كتب : محمد حبوشة
تماما كما تغيب عن كل ما يتحقق من إنجازات غير مسبوقة في مصر، لم تلفت تصريحات وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط قبل أيام نظر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة إلا قليلا – ربما عالجتها بعض الصحف الورقية والإلكترونية على استحياء شديد – رغم أهميتها التي تقول: أن هناك تحسنا واضحا في مؤشرات الأداء الاقتصادى خلال العام المالى 2020/2021 وتحقيق فائض أولى 93.1 مليار جنيه بنسبة 1.4% من الناتج المحلى ، وأن 119 مليار جنيه جاءت زيادة فى إيرادات الدولة بنسبة 12.2% و9% زيادة فى المصروفات، والعجز الكلى تراجع من 8% إلى 7.4% من الناتج المحلى الإجمالى، كما أن 12.8% زيادة فى الإيرادات الضريبية دون فرض أى أعباء إضافية على المواطنين رغم (جائحة كورونا)، فضلا عن انخفاض إيرادات بعض أنواع الضرائب بنسب تصل إلى أكثر من 50%.
ويبدو أن البرامج ذات الصبغة الاقتصادية لم تستوعب تقرير البنك الدولي عن مؤشرات تطور الأداء الاقتصادي المصري على نحو مبشر يدفع بأن تكون مصر ضمن أهم 20 دولة في العالم بحلول 2030، من حيث التقدم الاقتصادي اللافت لكل المؤسسات الدولية المعنية بمراقبة الأداء الاقتصادي العالمي، ولعل مشروعات (رقمنة الضرائب) – بحسب وزير المالية – قد أسهمت فى ذلك بالحد من التهرب واستيداء مستحقات الخزانة العامة، وهو ما أدى بالضرورة إلى زيادة النمو السنوى فى الاستثمارات الحكومية المنفذة، والذي تجاوز 50.5% خلال العام المالى 2020/2021، ما أدى إلى تعزيز الاستثمارات بالموازنة الحالية لتلبية الاحتياجات التنموية.. تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية .
كما لم تلحظ وسائل إعلامنا الغراء عمليات رفع كفاءة إدارة الدين العام بتنويع أدواته المحلية والدولية.. من أجل استدامة البقاء فى الحدود الآمنة، فقد نجحنا فى إطالة عمر الدين من أقل من 1.3 عام قبل يونيه 2017 إلى 3.45 عام فى يونيه 2021، وخفض تكلفة خدمة الدين من 40% العام المالى 2019/2020 إلى 36% من إجمالى المصروفات خلال 2020/2021 ونستهدف 31.5% فى العام المالى الحالى، وهو مايؤكد أن مصر قادرة وتقوم بالوفاء بكل التزاماتها المالية فى مواعيد الاستحقاق.. بشهادة المؤسسات الدولية.
وهنا أتساءل : هل يفتقد هؤلاء الإعلاميين للمهنية إلى هذا الحد ؟، أم أنهم يمثلون طابور خامس قد غرس في خصر الدولة المصرية لأمر دبر بليل؟، أم أن هناك نوعا من القصور العقلي في استيعاب تطورات الأداء الاقتصادي؟، وذلك في وقت أكد فيه الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يقود مسيرة التنمية لبناء (الجمهورية الجديدة) التى ترتكز على تحسين معيشة المواطنين وتوفير الحياة الكريمة لهم، والارتقاء بالخدمات المقدمة إليهم، بمراعاة الاستمرار فى تحسين مؤشرات الأداء المالى، وتحقيق المستهدفات الاقتصادية، والمضى قدما فى تنفيذ استراتيجية رفع كفاءة إدارة الدين العام؛ بما يسهم فى تقليل نسبة الدين للناتج المحلى، ويضمن خفض تكلفة تمويل عجز الموازنة، وخطة التنمية قائلًا جملة تستحق التوقف أمامها طويلا وعمل جهد إعلامي شاق كي يعي ويفهم المواطن العادي: أن (مصر بقيادتها السياسية الحكيمة.. تبنى وتُعمِّر.. وتُخفِّض العجز والدين.. وتُحد من أعبائها).
لقد مرت تصريحات وزير المالية المصري على كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة مرور الكرام، ولم يستلفت نظر أي واحد من إعلامي الثرثرة والنهيق أن الحكومة نجحت في تحسين مؤشرات الأداء المالى خلال العام المالى الماضى 2020/2021، رغم ما فرضته (الجائحة) من تحديات، أثرت سلبًا على كبرى اقتصادات العالم، وقال الوزير، إنه تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية، تولى الحكومة اهتمامًا كبيرا بتعزيز حجم الاستثمارات لتلبية الاحتياجات التنموية للمواطنين، وقد انعكس ذلك فى زيادة المخصصات المالية الموجهة للاستثمارات العامة فى موازنة العام المالى الحالى 2021/2022 بشكل غير مسبوق ليصل إجمالى الاستثمارات العامة إلى حوالى 358.1 مليار جنيه، نتيجة زيادة الاستثمارات الممولة من جانب الخزانة العامة للدولة بمعدل يصل إلى نحو 28% مقارنة بالعام المالى الماضى 2020/2021؛ الذى وصلت فيه بدورها إجمالى الاستثمارات الحكومية المنفذة إلى 289 مليار جنيه بنسبة نمو سنوى أكثر من 50.5% على النحو الذى يُساعد فى الإسراع بتنفيذ مستهدفات (رؤية مصر 2030).
انتبهوا أيها السادة القيمون على الإعلام المصري فإن دوركم حيوي ومهم من أجل إرساء دعائم التنمية الشاملة والمستدامة، وأحيط علمكم جميعا بأنه بمقارنة المخصصات المالية للاستثمارات فى الموازنة الجديدة بما كان مقررًا فى العام المالى 2013/2014، يتبين أنه تمت مضاعفتها بأكثر من 6 أضعاف؛ بما يعكس حرص الدولة بقيادتها السياسية الحكيمة على تلبية الاحتياجات التنموية للمواطنين، وجذب استثمارات جديدة لخلق المزيد من فرص العمل.
أيها الإعلاميون الغائبون عن الوعي بأهم قضايانا المصيرية، إن وزارة المالية ماضية رغم جائحة كورونا نحو الإسراع من وتيرة خفض نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي لوضع الدين على المسار النزولى؛ من خلال تنويع أدوات الدين المحلية والدولية، وإطالة عمر الدين، وخفض تكلفة محفظته بزيادة حجم الإصدارات من السندات؛ لجذب المزيد من المستثمرين؛ بما يسهم فى تراجع معدلات الدين، وتحقيق مؤشرات إيجابية للاقتصاد القومى، لكن هذا يتطلب من الإعلام الواعي مساندة تلك الجهود وتوصيل معلومات كافية للمواطن الذي لا يدرك حجم الإنجاز، في وقت يتشدق فيه بأنه يعاني من زيادة الأسعار غير المبررة، أرجوك قوموا بدوركم في تنمية وعي المواطن بأهداف التنمية المستدامة في هذا الوطن الذي يشهد تحولات كبرى لا نشعر بها جراء قصور إعلامي كبير.
لابد للإعلام من توضيح الصورة كاملة أمام مواطن يفتقد للمعلومة الصحيحة، وأيضا شرح أبعاد خطط الدولة في التنمية، ومنها أنها تستهدف احتواء الدين واستدامة إبقائه داخل الحدود الآمنة، وقد جاءت مصر من أفضل الدول فى خفض معدل الدين للناتج المحلى رغم جائحة كورونا التى أثرت على معدلات النمو الاقتصادي والإيرادات والمصروفات وأدت بالعديد من الدول إلى زيادة معدلات الدين، حيث تراجع معدل الدين للناتج المحلى من 108% عام 2016/ 2017 إلى 9.6% بنهاية العام المالى 2020/2021، كما لابد من لفت نظر المواطن إلى أننا نجحنا فى إطالة عمر الدين من أقل من 1.3 سنة قبل يونيه 2017 إلى 3.45 سنة فى يونيه 2021، ومن ثم خفض تكلفة تمويل عجز الموازنة وخطة التنمية.
ربما كانت هذه الأرقام ثقيلة بعض الشيئ أو غير مفهومة الدلالة لدى المواطن العادي، لكنها بفعل العقل الإعلامي الناضج يمكن تفكيكها وشرح دلالتها وإفهام الناس أن الدولة تعمل على توسيع مشاركة القطاع الخاص في المشروعات التنموية القومية؛ باعتباره قاطرة النمو الاقتصادي على النحو الذى يسهم في توفير السيولة المالية اللازمة للإنفاق على التنمية غير المسبوقة التى تشهدها البلاد، خاصة أن هناك إشادات من جانب مؤسسات التصنيف والتمويل الدولية بقيام مصر بالوفاء بكل التزاماتها المالية فى مواعيد استحقاقها داخليًا وخارجيا وقدرتها على الوفاء بذلك مستقبلاً أيضًا، بما يؤكد ثقة قطاع الأعمال الدولي في أداء الاقتصاد المصري وآفاق تطوره خلال السنوات المقبلة.
ومن التقارير التي مرت أيضا على الإعلام المصري دون لفت نظره من قريب أوبعيد قبل أيام قلائل، ذلك الذي أوضح فيه صندوق النقد الدولى أن مصر نجحت فى التعامل مع أزمة كورونا بما اتخذته من إجراءات للتيسير المالى والنقدى، اتسمت بالحذر وحسن التوقيت؛ مما ساعد فى تخفيف الأثر الصحى والاجتماعى للجائحة وحماية الاستقرار الاقتصادى، وإبقاء الدين فى حدود مستدامة، وأهم ما غاب عن أعين الإعلام المصري أيضا أنه وفقا لمجلة (فوربس) احتلت مصر ثالث أفضل اقتصاد بالمنطقة العربية، دون أدنى إشارة لذلك.
هنالك أرقام أخرى كان ينبغي ألا تغيب عن عين الإعلام، خاصة أنها تتعلق بحياة المواطنين المصريين الذين يضعهم الرئيس صوب عينيه دائما لتحسين مستوى حياتهم، ومنها أن وزارة المالية قد رصدت من 700 إلى 800 مليار جنيه تكلفة مشروع (حياة كريمة) في الباب السادس من الموازنة، الخاص بالاستثمارات الممولة بالعجز، فضلا عن الاستثمارات الخاصة بالهيئات الاقتصادية التي يتم تمويلها من موازناتها، على أن يتم تنفيذه خلال 3 إلى 4 سنوات، وفي هذا الصدد أشار وزير المالية إلى أن المشروع قائم على تسريع وتيرة التنفيذ وتغيير حياة المواطنين في قرى مصر، وعلى سبيل المثال، ستشارك وزارة البترول بهيئاتها المختلفة بتوصيل الغاز الطبيعي للمساكن عن طريق شركاتها وتتحمل الخزانة العامة جزءاً من التكلفة، وتحوِّل وزارة المالية المبالغ الإضافية لصالح الوزارة في السنوات القادمة.
ألا يستحق ذلك متابعة المحطات الفضائية في حينه؟ في ظل تأكيد الوزير على أن المشروع بالكامل ستنفذه شركات مصرية وتمويله كذلك من الموازنة العامة والهيئات العامة، وتوقع أن يساهم في تخفيض معدلات الفقر، حيث سيؤدي توصيل الخدمات وإقامة المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية بالقرب من المساكن في القرى سيقلل الأعباء عن المواطنين، وقال معيط أن التحول إلى الغاز الطبيعي سيؤدي لخفض التكلفة عن المواطنين مقارنة بالاعتماد على غاز البوتاجاز حالياً، حيث تتكلف الأسرة أنبوبتين شهرياً بقيمة تصل إلى 150 جنيهاً، مضيفا أنه من المنتظر أن توفر هذه المشروعات فرص عمل للمواطنين، وهى أداة مهمة وفعالة لتخفيض نسب الفقر بمعدلات كبيرة، وستخفف من الضغط الواقع على القاهرة، والذي سيبدأ في الانخفاض قبل نهاية العام الحالي مع انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
وتجدر الإشارة إلى أن توفير الخدمات وفرص العمل بالقرب من المواطنين في القرى سيخلق فرص عمل ويحسن الخدمات مما يقلل من معدلات الهجرة بحثا عن العمل والخدمات الأفضل، فضلا عن التنمية بصفة عامة في المناطق المحرومة والأقل حظاً مثل صعيد مصر، بإقامة مشروعات تخلق فرص عمل ومناطق صناعية وتحسين ظروف الحياة.
الدكتور محمد معيط أشار في تصريحات سابقة له أنه كي تتحقق معدلات تنمية أكبر من طموحاتنا كان لابد للدولة من تحديث البنية التشريعية والتنظيمية والإجرائية الحاكمة لأعمال الرقابة قبل الصرف وإتاحتها إلكترونيًا فى كتاب واحد، وأين الإعلام من هذا ؟، فإنه يحتاج لشرح واف من جانب فضائيات (الزعيق) الذي لايجدي، لتوضيح أبعاد القوانين والتشريعات التي تسهل عمل المؤسسات الاقتصادية الخاصة منها والعامة حيث أكد معيط أننا ماضون فى تعزيز حوكمة إجراءات منظومة المصروفات والإيرادات، وإرساء دعائم الانضباط المالى، ورفع كفاءة الإنفاق العام، واستيداء حق الدولة، على النحو الذى يُساعد فى تعظيم الموارد، ويضمن حسن إدارتها، والاستغلال الأمثل للمخصصات المالية؛ من أجل الإسهام فى تحقيق المستهدفات الاقتصادية، وتوفير التمويل اللازم لتلبية الاحتياجات التنموية للمواطنين، وتحسين الخدمات المقدمة إليهم، والارتقاء بمستوى معيشتهم.
و أشار الوزير إلى نقاط أخرى كانت جديرة بالمتابعة والتفسير والتبسيط من جانب الإعلام للمواطن، ومنها أن استدامة توحيد المبادئ فى المسائل المالية بالجهات الإدارية، والتطبيق الدقيق للتعليمات المالية، تضمن تنفيذ الموازنة العامة للدولة على النحو المستهدف، بما يسهم فى التفسير المنضبط والواعى لأحكام القانون؛ بما يتسق مع مستهدفات برنامج الإصلاحات الهيكلية، وتطوير الأداء الحكومى التى تستهدف تيسير المعاملات الحكومية، لافتا إلى حرصه على استمرار مسيرة تطوير العمل بقطاع الحسابات والمديريات والمالية، الذى يُعد الذراع الرئيسية لوزارة المالية لحوكمة إجراءات ما قبل الصرف.
إضافة إلى استدامة جهود بناء الوعى القانونى السليم لممثلى وزارة المالية بمختلف الجهات الإدارية، من خلال تحديث البنية التشريعية والتنظيمية والإجرائية الحاكمة لأعمالهم، وإتاحتها إلكترونيًا على موقع وزارة المالية بالإنترنت، خاصة فى ظل ميكنة الأنظمة المالية؛ على النحو الذى يُمكنهم من أداء دورهم فى تعزيز الحوكمة المالية والإدارية، ويُسهم أيضًا فى نشر ثقافة الإجراءات الوقائية من الإضرار بالمال العام.
كلام وزير المالية وتقرير البنك الدولي يشيران إلى غياب الإعلام بكامل هيئاته وفضائياته ومحطاته الإذاعية عن المشهد تماما والانشغال بقضايا تافهة مثل خناقات (حمو بيكا) الثلاثة في شهر يوليو، وغيرها من انحرافات سلوكية يتحدى بها هذا الأرعن المواطنين الذي هم ركن أساسي من أركان التنمية في مصر، ومن ثم فهم الأولى بالرعاية من أحمق يسعى إلى ركوب الترند بينما المواطن يركب الريح جراء أفعال الإعلام الشيطانية .. أفيقوا يرحمنا ويرحمكم الله.