فى ذكرى ميلاده .. (محمد رشدي) يطلب (حلمي بكر) فى بيت الطاعة !
كتب : أحمد السماحي
أحببت صوت (محمد رشدي) لأنه كان يذكرني ومازال بالقرية المصرية، ويذكرني بالفن الجميل الصافي فى هذه القرية، والفن فى القرية مرتبط بجهاد الناس فى الحياة، وبعملهم الشاق من أجل أن تثمر الأرض، ومن أجل أن تتحول التربة السمراء إلى زرع أخضر، فالناس فى القرية تغني وهى تعمل، ولذلك كان غناؤهم عميقا صافيا صادقا، لأنه غناء المتعبين الذين يجدون فى الفن قوة تساعدهم وتجدد ما فيهم من قدرة على الحياة، وتخفف العرق، ويخلق فى الجهد الذي يبذلونه متعة وجمالا وفرحا حقيقيا يملأ القلوب.
وكما يغني الناس فى القرية أثناء العمل فهم يغنون بعد وقت العمل فى المساء حيث ينقضي اليوم الشاق الذي لا هدوء فيه ولا كسل ولا خمول، وتبدأ الليالي التى يحاول فيها الناس أن يجدوا نسمة أخرى جديدة من نسمات الفرح، وهنا يولد الفن الذي يعطيهم هذا الفرح ويعطيهم فوقه أشجانا صادقة، وألوانا متعددة من المشاعر الحية القوية.
المهم أن فن القرية ليس فن الكسل والخمول والنعومة، ولكنه فن الحياة والعمل والفرح الحقيقي والحزن الحقيقي أيضا، وهذا هو ما يقدمه لنا (محمد رشدي)، هذه جزء من مقدمة أو دراسة للكاتب الكبير الراحل (رجاء النقاش) عن نجمنا هذا الأسبوع الذي نحيي اليوم الثلاثاء ذكرى ميلاده حيث ولد يوم 20 يوليو 1928.
و (عم محمد) كما كان يحب أن أناديه دوما عندما نتواصل، كان واحدا من أجمل الأصوات التى مرت فى تاريخ الغناء المصري، وهناك ما هو أهم من كل هذا هناك أصالته وتواضعه الفني والإنساني وطربه وسعادته بأية كلمة إطراء أو أشادة، وبهذه المناسبة نحب أن نتوقف عند أرائه فى بعض زملائه كما جاءت فى حوار صحفي أجراه عام 1980 مع الكاتب الصحفي (حسام حازم) فى مجلة (الكواكب).
يقول عن ورده الجزائرية : هى الفتوة اليوم فى شارع الغناء بدليل تلك الحنجرة العفية التى تمسك بها وتغني.
شادية : هى (المصراوية) بنت مصر التى رضعت من النيل فظلت تغني له بحب حتى الآن.
نجاة الصغيرة : هى الشهد والحلاوة والعسل.
عفاف راضي : عذراء الأغنية المصرية.
محمد عبدالوهاب : هو كبير العائلة الفنية الذي لم يلحن لي حتى الآن لماذا لست أدري؟! .. يجوز أنه غير مقتنعا بي، وأتمنى أن تكون مشاغله وحدها هى السبب، وفى حال فكر أن يلحن لي فأهلا وسهلا، وألحانه عندما تعانق حنجرتي سيكون لها وقع الخطوة العزيزة والضيافة والكرم.
بليغ حمدي : أعطى (بلبل) وما زال للموسيقى كل شبابه، فبليغ هو النغم المتقن والصنعة والموهبة، لقد كنا ومعنا عبدالرحمن الأبنودي (أنتيم) فني لا يعوض، كان لقاؤنا القديم فى مجموعة الأغاني التى أنتجناها هى أجمل لقاءات لنا في العالم.
كمال الطويل : مهندس الألحان وأستاذ الفن الزخرفي والنقش والرسم والعمارة، لقد قام بتشييد عمارة لي من ثلاثة أدوار، الدور الأول هو (أنت مين يلي أنا مش عرفك أنت مين)، والدور الثاني (يا قمر إسكندراني) والثالث (أنا عيني عليك)، وأمنيتي أن يقوم بحركة تعلية ويلحن لي الدور الرابع والخامس وهكذا.
محمد الموجي : هو العطر القديم للأغنية، والفارس المغوار فى مجاله، وهو بالنسبة لي الذي ينطبق عليه قول محمد عبدالوهاب (بفكر في اللي ناسيني، وبنسى اللى فاكرنى)، فأنا كثيرا ما أفكر فيه وأبحث عنه وهو يا خسارة العكس تماما.
حلمي بكر : ابتعد عني بعد أن لحن لي أنجح الأغنيات منها (يا عزيز عيني، عرباوي) ونسى أيام العسل التى كانت بيننا ونسى عشرتي، ترقبوا قريبا تفاصيل القضية التى سأرفعها عليه وأطلبه إلى بيت الطاعة الفني.
عبدالعظيم عبدالحق : هو العظمة التى لا تستطيع أن تعلن عن نفسها، وكانت بدايتي الثانية معه من خلال (تحت الشجر يا وهيبة) وهى التى صنعت مستقبلي الفني.
عبدالرحمن الأبنودي : هو فنان الكلام الواقعي وهو الصيادين والصنايعية والفلاحين وأولاد البلد، بإختصار هو مصر بكل شرائح المجتمع فيها.
عبدالرحيم منصور : أصبح الشعار الذي يردده كلما التقينا هو (الحياة للحياة)، وأنا أتمنى أن يغير الشعار حتى يصبح (الحياة للفن) فالفن هو الأبقى والأفضل.
عبدالوهاب محمد : هو مصمم الأزياء العصري الذي يهتم دائما بـ (قوام) الأغنية، وفى كلماته تجد (التكسيم) والدقة والصنعة، إنه (بيير كاردان) الأغنية المصرية.
وعن محمد الحلو ومحمد ثروت وعلي الحجار وعماد عبدالحليم وهاني شاكر قال : بحبهم جدا، وأصوات مصرية أصيلة مليئة بالعذوبة، وإذا كان البعض يتهمهم أنهم يقلدون (عبدالحليم) فهذا ليس عيبا، فكلنا بدأنا مقلدين (أم كلثوم) قبل أن تستقل بشخصيتها كانت تقلد من سبقوها، (محمد عبدالوهاب) بكل عظمته الحالية كان يقلد (سيد درويش)، أنا عندما بدأت أغنى فى الإذاعة عام 1952 وغنيت (قولوا لمأذون البلد) كنت متأثرا بـ (محمد عبدالمطلب).