صناع المحتوي الإعلامي .. وا محتواه!
بقلم : علي عبد الرحمن
الإعلام رسالة لها محتوي من ورائه هدف يسعي مطلقوا القنوات إلى تحقيقه سواء كان المطلقون دولا أو مؤسسات لأن صناعة الإعلام مكلفة ومؤثره أيضا فالطبيعي أكاديميا وتطبيقيا أن يتم التخطيط للإنتاج متضمنا الهدف منه والرساله المستهدفة، ويتم التنفيذ ومتابعة تطابق المحتوي للهدف، ثم يتم البث ومتابعة التأثير ورجع الصدي للوقوف على جودة المحتوي وتحقيق الهدف المنشود من الإنتاج والإنفاق والبث.
وللمحتوي صناعه من خبراء الإعلام والشأن العام ومختصيه وهم أركان مهمه في شبكات وقنوات الإعلام، فهم أهل التخطيط والتحليل والتحديد والصياغة وضمان التنوع وحماية الحرية الإعلامية لكل طوائف الأمه ،مكانيا وعمريا ومهنيا، حتي تري كل طائفة نفسها على شاشات البث، كما أن صناعة المحتوي هى الضامن لجودة المنتج وملائمة المحتوي وتنوعه، وهم حماة الهوية والإنتماء وهم حراس إعلام الخدمة العامة من تغول الترفيه والتسفيه علي محتوي البث،.
ورغم أن لدينا (مجلسا أعلي للإعلام وهيئتين وطنيتين وثلاث نقابات وغابة من التشريعات والقوانين وكليات إعلام وأكاديميات ومعاهد وأساتذه وخبراء، ومجتمع مدني يقظ وجهاز لحماية المستهلك وهو متلقي الخدمة وجمعية لحماية حقوق المستمعين والمشاهدين، والعديد من مراصد الإعلام في جهات قومية عديدة)، إلا أن المحتوي الإعلامي المذاع أصابه التشابه والتكرار والتسفيه وبعد كثيرا عن الجودة والملائمة وصياغة الرسائل وتحديد الأهداف، واختفت مفاهيم التنوع والتثقيف والتوعيه والتربية والإنتماء والهويه عن محتويات البث، ذلك لغياب صناع المحتوي عن المشهد، وإسناد الأمر برمته إلي كوادر ماليه وخبرات إنتاجية تهدف – حسب خبرتها – إلي التكلفه وبنود الصرف ولاتمت بصلة إلي محتوي ماينتج ويذاع، وليتهم نجحوا فيما يعرفونه وهو الشق المالي في الانتاج !!!
بل خسروا الملايين والجماهير والرسائل والهدف، وأصبحت الشاشات متشابهة والمحتوي متكرروالتنوع مفقود والإعلام مركزي، وضاعت الأهداف، واختفت الرسائل وضللنا الطريق وأهملنا مبررات الانتماء وروافد الهوية ولم يعد في مشهدنا صناعة محتوي ولا صناعه، ولم يعد لدينا خطة قومية للإعلام المصري، ولا نعلم شيئا عن خطة إنتاج إعلام الوطن، ولم نرسي ثقافة التنوع ولم نعر الحقوق الإعلامية للمواطنين أدني انتباه، وتركنا إنتاجنا كله للمنوعات والطبخ والدجل وكرة القدم، واختفي من انتاجنا وخرائط بثنا محتوي مخصص للطفل أو الأسرة أو الشباب أو التنمية أو الثقافة أوالدين أو التاريخ أو الهوية أو الاستثمار أو أطراف الوطن، أو أبنائه خارج العاصمة.
ولم يشغل ذلك أحدا من أهل الإعلام والقائمين عليه، وترتب علي ذلك إعلام بلا محتوي متنوع ومواطنون خارج خرائط البث وموضوعات أهملها الإعلام وأماكن لم تتم الإشارة إليها في وسائل إعلامنا، وأصبحت حالات الرفض لمايبث عديدة وحالات النقد له شديدة وحالات القصور فيه مديدة، وضاعت لدينا مفاهيم هامه تطبقها دول العالم والمنطقه ممن سبقناهم عهودا في الانتاج والبث!، فلم نسمع عن التربية الاعلاميه في المدارس،ولاتعلم الممارسة الإعلامية الصحيحه لطلاب الإعلام، ولا عن إعلام الخدمة العامه ومحتواه، ولا عن ثقافة التعرض والانتقاء للنشئ ليميز النافع من الضار ويختار، ولا عن إعلام المواطن الذي أصبح مراسلا ومصورا ومنتجا وباثا دون خبرة أو أصول مهنية.
وإمتلأت صفحات شبكات التواصل بأخبار وأحداث وصور وأراء بعيدة عن المهنيه وسيئة الأثر نظرا لفراغ المحتوي وفقدانه للتنوع واللامركزية، مما جعل المواطن يصنع إعلامه بنفسه وهو ليس بدارس ولا متخصص، كما أن الرئيس نفسه أصبح يصنع إعلامه بنفسه شخصيا، وببعض وحدات مؤسساته غير الإعلامية وكذلك الحكومة والوزارات والهيئات!، فماذا ينتظر أهل الإعلام ومدبري أمره؟!، وهل حان الوقت لإصلاح هيكلي وتنظيمي ومالي لقطاع الإعلام الرسمي وشبه الرسمي؟!، وهل هذا الإصلاح يمكن أن يستقيم عوده والمحتوي أعوج؟!، وهل يمكن أن نضع خطة موازيه لخطط الإصلاح المالي والتنظيمي تكون خطة إصلاح المحتوي وتنوعه ولا مركزيتة؟!، وهل نستهدف تغيير قيادات بخبرات إنتاجية لنضع بدلا منها قيادات بنفس الخبرات، فأين صناع المحتوي من المشهد؟، ولماذا غابوا ومن تعمد إبعادهم؟.
أليس من المنطق ان يضم هيكل أية شبكه أوقناة (مخططين،وصناع محتوي، ومن لهم خبرات إدارية وإبداعية وإنتاجيه) لضمان محتوي إعلامي جيد، متنوع، إبداعي، تنافسي،لامركزي، ذو أهداف قومية، ورسائل وطنية يدعم الوطن ومسيرة تقدمه والمواطن ومسيرة طموحه ويرسي ثقافة الانتماء، ويدعم روافد الهوية يعلم ويخبر، ويثقف وينشأ، ويشبع ويجمع، وينشر فكرا ويعيد قوة ناعمة، ويرضي القائد والحكومة والشعب والخبراء وحتي أهل الاعلام الغيورين عليه.
ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فالوطن أمانة والإعلام مسئولية، والكلمة شرف ونحن إخوة في الوطن وشركاء في المسئولية، ومصرنا وطن للجميع نعيش فيه ونحلم له ويعيش فينا ويحقق لنا أحلامنا.. وللحديث شجون وبقيه..
التعليقات مغلقة.