كتب : محمد حبوشة
في جمهورية التلاوة بمصر المحروسة قل ماتشاء، فباستطاعتك أن تتجه بأذنك إلى أصوات من السماء تتلألأ فيها بين التلاوة والطلاوة والحلاوة من قبل حناجر نورانية لمشايخ الإبداع والخشوع مثل (محمد رفعت، المنشاوي، عبد الباسط، الحصري، شعيشع) وغيرهم من أساطين النغم القرآني المحبب للقلوب، لكن ليس باستطاعتك أن تبعد أذنك عن المقلدين الأربعة لأنهم مسيطرون على الساحة منذ زمن وحتى الآن، ويتنطعون في القراءة من تمطيط وتلاعب بالوقف والسقوط في أخطاء جسيمة ولا يحاسبون، ويتبارون في الاتهامات الباطلة والحرب السرية والألاعيب الشيطانية ضد أي موهبة متميزة، والأدهى من ذلك أنهم ينفذون إلى مواقع في نقابة القراء وبالفعل سيطر اثنين منهم على لجنة الاختيار، من خلال صداقتهما ببعض أعضاء اللجنة مستخدما الدهاء للنيل مما يعلما سلفا أنه يفوقهما وينسفونه بحقد وغل ويدمرونه بحجج واهية ومؤامرات شيطانية تدبر له في الخفاء.
ما سبق له صلة مباشرة وغير مباشرة أحيانا بالقارئ الطبيب (صلاح الجمل)، فهو واحد من ضحايا هؤلاء الظلمة الذين يجورون على حقوق الناس بلا أدني وازع من ضمير، وعلى الرغم من صوته الهادر كموج البحر الناعم أو كالحرير الذي يسمو بك إلى آفاق علوية من النغم الرباني الآسر عبر قراءة القرآن أو الأدعية الكثيرة وأشهرها (دعاء الأنبياء) إلا أن هناك من يتربص به ويقوم بالاغتيال المعنوى لهذا الرجل الذي يحمل موهبة ربانية ربما تفوقهم بكثير، لذا يقومون بحرقه إعلاميا عبر اختلاق أكاذيب على لسانه بين الحين والآخر حين يضج بالشكوى جراء تصرفاتهم المريبة، وكأن هناك من يحركهم من خلف ستار.
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: لماذا أصحاب الشكاوى ضد (صلاح الجمل) لم يكتبوا شكاوى أيضا ضد الشيخ من أصحاب الأخطاء الفاضحة الواضحة، ولما أيضا لم تحول شرائطهم لعرضها على اللجنة؟، ثم كيف لمسئول كبير يسمح بتحويل شكاوى كيدية من جانب أناس يتربصون بقارئ ممتاز أداء وخلقا، فضلا عن كونه شخصية عامة كبيرة وصلت شهرتها إلى العالم أجمع ما جعله يجوب الآفاق تلبية لدعوات روساء دول وملوك وشعوب أيضا؟.
ألم يفطن هؤلاء المغيبة عقولهم أن الشكاوى ضد (صلاح الجمل) هى مجرد مكيدة ومؤامرة خبيثة لحرق الرجل بعد أن ذاعت شهرته بهدف حرقه إعلاميا وقتله معنويا بلا ذنب أو جريرة سوى أنعم المولى عز وجل عليه بصوت شجي جميل يداعب شغاف القلوب حين يقرأ القرآن بخشوع وينطلق في الدعاء بوجل، يبدو لي أنهم يتعمدون ذلك ويدبرون بخطة محكمة في القضاء على موهبة يدعون أنه تارة يخطىء في القراءة وتارة أخرى ينحرف عن المسار الصحيح وذلك بالادعاء بأنه يميل للغناء أكثر من التلاوة والدعاء، وللعلم فإن الشيخ مصطفى إسماعيل حينما قرأ في مسجد الأزهر الشريف قالوا عنه أنه يغني ورماه الناس بالباطل، لكن الشامخين من الإدرايين ساندوه فأصبح مدرسة في التلاوة وكان يقوم بالدعاء بعد تلاوة قرآن الجمعة ولم يعترض أحد على ذلك.
قد يكون الدكتور صلاح الجمل مخطئاً في بعض قراءته، ولكنه من تلك الفئة المنتمية للأخطاء من النوع الثانى (النوع الخفى)، لكنه أصبح في مرمى سهام المشككين، وهذا الأمر قد يكون عاديا لو أن من قدموا الشكاوى ضد صلاح الجمل منتقدين طريقته في التلاوة فلماذا لم يتم تقديم شكاوى أيضاً في هؤلاء الذين يرتكبون أخطاء قاتلة ومن النوع الأول النوع الواضح وضوح الشمس وهل هناك مبرر لعدم التعرض لهؤلاء المشايخ أصحاب الأخطاء الفاضحة والفادحة.. لماذا تختفى الشرائط المسجل بها تلك الأخطاء لهؤلاء الذين هم من أهل الثقة، فلم يتم تقديم تلك الشرائط المليئة بالأخطاء الفاضحة والجلية لهؤلاء القراء على اللجنة الموقرة التي من سلطتها قرار المنع أو المنح، وللعلم فإن هؤلاء الظلمة لم يذيعوا للقارئ (صلاح الجمل) سوى شريطين فقط من بين 38 شريطا أخفوهم أو أعدموهم – الله وحده يعلم – وكذلك المصحف المرتل الذي سلمه لهم مرتين بناء على طلبهم ، لكن يعلم الله أيضا ماذت فعلوا به .. ربما أعدموه هو الآخر.
إنها الأيدي الآثمة إذن تلك التي تترصد – للأسف – كل خطوات (صلاح الجمل) فحين فعل نفس ما فعله الشيخ (إسماعيل) ظهرت الشكاوى الكيدية من جانب تلك الفئة الضالة والمضللة التي لاتريد أي وجود يذكر لـ (الجمل) سواء في الدعاء أو في التلاوة، وهو مايثبت يقينا أنه حقا كم من موهوب ويستحق مكانة عليا بمجهوده عن جدارة، ولكن السفهاء المرجفون والمنافقون يقفون سدا منيعا حيال وصوله إلى بر الآمان، وكم من مجرم تافه ومتسلق ينعم بنجاح لا يستحقه لمجرد أنه جارى شياطين الظلام ويسبح في تيار الخديعة والخيانة مع اللهو الخفي الذي يحرك الأمور من خلف ستار كما قلنا سابقا.
ومن هنا أطالب المجلس الأعلى للإعلام التحقيق الفوري والعاجل لرفع الظلم البين في قضية (صلاح الجمل) الذي يقع عليه غبنا جائرا منذ عام (2001) أي على مدى عقدين من الزمان يحاسب الرجل على نجاحه ووصوله إلى الناس الذين فتح الله بينه وبينهم، وألفت نظر المجلس الأعلى للإعلام أيضا بضرورة الانتباه إلى أن الموهبين بيننا في كل مكان لكن المخادعين يفوقونهم عدد ولا تعييهم الحيل والمكائد، إن أسوأ أنواع الظلم يا سادة الادعاء أن هناك عدلا قائما في الدهاليز المحكمة مغلف بروتين لا يرحم ، ومن ثم عندما يطل أحد هؤلاء الموهبين برأسه شاكيا باكيا بؤس حاله وشقائه تغلق كافة الأبواب في وجه ويبقى الحال على ماهو عليه.
هل يعقل أن يظل القارئ الطبيب (صلاح الجمل) يشكو لمدة عشرين عاما ولا يجيب عليه مسئول أو ينصفه مسئول أكبر؟، وهل فئران المكاتب تلك التي تسكن دهاليز الإذاعة المصرية العريقة يستحقون أن يبقوا في مناصبهم في (مصر الجديدة) الآن وهى في سعيها نحو محاربة الفساد والمفسدين؟، ثم كيف يفعلون برجل ضحى بحياته في عز أيام ثورة 30 يونيو في التحرير وكاد أن يقتل هو وابنه لو عناية الله وحده التي حفظتهما، وفضلا عن هذا فإن صلاح الجمل هو القارئ الوحيد الذي ترشح للحصول على الجائزة البلاتينية باعتبار أن شرائطه هى الأكثر مبيعا في فترة وجيزة، كما أنه المصري بل العربي الوحيد الذي سجل المصحف كاملا في الحرمين الشريفين ويباع في مصر منذ عدة سنوات من خلال شركة (صوت القاهرة) التابعة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون.
الدكتور صلاح الجمل لم يسقط بباراشوت من السماء على عالم التلاوة، فهو حاصل على (أوسكار اتحاد المبدعين العرب)، وكان الأول على العالم في مسابقة القرآن الكريم عام 1994 في مسابقة (يوم القرآن) بكيب تاون بجنوب أفريقيا، وكان الثاني على الجمهورية وعمره 11 عاما والأول على محافظة الدقهلية وعمره 10 سنوات، وقد بدأ مسيرته بالإذاعة من أول درجة تسجيل ربع ساعة (6 مرات) نجح فيها كلها، ثم تسجيل نصف ساعة (4 مرات) نجح فيها كلها أما اللجان المسئولة، وتم اعتماده في 8 أغسطس 2000 ليقرأ على الهواء، لكن أهل الشر والمؤامرات طلبوه للقراءة بعد مرور 4 سنوات للقراءة مرة ثانية في عام 2014، أمام نفس اللجنة واجتاز الامتحان الذي نجح فيه من قبل لينجح مرة ثانية، لكنه لم يقرأ على الهواء إلا بعد مرور عام بعد ضج بالشكوى، وكأنه يشبه أسطورة (سيزيف) مع الصخرة التي كان يحملها على كتفه ويصعد بها الجبل وعند الوصول إلى قمته تنحدر الصخرة مرة أخرى وتسقط على الأرض فينزل ليكرر نفس مشوار العذاب مرات ومرات .. أنه العبث بعينه.
ولأن الطبيب القارئ (صلاح الجمل) يتمتع بروح فكاهية كبيرة – كما أعلم ويعلم كل المحيطين به – فقد داعب الجماهير مرة واحدة في حياته، حين وصف نفسه بأنه (نمبر وان المقرئين) كنوع من السخرية من تصرفات الفنان محمد رمضان، لكن المتربصين به استغلوا هذا الكلام على غير فحواه حيث أعلنت نقابة محفظي وقراء القرآن الكريم العامة بمصر، أنها سبقت الجميع باعتراضها على اعتماد صلاح الجمل قارئاً بالإذاعة – وهذا غير صحيح بالمرة – وقال محمد الساعاتى المتحدث الرسمي للنقابة: إن (هناك غضب داخل أروقة النقابة بسبب التصريحات الفوضوية التي أدلى بها القارئ الطبيب صلاح الجمل التي تطاول فيها على رموز وأعلام دولة تلاوة القرآن الكريم، وفى مقدمتهم القارئ العالمى والتاريخى الشيخ مصطفى إسماعيل – قارئ الملوك والرؤساء – والشيخ عبدالباسط عبدالصمد الملقب بصوت مكة وصاحب والحنجرة الذهبية)، وأضاف في بيان عصبي ينم عن حقد وكره : (كما جانب صلاح الجمل الصواب حين وصف نفسه بأنه نمبر وان المقرئين مثل الفنان محمد رمضان)، ولفت الساعاتى إلى أن الشيخ محمد حشاد شيخ عموم المقارئ المصرية ونقيب القراء الحالى بعد رحيل الطبلاوى، أكد أن النقابة سبقت الجميع عندما رأت عدم صلاحية صلاح الجمل كقارئ للقرآن الكريم باتحاد الإذاعة والتليفزيون وناشدت لجنة الاختبار بالإذاعة والتليفزيون بإعادة النظر في قرار اعتماده.
وتابع الساعاتى الذي اصطاد للرجل في الماء العكر بسبب مزحة أو دعابة : أن نقابة القراء والمحفظين إذ تعرب عن أسفها البالغ من تطاول صلاح الجمل رموز وأعلام تلاوة القرآن في دنيا التلاوة الذين حصلوا على إشادات من ملوك ورؤساء دول العالم كاعتراف منهم وتقدير على اعتبار أنهم علموا الدنيا كلها كيف يقرأون القرآن، كما أيد مجلس إدارة النقابة قرار محمد نوار رئيس الإذاعة المصرية بصفته رئيس لجنة اختبار الأصوات باتحاد الإذاعة والتليفزيون والذى يقضى بمنع ظهور صلاح الجمل ووقف تلاواته.
وأكد الشيخ محمد حشاد أن النقابة تنفذ تعليمات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، الذي أوصى بها في الاجتماع الأخير بديوان عام الوزارة في العشر الآواخر من شهر رمضان المعظم، وحضره وكلاء أول الوزارة والشيخ محمد عبدالموجود وعبدالعزيز عمران رئيس الإدارة المركزية بالتليفزيون، حيث أوصى الوزير بضرورة التصدى للقراء الذين يسيئون للقرآن الكريم بتجاوزاتهم المتكررة ومعاقبتهم فورا ،وهنا رد الشيخ حشاد على وزير الأوقاف قائلا: بالفعل يا معالي الوزير قامت النقابة باتخاذ الإجراءات ضدهم وتم إبلاغ النائب العام بأسمائهم، وستتابع النقابة آخر مستجدات الموقف في الجلسة القادمة عقب أجازة عيد الفطر.
وهنا أتساءل : ما هذا العبث الذي قام به المدعو (محمد نوار) الذي نصب نفسة قاضيا وجلادا في الوقت ذاته، فالغريب في الأمر أنه (صلاح الجمل) فاجأه اتصال من شخص مهم بالإذاعة وأخبره بمن يكيدون به وأنهم يخططون لوقفه نهائيا، وعلم رئيس الإذاعة (محمد نوار) بذلك عن طريق صديق مشترك، والذي طمئن (الجمل) بأن رئيس الإذاعه لن يعتمد قرار اللجنة بوقفه عن القراءة بإذاعة القرآن الكريم، ولكنه خدع للأسف ووافق (نوار) على القرار وأخبر الصحفيين بالإيقاف في سابقة لم تحدث من قبل، أليس هذا نوع من (التحفز والتنمر والتصيد) ، علما بأن الجمل لم يخطئ في مسيرته القرائية مثل الشيوخ المقلدين المتآمرين، وأحدهم الشهير جدا أخطأ أمام الرئيس المخلوع محمد مرسي، وأخطأ أيضا أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي ولعل أخطائه الشهيرة كانت في تلاوة الجمعة ببور سعيد وتحديدا في صورة (النجم) ، وفي صلاة التروايح وتلاوة الفجر أيضا ، والعجيب أنه يقرأ من المصحف مباشرة، وغيره أيضا أخطأ في ربع واحد من صورة (يوسف) ثلاثة أخطاء رغم أنه يقرأ هو الآخر من المصحف، ومع ذلك لم يتم إيقافهم (إنها المؤامرة والعبث في دولة التلاوة لقتل المتميزين رغم أن سماء الله مفتوحة وأرض الله تسع الجميع.
وفي النهاية ألا يوجد مسحة من خجل من جانب رئيس الإذاعة (محمد نوار) جراء تصرفاته المتناقضة، فما الداعي لأن يطمئن الرجل ثم يطعنه في ظهره بعدها بأيام أوربما ساعات؟ .. وهل هناك من يحاسب هؤلاء الذين اعتادوا ظلم الموهبين والمتميزين من أبناء هذا الوطن؟ .. كلامي هذا بمثابة بلاغ عاجل للمجلس الأعلى للإعلام كي يبدأ فورا بالتحقيق ورفع الظلم عن كاهل القارئ الطيب (صلاح الجمل) كي يعود لنا قارئا عذبا شجيا ومغردا بالدعاء في إذاعة القرآن الكريم وغيرها من وسائل الإعلام المرئية التي تمتد أصابع هؤلاء العابثين لمنع وجوده فيها .. اللهم بلغت اللهم فاشهد.