كتب : محمد حبوشة
(حياة كريمة).. شعار تبنته الدولة لتطوير الريف وتحسين معيشة المواطن بتوجيهات من الرئيس السيسي، لتكن أول مبادرة تهتم بالأسر المصرية المحتاجة في (الجمهورية الجديدة) بمشاركة 23 قطاعا من رئاسة الجمهورية ووزارات ومنظمات؛ لاستهداف 20 محافظة و1300 قرية و90 مليون مواطن و18 مليون أسرة مُستفيدة، فيما بلغت الاعتمادات الكلية للمرحلة الأولى لها حوالي 20 مليار جنيه لـ 375 قرية، يستفيد منها حوالي 4.5 مليون مواطن، وفق ما ذكره الموقع الرسمي لمبادرة (حياة كريمة)، ومع كل ذلك فقد اهتمت وسائل الإعلام المصرية فقط منذ أسبوعين تقريبا لمدة يوم واحد فقط عند إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي المبادرة (15 يوليو 2021)، وظلت تتوراي مظاهر تلك الملحمة رويدا رويدا من شاشات الفضئيات الغارقة في العبث، ولم يتبقى منها سوى شعار (الجمهورية الجديدة) الذي مازال يسكن الجانب الأيسر من الشاشة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: أليس حريا بأجهزة الإعلام التي تفكر وتخطط وتصنع الرؤى التي يمكن أن تسجل إنجازات الدولة غير المسبوقة؟ وذلك بتوثيق يبقى أثرا واضحا على براعة القيادة السياسية في تحقيق الحلم المصري في هذه المرحلة الفاصلة من عمر وطن يبدأ جمهورية جديدة في مرحلة فاصلة في تاريخه الحديث، ألم يسترعي انتباه جهابذة الإعلام القابعين خلف مكاتبهم المكيفة يثرثرون فيما لايجدى إنشاء قناة جديدة أو تصميم برنامجا جديدا تطرح من خلاله جوانب تلك الملحمة على الهواء مباشرة من قلب الريف المصري، وتصنع في الوقت ذاته سلسلة من الأفلام التسجيلية التي توثق ما تحقق على الأرض أولا بأول؟ ، وهذا ليس ترفا أودربا من الخيال الواهي كما يسكن في ذهن المسئولين عن الإعلام، بل هو ضرورة حتمية لإظهار الجوانب المشرقة للدولة المصرية في ظل مسيرة التمنية المستدامة في كل أطراف الوطن.
ألم يلفت نظرا هؤلاء الخبراء في المجلس الأعلى للإعلام، والهيئة الوطنية للإعلام والوطنية للصحافة، وشركة (المتحدة للخدمات الإعلامية)، وكذا مديرو القنوات الذين يكنزون الآلاف دون بذل أي جهد، أن تلك المبادرة تستهدف تغطية كل قرى الريف المصري خلال الأعوام الثلاثة القادمة، بإجمالي عدد مستفيدين يقرب من 90 مليون مواطن، وبتكلفة كلية 500 مليار جنيه، ويغطي العام الأول 51 مركزًا بإجمالي 18 مليون مستفيد، وهذا يستلزم متابعة إعلامية دقيقة لمجريات العمل، خاصة أن المبادرة تهدف إلى توفير حياة كريمة للفئات الأكثر احتياجا ورفع المعاناة عن الأسر الفقيرة، والتخفيف عن كاهل المواطنين بالمجتمعات الأكثر احتياجًا في الريف والمناطق العشوائية في الحضر، وتعتمد المبادرة على تنفيذ مجموعة من الأنشطة الخدمية والتنموية التى من شأنها ضمان (حياة كريمة) لتلك الفئة وتحسين ظروف معيشتهم، والارتقاء بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للأسر في القرى الفقيرة، وتمكينها من الحصول على كافة الخدمات الأساسية وتوفير فرص عمل لتدعيم استقلالية المواطنين وتحفيزهم للنهوض بمستوى المعيشة لأسرهم ولمجتمعاتهم المحليةن وكذلك تنظيم صفوف المجتمع المدني وتطوير الثقة في كافة مؤسسات الدولة.
إلى متى سيظل إعلامنا غارقا في التفاهات – التي لا تقدم ترفيها ولا تجدى في التوعية – ولا يبادر بمساندة الرئيس الذي قال في ستاد القاهرة كلاما غاية في الأهمية لو تناوله عقل إعلامي واع وقام بتفكيكه وشرح محتواه من خلال الخبراء الذي يقومون بتنفيذ حلم الرئيس في وطن يشهد إنجازات غير مسبوقة، والله لو كنت مكان هؤلاء المنوطين بالعمل الإعلامي لسارعت على الفور بتشكيل فريق عمل من خبراء الإعلام بمختلف تخصصاتهم لإعداد ملفات من قلب الريف المصري الذي يشهد تحولات كبرى في (حياة كريمة) لسكانه، وقمت بنشرها أولا بأولا على صفحات الصحف التي لاتمس حياة المواطن البسيط من قريب أو بعيد، وبث تقارير غاية في الروعة لمشاهد الريف الغض الندي من خلال قناة باسم (حياة كريم) جل برامجها تغطي الحياة الاقتصادية والاجتماعية لريفنا المهمل حتى في الدراما التي كانت تهتم به قديما حتى غرقت في براثن العنف والعشوائية والهزل الرخيص.
يا حراس بوابة الإعلام المصري أفيقوا يرحمكم الله: أين أنتم من إعلام الدولة الذي يقدم التوعية والتثقيف ويحس على التنمية عندما وضع رأس الدولة المصرية الفئات الأحق للمساعدة في تلك المبادرة، وهم: الأسر الأفقر في القرى المستهدفة، الأيتام والنساء المعيلات والأطفال، الشباب العاطل عن العمل، الأشخاص ذوي الإعاقة، المطلقات، كبار السن، ألا يحق لهؤلاء المشاركة في إعلام الدولة بطرح أفكارهم وأحلامهم وآمالهم في عيش كريم طبقا لما يدور في خلد الرئيس السيسي؟، ألم يحن الوقت للاهتمام بتلك الفئات في الإعلام حتى من باب زيادة نسب المشاهدة المتدنية لقنواتنا المهتمة بالشائعات وفتيات (تك توك)، وغيرها من إظهار جوانب الجرائم التي تصدر صورة سلبية عن الوطن والمواط؟.
ولماذا لا تبادر قناة (حياة كريمة) الجديدة التي تنشأ لغرض الإلمام بجوانب ملحمة بناء الوطن بإنتاج برامج ترفيهية ودراما تليفزيونية مستمدة من رحم الريف الذي يحظى بمفارقات وشخصيات وبيئة صالحة لتفجير طاقة الكوميديا التي يتميز بها المصري على مر تاريخه، كما تقدم أيضا جوانب من ملحمة العمل والبناء حيث تقدم تلك المبادرة إلى المواطنين خدمات يأتي على رأسها إصلاح بنية تحتية تحت مسمى (سكن كريم)، بناء أسقف ورفع كفاءة منازل، ومد وصلات مياه ووصلات صرف صحي، تدريب وتشغيل مشروعات متناهية الصغر وتفعيل دور التعاونيات الإنتاجية في القرى، زواج اليتيمات بما يشمل تجهيز منازل الزوجية وعقد أفراح جماعية، إنشاء حضانات منزلية لترشيد وقت الأمهات في الدورالإنتاجي وكسوة أطفال.. ألا تصلح كل تلك الموضوات لصناعة دراما واقعية تعبر عن الريف المصري الحديث بعد أن غاب المسلسل الريفي تماما عن الشاشة؟
ثم أين الإعلام المصري طوال سنتين ماضيتين عندما أصبح الحلم حقيقة فى الثانى من يناير 2019؟، عندما أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى مبادرة رئاسية لتطوير تلك المجتمعات، ومع إطلاق المبادرة الرئاسية، تشكلت كتائب عمل من الشباب، بالتعاون مع الوزارات والأجهزة المعنية، لحصر هذه المجتمعات، ورصد الواقع على الأرض، وتحديد خطة العمل المناسبة، لم تمضِ سوى ستة أشهر، لتدخل (حياة كريمة) مرحلة جديدة، مع إعلانها مشروعاً قومياً، وبعد أكثر من عامين على (المبادرة) احتفل أكثر من 15 ألف مواطن، بالمؤتمر الأول للمشروع القومى حياة كريمة فى استاد القاهرة، بحضور الرئيس السيسى، والذى شهد إطلاق وثيقة المشروع القومى لتطوير الريف المصرى.
لقد قالها الرئيس السيسي واضحة جلية : (مبادرة حياة كريمة محاولة مننا إن إحنا نعالج مسائل مزمنة فى مناطق هى الأكثر فقراً على الإطلاق ونغيرها تماماً)، وقد جاءت تلك الكلمات في أحد المؤتمرات، دون إدراك أو وعي من جانب القائمين على الإعلام بما قاله الرئيس ويهدف إليه من أن مبادرة حياة كريمة هى عبارة عن طوق نجاة للعديد من (الأسر الفقيرة) والأولى بالرعاية، تلك الفئة المجتمعية التى هى نصب أعين الرئيس دائماً، حيث سخرت الدولة كافة إمكانياتها من أجل تلبية احتياجاتهم عبر هذه المبادرة الوطنية التى تستهدف تقديم خدمات لـ 58 مليون مستفيد، وحققت نجاحاً ملحوظاً فى فترة وجيزة لم تتعد العامين.
ولأن عين الإعلام بخبرائه ومفكريه غارق في سكرات النوم، فأحب أن أذكرهم بأن البداية كانت مطلع عام 2019، حينما دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤسسات وأجهزة الدولة بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدنى لتوحيد الجهود بينهما، والتنسيق المُشترك لإطلاق مبادرة وطنية على مستوى الدولة لتوفير حياة كريمة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجاً، وعليه تحركت كل أجهزة الدولة فى التنفيذ لتحقيق أهدافها، والوقوف بجانب الفئات الأكثر احتياجاً فى كل المجالات، كالصحة والتعليم والسكن، واستهدفت المرحلة الأولى 377 قرية الأكثر احتياجاً والأكثر تعرضاً للتطرف والإرهاب الفكرى، والتى تصل نسبة الفقر فيها إلى 70%، بإجمالى عدد أسر 756 ألف أسرة (3 ملايين فرد) داخل 20 محافظة، وعليه خصصت الحكومة 103 مليارات جنيه لمبادرة (حياة كريمة) لغير القادرين وتطوير القرى الأكثر احتياجاً، وتوفير المرافق كافة، والخدمات الصحية والتعليمية والأنشطة الرياضية والثقافية.
وتضمنت أهداف المبادرة توفير حياة كريمة للفئات الأكثر احتياجاً فى 2019، وتشارك منظمات المجتمع المدنى فى تنفيذ المبادرة، وزواج اليتيمات، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة يومياً للمواطنين، كما شملت المبادرة القرى والنجوع، ورفع كاهل المعاناة عن الأسر الفقيرة، وتركيب القطع الموفرة للمياه بحنفيات المساجد، ووفرت مبادرة حياة كريمة بالمرحلة الأولى بناء أسقف ورفع كفاءة منازل، مد وصلات مياه وصرف صحى، تجهيز عرائس وتوفير فرص عمل، تدريب وتشغيل من خلال مشروعات متناهية الصغر، وتقديم سلات غذائية للأسر الفقيرة، توفير البطاطين والمفروشات لمواجهة برد الشتاء، إطلاق قوافل طبية للخدمات الصحية، تنمية الطفولة، مشروعات لجمع القمامة وإعادة تدويرها.
بعد هذا الملخص البسيط لخطوات تطور هذا الحلم النبيل : ألا يوخز ضمير القائمين على سدة الإعلام المصري أن تمر كل تلك الأحداث دون تغطية تظهر الجوانب الإيجابية التي تقوم بها الدولة المصرية وعلى رأسها الرئيس السيسي ذلك رجل ذو الضمير الحي الذي يراعي مصالح البسطاء من أبناء وطنه مصر التي قال عنها في بداية توليه السلطة (مصر أم الدنيا .. وحتبقى قد الدنيا) وها هو قد نفذ جانبا من وعده بجعلها (قد الدنيا) مع انطلاق مبادرة (حياة كريمة) مطلع 2019، حيث كانت البنية التحتية للقرى والمدن فى المحافظات المستهدفة للتطوير والتنمية هى أكثر ما لاقى اهتماماً بإدخال الصرف الصحى وتطوير شبكات الكهرباء ورصف وتطوير الطرق لربط القرى بالمراكز والمدن، وغيرها من العوامل الأساسية التى تعطى للمواطن إحساساً بقيمتها.
نقطة أخرى ينبغي الإشارة إليها وهى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، اجتمع مع مجموعة من رجال الأعمال المشاركين في مبادرة (حياة كريمة) وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، واللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة، ومن أبرز رجال الأعمال المشاركين في مُبادرة (حياة كريمة)، هشام طلعت مصطفى، وأحمد أبو هشيمة، و كامل أبو علي، ومحمد أبو العينين، ومحمد الجارحي، وأيمن الجميل، ومحمد حلاوة، ونبيل دعبس، حيث شهد الاجتماع استعراض أهم مُستهدفات المشروع القومي لتطوير قُرى الريف المصري في إطار مبادرة (حياة كريمة)، والذي يهدف إلى تحديث كافة جوانب الحياة لعدد 4584 قرية في جميع المحافظات، ومع ذلك فإن اجتماعا كهذا لم يلفت نظرا قناة مصرية واحدة كي تستضيفهم لإلقاء الضوء على مشاركتهم، أو حتى في إطار تشجيع جهودهم.. فقط اكتفت القنوات باستعراض مشاهد لهم وهم يقولون (شرف لي أن أساهم في مبادرة حياة كريمة).
وأخيرا يا سادة الإعلام (هل من ذرة خجل على جباهكم وأنوفكم المرفوعة بكبرياء مصطنع): فبالله عليكم إذا كان الرئيس السيسي قد أشار إلى أن مشروع تطوير قرى الريف المصري يعد أضخم مشروع تنموي متكامل في تاريخ مصر الحديث يأتي تحت مظلة تنفيذ رؤية مصر 2030، حيث يهدف إلى تطوير كافة جوانب تفاصيل الحياة في الريف، وتحقيق جودة الخدمات واستقرارها للمواطنين، فإن ذلك يتطلب منظومة إعلام قوية وواعية وذكية في القيام بدورها المنوط بها في دعم الرئيس والدولة، وخاصة أن الرئيس شدد على أن الدولة عازمة على بذل أقصى جهد لإنهاء مراحل المشروع في أقصر مدة زمنية ممكنة، وبالتحرك على نطاق واسع في إطار من الجهد الجمعي المتكامل بين مؤسسات الدولة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، وشركاء التنمية، وهو ما يسلتزم تسليط الضوء إعلاميا على تلك الجهود المشهودة في تاريخ مصر الحديث .. أفيقوا يرحمنا ويرحكم الله.