أحمد موسى .. إعلامي ينحاز للمواطن البسيط أولا !
كتب : محمد حبوشة
من المؤكد أن الحديث عن حدود لغة النص الإعلامي لايضع صاحبه أمام قيد يجعله يفكر كيف ينتج نصا كمعلقات الجاهليين، أو خطبة قس الأيادي، أو خطبة زياد ابن أبيه، أو كتابات الجاحظ، أو مقامات الهمذاني، أو رسالة ابن زيدون .. إنما المراد أن يكون ما يكتبه (أو ينطقه على شاشة التليفزيون) نصا يمتلك مقومات الصحة اللغوية الأساسية، ويبتعد عن الأخطاء الشائعة التي يكثر ورودها على ألسنة متحدثي اللغة العربية في حياتهم العادية، وأن ينأى بنفسه ما استطاع عن الأخطاء النحوية والصرفية التي لايليق ظهورها في نص قد يقرأه (أو يشاهده) الملايين من جمهور وسائل الإعلام المختلفة، واللغة التي نقصدها هنا ليست اللغة العربية التراثية، إنما هى اللغة السهلة المبسطة التي تعبر عن المادة تعبيرا مباشرا منتجا،هكذا قول الشاعر والأديب المصري الراحل الدكتور جابر قميحة.
ومعروف أن الخطاب في أي مجتمع هو الممارسة الاجتماعية، وهو مجمل القول والفعل، ويقوم الخطاب الإعلامي بنقل هذه الممارسة الاجتماعية إلى الجمهور عن طريق وسائل الإعلام، ومما لا شك فيه أن معظم الخطاب الإعلامي له تحيزاته سواء كانت معلنة أو غير معلنة، ولعل خير مثال للإعلامي المتحيز لمصلحة المواطن المصري أولا وقبل كل شيئ، هو الكاتب الصحفي والإعلامي المتميز لغة وأسلوبا (أحمد موسى)، الذي يتبنى لغة خاصة بها توضح لغة خطابه الإعلامي، فهو يعالج فيها القضايا والمشاكل بطريقة منطقية وتبعد عن أساليب الزيف والتجميل، ولأنه يبدو فطريا وتلقائيا للغاية فإن هذه الطريقة تساعده على عرض الأفكار الأساسية بشكل مرتب ومنظم، كما يساعده على اختيار الكلمات الدقيقة والواضحة، ويبدو أيضا أن أنجح أنواع الخطابات وأفضلها لدى (موسى) هو الارتجال الذي يقوم به في أحيان كثيرة، وهو أن يرتجل في الخطاب دون الاستعانة بأي نص مكتوب أو مفكرة، غير أنه في العادة يكون ملماً بكل جوانب الموضوع الذي سيتحدث عنه، ولديه القدرة على ترتيب الأفكار وتنظيمها.
تستند قواعد وأسس الخطاب الإعلامي لدى أحمد موسى إلى الوضوح في خطابه الذي يكون عادة واضحاً لفظاً ومعنى، وذلك من حيث سهولة الكلمات والجمل والعبارات، ليسهل فهمها لدى المتلقي، ويتحقق ذلك بالتركيز على الأفكار والحقائق والمعلومات المهمة والأساسية التي يعرفها المتحدث، ومنها الحيوية: وهى اختيار الكلمات المشوقة الجاذبة البعيدة عن الجمود، لجذب المتلقين للخطاب، والتنوع: وهو تنوع الجمل والفقرات والعبارات، بحيث تتضمن كل فقرة فكرة جديدة، ومعلومات جديدة، فضلا عن الاختصار: وهو الاختصار غير المخل بالخطاب، ويجعل المتلقي متابعاً ومنجذباً للخطاب من أفكار ومعلومات ومعانٍ بسهولة ويسر، وكما قيل في الأثر: خير الكلام ما قل ودل.
صحيح أنه يثار جدل دائم حول طريقة أداء الإعلامي (أحمد موسى) على الشاشة، والتي يميل فيها إلى الصوت العالي والانفعال الزائد أحيانا عن الحد، لكن يشفع له دائما حسه الوطني العالي وانحيازه المطلق للمواطن البسيط أينما وجد أو كان في قرية نائية في صعيد مصر ودلتاها، أو بين حارات الشعبية في المدن، أو ينتمي للطبقة الوسطى من أبناء الشعب المصري الكادح بصفة عامة، لذا تجد (موسى) يكره كراهية التحريم الإخوان و أتباعهم والطابور الخامس الذين يشنون حروبًا ضد الدولة من خلال الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي، وفي هذا يضع (6 إبريل والإخوان) في خندق واحد قائلا: أن هدفهم ضرب الجيش وتشكيك الشعب في الدولة والرئيس وأي شيء إيجابي.
وحرصا من أحمد موسى على نشر كل ماهو إيجابي وملاحقة المسئولين أينما كانوا في سبيل الحصول على معلومات وتصريحات ترفع المظالم عن كاهل البسطاء من أبناء هذا البلد، فقد قام على مدار اليومين الماضيين بمرافقة وزير المواصلات المهندس كامل الوزير في جولة بدأت من السابعة صباحا من محطة مصر مرورا بمحاور ديروط وسملوط على النيل، وطريق الصعيد الغربي لمعرفة كيفية اختراق الطريق لأعماق قارة إفريقيا وصولا إلى كيب تاون، وقد شملت الحلقتين حديث وتقريرا مصور من داخل غرفة التحكم الآلي في سير القطارات بمحطة ديروط، مع المهندس حسين الرشيدي، نائب رئيس هيئة السكك الحديد للبنية الأساسية حول عمليات الصيانة بورش السكك الحديدية ببني سويف، وكشف الوزير في هذا الحوار تفاصيل مثيرة حول حوادث القطارات الأخيرة، فضلًا عن مناقشة قضايا شائكة والحديث حول المتعاون مع الوزارة والمعارض لتنفيذ التعليمات.
أعجبتني جدا جرأة الحوار في إطار المساحة الشخصية المتاحة لدى الوزير، وهو الذي أحرج (موسى) مرة ومازحه مرة، ففي إبريل الماضي قام (الوزير) في مداخلة هاتفية لبرنامج (على مسئوليتي) بمعاتبة الإعلامي أحمد موسى قائلًا: “أنت رجل وطني وأنا بحبك وصديق شخصي ليه.. لكن أنت طلعت يوم الحادث وبقيت بتردد الكلام اللي طلع من غير ما تتأكد من المعلومات الصح وبدأت تردد الكلام اللي طلع.. وأنت ما شفتش بعينك.. وحلقة حضرتك موجودة!!)، ومازحه في أغسطس 2020 خلال حديث له عن زيارته لجبل الجلالة مع أبنائه في عيد الأضحى الماضي، فقال: (والنبي يا أستاذ أحمد كنت تتصور مع الجبل اللي على ارتفاع 220 متر، وتقول لولادك عمو كامل الوزير اللي تعب في نحت الجبل ده).
المهم أن (موسى) تجاوز هذين الموقفين وانخرط في حديث ودي وجدي وكاشف عبر تلك الجولة وزير النقل المهندس كامل الوزير عن هموم ومشاكل محطات السكك الحديدية المصرية، ورصدت كاميرا البرنامج سير قائد المركبة على الطريق الصحراوى وهو يسير عكس الاتجاه، مما قد يعرضه ويعرض حياة الآخرين للخطر حال وقوع حادث، وعلى أثر ذلك ناشد وزير النقل خلال اللقاء، المواطنين قائدى السيارات والمركبات المختلفة بالالتزام بالحارات المرورية وعدم السير بحمولات كبيرة على الطرق، حتى لا تعرضه للتلف وتعرض المركبات للحوادث.
وأبرز ماجاء في تصريحات وزير المواصلات في تلك الجولة التي أعقبها حوار مطول قال فيه إنه يتم تنفيذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مشروعات النقل، موضحا أن من يعبث فى المرفق إما مهمل أو النوع الثانى المرتبطين بالأفكار المتطرفة والهدامة، ورافضو تطوير السكة الحديد يعبثون فى المرفق الحيوى، وأضاف الوزير في صراحة وشفافية مطلقة: إن الإهمال من داخل السكك الحديدية، وهناك من يحاول مواجهة التطوير، لافتا إلى أن الإهمال وراء حادث تصادم قطارى سوهاج، وأن التهرب من دفع التذاكر كان يحدث أحيانا، بسبب الركاب، وبعض العاملين بمرفق السكك الحديدية، مشيرا إلى أن غرامة التذكرة فى الدرجة الثالثة 10 جنيهات، والثانية 20 جنيها، والكمسرى يحصل على 40% من قيمة التهرب من دفع التذكرة، مؤكدا أن قيمة غرامات التهرب كانت تصل إلى 480 مليون جنيه فى البداية، ومع التشديد انخفض التهرب بنسبة 30%..
وقد ألمح وزير النقل في حديثه لبرنامج (على مسئوليتي) إلى أن الرئيس السيسى يتابع يوميا الإجراءات التى تحدث فى السكة الحديد، كما أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، يتابع بنفسه عملية بيع الخردة بالسكك الحديدية، لافتا إلى طن الخردة كان يباع بقيمة تصل إلى ألفى جنيه قبل عملية التطوير، مؤكدا أن محطة مصر أصبحت منظمة بطريقة أفضل من الماضى فى الوقت الذى تتم فيه أكبر عملية تطوير فى قطاع السكة الحديد، لافتا إلى أنه يتم تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بشأن مشروعات السكة الحديد فى الوقت الذى يتم فيه تحصيل مليون تذكرة يوميا فقط.
وحول عدد الركاب الذين يتوافدون على محطات السكك الحديدية قال الوزير: أنه يتم تنقل من 2.5 إلى 3 ملايين راكب يوميا، منهم من مليون يدفع تذكرة فقط ونصف مليون باشتراكات، ومن 500 إلى 600 ألف وجايز يوصل لمليون راكب يستخدمون السكة الحديد بدون تذكرة، مشيرا إلى أن منظومة السكك الحديدية تخدم ملايين المصريين، ويجب أن يؤدى كل موظف دوره للحفاظ على سلامة الركاب، مؤكدا أن الإهمال سبب وقوع حادث قطار الإسكندرية، وفي هذا الصدد أكد المهندس الوزير،أنه تم إلغاء سائق الوردية ويعمل داخل الورش فقط، وأن قائد القطار هو المسئول عن تسليم القطار للورشة، موضحا أن السكك الحديدية كانت تنقل مليون راكب قبل ثورة يناير، ثم انخفض العدد إلى ما يقرب من 600 ألف خلال الفترة من 2011 إلى 2013، بسبب انخفاض عدد الجرارات إلى 400.
وعن أن بعض العناصر غير سعيدة بتطوير هيئة السكك الحديدية، أكد أنه تم فصل قائد قطار سوهاج ومساعده بعد الحادث، حيث إن الفصل من الخدمة عقوبة من يتسبب فى وقوع حادث وهذا إجراء قانونى، ومشيرا إلى أن كل من يثبت فى التحقيقات أنه متسبب فى حادث قطار يتم فصله، مضيفا أن الرئيس السيسى أصدر تكليفات بأن تكون جميع عربات القطارات إما جديدة أو مطورة بنهاية هذا العام، موضحا أن السكك الحديدية المصرية الثانية فى العالم بعد سكك حديد بريطانيا، ولافتا إلى أنه سيتم منح حوافز للعاملين الجادين فى السكة الحديد، وقال الوزير أن عدد الركاب ارتفع إلى مليون راكب مرة أخرى ابتداء من 30 يونيو 2020.
ولفت المهندس كامل الوزير أيضا، إلى أن التطوير مكن السكك الحديدية من شراء جرارات وعربات جديدة، مع إصلاح التالفة، متابعة: نستهدف وصول عدد ركاب السكك الحديدية إلى 2 مليون راكب فى 30 يونيو 2023، وجارى إعادة تأهيل جرارات دخلت الخدمة منذ الثمانينات، وأن نسبة الإشغال فى قطارات الصعيد تتجاوز 120% وتصل إلى 200% فى الأعياد، مشيرا إلى أن القطار الكهربائى أسرع وأكثر حمولة وأقل تلوثا للبيئة، متابعا بالقول: (بدء تشغيل القطار السريع السخنة مطروح يوليو 2023)، مضيفا أنه تم دراسة الأماكن التى تحتاج إلى القطار الكهربائى السريع، مستدركا: (القطار السريع من السخنة إلى العلمين يخدم تجمعات سكنية فى السخنة والسويس، ودراسات القطار السريع من السخنة – العلمين بدأت منذ عام 2015، ومن تعمل فى المشروع شركات مصرية).
أما بخصوص المستقبل الذي يرفع الهموم عن كاهل مواطني الصعيد، قال الوزير لأحمد موسى، أنه سيكون هناك قطار سريع للصعيد بسرعة 230 كيلومترا فى الساعة وقطار إقليمى بسرعة 160 كيلومترا فى الساعة، متابعا: (نسبة الإشغال بأحد القطارات بكفر الشيخ 12%، وهناك تسرب من دفع قيمة التذكرة بسبب بعض الركاب وكمسرى القطار، وكان إهمال فى السكة الحديد فى الماضى، والكمسارية يحصلون على 40% من قيمة التهرب من دفع التذكرة، واستفادوا من زيادة غرامة التهرب من دفع التذكرة، وكانت تضيع 480 مليون جنيه سنويا على السكة الحديد من قيمة الغرامات).
وأشار إلى أنه عندما ذهب توجه إلى ورش السكك الحديد لمتابعة الأعمال، استقبله عمال الورش بشعار تطهير وتطوير السكك الحديد، مردفا: (الخردة فى السكة الحديد كانت تباع مجانا وأصبحت الآن تباع بالطن وسعر الطن وصل لـ 7 آلاف جنيه، ونقوم بعمل عمرة كاملة للجرارات، بدأنا فى زيادة عدد ورش القطارات فى السكك الحديدية لزيادة معدلات الإنتاجية والكفاءة)، في هذا الصدد فإن الدولة اعتمدت 300 مليار جنيه لتحديث وتطوير منظومة السكة الحديد والصيانة، وسيتم ربط الحوافز على كامل حصيلة شباك التذاكر وصرفها للعاملين فى تلك المنظومة وتطبيق نظام حوافز صارم ومنضبط للعاملين ويحقق دخل إضافى أكبر، والرئيس السيسى صدق على تعيين 550 مهندسا وفنيا فى السكة الحديد”.
تحدث كامل الوزير في حواره لأحمد موسى في كل ما يتعلق بالسكك الحديدية من أمور تخص المركز الطبى للسكك الحديدية الذي يقدم خدمات صحية متميزة للعاملين وأسرهم، وكذلك تطرق وزير النقل إلى الطريق الدائري قائلا: (إن ما نفعله على الطريق الدائرى اليوم كان يجب أن يحدث منذ 10 سنوات فى ظل وجود 213 ألف سيارة تتحرك على الدائرى يوميا، وأنه الانتهاء من تحويل الدائرى إلى 7 حارات فى 30 يونيو المقبل، وذهب في حديثه إلى أنه لن يتم السماح بمرور الميكروباص على الطريق الدائرى عند وجود الأتوبيس الذكى، وسيتم إزالة 2000 منزل لتوسعة الطريق الدائرى.
وتظل النقطة المحورية في حديث كامل الوزير لأحد موسى ربما تكون هى إشارته إلى أن تكلفة تكاليف إنشاء المشروع القومى للطرق تبلغ 150 مليار جنيه، لافتا إلى أن شركات أجنبية ستتولى إدارة وتشغيل القطار الكهربائى والمونوريل، وخلال الحوار لفت كامل الوزير أيضا إلى إنه تابع 22 محورا تنمويا إنشائها منذ 2014، مضيفا أنه المحاور التي يتم إنشائها تنموية وصناعية وتربط الطرق، وتخدم التجمعات الصناعية والسياحية، على جانبي نهر النيل.
ومن أخطر تصريحات الوزير لأحمد موسى هو اعترافه بأن هناك عناصر إرهابية متطرفة داخل السكك الحديد، مشيرا إلى أن هناك 268 عنصر إخواني في السكك الحديد ووزير الداخلية قال لي أنه أرسل قائمة بأسمائهم عام 2018 لوزير النقل السابق، وأكد أن الداخلية طلبت نقل العناصر المتطرفة إلى أماكن غير حساسة ولكن لم ينفذ، ومعظم العناصر الإخوانية الارهابية كانوا يعملون في الأماكن الخطيرة مثل قائد القطار أو الورش، وأن 95% من العناصر المتطرفة ينتمون للجماعات الإرهابية، وتم الإبلاغ عن 13 من قيادات العناصر الإثارية بالسكك الحديد المحرضين ضد العمل، مستدركا أنه لن يتم عودة العمال المحرضين في السكك الحديد إلى عملهم، وأنه أوقف 13 من العناصر الإثارية عن العمل لمدة 3 أشهر مع خصم نصف راتبهم، وتم رصد 27 عنصرا إثاريا يحرضون العمال على عدم العمل ووقف الإنتاج.
عندئذ انتهى الحوار الكاشف بين وزير الموصلات المهندس كامل الوزير والإعلامي المثير للجدل (أحمد موسى) ليؤكد على حقيقتين مهمتين للغاية، أولهما: أن لدينا مسئولين في مصر على قدر من الكفاءة والمعرفة بحقائق الأمور التي تتعلق بمصلحة المواطن، وثانيا: وجود إعلاميين على ذات الدرجة من الوعي بمصلحة الوطن وأبنائه من البسطاء والمهمشين.. فتحية تقدير واحترام للإعلامي أحمد موسى الذي ينحاز دائما لمصلحة البسطاء، وتحية أكبر لوزير المواصلات كامل الوزير على شجاعته في اقتحام مشاكل المواصلات والطرق في مصر بطول البلاد وعرضها.