يوسف شاهين يتذكر فيلمه (بابا أمين) ويعلن : أنا قاموس شتائم
كتب : أحمد السماحي
عام 1955 أجرت مجلة (الاتنين والدنيا) تحقيق مصورا عن الفيلم الأول فى حياة ثلاث مخرجين هم (صلاح أبوسيف، وعاطف سالم، ويوسف شاهين)، جاء فيه: إن الفيلم الأول فى حياة كل مخرج هو نقطة البداية التى كانت تكتنفها مشاعر القلق والتهيب والإشفاق من الفشل، فهل تعرف كيف قام بعض مخرجينا بمهمة الإخراج لأول مرة فى حياتهم؟، وها هو يوسف شاهين يحدثنا عن ملابسات قصة إخراج فيلمه الأول.
فى هذا التحقيق تحدث (يوسف شاهين) عن كواليس إخراج فيلمه الأول (بابا أمين) فقال: بعد عودتي من أمريكا حيث درست فن الإخراج خلال ثلاث سنوات، اشتغلت مساعدا للمخرج (فرنتشو) فى فيلم (إمرأة من نار)، ثم عرضت على شركة أفلام (مبازيم) أن أخرج لها فيلمها (بابا أمين) فقبلت المهمة، ودخلت الاستديو وكل شيئ معد فكان على أن آمر ببدء العمل.
ولكنني لم أكن أعرف الاصطلاح العربي الذى به تدور الكاميرا، (فضربت لخمة) وخشيت أن تنهار شخصيتي كمخرج أمام صاحبي الفيلم، والموجودين وغيرهم من الحاضرين، فاضطررت أن آمر بالبدء مستعملا الإصطلاح الأمريكي الذي أعرفه، ولكن تقول لمين؟ ولما شعرت أن من حولي ينظرون إلى كأنني أكلم نفسي أو (أهلوس) فكرت قليلا ثم قلت: (دور)! فإذا بالكاميرا تدور، لكنني كنت مشغولا عنها بجمع شتات شخصيتي المبعثرة!
وبعد شهرين تقريبا انتهى الفيلم وأشهد أني كنت خلال إخراجه مؤدبا جدا لا أثور ولا أشتم، أما الآن فقد أصبحت قاموسا للشتائم، سامحني الله، وظللت فى حرب مع أعصابي حتى حان يوم العرض الأول، فذهبت إلى دار السينما بعد أن بدأ العرض وبدأت أسمع الشتائم خلال عبارات الاستحسان فكاد يغمى على، وداخلني الخوف من الجمهور، فحاولت أن (ألخمهم) بفاتن حمامة، ومع أن من حولي قد أخبروني أن الجمهور لا(يهيص) هكذا إلا عندما يكون راضيا، فقد هربت إلى غرفة الإدارة، وهناك حضر والدي ثم عانقني ودموع الفرح تنهمر من عينيه، لقد كان سر فرحته بنجاحي حيث كان سني حينذاك لم يتجاوز الرابعة والعشرين.!