كتبت سدرة محمد
نسمة محجوب .. صوت أسمهاني الهوى عصرية في اختيارالكلمة واللحن تحمل بين جوانحها مزيجا رائعا من الغناء على الطريقة القديمة التي تبعث على المحبة والشجن، ولون الغناء الأوبرالي في ثوب مختلف عن السائد في هذا الفن الذي يعد انتقائيا حيث يخاطب شريحة صغيرة من عشاق فن الغناء، لكنها عبر أدائها البارع حولته إلى فن شعبي يحمل مزاجا خاصا ويصنع حالة فنية بديعة ومبهرة، حتى أنها تثير في نفوسنا ذلك السؤال الصعب: لماذا نطرب لصوت معين؟، ما الذي يجعل صوتا ما يمس مشاعرنا وأحاسيسنا، ولماذا نعشق نبرة مطرب أو مطربة معينة ويصبح هو الأقرب للتعبير عن أفراحنا وأشجاننا؟ .. هناك عدة عوامل تلعب دورا في تحبيب أذن المستمع إلى صوت ما، من أهم هذه العوامل: قوة الصوت، ودفء الإحساس، والتمرس في الأداء.
وهذا ما ترجمته نسمة محجوب، في لقائها الحميمي الدافئ ليلة أمس الخميس مع الإعلامية القديرة القادمة بقوة من جديد لشاشة (ماسبيرو) شافكي المنيرى، حيث حاروت نسمة بحرفية عالية، وغاصت معها في عالم فنها الغنائي من خلال تنويعات على مقام الدهشة الغنائية التي تحبب الناس في صوتها، وقد صنعت طوال الحوار الطويل حالات من الشجن أكدت في أغلبه على حنجرة تؤكد أن تمتلك صوتا عريضا يمكنه أن يغطي أعلى وأخفض درجات السلم الموسيقي، من خلال علو صوتها الأكثر حدة الآسر للقلوب (الجواب) ونزولا من أعلى إلى أسفل بطريقة انسيابية وصولا إلى منطقة (القرار)، تماما كما كان المطربون القدامى يستعرضون أصواتهم نزولاً وصعوداً بين القرار (الطبقة المنخفضة) والجواب (الطبقة العالية)، وكانت خامة الصوت المميزة لها، إضافة لحرفية المطرب، هى ألهبت أحاسيس المستمعين، وأطلقت آهات الإعجاب بها على الشاشة.
حكت (نسمة لشافكي) عن رحلتها الغنائية حيث تغيرت حالها الآن بعد أن اكتسبت خبرة طويلة على خشبات المسرح ، ودخلت عوامل أخرى ساهمت إلى حد كبير في تحديد شعبيتها كمطربة تخوض تجارب متعددة، فلم يكن الجمهور يتوقع مثلا من مطربة شابة قادمة من برنامج مسابقات أن تدفع بالميكرفون بعيدا في غناء حيّ، وتغني مباشرة لجمهورها منتزعة تصفيقه وإعجابه بحنجرتها القوية، كما سبق أن فعلت أم كلثوم، وذلك على جناح الاستعراض، من مظهر شخصي وإخراج مميز للفيديو كليب، وموسيقى راقصة تلعب أدواراً تتسق تماما مع خامة الصوت، ولأن المقاربة العلمية للغناء والموسيقى في الوطن العربي لا تزال ضعيفة، تأتي هذه محاولات (نسمة محجوب) لتؤكد على أهم الأسس التي يبنى عليها الصوت الغنائي في زمن الصخب والضجيج الحالي.
صالت وجالت شافكي بلغة بالغة الدقة في توجيه أسئلة احترافية مسكونة بالدفء لنسمة التي أشارت إلى كثير من المنغصات التي واجهتها في حياته ومنها مشكلة (شعرها) الذي أفقدتها الثقة إلى حد ما، لكنها تغلبت على تلك المشكلته بانخرطها في حفلات ومشاريع غنائية تجنح نحو الحس الوطني وفتح أبواب على الحرية والتعرض لمشاكل المرأة وحتى الرجل الذي ناله نصيب لابأس به من أغنياتها التي شدت بها على مسرح برنامج (التاسعة) أو وهى جالسة على كرسي مواجه لمحاورتها شافكي.
وقالت (محجوب) خلال حوارها ببرنامج (التاسعة)، الذى تقدمه الإعلامى شافكى المنيرى، أنها تؤدى ألوانا كثيرة من الغناء ولا ترتبط بنمط معين، وتابعت: (بغنى شرقى وأوبرا وإنجليزى وفرنساوى وإيطالى، ولذلك لم يكن لدى لون فى الغناء.. كنت فى كل حفلة أقدم ما يطلبه المستعمون).
جدير بالذكر أن انطلاقة (نسمة محجوب) الأولى كانت من خلال برنامج (ستار أكاديمي) بموسمه الثامن، على وقع الثَّورات في العالم العربي، وبين الشباب الطامح إلى الحرية والساعي إلى النجومية، أسدل البرنامج الستار على هذا الموسم، وأطفأت أنوار الأكاديمية، مع فوز الطالبة المصرية، نسمة محجوب، باللقب، محققة حلمها بالوصول إلى الشهرة والنجوميَّة، في حين مازال العديد من الشَّباب العرب يكافحون في ثوراتهم للوصول إلى الحريَّة والديمقراطيَّة، فازت نسمة صاحبة الصوت الأوبرالي باللقب، وهي الَّتي نجحت في كل الألوان الَّتي قدَّمتها بدءا من الطربي، مرورا بالأجنبي، وصولاً إلى الكلاسيكي، ولا ننسى طبعا تميزها بالغناء الأوبرالي، حيث أسرت قلوب الكثيرين، وحصدت نسبة 48.37% من الأصوات.
وتعتبر نسمة محجوب خريجة أحد برامج اكتشاف المواهب من المطربات التى تتميز بصوت قوى، وتمتلك منطقة مختلفة عن جيلها واستطاعت أن تفرد سيطرتها على الساحة الغنائية وحققت نجاحا كبيرا فى مشوارها، خاصة بعد تصدرها (التريند) بسبب تصريحها فى إحدى البرامج بأنها كانت أول طالبة في الجامعة الأمريكية (AUC) تدرس تخصص الأداء الموسيقى بمفردها وكانت تؤدى الامتحانات لوحدها.
وقدمت نسمة مسرحية (دنيا حبيبتى) مع الفنان القدير كمال أبو رية ورضا إدريس وسيد جبر ومجموعة من طلاب المعهد وإخراج القدير جلال الشرقاوى، وقبلها قدمت ثلاثة أفلام هى (ملكة الثلج، حمى الجليد، مغامرة أولاف الثلجية)، وأصدرت ألبوم واحدا فقط حمل اسم (هتقولى ايه) وقدمت بعض التترات الخاصة بالأعمال الدرامية كان آخرها (ليالى أوجينى) فى موسم رمضان 2018، من بطولة ظافر العابدين وأمينة خليل وإنجى المقدم.
قامت نسمة بإعادة توزيع بعض الأعمال منهم ما عرض فى رمضان مثل (رمضان جانا) وأغنية أيضا (سلمولى على مصر)، و نظرا لتميزها بصوت أوبرالى قوى استطاعت أن يصل صوتها إلى العالمية اختارتها ديزنى عام 2013 لتقوم بأداء أغنية (أطلقى سرك) للفيلم الأكثر نجاح فى عالم ديزنى (ملكة الثلج أو frozen )، وتم ترشيحها لشخصية (أليس) والتى قدمتها فى الفيلم من قبل الدكتورة جيهان الناصر مخرجة العمل موسيقيا، حيث رشحتها بالاسم وطلبت منها أن تذهب لعمل الاختبارات للشخصية فوافقتها.
وأخيرا :أعربت الفنانة نسمة محجوب، عن سعادتها الكبيرة وفخرها عندما جرى اختيارها لأداء أغنية (حكاية شعب) خلال حفل نقل المومياوات، وتابعت: (أنا حبتها جداً وكنت فى غاية السعادة والانسجام وأنا أقوم بغنائها)، مشيرة إلى أنها شعرت بالفخر بعد النجاح الكبير فى حفل المومياوات وكم القنوات الهائل الذى نقل الحدث حول العالم، ولفتت إلى أنها شاركت فى الحفل من خلال ترشيح الموسيقار هشام نزية، وتابعت: (من حظى السعيد أن الأعمال التى نفذتها مع هشام نزية نجحت بشكل كبير ونالت إعجاب الجميع).