30 يونيو .. وإعلام المناسبات
بقلم : علي عبد الرحمن
منذ أن دخل الإرسال الاذاعي والتليفزيوني مصر ومن قبلها المسرح ونحن نعيش شحنة وطنيه تحفز في كل مناسبة، ولقد عاشت أجيال قبلنا عصر الأغاني الوطنيه لمحاربة المحتل والدافعه على التضحية والبذل في سبيل التحرر، ثم عشنا تراثا غنائيا وفنيا متنوعا دعما لثورة 1952، وجاءت شجون النكسه وكان لها مايناسبها ثم حفزنا الفن في فترة الاستنزاف، وجاءت أغاني النصر في أكتوبر73، وتلاها أغاني وإنتاج مناسبات معبر عن كل فتره ومناسبه تهل علينا، وحتي حراك الشباب وماتلاه من ركوب تلك الموجة كان له أغانيه وفنه.
ولما أنعم الله علينا بخروج الجماهير المدعومه بدعم مؤسسات الدوله في 30 يونيو أظهر الإعلام لوحات جماهيريه حاشده توضح خروج الجماهير طالبة إزاحة كابوس التخلف والرجعية والسطحية والتآمر، ولكن من يومها 30 يونيو 2013 وحتي تاريخه منذ ثماني سنوات ويزيد لم نعد ننتج شيئا لهذه المناسبة أو غيرها سوي تسلم الأيادي، ومازلنا نعيش في كافة مناسباتنا الوطنية علي تراث الأجداد المبدعين من أغاني (ياحبيبتي يامصر، يابلادي، يا أحلي اسم في الوجود)، وأغنيات حديثه مثل: (تيجي نبنيها، وطوبة علي طوبة)، وغيرها مما أبدع رواد الكلمة واللحن والأداء سابقا.
ورغم علمنا بكل مناسبة مسبقا وعلما أيضا بأهمية المناسبة محليا ودوليا، وأيضا علمنا بحاجتنا المعنوية لهذا التجديد في إعادة الشحن المعنوي وتذكر مشاعرنا وقت حدوثها إلا أن مسئولي إعلامنا بشقيه الرسمي وشبه الرسمي مشغولين بشئ آخر،غير حاجة الوطن ومتطلبات شعبه!.
فبرغم السنوات الثماني وبرغم هذا الكم الهائل من الإنجاز والاستقرار وبرغم تعدد دعوات الرئيس لإعلام داعم كإعلام الستينات وبرغم الأموال المنفقه علي شقي الاعلام وبرغم ماأنتجته ماكينات الإعلام من دراما وسينما وبرامج وفواصل وموسيقي وأغنيات، لم تحظ ثورات الشعب المصري وتحولاته الفكريه والسياسيه والاحتماعيه والإقتصاديه بما يلائم حجمها وعظمة تآثيرها.
فالأمر لم يتعدي أغنية هنا وفيلما هناك ومسلسلا هنا وإشارة في عمل هناك!؟، وكان يحب علي إعلام الوطن – وسط لجانه المتعددة دون جدوي – أن تكون له كما كان آنفا لجنة للمناسبات القومية منها والدينية والعالمية والمحلية، هذه اللجنه لديها أجندة بمناسبات الوطن المهمة وتخطط لكيفية تغطيتها إعلاما وإنتاجا وتحركا وفعاليات بالتعاون مع وزارات وهيئات ذات صله لتقدم في كل مناسبة مهنة إنتاجا يلائمها غناءا ودراما وتحركا ينشط للشعب ذاكرته ويدعم انتمائه وفخره بالوطن وللوطن، كما يعرض إنتاجا تسجيليا عن المناسبة وسبب حدوثها،وكيف حدثت،وماذا انتجت.
أليس 30 يونيو هو بداية استراد الهوية وبدء التلاحم العربي وباكورة التكامل الأفريقي وفاتحة التنمية والاستقرار وقاطرة تحقيق أحلام المواطن في حياة كريمة ووطن مزدهر آمن مستقر.
أين مبدعي الكلمات،وساحري الألحان،وعبقريو الأداء وجيوب الإنتاج؟، ولماذا لم نفاجئ بعدة أغنيات عما حدث في وبعد 30 يونيو؟، وأين العديد من الأفلام القصيرة والتنويهات عن مئات المشروعات التي تم تنفيذها أو يتم لصالح مستقبل الوطن وطموحات المواطن؟، وأين عشرات البرامج والمختصين من شرح وتفصيل ماتحقق بعد 30 يونيو وبسببها؟.. هل ما نطلبه لغزا أو متاهة أو صعب التفكير فيه أو تنفيذه، بالتأكيد لا!، وهل تمر المناسبه بعلم يرفع علي الشاشات فقط، أوافتتاحا لمشروع يدشنه الرئيس؟.
إن صناعة إعلام المناسبات ومفرداته ليتطلب لجنة من خبراء الوطن يدركون حجم ماتحقق وحجم حاجة الوطن والمواطن وحجم التوثيق للمناسبة والإنجاز ونوعية المطلوب لطرحه إعلاميا، وكيفية صياغته وعرضه ومردود ذلك جماهيريا وكفي عيشا علي أكتاف السابقين، وليكن لنا رؤية وهدف ورسالة، وليكن لنا أجندة مناسبات وطنية لها تخطيط مسبق وبيانات وأرقام يتم تجهيزها بدقة وخريطة بث ملائمة وإنتاج متنوع الأشكال، وحوار ونقاش بحجم المناسبه وماتلاها لدعم مسيرة الوطن وإنعاش ذاكرة المواطن وتعريف أجيال تولد وتوريث هوية وانتماءا وثراءا لشاشات افتقرت وصناعة لعيد وطني وأجازة رسميه،وإنتاج متجدد في كل مرة يضع المواطن حيث يكون الإنجاز، ويجيب علي تساؤلات داخله، ويريح عناء فكره ويطمئن،ويبشر ويتفاءل ويقوي فخر المواطن بوطنه وثقته بمستقبل أبنائه واحترامه لإعلام ينفق عليه من قوته، وحسن توظيف للمبدعين من أبناء الوطن.
فلتكن لدينا مسابقه قومية قبل كل مناسبة لأحسن فكرة وأحسن أغنية وأحسن تناول وأحسن موضوع وأحسن تفصيلة حتي يتجمع لدينا أفضل خطة للتغطية لمناسبات الوطن الأغر ولشعبه المتحمل الطموح، ولتحيا دوما مصر ومناسباتها واحتفالاتها وفرحة وقناعة وإطمئنان ورضا أهلها الطيبين .. اللهم آمين.