الخيال والابتكار ولهذا فلن تقدم هذه المدرسة سوى ممثل صوتي أو صوت بلا جسد.
يلجأ لمدراس مختلفة
لكنه في ذات الوقت يلجا إلى المدرسة التشخيصية التي تزعمها الفنان (كوكلان) مؤسس مسرح (الكوميدي فرانسيز) في باريس وصاحب كتاب (فن الممثل)، حيث يرى أن الفن ليس تقمصا كاملا، كما عند ستانسلافسكي، وإنما هو تجسيد أو تشخيص، وعلى ذلك لا ينبغي للممثل أن يمارس الانفعالات التي يحاول تصويرها، وعليه أن يبقى دون تأثر واضح حتى يستطيع التأثير في الآخرين، وفي ذات الوقت لدي (سليمان) إلمام واضح بمدرسة الحرفية الداخلية: وتركز على انفعالات وأحاسيس الممثل والممثلة وتدعو إلى تطويرها باستمرار من خلال الذاكرة الانفعالية والتخيل، ويبعد تماما عن مدرسة الكليشهات: واسمها مستمد من كلمة (كليشيه) أي الشيء الثابت، الجاهز كما هو بلا تغيير، وهناك اليوم متخصصون في هذه المدرسة وهم الذين يؤدون نفس الأدوار بنفس الطريقة والحركات مهما اختلفت نوعية هذه الأدوار.
أبرز ما يلفت النظر في منهج (جمال سليمان) التمثيلي هو عضه بالنواجذ على أكثر من مدرسة في الأداء، ومنها مدرسة ستانسلافسكي: وهى مدرسة منهجية تقوم على تنمية الحرفية الداخلية لدى الممثل من خلال تطوير خياله الخلاق واكتشاف جوهر الدور، وكذلك مدرسة برتولد بريخت: وهى المدرسة القائمة على الأداء دون التقمص الانفعالي المعروف وتستمد مقوماتها من عنصر التغريب في الشخصية، اللاشعور عند الممثل إذا كان الممثل هو (مشروع مجنون) كما يقول أو يقرر بعض الفلاسفة، فلماذا يصفق المشاهدين (الجمهور) لهذا المجنون؟ هل يستطيع مجنون أن يستحوذ على لب الجماهير بهذه السهولة؟ ولماذا يكتسب كل هذا الاحترام؟ .
خفايا عقله الباطن
وإذا قلبنا صفحات التاريخ الفني لـ (جمال سليمان) سنجد أنه سرعان ما يتوحد مع الشخصية، بل ويتعاطف مع بعضها ضمن منظومة (التطهير) أو (الكاثارسس) الإغريقية، ليبدأ دوره مستعينا بكل خفايا عقله الباطن وما يختزنه اللاشعور عنده من تجارب وخيالات تتداعى كلها في عقله الواعي لخدمة الدور وتحقيق الغرض منه، وفي هذا السياق يقول ستانسلافسكي: (الاسترخاء والطمأنينة يحققان استلهام الشعور بوصفه مصدرا للإبداع ، ومن العدل أن نقرر بأن العلاقة بين المهارة الفنية وبين حالة الخلق والإبداع اللاشعورية هى نفس العلاقة القائمة بين قواعد اللغة والشعر)، تماما كما يبرز ذلك في أداء (جمال) في غالبية أعماله الدرامية الأخيرة مثل مسلسله الرمضاني مؤخرا (الطاووس)، ولعله في دور (كمال الأسطول) قد وقف على بعض العناصر المهمة في تكوين الصورة الدرامية: الإيقاع (التمبو) من خلال الانفعالات الفطرية والتلقائية التي أبداها كما تمثل في سرعة الأداء وتفاعله مع الحوار أو الموسيقى التصويرية التي كانت تزيد الأجواء توترا.
من خلال متابعتي لجمال سليمان عبر أعماله الراسخة في الذاكرة العربية مثل ثلاثية الأندلس (ربيع قرطبة، صقر قريش، ملوك الطوائف) وغيرها كـ (التغريبة الفلسطينية، المتنبي، خان الحرير، رياح الشرق، الكمان السحري، الثريا، صلاح الدين الأيربي، الفصول الأربعة، عصي الدمع، فنجان الدم، ذاكرة الجسد، أوركيديا، حرملك)، وغيرها من أعمال في الدراما المصرية مثل (حدائق الشيطان، قصة حب، الشوراع الخلفية، سيدنا السيد، أفراح القبة، وصولا للطاووس 2021) ستجد حتما أنه لايلجأ إلى التمثيل بطريقة مفتعلة، تعتمد على الطنطنة والصراخ مع المبالغة في الحركات التي تأتي حادة خشنة بل يسترشد على الدوام بقواعد ومفردات كفيلة بأن تجعل منه العنصر الأصيل والسيادي ضمن العملية التمثيلية المعقدة.
نشأ في عائلة فقيرة
ولد (محمد جمال أحمد سليمان) في العاصمة السورية دمشق، نشأ في عائلة فقيرة مكونة من 9 أطفال، وكان هو الابن الأكبر الذي بدأ العمل بعمر صغير جدا ليساعد عائلته، فعمل بالحدادة والنجارة كما عمل في مطبعة مما أتاح له فرصةً للمطالعة والقراءة، وحلم منذ طفولته بالسياسة والرياضة ولم يمر الفن في باله أبدا، قصة حياة (إرنستو تشي غيفارا).. كانت السيرة الذاتية الأولى التي يقرأها ولما يتجاوز الثانية عشرة بعد، مرة سمعه أستاذه المتدين يحدث رفاقه عن الاشتراكية، وكانت سوريا تعيش نهوضاً يسارياً كبيراً في مطلع السبعينيات، قال الأستاذ غاضباً: (قف جمال سليمان، أنت تتفلسف بكلام أكبر منك، هل تعرف ماذا تعني الاشتراكية؟) فأجاب جمال متحديا: (إنها الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج)، لكن هزيمة 1967 حفرت عميقا في وجدانه ووعيه، وبحكم أنه كان يسكن شارع خالد بن الوليد في وسط دمشق حيث، كان هو الشارع الوحيد الذي يربط سوريا بجنوبها، وقتئذ شاهد قوافل الجنود العائدة من الجبهة، مقهورةً مكسورةً، لكنّ حرب أكتوبر (1973) أعادت الأمل، ومنحته مهرجانات النصر الفنية التي واكبتها، فرصةً ليكتشف نفسه.
أراد (جمال سليمان) المشاركة في الغناء لأجل فتاة أحبها، لأنّها كانت مهتمة بالغناء والموسيقى، لكن النشاز في صوته منعه من ذلك، فخرج حزيناً من الاختبار، لكن أستاذ الرياضة أنقذ الموقف واقترح عليه التمثيل في مسرحية مدرسية، تتحدث عن عملية فدائية لمجموعة فلسطينيين، وأدى جمال دور الشهيد!، على أثر تلك المصادفة، صار عضواً في واحدة من أشهر فرق الهواة المسرحية في سوريا آنذاك، وشاءت الأقدار أن يفتتح (المعهد العالي للفنون المسرحية) في السنة ذاتها التي حصل فيها على شهادة الثانوية العامة، وتخرج من المعهد في حزيران (يونيو) 1981 وكانت سوريا تشهد اضطرابات بسبب الحرب في لبنان والمخاض السياسي العنيف الذي كانت تمرّ فيه.
في (يوليو) من العام نفسه، عرض عليه السينمائي العراقي قاسم حول تجسيد شخصيّة دوف في رواية غسان كنفاني (عائد إلى حيفا)، وقع العقد، أخذ السلفة، ولم تبق إلا مشكلة واحدة.. الدور كان بالإنكليزية (وهو لا يعرف حرفاً منها.. كذبت على لمخرج عندما سأله)، وسرعان ما يضحك وهو يتذكر هذا الموقف قائلاً (المفكر برهان بخاري أنقذني من هذا الموقف الذي وضعت نفسي فيه)، إذ علّمه ودرّبه هذا الباحث الموسوعي السوري وخلال شهر حفظ دوره كاملاً، بعدها، قدّم الفيلم التلفزيوني (طرفة بن العبد) للمخرج غسان جبري ومسرحية (عزيزي مارات المسكين).
فلسفة خاصة في الحياة
لجمال سليمان فلسفته الخاصة في الحياة، فعلى حد قوله: (كنت أتمنى دراسة الفلسفة).. ولكن لو كان ممكناً تغيير ما مضى، لأصبحت الحياة غير منطقية وافتقرت إلى شيء من جمالها وحقيقتها: (أنا لا أرى الجمال في السعادة والنجاح فقط، بل أراه أحياناً في الحزن والألم)، والحياة في نظره مسرحية تراجيدية… لكن على الطريقة الشكسبيرية، إذ تتخلّلها بعض مشاهد البهجة والراحة، وبسؤال عن شعوره بالندم في حياته يقول: لم أفعل في حياتي أمورا تستوجب ندما مقيما)، هناك أمور تستوجب ندما عابرا، لكنه يتعايش مع ندمه ويرى أنه جزء من الماضي، عندما أدى دور عبد الرحمن الداخل، منحته تلك الشخصية كممثل وإنسان الفرصة كي يبحر ويتأمل في فكرة أن (كل واحد منا يكتب سيرته أو حياته بطريقة من الطرق، من خلال ما يفعله)، ولأنه ممن يفعلون ما يقولون، ولأنه مصمّم على أن يكون (مؤلف) حياته، قرر الاستقالة من منصبه كسفير نوايا حسنة لـ (الأمم المتحدة – صندوق السكان) احتجاجاً على موقف مجلس الأمن من عدوان تموز/ يوليو 2006.
بدأ الفنان جمال سليمان مسيرته المهنية بعد تخرجه في عام 1981، كانت بدايته في المسرح القومي السوري حيث قدم العديد من الأعمال منها مشاركته في مسرحية (أربوزوف) بشخصية مارات، وفي مسرحية (قصة موت معلن) المُقتبسة من رواية (ماركيز) التي تحمل الاسم نفسه، وجسّد شخصية سانتياجو، أمّا في السينما، فقد كانت لديه العديد من المشاركات البارزة ولاسيّما في فيلم (المتبقي) عام 1985 الذي يحكي قصة اغتصاب فلسطين من قبل إسرائيل، حيث أدّى فيه دور الطبيب سعيد، وحصل على شهادة تقديرٍ من لجنة تحكيم مهرجان دمشق السينمائي، ونال هذه الجائزة أيضًا عن أدائه لدور (أبو فهد) في فيلم (الترحال) الذي صدر في عام 1997.
حدائق الشيطان
وبعد أن قدم مسيرة طويلة في الدراما السورية – كما ذكرنا بعضا منها في السطور السابقة – تنوعت ما بين التاريخي والاجتماعي والبدوي أيضا جاء إلى القاهرة ليقدم أعمالا بارزة تأرجحت ما بين الصعيدي والاجتماعي والرومانسي وقفز إلى مقدمة الصفوف مع أول عمل له (حدائق الشيطان) ليتوغل أكثر في أدوار البطولة الأولى في عدة أعمال مشهودة له، وفي عام 2005، لعب دورا رئيسيا في فيلم (حليم) الذي يحكي السيرة الذاتية للمطرب الراحل عبد الحليم حافظ، وفيه ظهر جمال بدور إعلامي من الإذاعة المصرية يُدعى رمزي، ومن أعماله السينمائية الأخرى في مصر أدائه لدور سائق تكسي يدعى (شكري) بفيلم (ليلة البيبي دول) الذي صدر في عام 2008، وفيلم (القربان) عام 2015.
من الصعب إحصاء أعمال جمال سليمان في التلفزيون، فقد قدم الكثير من الأعمال المميزة كان أولها في عام 1989 بمسلسل (طرفة بن العبد)، ثم تتالت أعماله وتنوعت بين المسلسلات التاريخية والاجتماعية والدراما السورية والمصرية، ففي التسعينيات قدم حوالي الثلاثين عملا، وكان أهمها مشاركته في مسلسل (الإخوة) في عام 1994، حيث لعب دور البطولة إلى جانب صباح الجزائري وهاني الروماني، وأيضًا أدى دوره الاستثنائي (الأستاذ مراد) في مسلسل (خان الحرير) بجزأيه في عامي 1996 و 1997، والذي استعرض الحياة الاجتماعية الحلبية.
صلاح الدين الأيوبي
في عام 1997 لعب (حمال سليمان) دور الحاكم العادل الذي يدعى (نهار) في مسلسل الفنتازيا الخيالية (الموت القادم من الشرق)، وتقاسم بطولة هذا العمل مع النجوم (سلوم حداد وأسعد فضة ونجاح سفكوني)، وبدأ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بعدة أعمالٍ تاريخية، ففي عام 2001 لعب دور البطولة في كل من (صلاح الدين الأيوبي، سحر الشرق، شام شريف)، وفي نفس العام كرم من قبل نقابة الفنانين في الجمهوية العربية السوري لإنجازاته في العمل الفني، وفي عام 2004 أبدع بشخصية أبو صالح في مسلسل (التغريبة الفلسطينية)، والذي يعد واحد من أهم الأعمال التي تناولت القضية الفلسطينية، وبنفس العام ظهر بالمسلسل الكوميدي الاجتماعي (عالمكشوف).
كان لدى (جمال سليمان) أيضا عدة مشاركات في مسلسلات البيئة الشامية حقق فيها نجاحًا كبيرًا، منها أداؤه دور الزعيم (أبو الحسن) في مسلسل (أهل الراية) عام 2008، ودور (الشهبندر) في مسلسل (طالع الفضة) عام 2011، وفي عام 2006، كانت بداياته مع الدراما المصرية عندما لعب دور البطولة بشخصية (مندور أبو الدهب) في المسلسل المصري (حدائق الشيطان)، وفي عام 2007 شارك في مسلسلين مصريين هما (لحظات حرجة، أولاد الليل) بعد ذلك تتالت أعماله مع المنتجين المصريين ليحصل على شهرةٍ حققها ممثل عربي في الدراما المصرية.
أفراح إبليس
كان مسلسل (أفراح إبليس) من الأعمال المصرية المميزة والتي حققت نجاحًا كبيرًا، وفيه لعب جمال سليمان دور البطولة بجزأيه في عامي 2009 و 2018، وحصل على العديد من الجوائز، منها تكريم من الجامعة العربية المفتوحة بالقاهرة، وتكريم من نادي روتاري القاهرة، وجائزة الإبداع الفني، وتكريم من مهرجان مالمو السينمائي الدولي، وفي عام 2012 لعب دور (فضلون الديناري) في المسلسل المصري (سيدنا السيد)، وفي عام 2016 حصل على جائزة أفضل ممثلٍ عربي في استفتاء مؤسسة الأهرام المصرية للدراما عن أدائه لدور (سرحان الهلالي) في الدراما المصرية (أفراح القبة) كذلك في عام 2016 شارك بمسلسل (العرّاب – نادي الشرق) المُقتبس من رواية ماريو بوزو، ولعب فيه دور البطولة بشخصية العرّاب (أبو عليا).
ما سبق من استعراض لأهم أعمال النجم العربي (جمال سليمان) هى مجرد إضاءة بسيطة على مشوار متخم بالأعمال التي تعد من أهم علامات الدراما العربية، لكن يبقى هنالك وجه آخر له كسياسي معارض، لكنه اعترف مؤخرا أن السياسة أفسدت عليه حياته الشخصية، مشيرا إلى أن السياسة زادت من الأعباء و القلق رغم أنه طوال حياته مهتم بالشأن السياسي طوال الوقت، وأكد أنه كان يتابع المشهد السياسي في السابق في أوقات فراغه دون قلق حيث أنه كان طرف متلقي فقط أما الآن هو طرف من الأطراف الفاعلة و لديه قضية يعتبرها قضية سامية و يناضل من أجلها ويحلم أن تعود سوريا الي دولة ديمقراطية وقوتها وحريتها .
أشهر أقوال جمال سليمان
** من حق أي فنانٍ مبدع أن يقدم ما يراه مناسبًا من أدوارٍ وشخصيات.
** الأبوة تشعرنا بالإحساس بالزمن، ويزداد خوفنا على أنفسنا، لأننا أصبحنا مسؤولين تجاه أشخاص آخرين ولم نعد أحرارًا لنفعل ما نشاء. يعتقد الكثيرون أن الأطفال ملك الأهل والحقيقة هم من يملكوننا.
** المشاهد الواحد متقلّب المزاج، فأحيانًا يبحث عن الثمين والمهم، وأحيانًا أخرى يبحث عن مجرد تسليةٍ خفيفة.
** شخصيا، أمر بأوقاتٍ أهرب فيها من كل شيءٍ جاد، ولا أكون أريد فيها إلا فنجان شاي وصديقًا عزيزًا ألعب معه الطاولة، وأحيانًا أجد متعةً خاصة في البحث عن شيء مهمٍ ومفيد حتى لو كان صعبًا.
** من قال إنّ من الخطأ أن يشارك الفنان في عملٍ كان قد شارك في عملٍ من بيئةٍ مشابهةٍ له؟.
** مهما كنت ممثلًا مجتهدًا بتجسيد الدور، فإنه لا يشابه الحقيقة، ولا يساوي حقيقة اللحظة.
** الفن يشبه الطب الوقائى، وعليه أن يتصدى للسلبيات وتحقيق الترفيه والتسلية للمتلقى.
** والفن (ماينفعش يكون طول الوقت سوداوي)، ويجب عليه أن يتصدى لسلبيات المجتمع، إلى جانب خلق حالة من الترفيه والتسلية.
** لم أعد صالحًا لأدوار الشاب الوسيم.
وفي النهاية لابد من تحية تقدير واحترام للنجم العربي الكبير (جمال سليمان) على تقديمه لنا روائع درامية ستظل خالدة في التاريخ العربي جراء أدائه الاحترافي الذي يعتمد على أسس أكاديمية تظل تلازمه أينما ذهب في رحلة الشقاء والتعب الفني .. متعه الله بالصحة والعافية بقدر ما أمتعنا بأعماله الفريدة والمتميزة.