فى الذكرى الـ 23 للملك: أحلام فريد شوقي التى لم تخرج للنور
كتب : أحمد السماحي
نحيي اليوم الذكرى الـ 23 لرحيل الملك (فريد شوقي) الذي رحل عن حياتنا فى مثل هذا اليوم عام 1998، والذى سخر فنه لخدمة مجتمعه، ودافع عن البسطاء، والموظفون فى الأرض، وأولاد الشوارع، والمشردين، والمقهورين، وأولاد البلد، وصنع تاريخا مجيدا للسينما المصرية بأدواره المتميزة، وأعطى المثل لقدرة الفنان على أداء أدوار بالغة التباين بقوة وتأثير.
قبل رحيله بأسابيع قليلة أجرى حوارا صحفيا مع أستاذتنا الناقدة الكبيرة الراحلة (إيريس نظمي) فى مجلة (آخر ساعة) تحدث فيه عن همومه الخاصة بالفن وأحلامه التى للأسف أجهضت مع موته، والغريب أن ما ذكره (فريد شوقي) الخاص بالفن نعيشه الآن حيث قال: منذ طفولتي ولم يكن لدي أحلام غير السينما، كنت بعشقها وعمري ما كنت أدقق فى الفلوس، كنت أرخص ممثل، حينما يعجبني مشهد أقول (الله) كأني أكلت أكلة شهية، أو كأني عامل فرح.
حاليا أهم شيئ بالنسبة للممثل أو الممثلة أن يركبوا أفخم السيارات، ويجروا وراء المليونيرات!، زمان كانت نجماتنا كل واحدة منهن تكسب من عملها الفني فقط، لكن الآن أصبح الفن لبعض النجمات مصدر لجذب رجال الأعمال ونجوم المجتمع.!
وأضاف فريد شوقي بألم: حال السينما الآن لم يعد يسر فما الذي تقوله سينما اليوم، وما الذي تقدمه، أصبحت شيكا بيكا، والبلد اللي صحيت وجدت إن رجالها قد فقدوا رجولتهم!، كيف كتبها المؤلف حينما تسألني ابنتي عن الموضوع ده أقول لها أيه؟.
لقد قدمت (الموظفون فى الأرض) عن واقعة حقيقية، ففى أحد الأيام كنت أصلي صلاة (الجمعة) فى الجامع، وبعد أن انتهينا من الصلاة قام واحد أفندي محترم وقال: (يا خواننا أنا وكيل وزارة وعاوز أجهز بناتي، وأنا مش حرامي ولا مختلس، من فضلكم اللي يقدر يساعدني يبقى كتر خيره وآدى إيدي أهي) ومده يده، هل هناك قسوة أكثر من ذلك، فعلى الفور استوحيت من حكاية هذا الرجل فكرة فيلمي (الموظفون في الأرض).
قدمت وكيل الوزارة الموظف الشحات الذي وقف أمام القاضي فى نهاية الفيلم يقول له: (أنت عايش إزاي عشان أعيش زيك).
هذه هى السينما، بكره السينما المصرية تترجم الأفلام العالمية، ويصبح كل المعروض أفلام بنجوم مصرية، لكن موضوعاتها غريبة عنا وعن بيئتنا ومجتمعنا!.
وعن أحلامه الفنية قال للناقدة إيريس نظمي: عندي مسلسل (روبابيكيا) لكني تعبان، ومش قادر أكمله لأنه صعب على جدا، وعندي موضوع اسمه (البيوت أسرار) أعتقد أنه لو كان نفذ من زمان لما ظهر الإرهاب، الموضوع عبرة لكل شاب يفكر في الانحراف، جاءتني الفكرة حينما استشهد أول ضابط بسبب الإرهاب، وشاهدت والده وهو يمشي في جنازته، وجلست على الرصيف من رهبة الموقف، وتمنيت أن أقوم بدور الأب.
ولدي موضوع آخر لفيلم أتمنى أن أختم به رسالتي بعنوان (أبناؤنا في الشوارع)، موضوعه عباره عن ناظر مدرسة أحيل إلى المعاش، وعرض عليه الوزير أن يكون مستشاره لكنه يرفض، فقد ظل ناظرا للمدرسة أربعين عاما يسمع الجرس ويراقب طابور الصباح، ويشرف على أبنائه الطلبة، ويقوم بدور المربي الفاضل، وتخرج على يديه أهم الشخصيات فى مصر.
ويرفض هذا الناظر اعتزال المهنة حتى الموت، فيستثمر الفلوس التى حصل عليها من نهاية خدمته فى شراء قطعة أرض وبنى عليها مدرسة جمع فيها كل أطفال الشوارع من النشالين والشمامين والشحاتين وبائعي الفل وماسحى السيارات، ويقوم بتعليمهم، ماذا سيحدث مع هذا الناظر من هؤلاء الطلبة ومن أصحاب المدارس الخاصة هذا ما ستجيب عليه أحداث الفيلم.