سلامة في خير .. ومصر كلها في خير !
بقلم : سامي فريد
ماذا كنت ستفعل لو صادفتك نفس الورطة التي وقع فيها سلامة أفندي الفراش الخصوصي لخليل بك هنداوي المليونير صاحب محلات هنداوي الكبرى والذي لا يمكنه بحال الاستغناء عن خدمات سلامة.. فهو الذي يجد له نظارته عندما يبحث عنها.. وهو الذي يرشده إلى الدفاتر المطلوبة ويذكره بالأرقام وكل المطلوب.. وكيف كنت ستتصرف لو كنت مكانه؟!
تدبأ أزمة سلامة يوم سلمه المحاسب بالمحلات مبلغا يزيد على الثمانية آلاف جنيه إيراد المحلات لايداعها في البنك.. ويحمل سلامة الحقيبة التي فيها المبلغ الضخم وفي طريقه إلى البنك تقع حادثة لأتوبيس احدي المدارس التي يعمل بها بيومي أفندي مرجان جار سلامة أفندي اللدود وهو دائم المشاكل معه والتربص به مفاخرا بأنه خواجة في المدرسة بينما سلامة فراش.. مجرد فراش في محل للأقشمة والملبوسات.. ويكون سلامة أفندي شاهدا على الحادث فيذهب للإدلاء بالشهادة في قسم البوليس.. لكنه يغادر القسم متأخرا ليجد أن المصرف قد أغلق أبوابه فيسقط في الحيرة.
أين سيذهب بهذا المبلغ الضخم الآن ويلعن بيومي مرجان ونحس بيومي مجران ولايجد أمامه إلا أن يخفي المبلغ في بيته حتى صباح اليوم التالي لكنه يفاجأن بأن أحد اللصوص قد سرق شقته وقت وجود ستوته (فردوس محمد) زوجته خارج البيت وقد سرق اللص كل نحاس الشقة.. لا أمان في البيت إذن بعد أن ظل يبحث تحت مرتبة السرير وفوق الدولاب وستوتة مندهشة تراقبه ولا تعرف ماذا يفعل.. لكنه يهرول خارجا إلى صديق له يعمل بوابا بإحدي العمارات ليحكي له مشكلته ليدله البواب على الحل وهو أن يودع الحقيبة التي بها المبلغ في أكبر فندق في البلد حتى الصباح.
وتعجب الفكرة سلامة أفندي فيذهب إلى الفندق لكن أحدا لا يأن به حتى أن أحد الجرسونات (محمد كامل) يطرده خارجا دون أن يسمع منه أو يعرف ماذا يريد.
وعلى درجات السلم أمام باب الفندق يقف سلامة أفندي يعاتب ويوبخ المسؤولين في الفندق في الوقت الذي تصل فيه سيارة أمير (بلوستان) ورئيس ديوانه وحرسه الخصوصي (حسين رياض ومنسى فهمي) ومعهما (كريمة) فتصل بلاد العجم (روحية خالد) التي تعطلت بها السيارة العائدة من الإسكندرية فيستضيف الأمير ويبدأ إعجابه بها وبرزانتها وهدوئها..
ويذيع الخبر بوصول أمير بلودستان فيسارع مدير الفندق إلى استقباله لكنه يجد أمامه سلامة أفندي فيختلط عليه الأمر ويظنه الأمير لتشابه ملابسهما.. ويندهش رئيس الديوان الأمير من سكوت الأمير على هذا الخطأ، لكنه يشرح له سر ذلك فهو يريد أن يثبت أن الناس تحترم المظهر دون الجوهر فيسير في موكب سلامة أفندي الذي لا يفهم سر كل هذا الترحيب حتي يصل إلى الجناح المخصص للأمير وقد يعتقد أن كل هذا الجناح سيدفع فيه فقط عشرين قرشا ويبدأ يشرح للأمير أن كل ما يريده هو أن يحفظا له حقيبته حتى صباح اليوم التالي.
وتعجب اللعبة الأمير فيتمادى فيها وتبدأ حفلات الاستقبال وزيارات معالم القاهرة بعد أن ألبسوا سلامة افندي من ملابس الأمير.. فيزور محطة المطافي وإحدى المستشفيات ثم المدرسة التي يعمل بها بيومي افندي مرجان الذي يجبر سلامة أفندي على السخرية منه فيطلق عليه اسم بيومي أفندي بتنجان ليسخر منه التلاميذ.
ويلاحظ بيومي أفندي الشبه الكبير بين سلامة أفندي وأمير بلودستان المزيف وينكشف له كل شيء عندما تظهر خبرة سلامة أفندي في أسعار متر الحرير من كل الأصناف وفورا ينشر الخبر في أنه قد عثر على سلامة أفندي فتذهب الحارة كلها إلى الفندق وقد تأكد الجميع من أن امير بلودستان هو نفسه سلامة أفندي الغائب الذي يبحثون عنه.
ثم يحدث ما كان لابد أن يحدق لتنكشف اللعبة عندما يحمل الخواجة إدمون نوعا حقيبة عينات الأقشمة التي جاء ليعرضها على الأمير قندهار ليختار منها ما يناسب جيشه وشعبه لكن حقيبة الخواجة تختلط بحقيبة سلامة أفندي فيها كل المبلغ.
ويطلب البوليس ليبحث عن سلامة أفندي بعد البلاغ الذي تلقوه بأنه ربما يكون الفراش الغائب الذي يبحثون عنه.. ويسأل سلامة أفندي عن الأمير ورئيس الديوان لكن الاثنان يكونان قد خرجا خلف وصيفة (كريمة/ راقية ابراهيم) فلا يجد منهم مخلوقا ليشرح للبوليس كل شيء ويضطر البوليس إلى القبض على سلامة الذي لا يعرف اين ذهبت حقيبته وفيها المبلغ الكبير.. وسيحضر أمير بلودستان الحقيقي إلى محلات خليل بك هنداوي يشرح موقف سلامة موضحا أنه لابد وقد حدث نوع من سوء التفاهم.
حتى يحضر الخواجة ومعه حقيبة أنواع القماش لعرضها على خليل بك لكنه لا يجد فيها العينات بل يجد الثمانية آلاف جنيه.. وبين شماته جاره بيومي أفندي السعيد بأن سلامة وقد أصبح لصا وبسبب هذا المبلغ الكبير لابد سيدخل السجن لكن عندما تظهر الحقيقة ويتضح كل شيء يتقدم خليل بك هنداوي ليمنح سلامة أفندي مبلغا كبيرا جزاء على أمانة وتقديرا منه للورطة التي سقط فيها بغير قصد.. وتتقدم وصيفة كريمة القنصل والتي أصبحت خطيبة أمير بلودستان بمبلغ كبير هى أيضا لسلامة أفندي.. ويحتار الرجل لهذا التغير الكبير مائة وثمانية درجة في مواقف كل الناس.. ولا يفهم شيئا مما يحدث أيضا بيومي أفندي مرجان الذي ينقلب فجأة بعد شماتته الواضحة فيفتح ذراعيه مرحبا بجاره العزيز وهو يسمعه بيت الشعر: وأكرم منك لم تر قط عيني وأجمل منك لم تلد النساء، لكن سلامة أفندي يدفعه بعيدا وهو يقول: إذا لم تكن لي والزمان شرم برم … فلا خير فيك والزمان ترللي.
ثم يعطي كل ما جمعه من المال إلى ستوتة زوجته التي تقول انها لم تفهم شيئا مما يحدث فيرد سلامة: أحسن برضه!
وتقول ستوتة: وأنا مالي.. المهم إن سلامة في خير.. وخير في سلامة.
على أن أهم ما في الفيلم في تلك الفترة من بداية الأربعينات هو ذلك التلاحم الواضح بين المسلمين وغير المسلمين الأجانب تراه في عدم مفارقة زوجة جار سلامة الخواجة وهى تدعو مثلهم لسيدنا الحسين وستنا أم هاشم.. هكذا كانت مصر الطيبة دائما بأهلها.
والفيلم بطولة نجيب الريحاني، فردوس محمد، محمد كمال المصري، حسن البارودي، حسين رياض، منسي فهمي، راقية إبراهيم، روحية خالد، استيفان روستى، حسن فايق، رياض القصبجي.
كتب قصة الفيلم والسيناريو والحوار بديع خيري ونجيب الريحاني، وانتجه توجو مزراحي، وأخرجه نيازي مصطفي.