الميديا .. وزمن الرويبضة !
بقلم : علي عبد الرحمن
كثر الحديث هذه الأيام عن إصلاح حال المشهد الإعلامي، تارة بإعادة التنظيم وأخري بإعادة الهيكلة وثالثة بتولي قيادات أفضل، ومازال المشهد يتراوح في مكانه بين أهل الإنتاج وخاصته ولم يتطرق إلي المخططين وصناع المحتوي وأساتذة الإبداع وخبراء التطوير وأهل المنافسة والتجديد وسادة التوزيع والتسويق وأئمة العمل على عودة القوة الناعمه لمصر وتقوية روافدها وتنوع مصادرها.
ولأن المشهد يقتضي إخلاصا للوطن وإعلامه وولاءا للمواطن وأفكاره، ولأن المنافسة شديدة وحروب الإعلام عاتية ومشهدنا مرتبك رسميا وشبه رسمي وإنفاقنا باهظ وخبرائنا مغيبون عن المشهد، ولأن إصلاح الإعلام عمل وطني يستحق لكل وطني ذو خبرة مفيدة أن يساهم فيه فعلينا فتح الأبواب لأفكار مبتكرة في تنوع المحتوي وتنافسه وتأثيره واعتدال تكاليفه وتعظيم فائدته للوطن وتأثيره علي المواطن.
ولأن الحال كذلك أجدني أنصح أهل الإصلاح وإعادة التنظيم والهيكلة أن يضعوا الكادر في مكانه من مخطط أو منفذ أو متابع أو مسوق أو صانع محتوي أو مقيما أو مشاركا في أي من مراحل الإنتاج الإعلامي المتعددة وأن يوكل الأمر إلي أهله وأن لايسود زمن الرويبضه، فقد ورد عن أبي هريره (رضي الله عنه)عن رسول الله (صلي الله عليه وسلم) أنه قال: (سيأتي علي الناس سنوات خدعات،يصدق فيها الكاذب،ويكذب فيها الصادق،ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين،وينطلق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضه يارسول الله، قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة) صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم.
ولما كان أمر الإعلام هو أمر العامة فلايصح أن يتكلم فيها الرويبضة، فلقد سمعنا ومازلنا عن الإعلامي فلان الفلاني يوزع كروتا بذلك ويطلق صفحات للتواصل بذلك، بل ويتحدث في وسائل الإعلام علي أنه خبير إعلامي يقدم روشتة إصلاح الإعلام، ويا لجرأة هؤلاء الرويبصة، يملأؤن المشهد ضجيجا وخبراء الإعلام مغيبون فأصبح من يمر أمام ماسبيرو إعلاميا ومن يسير ناحية مدينة الإنتاج إعلاميا، بل ومن يمتلك شاشة أو جهاز تليفزيون إعلاميا، ومن له قريب أو صديق إعلامي فهو إعلاميا، ومن لديه جهاز راديو في السيارة إعلاميا.
وتمتلأ المشهد بالمتأعلمين وغاب عنه أهل الإعلام وخاصته رغم وجود نقابة للإعلاميين ومجلس وهيئات وتشريعات وقوانين كلها لحماية المهنة من الدخلاء عليها، ولكن الظاهرة مستمره وكيانات الإعلام موجودة، وغريب هذا جدا، فانتشر الرويبضة في مشهدنا الإعلامي وانتقلت العدوى إلى مشاهد كثيرة متخصصة مما يستوجب زوال هذه الظاهره من مشهدنا ونحن نعيد ترتيبه وتنظيمه وهيكلته.
ويتقدم الصفوف مجموعة خبراء الإعلام وصناع محتواه، وهم مجموعة محبي الوطن ومايمكن ان نطلق عليهم (ناس بتحب مصر) حتي نعيد توزيع الأدوار بمهنيه على النوافذ الإعلامية المتعدده رسميا وشبه رسمي، ونعيد وضع الخطط الاستراتيجيه لإعلامنا محددة الأهداف وملمة بالنتائج وبمشاركة كافة خبراء الوطن ومحبيه وليختفي ذلك الرويبضة والمتأعلم، سواء كان من داخل الوطن او من خارجه ممن تطوعوا للفتوي في شأن الميديا والفن المصريين فتارة سيطور وأخري سيجدد وثالثه سيكتشف مواهبه ورابعه سينقب في تراثه وخامسة سيلون سواد وسادسه سيدعم إنتاجه،أما السابعة فلا!!!، وهى سيرد إليه قوته الناعمة ومصادر دخله.
فهل أصبح إعلامنا عملا تطوعيا يتلقي المساعدة أم عاجزا يحتاج اجزالى الدعم والدفع، أم سائبا يستحق السطو، أم يتيما يبحث عن ذويه!!!، إن ضرورات هذه المرحلة الحاسمة في مسيرة الميديا المصرية تقتضي حوارا مجتمعيا لبحث مشاكل الإعلام كلها، لإعداد ورقة عمل وطنية تكون بمثابة الخطة التي يتم ترجمتها إلي إنتاح متنوع وراق يحقق أهدافا ويصنع فرصا للتسابق ويرد لمصرنا ريادتها وقوتها الناعمة وللمواطن ثقته، وللوطن أهدافه وللشاشة تجمعها وللإعلام ريادته وللخبراء دورهم.
دعونا نجمع شمل الإعلام وأهله وننوع فرق عمله بما يتطلبه إصلاح المشهد ونبعد عن الشخصنة وأصدقاء الدراسه والعمل وأهل الجوار، وألا يكون المشهد حكرا علي جماعة أو شله، وأن نفتح الباب لكل فكر وطني داعم من أهل الخبرة والعلم، لأن وطننا أمانة، وأهلنا مسئولية، وإعلامنا شرف يتسابق الشرفاء عليه، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.. وللحديث بقايا قادمة..