آه من حواء.. ترويض النمرة في فيلم كوميدي!
بقلم : سامي فريد
فكرة الفيلم تعود إلى القرن السابع عشر عندما كتب وليم شكسبير مسرحيته الرائعة باسم ترويض النمرة أو Taming of the sheets عن تلك الفتاة رائعة الجمال (كتارينا) التي تعتقد أن الجميع لابد أن يخضعوا لجمالها وأن يكونوا عبيدها تتحكم فيهم كيف تشاء حتى يخطبها ذلك الشاب (بتروشيو) فترفضه وتسخر منه وتتعمد إهانته وتحقيره لأنها لا تريده .. لكنه لثبات ورجاحه عقله يتحمل إهاناتها ويعاملها بكل العقل والمنطق حتى تنتهي المسرحية بعد سلسلة من الإهانات للخطيب بأن تتحول كتارينا المتمردة إلى زوجة مطيعة تضرب بها الأمثال في كل إيطاليا .. وقد قدمت السينما الأمريكية الفيلم من بطولة النجمة إليزابيث تيلور والنجم ريتشارد بيرتون كما قالت المسرحية.
ثم يأتي العبقري محمد أبو يوسف خريج قسم اللغة الانجليزية بآداب القاهرة وقد درس المسرحية في منهج الدراما بالكلية ليعيد كتابتها في قالب كوميدي جديد من ابتكاره ليس بينه وبين مسرحية وليم شكسبير سوي فكرة المرأة المتمردة والرجل راجح العقل الراشد.
ماذا فعل محمد أبو يوسف عندما قام السيناريو والحوار كفيلم كوميدي للسينما المصرية التي انتجته عام 1962 من بطولة رشدي أباظة (الدكتور البيطري حسن) ولبني عبدالعزيز (أميرة المتمردة) وحسن رياض (السيد أمين) صاحب المزرعة الكبيرة وجد أميرة ثم شقيقتها الصغرى نادية (مديحة سالم) خطيبة لمعي الكفراوي (عبدالمنعم إبراهيم)؟!
اختار أبو يوسف بطل الفيلك ليكن طبيبا بيطريا جاء إلى الفيوم بناء على استدعاء من الجد ليعالج بهائم المزرعة المريضة فيصادف في طريقه أميرة وقد تعطلت سيارتها على الطريق فيتوقف ليحملها معه إلى حيث تريد لكنها تنظر باحتقار شديد إلى سيارته القديمة تم تكرب متأففة حتى تصادفها على الطريق أوزة تبيض فيتوقف الدكتور حسن حتى تنتهي الأوزة من وضع بيضها وهو ما ترفضه أميرة التي كان الشحم من محاولتها إصلاح سيارتها قد صبغ وجهها وأعطاها شاربا كبيرا مضحكا. ويقرر الدكتور حسن العودة إلى حيث كانت سيارتها لينزلها ويواصل هو مشواره إلى المزرعة .. ثم نرى أميرة وقد اعتلت سطح عربية يجرها بغل تحمل زكائب القطن في طريقها إلى المزرعة لتفاجأ بحكيم البهائم كما تطلق عليه في حملة سخريتها منه وتسأله هو أنت هنا فيرد الجد بأنه الطبيب البيطري الذي قبل أن يحضر من القاهرة إلى الفيوم لعلاج بهائم المزرعة فتبدأ أميرة خطتها لإبعاده من المزرعة.
ويبدأ مشوار المقايضات والمشاحنات بين حسن وأميرة ينتهي واحد منها بأن تسقط أميرة في حوض ممتلئ بالماء والملح لتشرب منه رغما عنها فتصاب بإسهال حاد ولا يجد الجد محيصا سوى اللجوء إلى حكيم البهائم لعلاجها وترفض هى أن تعامل كأحد الحيوانات ويزداد بغضها لحكيم البهائم الذي دخل حياتهم ليكون الوحيد الذي يعارضها ويتحطم كل كبرياؤها عنده.
وتفكر أميرة في خطة أكبر تقنع بها الجد السيد أمين بأن يساعدها فتذهب إلى الدكتور حسن في المضيفة التي يقيم بها وحيدا وبعيدا عن البيت وتحاول التقرب منه وكأنها تريد مصالحة والاعتذار لها عما بدر منها نحوه من إساءات غير مقصودة.. ويكاد حسن أن يصدقها وعندما تخرج من المضيفة عائدة إلى الفيلا تبدأ في تنفيذ خطتها فيقوم بتمزيق حمالة فستانها والعبث بشعرها لتعود باكية إلى جدها تشكو له محاولة الدكتور حسن الذي يثق فيه والذي حاول الاعتداء عليها في المضيفة.
لكن ولسوء حظها العاثر أن رأها وهي تمزق ثوبها.. وتدخل أميرة على الجميع في حفل عيد ميلادها لتبدأ تلك التمثيلية فيخرج الجد متظاهرا بالثورة للانتقام من حسن الذي يحاول الدفاع عن نفسه حيث يفاجئه الجد بأنه قد رأي كل شيء، ويبدأ حسن هجومه المضاد فيقول مدعيا خضوعه لسحر جمالها ويطلب من الجد أن يزوجه منها ويراه الجد حلا مناسبا وتضطر هى للرضوخ، وفي اليوم الذي حدده لزواجهما يعود حسن إلى القاهرة وتظل هى تنتظر مع المدعوين والمأذون الذي ينصرف.
وتتصل هى بحسن ثم تذهب إليه ليعود معها إلى الفيوم لانقاذ الموقف ويتفقا وبعد تبادل الاتهامات ورده على كذبتها الكبيرة لتشوية صورته.. يتفقان على تمثيل دور من تزوجها في القاهرة وهكذا يبدأن حياة جديدة في المضيفة.. ولا يحتاج حسن الرجل الشريف إلى نصائح الجد الذي يثق فيه ويعده بأنه سيبدأ معها مشوار إعادة تربيتها وتأديبها لتتحول إلى إنسانة مختلفة.
وتبدأ أميرة لكي تكتمل الصورة كما اتفقا عليها في التحول إلى زوجة تغسل الملابس وتمسح وتطبخ وتكاد أن تنفجر حتى يأتي ذلك اليوم الذي تقدم السفرة لأسرتها فيفاجأ الجميع بألوان من الطعام الذي لا يؤكل فينفجر حسن ساخطا على اليوم الذي طلبها فيه للزواج.
وتطلب أميرة الطلاق في ذات اليوم الذي حدوده لزوج نادية.. ويصارحها حسن بأنة لا يستطيع طلاقها لأنه لم يتزوجها وأن المأذون سيطلب وثيقة الزواج ليطلقها وتدرك هى حجم المطب الذي وقعت فيه.. ثم يتم الاتفاق بسرعة على زواجهما وعودته إلى القاهرة ليرسل إليها منها قسيمة طلاقها.
وتكون أميرة قد بدأت تتغير نظرتها إلى الرجل الذي تحمل منها كل معاملة سيئة وإهانات.. يبدأ استعداده للعودة إلى القاهرة تجري خلفه لتطلب منه الطلاق، لكنه يرفض ويفتح باب سيارته ليعود إلى القاهرة يفاجأ بنفس الأوزة وقد وضعت بيضة على المقعد المجاور لمعقد السائق .. ويحاول حسن إبعاد الأوزة لكنها أميرة ترجوه ألا يفعل.. وترى أنها قد تغيرت بالكامل وأن وقت الحقيقية قد حان وهو أن تعيش مع حسن في القاهرة.
ويتزوج لمعي الكفراوي (عبدالمنعم ابراهيم) نادية (مديحة سالم) بعد بعض المشاهد الهزلية من حفل الزفاف واعتقاد نادية بأن لمعي كان شاهدا على طلاق أميرة وكان في المضيفة أحد شهود الزواج.
ويعود الانسجام إلى البيت.. وتصبح أميرة الزوجة المطيعة التي تغيرت بالكامل من فتاة متمردة إلى زوجة هادئة مطيعة.
الفيلم أخرجه القدير فطين عبدالوهاب وهو من إنتاج عام 1962.