كرم النجار وجميل راتب .. ثنائي فني جمعتهما الثقافة وشغلتهما قضية العدل
كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو ” سيلفي” بلغتنا الآن.
كتب : أحمد السماحي
هناك هموم كثيرة تشغله، أهمها فكرة الحرية والعدل، والتناقض بين القول والفعل، وقد تأثر فى البداية بأسلوب (توفيق الحكيم) كمفكر خاصة فى عمله (زهرة العمر)، ولذلك ترك الكاتب والمؤلف الكبير (كرم النجار) كلية الهندسة، وفضل دراسة القانون، واعتبر التليفزيون أهم الأوعية الإبداعية لخطورته.
أذيع أول عمل تليفزيوني له في 7 يناير 1965 بعنوان (فراغ) وكان آخر أعمال الفنان المبدع (حسين رياض)، وقدم على مدى مشواره الإبداعي مجموعة من الأعمال الدرامية الهامة منها (القضبان، وآه يا زمن، العدل، صراع الأحفاد، هكذا خلقت السنين) إخراج علية ياسين، كما أبدع في تقديم (لقيطة، بعد الغروب، وظيفة، رحمة) إخراج إبراهيم الشقنقيري، (العدل والتفاحة) إبراهيم الصحن، (مسافرون، الحصان، تاه الطريق) إخراج سامي محمد علي، و(الامتحان، سور مجرى العيون، عائلة شمس) إخراج رضا النجار، ثم (ثمن الخوف) إخراج أحمد فؤاد، و(الأصدقاء) إخراج إسماعيل عبدالحافظ، وغيرها من الأعمال الراقية التى كنا نستمتع فيه بقضية تمس حياتنا، وحوار راقي يتسلل إلى الوجدان، ويهذب الأخلاق.
و(كرم النجار) دائما يحلم بعالم من الأحرار، ليس بالمعنى السياسي، ولكن بالمعنى المطلق، فالحرية لا تمس حرية الآخرين، ولكنها حرية الفكر، وحرية العقيدة والمذهب والميول السياسية والاجتماعية، ويتساء كيف يصل المجتمع إلى هذه الحرية إلا من حصاد عدل شامل وخطير.
ويرى (النجار) أن غياب النقد الفني يقتل العملية الإبداعية لأنه حينما يُترك النقد لكتاب الأعمدة اليومية والتى تعتمد على الانطباعات السريعة والأكليشيهات الجاهزة لن تتقدم الدراما التليفزيونية أبدا، الناقد الحقيقي هو الذي يضع يده على القيمة الحقيقية التى من أجلها تعذب المؤلف وكتب عمله، وغيبة النقد المتخصص والجاد يؤدي إلى الشعور بالإحباط، لأن الذين حولك حتما سيجاملونك وأنا أنزل أحيانا لكي أتابع انطباعات الناس فى المقاهي والتجمعات، صحيح أنها معايير غير دقيقة، ولكن ماذا تفعل حين لا تجد الناقد الذي يساعدك ويضع يدك على مواطن الضعف والقوة لديك.
على مدى مشواره كون (كرم النجار) ثنائيات فنية مع كثير من المخرجين والنجوم لأنه يعشق التفاهم والانسجام والاحترام فى التعامل، من هذه الثنائيات، ومن أجملها ثنائيته مع النجم المبدع الراحل (جميل راتب) الذي تعرف عليه فى منتصف السبعينات، ومنذ هذا الوقت ربطت بينهما عناصر كثيره مشتركها منها (الثقافة، وعشق الفن، والحلم بعالم مثالي مليئ بالعدل والخير والجمال).
فضلا عن تقديمهما العديد من الأعمال الفنية المهمة التى تناقش قضايا اجتماعية يعاني منها المجتمع أشهرها (الامتحان، وتاه الطريق، ثمن الخوف، عائلة شمس) وغيرها.
هذا الأسبوع في باب (سيلفي النجوم) لن نعود إلى الماضي، ولن نبتعد كثيرا عن الحاضر، سنبتعد فقط حوالي 17 عاما، وسنقدم صورة جماعية نادرة تجمع بين (بوسي، وجميل راتب وكرم النجار، ونيللي كريم) فى إحدى الأمسيات الرمضانية، وصورة أخرى تجمع نفس المجموعة فضلا عن وجود (المخرج محمد النجار، والمخرج سامي محمد علي، والفنان شريف خيرالله، والفنان أحمد مراد)، وآخرين.