المليجي .. الشرير صاحب أقوى عينين في السينما
كتب : أحمد السماحي
نحيي خلال الأيام القليلة القادمة ذكرى عملاق التمثيل (محمود المليجي) صاحب أقوى عينين عرفتهما السينما المصرية، في الطيبة والشر على حد سواء، وهذه كانت إحدى ميزاته الكثيرة فى عالم التمثيل، والاقتراب من عالم (المليجي) أشبه ما يكون بدخول مغارة مليئة بالأسرار والكنوز، فعالمه الظاهر المتسم بالشر والدهاء وكأنه ولد شرير ابن شرير، يخفي وراءه تجارب حياتية مختلفة، مليئة بالطيبة والعطف والحنان، ويخفي أيضا قصة كفاح كبيرة وصلابة فى الرأي وإصرارا على مواصلة الطريق الفني مهما لاقى من صعاب، عندما أختاره المخرج المبدع (يوسف شاهين) لدور (محمد أبوسويلم) الفلاح الشريف الطيب المتعلق بأرضه ارضه الكثيرين وقالوا له كيف تأتي بأشهر شرير عرفته السينما المصرية وتقدمه فى هذا الدور المليئ بالطيبة والشهامة والرجولة ؟!، لكن (شاهين) أصر على موقفه وكانت النتيجة مبهرة حيث قدم (المليجي) واحدا من أهم أفلامه وأشهرها على الإطلاق، وحصل من خلاله على العديد من الجوائز الدولية والمحلية، والأهم أنه غير وجه نظر الجمهور فيه كأشهر شرير عرفته السينما المصرية، واستطاع أن يكسب حبهم وتعاطفهم.
نجح (المليجي) على مدى مشواره الفني الطويل بأداء دور الغريم الشرير الذى يفرق بين الحبيبين، ومن يومها ظل حبيسا لأدوار الشر لسنوات طويلة فالمخرجون وجدوا فى ملامح وجهه وملامح عينيه وطبقة صوته كل متطلبات دور الشرير، وظهر فى عشرات الأدوار لم تختلف جوهريا فيما بينها الأمر الذي جعله مجرد نمط مكرر، لكنه استفاد فنيا من أداء هذه الأدوار، فقد دربته على أداء شخصيات (الباشا الأرستقراطي، وصاحب الملهى الليلي، والموظف المختلس، والفتوة الشعبي، وتاجر المخدرات، والدونجوان الوغد، ومبتز الأبرياء).
وهى أدوار لها أبعاد داخلية عميقة على الرغم من إنها محاطة بإطار واحد سينمائيا، وأنها تعتمد أصلا على انفعالات بسيطة مثل الرغبة والكراهية أو الخوف أو الإنتشاء من دون أن تمتزج هذه الانفعالات لتعطي للممثل فرصة التعبير الخلاق، ورغم هذا عشقه الجمهور، وكان يذهب لمشاهدة أي فيلم يقوم ببطولته رغم أنه لم يكن يوما بطلا مطلقا، لهذا سجل رقما قياسيا فى عدد الأفلام التى شارك فيها حوالي (700 ) فيلما، و(320) عملا مسرحيا، وعشرات الأدوار التليفزيونية.
ولم يقتصر نشاط (المليجي)على التمثيل فقط، فوضع السيناريو والحوار لأفلام مثل (المغامر، الأم القاتلة، وعد) كما كتب قصة فيلمي (سجين أبو زعبل، والمبروك).
وكما يموت المحارب في ميدان المعركة، مات (محمود المليجي) في مكان التصوير وهو يستعد لتصوير آخر لقطات دوره في فيلم (أيوب) من إخراج (هانى لاشين)، فجأة وأثناء تناوله القهوة مع صديقه النجم العالمي (عمر الشريف)، سقط (محمود المليجي) وسط دهشة الجميع، رحل عن دنيانا يوم 6 يونيوعام 1983، وعرض الفيلم يوم 12 مارس 1984 وبعد وفاته بتسعة أشهر تقريبا.