بقلم : محمد حبوشة
(أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً) .. هى حقا مقولة رائعة يؤمن بها عدد لا بأس به من البشر .. ولعل من يأتي متأخرا ربما يصل قبل من حضر باكرا .. مازال هناك أمل دائما .. نعم سيظل هناك أمل .. بما أن أنفاسك لم تنقطع وحياتك لم ينتهي .. فهناك أمل .. فكرة أن يكون لك وجود .. فكرة أن تحقق حلمك يوما ما حتى وإن تقدم بك العمر، فقط عليك بالاستمرار في البحث عن الذات لا تتوقف إلا إذا توقفت أنفاسك، فكل دقيقة لا تضيف إلى وجودك، فإنها تحط من قدرك.
تلك الكلمات السابقة وغيرها تؤمن بها ضيفتنا في باب (بروفايل) لهذا الأسبوع الفنانة الكبيرة والقديرة (عارفة عبد الرسول)، التي تؤمن إيمانا عميقا بأن النجاح ليس له عمر ووقت محدد، ومن ثم يكون مخطئا من ظن ذلك فالحياة محطات تتأرجح بين النجاح والفشل، وربما تكون محطة نجاحك تأخرت قليلا ولكنها حتما ستأتي، وقد يكون فشلك اليوم هو بداية لنجاحك غدا!، والفشل ضريبة ندفعها كي نتذوق طعم النجاح لاحقا، فالسقوط ليس فشلا، ولكن الفشل الحقيقي هو أن تبقى حيثما سقطت.
في مسيرتها الفنية الطويلة كانت (عارفة عبد الرسول) تبحث في داخلها عن الشخص الناجح وتدعمه وتقدم له المساندة والدعم ولا تركن الى ذلك الجانب المظلم الخافت الذي غالبا ما يستنفد طاقتها الايجابية، لذا فهي تقول دائما: حذاري من أن تكون نموذجا لذلك الإنسان الهش ذي القلب الضعيف، الذي ما إن تعرض لمشكلة استنزفت طاقته بالغضب والإحباط وتوقف عندها، بل امتنع عن العناية بمستقبله وأهمل أموره وغرق في غيابات الإحباط، وكأنه في الواقع يعاقب نفسه، بل ويجعل حاله يصبح أكثر سوءا وتنحدر بنفسيته إلى الهاوية بدلا من أن ينهض بنفسه ويدعم معنوياته.
لا تيأس وتتوكل على الله
إن النجاح من وجهة نظر (عارفة) مطلب حياتي لاغنى عنه لأي إنسان يريد أن يصنع لنفسه مكانة متميزة وأن يترك أثرا طيبا، فمن الخطأ أن أسخط على ما قدمته حتى وإن كنت قد بذلت جهدا لا بأس به لأبلغ نجاحا لم أبلغه فإن قناعتي الراسخة بما يكتبه الله لي لا تفارقني، مع يقيني وإيماني التام بأن أول طريقي للنجاح هو فشل ما (فمن كانت بدايته محرقه كانت نهايته مشرقه)، ومن هنا كان عليها دائما أن تهزم كل الصعاب لا تيأس وتتوكل على الله، وتتجاهل الناس الذين يرددون كلمات المستحيل واللا ممكن.
كما أنها تظن أن التسويف هو القبر الذي تدفن فيه فرص النجاح والتقدم، إن التفاؤل هو الإيمان الذي يقود إلى النجاح ولا شيء يمكن تحقيقه بدون الأمل والثقة، وعندما تتذمر من كثرة عوائق النجاح من حولك، اعتبر أن هذه العوائق وجدت لتثبت مدى رغبتك في تحقيق هدفك، فالناجح يفكر في الحل لكل مشكلة تواجهه، وربما الحل يكون صعب لكنه ممكن، فلا تنضب أفكارك في إيجاد الحل، الناجح لديه أحلام يحققها، و يرى في العمل أمل، والناجح يناقش بقوة وبلغة لطيفة، ويتمسك بالقيم ويتنازل عن الصغائر.. على عكس الفاشل الذي يتشبث بالصغائر ويتنازل عن القيم، وينظر إلى المستقبل ويدنو من كل ما هو جميل.
حيوات داخل عمر واحد
يقول الدكتور إبراهيم الفقي: (عش كل لحظة كأنها الأخيرة ، عش بالأمل ، عش بالحب ، عش بالكفاح ، قدر قيمة الحياة)، ويقول أحد الفلاسفة الإغريق: (متى احتفظ الإنسان بقدرته على الاندهاش من أصغر الأشياء، فمعنى ذلك أنه ما يزال طفلا)، ولأن (عارفة عبد الرسول تفهم هذه المعاني جيدا فإنها من بين كثير من الناس الذين خبروا عدة حيوات داخل عمر واحد، رغم الاعتقادات المغلوطة السائدة عن مرحلة الشيخوخة، إلا أن أصحاب القلوب الشابة والصدور المتسعة تجاهلوها واستمروا في صنع بدايات جديدة لحياة أجمل ما بعد الخمسين، ولعل الأقوال الشائعة في هذا الصدد أن سعادة التقدم في العمر هى في رؤية الأبناء يكبرون، والأحفاد يولدون، ورغم صحتها فضل بعضهم صنع سعادته الخاصة غير المرتبطة بامتداده العائلي.
وأتذكر هنا مقولة لأحد الكتاب الروس الذي قسم العمر إلى ثلاث مراحل، الثلاثين عاما الأولى للبناء، والثانية للاجترار والتمثل، أما الستين وما بعدها فهي لإعادة انتاج التجربة من خلال الكتابة والأدب، كما أتذطر أيضا قول الفنان السوري الراحل الكبير رفيق السبيعي جماليات في معرض حديثه عن الحياة بعد الخمسين، مقارنا بين شبابه والأيام التي عاشه قبل رحيله ، فالنجاح لا يأتي بسهولة كما يقول، فهو محصلة سنوات من الجهد والإصرار والإيمان بالذات، وهو ما سيحصده الإنسان بعد المضي في العمر، ويشكر السبيعي السماء التي منحته من العمر ما يكفي لرؤية حياته وراءه، وهو الذي يعترف أن دولاب الزمن لا يعود إلى الوراء، ويقول بأن العمر (كله جميل) ولكل مرحلة خصوصيتها، ومع التقدم في السن نصل إلى متع لم يمنحنا إياها شبابنا، فنبلغ الحكمة والخبرة والنظرة الأعمق إلى الحياة، وفي مثل سني يمسي التأمل في الأحداث والتجارب إحدى متع الحياة.
الحياة تبدأ في سن الستين
ويبدو لى أن الفنانة (عارفة عبد الرسول) لديها قناعة خاصة بأنه بينما يخلد الناس في العالم العربي إلى الهدوء والسكينة بعد سن الخمسين، يمارس الكثير من كبار السن الألمان حياتهم في الرقص والحب والرياضة في سن متأخرة، وفي الوقت الذي ترى فيه غالبية الناس في العالم العربي أن دخول العقد السادس من العمر يعني بداية عمر الشيخوخة، يقول الألمان أن (الحياة تبدأ في سن الستين)، وهكذا فإن زائر النوادي الرياضية في ألمانيا يتفاجئ بأنها تعج بمن هم فوق سن الخمسين، أناس اختاروا منافسة الشباب على ممارسة الرياضة والرقص دون مركب نقص.
لذا آمنت (عارفة عبد الرسول) بالحكمة القائلة: (أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا) والتي تمثل بالنسبة لها خط سير حياة ومن ثم أصبحت فلسفتها الخاصة تقول إنه لا مجال للفشل، والقصة بدأت معها هواية لكن سرعان ما تحولت لشغف خاص، وارتحلت من أجله من الإسكندرية إلى القاهرة منذ حوالي 15 سنة واستقرت هنا بعيدة عن أبنائها فقط حبا للفن، ولعل المحطات الفنية المختلفة التي مرت عليها في طريقها هى من جعلتها واحدة من أيقونات السباق الدرامي الرمضاني هذا العام عبر مسلسلي (موسى، وخلي بالك من زيزي) تحديدا، حيث لفتت الأنظار إلى شخصية (حنفية) والدة محمد رمضان، بأدائها العذب الذي لفت الانتباه إليها من أول إطلالة لها، حتى أنه بعد مشهد موتها فقد المسلسل بريقه وذهب إلى مناطق كثيرة من العبث عير الإنساني بالمرة.
حنفية في مسلسل (موسى)
طاقة أمل هائلة تختزنها (عارفة عبد الرسول)، تفتح لها آفاق المستقبل بلا حدود، تحلم لنفسها بجائزة الأوسكار، وتنتظر نقلات فنية نوعية وأدوارا أكبر وأهم، حتى أنها الآن صارت فنانة من طراز خاص، بدأت إذاعية ومسرحية وحكاءة وتسلقت درجات الشهرة كممثلة في السنوات الأخيرة، واستطاعت بأدوارها المتتابعة أن تحفر اسمها في ذاكرة المشاهد، بخفتها في التنقل بين الشخصيات، والتنوع في تقديمها ما بين الكوميدي والتراجيدي، وبهدوء وثقة وحب، تنطق كلاما ليسمعه الناس فيصير حكاية ينغمسون في تفاصيلها، لا يملون منها، بل يعيشون داخلها ويلمسون أشخاصها بقلوبهم، لتحظى بلقب ملكة الأداء السهل الممتنع، فهي ليست في حاجة إلى انفعالات مبالغ بها لتكشف عن موهبتها، يكفي حضورها الصادق الواثق.
عملت بمحل بقالة والدها
ولدت عارفة عبد الرسول بحي الحضرة بمحافظة الإسكندرية، وعلى الرغم من محاولاتها دخول عالم الفن، لكن حياتها الزوجية أخرت احترافها الفن، فقد بدأت في مجال الحكي والرواية على خشبات المسارح في مصر، وعملت في البداية من خلال إذاعة الإسكندرية منذ عام 1976، كما شاركت في بعض الأعمال التمثيلية، قبل احترافها التمثيل في مصر، حيث كانت تعمل مع والدها قبل دخولها عالم الفن، في محل بقالة في سوق الحضرة بالإسكندرية، منذ أن كانت بعمر الـ 3 سنوات، ولكن عقب التخرج من كلية الفنون الجميلة، تركت مهنة والدها وهى في الـ 24 من عمرها.
كنت عاشقة للتمثيل منذ مرحلة الدراسة سواء في المدرسة أو الجامعة – تقول عارفة عبد الرسول – لكني لم أظن أن الأمر سيخرج عن كونه هواية، وفي أحد الأيام قابلتني صديقة وطلبت مني الذهاب معها لحضور اختبار تمثيل في إذاعة إسكندرية، أثناء سيرنا في اتجاه الإذاعة التقينا زميلا لنا يعمل في المسرح، سألنا: رايحين فين.. قولناله رايحين اختبار إذاعة، أخبرنا أنه لا بد أن نعمل على تحضير قطعة لغة عربية وقطعة أخرى عامية للاختبار، وبالفعل عندما أتى دوري للاختبار وقفت أمام الميكرفون وفتحت الكتاب أقرأ: هل رأيت القريدس من قبل، نعم والسلطعون أيضا، وأثناء إلقائي ألقيت نظرة على لجنة التحكيم لأفاجأ أنهم (ميتين من الضحك)، طلعت بقرأ شخصيتين والاتنين رجالة، وأخدت من اللجنة سكريبت وبدأت أقول دوري والحمد لله نجحت واشتغلت.
خلال حقبة الثمانينات، التحقت (عارفة عبد الرسول) بفرقة الورشة المسرحية حيث قدمت أشهر عروضها الحكائية على الإطلاق (حكايات بنت البقال) التي أكسبتها شهرة واسعة في الأوساط الثقافية، وكان الحكي منقذا لها من براثن قسوة الأب الذي تقول عنه: (كان بيقتلني ضربا، أي غلطة ألاقي الصفعة على وشي)، لذا قررت الحكي عن هذه اللحظات لكل من حولها، تعيش لتنقذ نفسها، إلى أن حققت شهرة في العائلة، وكانت تدعى لحفلات السمر وأعياد الميلاد لتحكي، و من رحم (حكايات بنت البقال) لم يخطر ببال عارفة عبد الرسول وهى تحكي لأصدقائها وعائلتها عن قسوة والدها أنها ستقدم هذه العروض أمام الجمهور بعنوان (حكايات بنت البقال) باقتراح من زوجها المخرج مصطفى درويش.
تخلق شخصياتها من رحم حكاياها
من رحم تلك الحكايات، تمكنت عارفة عبد الرسول من خلق شخصياتها الفنية التي تجسدها في أعمالها الفنية، ففي مسلسل (الميزان) مثلا قدمت شخصية السيدات اللاتي عايشتهن في حي (الحضرة) بالإسكندرية، وتقول في هذا: (أنا أعرف هؤلاء السيدات، عشت معهن في شبابي، كنت أراقب إحداهن وهى تسب وتلعن ابنها بداعي وبدون، وأخرى تدخن السيجارة وهى تقف في شباك شقتها، تحكي مع كل من يعرفونها بالشارع)، وكثيرا ما كانت تخرج هذه الشخصيات من جعبة (عارفة) على خشبة المسرح، تنفخ فيها الروح، مثلما جسدت حكاية أشهر سيدة عاشت معها في الإسكندرية، تدعى (أمينة)، فضلًا عن أخريات، عاشت معهن بـ (الحضرة) أيام التعب والشقاء.
ولأن (الكتابة تفتح الجروح وتكويها) حسبما يقول الروائي الأسباني (خوان خوسيه مياس)، فإن هذا ما حرك الفنانة عارفة عبد الرسول لإتقان شخصيتها التي قدمتها أمام الفنان أحمد أمين في الموسم الأول لبرنامج (البلاتوه)، خاصة وأن والدها كان يعاقبها لأنها مثلا: سحبت كرسي وجرته فأزعجه، فظهرت بهذه الكاريزما وأجادتها، ولهذا لا تسعى (عارفة) لتحضير الشخصية التي تجسدها في أي عمل فني، بل تخرج من جعبتها، مخزونها، ماعايشته، تستدعيه ليخرج للجمهور في إطار جديد، حسبما خطط له في سيناريو العمل.
حتى أنها عندما قدمت شخصية (نجاة) في فيلم (من 30 سنة) استحضرت مخزونها، وجدت شخصية صاحبة البانسيون التي تكذب، وتختبئ، وتحمي أولادها بأي طريقة، وتستنكر كذبها في أي مواجهة، رغم أنها ليست كذلك، وتقول (عارفة): (قبل تقديم الشخصية، أحاول دائما أن أجد مرادفا للشخصية التي سأقدمها، من حكايات حياتي، فأنا لدي مخزون كبير، عشت سنين طويلة أخزن، فلا ألجأ للتحضيرات الطويلة، لهذا فالشخصية تخرج بعفوية تامة).
سمات شخصياتها من الواقع
وتجيد (عارفة) تقديم الشخصيات من خلال أدق التفاصيل المكتوبة في سيناريو العمل، خاصة وأنها تجيد التقاط السمات الشخصية من الواقع، تقول: (بعرف إذا كانت الشخصية شعبية أو أرستقراطية، استخلص جذور هذه الشخصية من جملتين فقط، واستطيع تقديم الشخصية بأكثر من طريقة)، ولأنها بدأت في سن متأخرة، وهو ما لم يسمح لها بالتمهل والتروي لاختيار الأعمال التي تشارك فيها من عدمه، تقول (لا أمتلك رفاهية الاختيار، فما يعرض على أقدمه، لكن الحظ يحالفني دائما بأن ما يعرض على جيدا، فعندما قدمت شخصية (بسيمة الخادمة) في مسلسل (لا تطفئ الشمس) ظهرت صورتها للمرة الأولى في حياتها على أفيش عمل فني، قالت (كنت سعيدة للغاية، خاصة وأنها المرة الأولى، لكن عندما كنت أشاهد صور الأبطال في لافتات بمفردهم، كنت أدعو: يارب نفسي أشوف صوره لوحدي زي دول، ففوجئت بأنهم صنعوا لي صورة بمفردي مثلهم، فكنت في غاية الفرح).
الأدوار الصعبة، تستوي الفنان عارفة عبد الرسول، رغم أنها لا تعترض على تقديم أدوار كوميدية سهلة، لذا فهى تحتفي بشخصية (حسنية) مثلية الجنس التي تحب (نوسة) التي جسدتها الفنانة هنا شيحة في مسلسل (موجة حارة)، فضلا عن شخصيتها في مسلسل (أبواب الخوف) التي أدت فيها دور شخصية ممسوسة بالجن، وتعترف أنها لا تتلكأ عن تقديم شخصية تحبها مهما كانت صعوبتها، فبعد اختيارها لمسلسل (أبواب الخوف) من خلال اسطوانات لعدد كبير من السيدات اللاتي تقدمن لأداء الدور، أبلغها المخرج أحمد خالد بصعوبة الدور ومشقته خاصة أنها ستعلق من قدميها في سقف الغرفة، لكنها تحمست لتقديم الشخصية.
وبجانب المسرح والحكي، على مدار 30 عاما، اشتركت عارفة عبد الرسول في أعمال مسرحية وإذاعية في الإسكندرية، وحصدت جوائز عن الأدوار التي قدمتها، حتى جاءت مرحلة احتراف الحكي، الذي كانت تعتبره مجرد هواية تتسلى بها مع أصدقائها، لكن في أحد اختبارات الأداء، ولأنها لم تقم بتجهيز نص تؤديه استعملت أحد حكاياتها وكانت بوابتها نحو عالم الحكي المسرحي، فقدمت مع (الجيزويت) عروض حكي مسرحية استوحتها من حياتها الشخصية، أخرحها زوجها مصطفى درويش وأسمتها (حكايات بنت البقال)، وقدمت عروض الحكي تلك في عدد من الدول العربية من لبنان إلى سوريا والأردن، واشتهرت كقاصة وحكاءة معتمدة، ولكن المركزية حرمتها من نجومية وشهرة استحقتها في وقت أبكر قليلا.
أبناءها سبب تأخر نجوميتها
وبالطبع فإن انشغالها بتربية أبنائها (حسن وحبيبة)، جعلها تؤجل قرار السفر إلى القاهرة، ولكن بعد رؤية المخرج حسن الجريتلي لها في أحد العروض، عرض عليها المشاركة في فرقة (الورشة) في القاهرة، ولأن زوجها يؤمن بموهبتها فقد دعم سفرها إلى القاهرة، وقرر أن يعتني بأدولادهما، اللذين كانا قد تخرجا من الجامعة، واستضافتها صديقتها (ميريت ميشيل) في منزلها بالقاهرة، وبدأت ابنة البقال مشوارها في القاهرة منذ 15 عاما تقريبا، تحاول أن تجتهد وتظهر موهبتها بخفة ورشاقة ودون تحايل، متعمدة أن يكون أي دور لها، وإن كان يبدو متواضعا، فيجب أن يحمل زاوية مختلفة بعيدة عن النمطية.
وفي فترة قصيرة، أثبتت عارفة موهبتها، وحازت ثقة الجمهور والنقاد، وشاركت في كثير من الأعمال الدرامية، التي تميزت فيها بأداء مختلف وسلس، ومنها: (البيوت أسرار، الميزان، أبو عمر المصري، لا تطفيء الشمس، موجة حارة)، كما قدمت الكوميديا في حلقات برنامج (البلاتوه) مع أحمد أمين، لقد أتت الشهرة والنجومية متأخرة، ولكن عارفة عبد الرسول لم تفقد يوما إيمانها بموهبتها وثقتها بنفسها، فقد شاركت في بطولة عدد من الأعمال التليفزيونية خاصة بعد انتقالها للعيش في القاهرة بعد تجاوزها (سن الخمسين) ومنها: (بدون ذكر أسماء، إمبراطورية مين، تحت الأرض، حظر تجول، رجالة البيت، قابيل، هوجان، الديزل، الوصية، الميزان، عايزة أتجوز، مكان في القصر، شمس، استيفا، من 30 سنة، اللعبة، حواديت الشانزليزيه، الأنسة فرح) وغيرها من أعمال خالدة في الدراما المصرية.
أشهر أقوالها:
** التمثيل خدني من العيلة وأولادي وجوزي ولما بوحشهم بيجوا يزوروني في اللوكيشن وهما فرحانين وفخورين بيا إلى حد كبير لأني بحقق حلمى.
** أحلم بالوقوف أمام (ميريل ستريب) والحصول على جائزة الأوسكار.
** لست خبيرة في الجوانب الإنتاجية والاقتصادية، ما يهمني هو أن يشاهد الجمهور العمل الذي أقوم به في أحسن صورة.
** أحرص على تنويع اختياراتي للأدوار، حيث لا أرغب أن يتم تصنيفي كممثلة كوميدية، أنا ممثلة أقدم كل الأدوار، والعديد من الممثلين الكوميديين يعانوا من أجل الحصول على أدوار تراجيدية.
** عائلتي تدعمني بقوة، زوجي المخرج مصطفى درويش، يحرص على دعمي والوقوف إلى جانبي ويتحمل عني أعباء الارتباطات العائلية المختلفة، كما أنه انتقل للإقامة معي في القاهرة حتى لا أشعر بالوحدة.
** لم أخف من تقديم دور (حنفية)، لأنني أعجبت بالشخصية، وهى قوية رغم قوتها وضعفها والمواقف التي تتعرض لها.
** نفسي أقدم أدوار كثيرة مثل ست مجنونة، أو شاب يعمل في وكالة (ناسا) وأمه مجنونة وعملاله مشاكل، وأحب أجسد دور راقصة هو مينفعش في السن ده أو معلمة الراقصات، والراقصة عندي مختلفة عن الشكل المتعارف عليه.
وفي النهاية لابد من تحية واحترام واجبة للفنانة القديرة (عارفة عبد الرسول) الشهيرة بـ (حنفية) في مسلسل (موسى) وغيرها من شخصيات أخرى استمدتها من حكاياتها القديمة فكانت علامات بارزة في سجل الدراما المصرية على جناح أداء فطري لا يتستدعي التكلف أو الصوت العالي بقدر ما تعبر به عن صدق مشاعرها الإنسانية النبيلة.