* هو أحد الذين جسدوا أدوار رجال العدالة، والخارجين عن القانون بالكفاءة نفسها، وظل يتنقل بين هذه الأدوار طوال حياته الفنية
* لم يكن فى أحسن حالاته كممثل فى أدوار الشر إلا حين قام بهذه الأدوار أمام عادل إمام
* فى العقد الأخير من القرن العشرين بدأ يواجه مشاكله الخاصة التى أبعدته عن السينما
* لم يعمل طويلا فى السينما، فرحلته لا تزيد عن الخمسة عشر عاما، ومع ذلك فقد ترك أثره بشكل أو بآخر.
بقلم الناقد والمؤرخ السينمائي : محمود قاسم
لم يثر ممثل الكثير من الجدل فى حياته الفنية والخاصة، مثلما حدث مع حاتم ذو الفقار ، فهو واحد من الممثلين الذين انتقلت أخبارهم بسرعة من الصفحات الفنية إلى صفحات الحوادث، وقد أتاح بذلك الفرصة لمحررى صفحات الحوادث الكتابة عنه بمساحات متباينة، وأتاح أيضا للقارئ والمتفرج أن يعيد النظر إلى أعماله.
وما يهمنا فى هذا النوع من الكتابة، هو الابتعاد عن الحياة الخاصة للفنان، والتوقف عند أدواره السينمائية، فهى التى سوف تبقى معه لسنوات طويلة، فـ حاتم ذو الفقار هو أحد الذين جسدوا أدوار رجال العدالة، والخارجين عن القانون بالكفاءة نفسها، وظل يتنقل بين هذه الأدوار طوال حياته الفنية، كما أنه أحد الذين عملوا بكثرة فى أفلام المقاولات، وهى أعمال أقل أهمية، وقد اتسمت أدواره فيها بالسطحية، مما يتنافى مع البدايات التى رأيناه فيها يتعامل مع مخرجين يجيدون إدارة الممثل خاصة (سمير سيف).
فى أدواره الأولى لفت (حاتم) الأنظار إليه بشاربه الكثيف، وطوله الملحوظ غير الفارع، وشعره الناعم الذى يجعل المخرجين يسندون إليه أدوار الشاب الطيار فى فيلم (حكمت المحكمة) لأحمد يحيى عام 1981، أو دور الطبيب الذى مات فى حادث سيارة فى بداية فيلم (الإنسان يعيش مرة واحدة) فى العام نفسه..
حاتم ذو الفقار والغول
ظل حاتم ذو الفقار يقوم غالبا بأدوار ابن الذوات، أو الشاب العصرى الذى تلقى تعليمه بصرف النظر عن كون هذه الأدوار ضد العدالة، أو معها، فهو ابن (فهمى الكاشف) فى فيلم (الغول) لـ (سمير سيف) عام 1983، وفى العام نفسه هو أيضا ابن الذوات، أصحاب الأراضى الزراعية الذى يمتلك أرضا، ويحاول شراء المزيد من الفلاحة (مستورة) اثناء غياب زوجها (عنتر) فى فيلم (عنتر شايل سيفه) إخراج أحمد السبعاوى.
إقرأ أيضا : عمالقة الشر في السينما المصرية .. نجمة إبراهيم
فـ (نشأت الكاشف) هو مركز الأحداث فى فيلم (الغول) أبوه واحد من كبار رجال الأعمال، يتصرف بعبث، ولا مسئولية، وهو يستهوى فتاة فى البار، يحاول أن يغويها، ويأخذ هذه الفتاة (نادية) معه إلى الشقة يصحبها عامل البار، وأمام رفضها، وهروبها، فإن (نشأت) يطارد عامل البار، ويدهسه بالسيارة ويقتله، ويصبح أمام الصحفى (عادل) أن يكشف حقيقة الجريمة التى تسعى أطرف عديدة لإخفائها، وأمام سطوة رأس المال يبدو (نشأت) الابن المدلل الذى على أبيه أن يحميه مهما ارتكب، وبالفعل فإن القاضى يعلن براءته.
(نشأت) هنا مثل الكثير من الشباب الذين تحميهم أموال آبائهم، وقد تكرر ظهور شبيه له فى أفلام عديدة مثل (ضربة معلم) لعاطف الطيب عام 1987، و (واحد من الناس) لأحمد جلال عام 2006، فهو نزق، وشهوانى، ويعتمد على سطوة أبيه، ولا يعرف التراجع، كما أنه ينتصر فى النهاية..
حاتم ذو الفقار وعنتر شايل سيفه
بدأ حاتم ذو الفقار كأن السينما وجدت فيه شرير السينما الجديد فى الثمانينات، فأسند إليه (أحمد السبعاوي) دورا مشابها تماما فى فيلم (عنتر شايل سيفه) إنه (مدحت) الذى يود الاستيلاء على عقد أرض تملكها فلاحة أثناء غياب زوجها بعقد مزور، وهو لا يكتفى بالاستيلاء على الأرض، بل يسعى أيضا لاعتلاء جسد المرأة، وتبدو (مستورة) امرأة قوية تهاجم وتدافع عن نفسها، ولا تستسلم بسهولة، رغم المحاولات المضنية لأخيها الذى يدافع عنها..
وهذا الميسور الأرعن هنا لا يأخذ جزاءه القانوني، وكل ما يحدث هنا أن يعود (عنتر) إلى وطنه عائدا من إيطاليا، بعد أن شارك فى التمثيل فى أفلام إباحية، دون أن يدري، وبعد التجربة الفاشلة يقرر عنتر البقاء فى القرية..
حاتم ذو الفقارعلى وتيرة واحدة
إنه نوع جديد من المجرمين، ظهر فى العقد التاسع من الماضي، لا يلقى جزاءه الحاسم، بل هو يستمر فى ممارسة جرائمه، وإن كان هذا لا يمنع أن يتم القبض عليه أحيانا، فابتداء من عام 1984 استطاع حاتم ذو الفقار أن ينتقل أحيانا إلى أدوار الطيبة مثل دور الضابط فى (التخشيبة) لعاطف الطيب، ثم دوره المهم فى (بيت القاضى)، فهو (حسن) الذى أصيب فى الحرب، وصار فتوة فى زمن الانفتاح.
لكن (حاتم) عاد مرة أخرى إلى أدوار الشر، أو ما شابه فى فيلم (الحلال والحرام) اخراج سيد سيف عام 1985، وكان قد قام بدور أحد شباب الشلة التى تسخر من الدكتور (طلبة) الذى ترك أسرته وانطلق إلى الإسكندرية، وراء الفتاة العابثة (نانا) فى فيلم (عشرة على عشرة) اخراج محمد عبد العزيز.
حاتم ذو الفقار والحلال والحرام
فيلم (الحلال والحرام) مأخوذ عن الفيلم الأمريكى (الجانب الآخر من منتصف الليل) إخراج (تشارلز جاردت) عام 1977، وفيه جسد (جون بيك) دور ضابط صغير يغوى حبيبته ثم يتخلى عنها، أما فى الفيلم العربى فإن هذا الضابط صار سائقا يدعى (خليل) الذي لعبه حاتم ذو الفقار يعمل لدى صاحب المصنع رجل الأعمال (صفوت) وتتورط معه (سهام) فتهرب كى تعود امرأة مختلفة، وقد تزوجت من (صفوت)، وتبدأ فى تدبير خطة للانتقام منه، وهو الذى تزوج من امرأة أخرى، يعرف صفوت بالعلاقة، ويبدأ فى الإعداد للانتقام من الاثنين معا.
الشرير هنا هو فى المقام الأول عاشق وغد، قضى وطره من فتاة، وتركها كى تواجه مصيرها، فلما عاودت الظهور مرة أخرى، وقد تغيرت إلى الأفضل، فحاول إحياء الماضى مرة أخرى معها، أى أن هذا الوغد، رغم أنه متزوج، فإنه يغامر بزوجته من أجل أن ينال عشيقته القديمة.
وفى هذه الفترة جسد أيضا دورا هاما في فيلم (المدبح) لحسام الدين مصطفى، حيث جسد (حاتم) دور أحد العاملين بالمدبح الذين يساعدون المعلمة (أفكار) فى مواجهة حيتان المدبح.
حاتم ذو الفقار وأجراس الخطر
يعتبر عام 1986 هو المنتج الأكبر لعدد الأفلام فى السينما العربية، حيث عرض ست وتسعون فيلما، كان من نصيب حاتم ذو الفقار تسعة أفلام، تنوعت فيها أدواره بشكل ملحوظ، والذى يهمنا هنا، هو أدوار الشر التى قام بأدائها، وعلى رأسها (أجراس الخطر) اخراج (محمد عبد العزيز) وهو الذى يعتبر بمثابة الجزء الثانى من فيلم (المحفظة معايا).
فقد قامت فكرة الفيلم الأول أن (شكري) رجل الأعمال الفاسد، قد تصدى لزميل الدراسة جابر الذى هدده مرارا بالأوراق التى سرقها منه، وانتهى الفيلم بدخول جابر إلى السجن وقد نجح الفيلم باسم (عادل إمام) فعندما أراد كاتب السيناريو (أحمد عبد الوهاب) عمل جزء ثان مع المخرج لم تكن هناك فرصة للاستعانة بـ (عادل إمام) فأسند الدور إلى (نور الشريف) أما دور (شكري) فقد أسند إلى (حاتم ذو الفقار) وهو الذى سبق أن جسده (سمير صبري).
وهذه الشخصية ذات المكانة الاجتماعية، تبدو أنيقة ظريفة، تتسم بثقافة، ومعرفة، وقدرة على التلون، ويمكن لـ حاتم ذو الفقار أن يؤديها فبعد أن ألصق (شكري) التهمة لصديقه (جابر) وقضى هذا الأخير ثلاث سنوات كمدة عقوبة فى السجن، يتعرف خلالها على (قاسم)، ويلتقى بحبيبته (نعيمة) التى تعطيه مالا يبدأ به حياة جديدة، ويقوم (جابر) بتكوين شركة مع زميل السجن (قاسم) والذى يقنعه بفكرة عدم الانتقام من (شكري)، يعمل الاثنان مع (مرسي) شريك (شكري)، ويكسبان الكثير من العمليات المشبوهة، يتمكنان من الحصول على مستندات تدين (شكري) ويبدأن فى استخدامها لإدانة (شكري) وابتزازه.
يتزوج (جابر من نعيمة) دون أن تعرف هوية مشاريعه، وتتغير مبادئ جابر، وينافس شكرى فيستحوذ بدلا عنه على عدة صفقات تجارية، ويعرض (شكرى على جابر) تكوين شركة واحدة، بدلا من المنافسة، فيقبل (جابر) يغدر (شكرى بجابر) فيدفع باثنين من أتباعه للتخلص منه بينما تلد زوجته.
انه نفس الشخص تقريبا، غدار، وصولي، طموح، رجل أعمال أنيق، لا نكاد نعرف عنه أى معلومات أخرى، كأنه بلا جذور اجتماعية أو أسرة.
حاتم ذو الفقار.. سري للغاية
الغريب أن (محمد عبد العزيز) نفسه قدم بعد ذلك بأسابيع فيلما مشابها باسم (سرى للغاية) من تأليف (نبيل صاروفيلم) فبدلا من (شاكر) رجل الأعمال المنحرف هناك (سالم) الذى يتمكن بمعاونة كبار المسؤولين من فصل الموظف البسيط (شاكر) الذى يحتفظ ببعض المستندات التى تدين (سالم) و(شاكر) أيضا يموت أثناء مطاردة رجال (سالم) له، ومثلما كان هناك صحفى فى الجزء الأول من (المحفظة معايا) فإن الصحفى – فاروق الفيشاوى – هو الذى يتصدى لـ (سالم) ويحاول كشف جرائمه، العزف على النجاح مرتين، بعمل فيلمين متشابهين، ويقوم بدور رجل الأعمال الشرير الممثل نفسه، وقد عكس هذان الفيلمان المنظور العام لرجال الأعمال فى تلك السنوات الذين صعدوا اقتصاديا واجتماعيا بسرعة غير متوقعة، وقد رأت هذه الأفلام أن وراء كل منهم وثيقة تدينه، يحملها إما فى حافظة نقوده أو بين أوراقه المهمة فى خزانته.
وفى نفس أسبوع عرض الفيلم (سرى للغاية) عرض فيلم آخر هو (الخط الساخن) إخراج كمال عيد قام فيه حاتم ذو الفقار بدور الرائد (عصام) الذى يتولى التحقيق فى قضية قتل.
حاتك ذو الفقار وانتحار صاحب الشقة
فى فيلم (انتحار صاحب الشقة) اخراج أحمد يحيى، اختلف نوع الشر كثيرا عند حاتم ذو الفقار، حيث نجد (حمدى متزوج من فريدة)، ويعيش معها فى شقة أسرته والاثنان زميلان فى الشركة نفسها، ويحدث أن يراها مدير الشركة (عبد العزيز) فيعجب بها، ويرمى عليها شباكه، وأمام اغراءات الرجل العجوز، فإن الزوجة تطلب من (حمدي) أن يطلقها، وتتزوج من المدير صاحب النزوات العديدة، حيث تكتشف نزواته مع الخادمات..
وفى النصف الأول من الفيلم، يبدو (حمدي) الذى جسده حاتم ذو الفقار موظفا بسيطا، مغلوبا على أمره، حتى يموت المدير، وترث (فريدة) الرجل الذى مات منتحرا، وتعود إلى (حمدي)، وخوفا من الورثة فانها تتنازل له عن الشقة، حتى لا يستولى عليها الورثة، وهنا يبرز جانب الانهازى والشرير، حيث يستولى (حمدي) على الشقة، ويطرد زوجته، ويأتى بأهله للإقامة بها، حتى تضيع حقوق فريدة.
السؤال الذى يطرح نفسه هنا.. من هو الشرير فى هذا المثلث المعقد، هل هو المدير صاحب النزوات، أم (فريدة) التى جذبتها الإغراءات، فتركت زوجها إلى المدير الميسور الذى أتاح لها أن تسكن فى شقة بهذه الفخامة، أم (حمدي) الذى هجرته امرأته، وعادت إليه كى تمنحه الشقة، ليس حبا فيه وإنما حتى لا تضيع ملكيتها لها، وهذا الزوج الذى يطرد امرأته من المكان، إنها دائرة من تصفية الحسابات، ومجموعة من الأشرار، يخلص كل منهم حق الآخر فى طرف ثان..
لعل (أحمد السبعاوي) هو المخرج الذى أسند إلى حاتم ذو الفقار مجموعة من أدوار الشر، وهو كما سبقت الإشارة هو الذى أسند اليه أحسن أدواره فى (بيت القاضي).
حاتم ذو الفقار والخرتيت
فى بداية عام 1987 عرض فيلم (الخرتيت) للسبعاوى، وفيه أسند دور عادل إلى الممثل حاتم ذوالفقار، وعادل هذا يقف إلى جوار (وردة)، زوجة صديقه القتيل، بهدف مساعدتها، باعتبار أن (جابر) قد اكتشف أن الدواجن الموجودة فى مخزن المعلم (سلطان) قد طعمت فى بطنها بمخدرات.
وعادل هذا يفكر فى الزواج من الزوجة وردة – سهير رمزى – لكنه سرعان ما يسحب وعوده عندما يعلم أن خاله المعلم (سلطان) يرغب فى الزواج منها، وعندما ترفض (وردة) فان (سلطان) يدبر لها ما يدخلها السجن، وهناك تتعرف على امرأة تدعى (نرجس) تنجح فيما بعد فى الايقاع بين المعلم (سلطان) وابن أخته (عادل) ويبدأ هذا الأخير فى التنكر لخاله، ويكشف عن جرائمه..
عادل هنا وغد وضعيف، وفاقد الحيلة، ولا يستطيع أن يفى بوعوده، هو رجل سلبي، أمام جبروت خاله، يتنازل بسهولة له عن حبه، كى ينال رضاء خاله، لكنه فى لحظة استكشاف يبدأ فى المواجهة يبوح بما يعرفه.
فى العام نفسه قام حاتم ذو الفقار مجددا بأداء شخصية مشابهة فى فيلم (عودة الماضى) إخراج ناصر حسين، فهو الموظف (صفوت) الذى دبر له رجل الاعمال (أبو الفتوح) تهمة اختلاس مبلغ كبير من المال، فيقضى فى السجن سبع سنوات، وعقب خروجه من السجن، يذهب لمقابلة (أبو الفتوح) الذى وعده بسداد جزء من المبلغ المختلس، إلا أنه يجده قد هرب مع عشيقته (منار)، يبحث صفوت عنها، حتى يصل لها ويقتل (ابو الفتوح) وعشيقته، وبعد أن يتزوج (صفوت من منى)، يحكى لها يوما عن ماضيه، ويكتشف أنها قرينة (ابو الفتوح) فيقتلها أيضا ويخفيها فى مكان بعيد.
نحن هنا أمام منتقم قاتل، يقتل ثلاثة أشخاص، قد تكون جريمة (أبو الفتوح) كبيرة، وهى اتهام موظف برئ بالاختلاس، أما (منار) العشيقة، فقد ماتت بلاد ذنب، و(منى) الزوجة ماتت لأنها ابنة القتيل، لكن الفيلم لا يقتل (منى) الزوجة، فقد نجت من الخنق، وذهبت لإبلاغ الشرطة بالحقيقة، وقد تغيرت النهاية هنا، باعتبار أن من قتل يقتل، ولو بعد حين، حيث مات صفوت برصاص الشرطة.
فى عام 1988 قام حاتم ذو الفقار بالعمل فى فيلمين فقط، هما: (الأوهام) إخراج أحمد النحاس، ثم (فتوات السلخانة) إخراج (ناصر حسين) وفى الفيلم الأول لم يكن (حاتم) سوى الدكتور (عصام) الذى تعترف له (بسمة) بالجريمة التى ارتكبتها مع عواطف.
حاتم ذزو الفقار وجزيرة الشيطان
لم يكن حاتم ذو الفقار فى أحسن حالاته كممثل، خاصة فى أدوار الشر إلا حين قام بهذه الأدوار أمام عادل إمام، فلاشك أن دور (نشأت الكاشف) فى (الغول) كان من أهم أدواره السينمائية الأولى، والتى رسخت من مواهبته، وقد تجددت هذه الفرصة بعد سبع سنوات فى فيلمين متتاليين هما (جزيرة الشيطان) عام 1990 من إخراج نادر جلال، ثم (مسجل خطر) عام 1991 من إخراج سمير سيف.
ففى الفيلم الاول يقوم بدور (محمود) الذى يعرف من خطيبته (فاطمة) سر الذهب المخبأ فى جزيرة الشيطان بالغردقة والمخبأ بها صناديق تحوى الذهب.
(محمود) هذا شاب ضعيف الشخصية، متردد، وضعيف النفس، وغيور، ومندفع، لذا فذهابه معها يمثل بالنسبة لها عائقا واضحا، فهو يشعر بالغيرة من خلال الغواص المحترف الذى تستعين به البعثة، كما أنه يتعامل بطمع مما يؤدى بـ (فاطمة) إلى التقارب العاطفى مع (جلال)، و(محمود) هذا يعمل مدرسا بسيطا، وتتذكر (فاطمة) المبلغ الذى ادخرته معه، كى تسترده وتستعين به فى الرحلة، فيكون ذلك بمثابة أول احتكاك معه، حيث تعرف ان (محمود) قد بذر المبلغ، أما فى أثناء الرحلة، فقد تطور سلوكه تطورا سريعا، باتجاه الشر، دون أن يثبت فى الرهن قصورا قويا وناسبا عن ودائعه الحقيقية التى تبرر سلوكه العدوانى.
ومصير (محمود) فى الفيلم، هو أن يموت بالحرب، والعيارات النارية التى تفجرت أثناء المواجهة.
أما الفيلم الثانى (مسجل خطر) لت ؛اتم ذو الفقار فإننا نرى رجلا أقرب إلى المخنث، منه إلى الشرير، العتيد، لكنه بائع المهارات فى اصطياد خصومه، والتخلص منهم، فهو محاط بمجموعة البنات، ويتصرف على أنه واحد منهن، لا يختلف عنهم بالمرة، ورغم ذلك فهو عريض الجسم، قوي، والغريب أن (حاتم) هنا لم يكن فى صف أشرار الفيلم، بل كان إلى جانب الأشخاص الثلاثة الذين غادروا السجن لتوهم، فهو يساهم فى مقاتلة عربة الأشرار التى تحمل حقيبة الدولارات، والتى سوف يتم تسليمها لأحد تجار المخدرات، وتنطلق المطاردة فى الطريق السريع، إلى أن تندلع المجزرة عند احد الكبارى العلوية.
حاتم ذو الفقار مراهقون ومراهقات
فى العام نفسه 1991، جسد حاتم ذو الفقار دور الشاب المدمن فى فيلم (مراهقون ومراهقات) لأحمد يحيى، فهو رجل يتحكم فى مصير الفتاة العرجاء الحزينة، المنكسرة (عايدة رياض) التى تؤدى التدريبات على عجلة فى مركز للعلاج الطبيعي، يديره شخص يسيطر عليها تماما هو (حاتم ذو الفقار) حيث يمنحها دفئا كاذبا، يخفق له قلبها، ويعدها بالشفاء فتتعلق به تعلق الغريق بطوق النجاة، لكنه يدفعها بعد ذلك إلى إدمان الهيروين، ويدفعها أن تختلى بالرجال فى أماكن مظلمة، وتستولى على أموالهم عقب تهديدها بموس حلاقه تخفيه تحت لسانها.
مصير المجرم هنا هو القبض عليها، مع مساعديه وأعوانه، والشخصيات التى تنجح فى إغوائها.
فى هذا العقد الأخير من القرن العشرين بدأ حاتم ذو الفقار يواجه مشاكله الخاصة التى أبعدته عن السينما، حيث أن آخر فيلم شارك فى تمثيله هو (المعلمة والأستاذ) وقد جسد فى عام 1992 وحده خمسة أفلام منها: (الشقي) لإبراهيم عرايس، و(مذبحة الشرفاء) لناصر حسين، و(آه وآه من شربات) لـ (محمد عبد العزيز) ثم (الراقصة والشيطان) إخراج محمود حنفى.
فهو فى (مذبحة الشرفاء) يقوم بدور (كمال ابن الشبراوي) أحد كبار رجال السياسة والمال فى المجتمع، الذى يحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات، ورغم اعتراف (كمال) بجريمته، فإن والده يمارس ضغوط على القاضى النزيه (أحمد آدم) من أجل ثنائه عن حكمه، إنه دور مشابه لدور (نشأت الكاشف) والفيلم بمثابة مواجهة بين رجل السياسة، والقاضى.
أما فيلم (آه وآه من شربات) فإننا أمام رجل عصابات، يعيش بين الغجر والنشالين، يدفع بـ (شربات) إلى السرقة، وهو الذى قام بتدريب حبيبته (شربات) إلى احتراف فنون السرقة، والنشل بالإضافة للغناء والرقص، ونكتشف فيما بعد أن (شربات) هى الأخت التوأم لأختها (نهى) ابنة اللواء المتقاعد، وأنها قد فقدت من أبيها وهى طفلة، وهذا اللص هنا يبدو ظريفا،عاشقا، صاحب مكائد، ينتهى به الأمر فى السجن.
وفى (الشقى) فإن (حسن الأعرج) يعجب بجارته الحسناء (سنية) لكنها لا تبادله مشاعره، لأنها تحب المعلم (عبده) الذى يحبها بجنون ويغار عليها، ويتدخل بضرب (حسن) ضربا مبرحا لإبعاده عنها، ويحاول أن يدخل شقتها عنوة للاعتداء عليها لتهاونها فى صد (حسن) لكن أهل الحارة يتصدون له لمنعه من ايذائها، فيتسلل (حسن) من النافذة لإنقاذها ويقوم بضرب (عبده) ليفقد وعيه فى شقته، يطلب (حسن) من (سنية) مغادرة شقتها ويشعل فيها النيران، ويهرب ومعه (سنية)، وفى تلك الأثناء يشاع فى الحارة أن (عبده) هو الذى أشعل النار فى شقة (سنية)، وأنها قد ماتت أثناء الحريق، ويتهمون (عبده) بقتلها، ويحكم عليه بالسجن.
يدعى (حسن لسنية) أنها متهمة بقتل (عبده)، وأن البوليس يطاردها للقبض عليها، ومحاكمتها، ويقنعها بالزواج منه لحمايتها، يسافر معها للاستقرار فى الاسكندرية، حيث يعمل بالميناء ويمنعها من مغادرة الشقة لأى سبب، فتضيق (سنية) بحياتها معه وتطالبه بطلاقها دون جدوى.
وبعد سنوات يتم الإفراج عن (عبده) الذى يبدأ البحث عن الحقيقة، ويتأكد أن (حسن) كان السبب فى حبسه وفراقه عن حبيبته (سنية) ويتحرى عن مكانه ليعرف أنه بالإسكندرية، ويعمل (عبده) بالميناء من قبيل المصادفة ليلتقى بحسن، و(حسن) يموت صريعا أسفل ونش، كى تعود (سنية إلى عبده).
حاتم ذو الفقار لم يعمل طويلا فى السينما، فرحلته لا تزيد عن الخمسة عشر عاما، ومع ذلك فقد ترك أثره بشكل أو بآخر، وقد تباينت الأفلام التى قام بها بالعمل، ولاشك أن ابتعاده عن السينما، وعودته إليها قد أثر كثيرا على مسيرته، لكنه أيضا من بين الذين اختفوا تماما بعد ظهور موجة أفلام الكوميديا التى ازدهرت فى السنوات الأخيرة.