نهاد طربيه آخر ما غنى لبليغ حمدي، وكرم الأطرش فى (خمسة ستة سبعة)
كتب : أحمد السماحي
من الأصوات اللبنانية الطربية التى خسرها المستمع العربي في السنوات الأخيرة إثر نوبة قلبية عام 2018، المطرب (نهاد طربيه) الذي كان يمتلك صوتا فيه عذوبة ورجولة، صوت لا يجعلك تفكر في مرارة الأيام وأنت تسمعه، أو الخوف من بكره، غير متحذلق في الأداء، طبيعي في شعبيته، تستطيع أن تميزه من بين عشرات الأصوات التي تغني، وتقول هذا (نهاد طربية)، وعلى مدى مشواره قدم كل الألوان الغنائية وتألق فيها، وقد سرق أكثر من مغن اللون الشعبي الجميل الشيك الذي اشتهر وتميز به.
تعرفت بالنجم الرحل (نهاد طربيه) عند حضوره فى نهاية التسعينات إلى مصر لحضور أحد المهرجانات الغنائية التابعة لوزارة السياحة، وفوجئت بتواضعه الشديد، وأدبه الجم، لدرجة أخجلتني، خاصة وأنني كنت من المتابعين لمشواره منذ البداية عندما كان متأثرا بالنجم الكبير (فريد الأطرش)، ولم ينكر هو معي هذا التأثر، بل أذهلني بقوله: (أنني نقطة في بحر هذا العملاق الكبير).
هذا المطرب الذي عشق الغناء، ولم ينصفه الغناء، أثرت حرب لبنان على مشواره بالسلب، رغم عشقه وغنائه لهذا البلد العظيم الذي لحن وغني له مجموعة من الأغنيات الوطنية الرائعة مثل (لبنان يا حبنا، أنا لبناني، قالوا لبناني، كفاني عيش بالغربة) وغيرها، ومن الأشياء التى تؤخذ على (نهاد طربية) طيبته الشديدة، هذه الطيبة التى جعلت بعض الملحنيين يحصر صوته فى أداء نوع معين من الأغنيات الشعبية البسيطة التى وضعته فى غير مكانه الصحيح الذي يستحقه عن جدارة، لكن موهبته الخصبة تمردت وجعلته يقدم الأغنية الرومانسية على فترات متباعدة مثل (مشوار الحياة، خلاص حاسيبك، بعز الليل، بعدك طول) وحقق نجاحا كبيرا فيها.
بلغ (طربيه) قمة شهرته في الثمانينيات من خلال أغنية (بدنا نتجوز عالعيد) التي تخطت حدود لبنان وحققت انتشارا واسعا في كل الدول العربية، وقام بغنائها كل المطربين المصريين والعرب، لكنه لم يستفد من هذا النجاح فى مصر، حيث تاه صاحب الأغنية الأصلي، كما حدث أيضا في أغنيته (حمد الله ع السلامة ياراجع م السفر)، ومن المعلومات التى لا يعرفها الكثيرين أنه كان أول من قدم للساحة الغنائية الملحن المتميز الراحل (حسن أبوالسعود) الذي غنى له مجموعة كبيرة من الأغنيات الشعبية، كما كان آخر من غنى للموسيقار العبقري (بليغ حمدي) حيث غنى له (القمر مسافر) و(لحظة غضب).
هذا الأسبوع سنتوقف مع أحد ألبوماته الغنائية يجوز ليس أشهرها ولا أفضلها، لكنه من الألبومات المنسية له والذي طرح فى الأسواق تحت إسم (خمسة، ستة، سبعة) وتضمن ستة أغنيات حمل الوجه الأول ثلاثة أغنيات من كلمات وألحان وتوزيع الملحن المبدع (حسن أبوالسعود) وهى (خلاص ح سيبك، أنت حرامية، خمسة ستة سبعة)، والوجه الثاني تضمن (حبيبك عسل) كلمات أيمن جاز، ألحان شاكر الموجي.
وأعاد (نهاد) بصوته فى هذا الألبوم أغنيتين للموسيقار (فريد الأطرش) هما (أرحمني وطمني) كلمات حسين السيد، و(ما قالي وقلتله، يا عوازل فلفلوا) كلمات عبدالعزيز سلام.
الألبوم تم تسجيل أغنياته في استديو (صوت الحب)، وإنتاج وتوزيع شركة عبدالله، وجاء غلاف الألبوم بسيطا ومتميزا يحمل صورة جميلة للمطرب الراحل الذي كرمته لجنة (رواد الشرق) عام 2011 ، في حفل شاركت في إحيائه الأوركسترا الكلاسيكية التابعة لموسيقى قوى الأمن الداخلي بلبنان بقيادة الرائد زياد مراد، وبرعاية وزير الداخلية والبلديات وقتها المحامي (زياد بارود) ممثلاً بمدير عام الوزارة (خليل الحجل).
رحم الله مطربنا اللبناني الكبير صاحب القلب الطيب، والأخلاق النادرة.