لسنا ملائكة .. كلاكيت – خامس مرة !
بقلم : سامي فريد
فيلم (لسنا ملائكة) للثلاثي سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد، يرحمهم الله جيمعا، مأخوذ عن مسرحية للكاتب الفرنسي (ألبير هوسون)، كتبها للمسرح من ثلاثة فصول عام 1952 ولاقت نجاحاً كبيرا في فرنسا حيث طافت بالعديد من المدن الفرنسية وسط إعجاب وحب الجمهور حتى تحولت إلى فيلم أمريكي سنة 1956 بعد أربع سنوات من نجاحها المسرحي .. وكان الفيلم الأمريكي الأول من بطولة (همغري بوجارد وبيتر اوستينوف) .. وقد نجح الفيلم أيضا.
ثم وفي سنة 1989 وللمرة الثالثة بعد المسرحية ثم الفيلم الأمريكي الأول تتحول إلى فيلم أمريكي من بطولة (روبرت دينيرو وستون بيت)، وكان ثلاثي أضواء المسرح وعلى مسرح (الهوسابير) قد قدمها كعمل مسرحي لاقى أيضا كثيرا من النجاح للثلاثي الكوميدي الجديد، وكان ذلك عام 1964 تحت عنوان (طبيخ الملائكة) من إخراج حسن عبدالسلام وبطولى آمال زايد وعبدالخالق صالح وزكريا موافي إلى جانب الثلاثي. وكانت تلك هى المرة الرابعة التي تقدم فيها مسرحية (ألبير هوسون) في مصر.
ولأن النجاح يغري بالنجاح فقد تقدم لإنتاجها للمرة الخامسة كفيلم سينمائي المنتج مراد رمسيس نجيب وبنفس الاسم (لسنا ملائكة)، وكان ذلك عام 1970، وهو الفيلم الذي أخرجه محمود فريد من سيناريو وحوار فاروق صبري، وبطولة الثلاثي (سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد مع عباس فارس وعبدالعليم خطاب وسمير صبري وأشرف عبدالغفور وحسن مصطفي وزكريا موافي وعلية عبدالمنعم وشاهيناز)، ثم أضافوا إليه الأغاني والرقص أيضا من نجوى فؤاد وفهد بلان. كانت الأغاني من تأليف حسين السيد أما الألحان فكانت لمحمد الموجي.
ولأن الفيلم من بطولة ثلاثي أضواء المسرح الناحج جماهيريا نجاحا مذهلا فكان لابد من بعض الكوميديا والغناء والرقص أيضا.
ويقدم لنا الفيلم الثلاثي في صورة جديدة كثلاثة من أرباب السجون الذين يخضعون عتاولة السجن بقسوتهم الضاحكة طبعا وسيطرتهم على المساجين التي تثير الضحك أيضا.. وهم الثلاثي طبعا – من حبس انفرادي إلى حبس انفرادي آخر.
وبعد توصية من مأمور السجن المنزعج من إجرامهم يصدر القرار بنقلهم إلى سجن أكبر وليكن (أبي زعبل)، وأثناء سفر سيارة السجن بم إلى أبي زعبل بحراسة الشاويش حسن مصطفي والعسكري زكريا موافي فتتعطل بهم سيارة السجن على الطريق الزراعي مع بعض المشاهد الكوميدية طبعا ويرى الشاويش حسن مصطفي، أي يذهب العسكري المقهور زكريا موافي سيرا على الأقدام إلى سجن أبي زعبل لطلب النجدة. لكن سيارة الباشا صاحب الأرض والأملاك تتوقف لإنقاذهم وحملهم إلى السراي التي يعيش فيها مع زوجته علية عبدالمنعم وابنته شاهيناز.
ولابد هنا من بعض المواقف الكوميدية التي تدل في النهاية – رغم جرأتها – على رغبتهم في مشاهدة هذه الأسرة، خاصة بعدما علموا وشاهدوا الباشا الطيب المديون لا قطاعي لا يرحم هو عبدالعليم خطاب، الذي يظنهم بعض أبطال السينما ويتغاضون هم عند هذا، بل ويتمادون فيه ويقنعون سمير صبري بأنهم سيقدمونه في فيلمهم الجديد.
ويحمل عبدالعليم خطاب بمظهره الجامد والقاسي حقيبة وضع فيها كل أوراق الدين الخاص بعباس فارس الذي وجد كل رغبة في المعاونة من أفراد الثلاثي أرباب السجون سابقا.. وببعض الحيل والمفارقات يستولون على الحقيبة التي تحمل أوراق الدين ويلقونها في ماء الترعة، بينما هو يحاول انقاذها لتحترق ولا يجد الرجل سوى الاستسلام لتلك المصيبة فيستسلم ويوافق على قبول أي مبلغ يقدمه له عباس فارس ويعود من حيث أتى، وقد تغير حاله راكبا دراجة هوائية وقد حمد الله على نجاته من أيدي هؤلاء الذين لايعرفهم والذين تدخلوا لإنقاذ الرجل الطيب الكريم الذي استضافهم في بيته.
هكذا .. وللمرة الخامسة يستمر نجاح ألبير هوسون الذي لم يتوقعه ولم يحسب حسابه ليتحول إلى عمل كوميدي ناجح يلعب فيه الثلاثي أدوارا لا تليق في عرف الجمهور إلا بفريد شوقي ومحمود المليجي وحسن حامد، وكل تلك الشلة من عتاة ممثلي الإجرام.. لكنها السينما عندما تريد ويفسر الجمهور ويرضى ويستمتع!
وملاحظة أخيرة على الفيلم هى أربعة مشاهد لابد أن تتوقف أمامها طويلا.. أولها: عباس فارس الممثل القدير وهو يتخرم ليرقص على تصفيق الثلاثي وثانيها: الثلاثي الذي يسيطر على عنبر المساجين العتاة فيشبعهم ضربا عنيفا وكأنهم الثلاثي فريد شوقي مثلا.
والثالث: هو عبدالعليم خطاب وبرغم كل أدواره الخشنة والقاسية ولن ننسى مثلا (زهرة العلا) التي قتلها في فيلم على الكرة وأحمد مظهر.. والرابع وهو مشهدا الفيلم الأخير الذي أداه جورج سيدهم بدون الضيف أحمد وتسأله طفلة أضافوها على المشهد عن عمر رمضان فيرد جورج والدموع تلمع في عينيه أن عمر رمضان قد سبقهم وسافر وانه لن يعود ثانية.
أما عبدالعليم خطاب فبرغم كل أدواره الصعيدية والمخيفة فقد شاهدناه في الفيلم يركب البروكة بمظهره المضحك وقد سقطت عبارة وكل هيلمانه سيتو والبسكيلت كأنه قائدي الدراجة الهوائية هربا بنفسه من افعال الثلاثي معه والتي ذهبت بكل أوراقه وأمواله!