بقلم : محمد حبوشة
هل تدري الإعلامية (بسمة وهبة) أن إفشاؤك لسر غيرك جريمة تعاقب عليها قانونا!، قديما قالوا: إن أمناء الأسرار أقل وجودا من أمناء الأموال، وحفظ الأموال أيسر من كتمان الأسرار؛ لأن إحراز الأموال منيعة بالأبواب والأقفال، وإحراز الأسرار بارزة يذيعها لسان ناطق، ويشيعها كلام سابق.
الكلام في مناسبة السقطة المهنية والأخلاقية في صدد استضافة الإعلامية (بسمة وهبة)، فما كان ينبغي لها أن تستضيف من يطلق عليها مجازا (إعلامية) لبنانية، وتدعى (نضال الأحمدية)، وهى بالمناسبة ليست سوى إمرأة (نمامة) تمارس الصحافة الصفراء بكافة أشكالها وألوانها من فضائح وابتزاز لنجوم الفن لأكثر من 50 عاما، وكأنها كما يبدو لي احترفت أن تعيش على أعراض النساء والرجال دون وازع أخلاقي أو إنساني، ومن ثم لا ينبغي استضافتها، فقدت دأبت على اختلاق الأكاذيب عن نجوم الفن تحديدا، ولعل فيديوهاتها المقززة على قناتها (الجرس) تشير إلى هذا النوع من اللون المهني المقيت، وآخر معاركها في مضمار كشف الأسرار، هو تعمدها بشكل فج في مداخلة عبر (زووم) مع (بسمة وهبة) أن تكشف عن مكالمة والد المطرب (حسام حبيب) لتحدث فتنة بين (حسام وزوجته المطربة شيرين) وذلك في إطار اختلاق معارك وهمية ليس لها جدوى غير تعكير صفو حياتهما.
الغريب أن بسمة كانت تناديها طوال الوقت بالسيدة احتراما وتبجيلا لها، وهو تعبير دأب اللبنانيون إطلاقه على قاماتهم الفنية والفكرية مثل السيدة (فيروز، ماجدة الرومي، نضال الأشقر) وغيرهن ممن كثر عطاؤهم للفن والثقافة اللبنانية والعربية أيضا، وكأنها تؤكد على احترامها لتلك المرأة التي لا تتورع عن كشف عورات لناس بحجة أن المجتمع من حقه أن يطلع على الحياة الشخصية للنجوم، وهذا أمر مستهجن تماما كما تؤكد عليه الأعراف والتقاليد وحتى الدساتير التي تضعها الدول للحكم والفصل بين أفراده، أما الكارثة أو السقطة التي وقعت فيها (بسمة) هى أنها لم ترد ردا مقنعا على ادعاء (نضال) أن التسجيل الصوتي يدين حسام ويدين والده، وهنا يبرز تساؤل مهم : ماهو نوع الإدانة في خلاف قديم بين أب وابنه فيما يتعلق بأمر زواجه؟، أليس من حق الأب أن يعترض وعلى الإبن ألا يأخذ بمشورة أبيه، خاصة إذا كان بالغا راشدا وعاقلا يستطيع أن يتخذ قراره أمام نفسه وعائلته.
ثم انحرفت (بسمة) نحو حافة السقوط المهني عندما ذكرت أنها تلميذة في مدرسة (نضال الأحمدية) رغم أنها تستنكر فعلتها بإفشاء الأسرر، وغير مصدقة أن الأحمدية تفعل هكذا (ربما تقصد أن قيامها بإفشاء الأسرار يشكل جريمة)، لكن (الأحمدية) ترد ببرود وصفاقة: إننا قمنا بعمل سبق صحفي في شكل تحقيق استقصائي، وهو مايشير إلى أنها لا تعلم أسس التحقيق الاستقصائي الذي يعتمد على الأرقام والإحصاءات والمعلومات المؤكدة في إطار التوثيق لمشكلة أو ظاهرة في المجتمع، والغريب أنها تعترف بأنها عملت على طريقة (البابارتزي)، وكأنه فخر لها أن تخوض في أعراض الناس أو تكشف المجهول في حياتهم عن طريق التلصص الذي هو منهج (البابارتزي).
حاولت بسمة ألا تقع في الفخ عندما سألت (نضال) عن مصدر التسجيل في محاولة لإثبات موضوعيتها في طرح القضية للمناقشة عندما سألتها: (هل هو عبر حوار مع والد حسام، أم تسجيل صوتي مسرب له) ، ردت : لا تعليق، مؤكدة أن الصحفي لايسأل عن مصدره أمام القاضي، رافضة التلويح بارتكابها جريمة أخلاقية مهنية، ومؤكدة أنه التسجيبل بصوته وعليه أن يذهب للقضاء لإثبات عكس ذلك، وهذا نوع من الاستغلال لاعترافات قام بها والد حسام في لحظة غضب أو ضيق، وهو أمر وراد في علاقة الصحفي بمصدره، لكن عليه أن يحفظ أسراره أيا كان نوعها، وفي حال نشرها لابد أن يؤذن له بذلك.
لم تذهب بسمة كثيرا نحو دفة الأخلاق المهنية صراحة وهذه سقطة أخرى، خاصة أنها زعمت أنها تعلمت الأخلاق المهنية من (نضال نفسها) التي أشارت إلى أن قيامها بإفشاء أسرار حياة (حسام حبيب) درس جديد في المهنية، مدعية أن الهدف من نشر التسجيل هو من أجل الدفاع عن (شيرين)، وبهذا تكون قد لقنت الظالم درسا لن ينساه، زاعمة أنها من محبي وعشاق شيرين، وهنا نسأل من الذي نصبك محاميا للدفاع عن شيرين؟، ثم من قال أن نتائج هذا التسجيل أسفر عن صلح رائع بين حسام وشيرين، كما ادعت تلك الخرقاء التي لاتحمل عقلا أو منطقا يفسر أفعالها المشينة على نحو يقترب من الصحة.
جريمة إفشاء الأسرار ياسيدة (بسمة) من الجرائم العمدية البسيطة التي تتطلب لوقوعها تحقق ثلاثة أركان، أولها الركن المادي وهو فعل إفشاء السر، وثانيها توافر صفة في الجاني وهى أن يكون مؤتمنا على السر بحكم عمله أو صناعته، وثالثها الركن المعنوي أي توافر القصد الجنائي العام، والذي يتطلب العلم والإرادة في أن يقدم الجاني على إفشاء السر وهو عالم بأنه وصل إليه عن طريق مهنته أو حرفته أو وضعه، وأن صاحبه لا يرضى بإفشائه، وأن تتجه إرادته إلى إعلام الغير به، وبهذا ينتفي القصد الجنائي إذا حدث الإفشاء عن إهمال أو عدم احتياط.
وربما يتوفر الركن الثالث في حالة (والد حسام حبيب) بأن اتجهت إرادته إلى إعلام الغير بسره، وبهذا ينتفي القصد الجنائي إذا حدث الإفشاء عن إهمال أو عدم احتياط، وهو ما ظهر من خلال تأييده لما ذكرته (الأحمدية) في مداخلتها مع (بسمة)، لكن البعد الأخلاقي هنا لاتنتفي صفته في حالة كتلك، خاصة أن الهدف من إشاعة السر هو غرض غير أخلاقي جراء خلاف بين أب وابنه في مسألة عدم قبول زواجه، ومؤكد أن الرجل نادم على فعلته والدليل أنه كتب اعتذارا لابنه يطلب الصفح عنه، مشيرا إلى أنه (عجوز وخرف)، ولكن الابن لم يقبل أن يقول والده كلام كهذا حتى ولو كان يخالفه الرأي.
وكأنه ينطبق عليه هنا قول عمرو بن العاص رضي الله عنه مع حالة (والد حسام حبيب) قائلا: (ما وضعت سري عند أحدٍ فأفشاه على فلُمته؛ أنا كنت أضيق به حيث استودعته إياه).
وصدق الشاعر حين قال:
إذا المرء أفشى سره بلسانه
ولام عليه غيره فهو أحمق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصدر الذي يستودع السر أضيق
لم تحتمل (الأحمدية) حفظ السر سوي بضع ساعات لتخرج علينا بقنبلة تنغص حياة (حسام وشرين)، علما بأن حفظ السر دليل قوي على رجولة المرء ومتانة شخصيته وخلقه، فهو يعرف أن إفشاء السر يؤدي إلى الخصام والتقاطع وزرع الحقد والغيظ في النفوس، والمؤمن الموفق هو الذي لا يفشي سره إلى أي إنسان وعليه أن يختار ويدقق في اختيار من يأتمنه على أسراره حتى لو كان من أقرب الناس إليه، فإن اضطره الأمر وغلبه، أودعه العاقل الناصح له، لأن السر أمانة وإفشاءه خيانة والعاقل من حذر صديقه.
ولأن (نضال الأحمدية) دأبت على كشف أسرار الناس ولم يردعها لحد غير نجمات يعدون على أصابع اليد الواحدة – على رأسهم النجمة هيفاء وهبي التي لقنتها درسا قاسيا في دهاليز المحاكم البنانية قبل سنوات – فهى من أولائك الناس المولعون بإفشاء الأسرار وذلك لتحقيق مكاسب دنيوية، وهى في الواقع تنتمي لصنف من النساء يقضون معظم أوقاتهم في الخوض في سير الناس في جلساتهم المتكررة ومن خلال الهاتف أيضاً، بحجة تسلية أنفسهم وتضييع الوقت، ونسي هذا الصنف أنه يمكنهم الاستفادة من الوقت في أشياء تعود عليهم بالنفع والفائدة، كتربية الأبناء ورعايتهم وتوفير ما يحتاجونه بدلا من أن يتركوا أمرهم للشغالات، ويمكنهم أيضا قضاء الوقت في قراءة القرآن وحضور الندوات الدينية والإكثار من النوافل وعمل الخير وزيارة المرضى وإدخال السرور على الآخرين وعدم إفشاء أسرارهم.
روى الإمام مسلم عن أنس رضي الله عنه أنه قال: أتى عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان فسلم علينا، فبعثني في حاجته فأبطأت على أمي فلما جئت قالت: ما حسبك؟، فقلت بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر، قالت: لا تخبرن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا، لقد رأت أم أنس ابنها حريصاً على حفظ سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعززت فيه هذا الحرص. وإن إفشاء الأسرار من أسوأ العادات التي ابتلي بها الإنسان، فليس كل ما يُعلم يُقال. فهناك أمور تقتضي الرجولة والمروءة والشرف أن تبقى طيّ الكتمان، وبخاصة إذا كانت هذه الأمور من متعلقات الحياة الزوجية، فإفشاؤها يؤدي إلى ما لا يُحمد عقباه، فقد يحدث فراق وقطيعة بسببه، يقول المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه: (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر أحدهما سر صاحبه).