المتحدة وآل الشيخ وأشياء أخري
بقلم : علي عبد الرحمن
عشنا الأسبوع الماضي مع حديث السوشيال ميديا وأخبار متناثره عن تغييرات في هياكل إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تلك الشركه التي استحوذت علي كثير من نوافذ وروافد ومصير سوق الإعلام المصري، ولأن صناعة الإعلام هي صناعة استراتيجية تهتم بتشكيل وتوجيه الرأي العام، وهي إحدي أهم روافد قوة مصر الناعمة، ولأن صناعة الإعلام يعمل بها مايربو علي 100 ألف كادر في كل فروع الصناعة، ولأنها تخدم صناعات أخري مغذيه لها ولأن رؤس الأموال التي تضخ فيها صخمة، ولأنها تعبر عن جزء كبير من المشهد المصري، سياسيا، وإقتصاديا، وإعلاميا، وفنيا،ف لهذا كله أصبح حديث المتحدة أشبه بحديث الرأي العام.
وقد سارعت الشركة بنفي ماتردد وأعلنت عن عقد مؤتمر لها يوم السبت 29/5 لتعلن فيه عن خططها للتطوير وإعادة الهيكلة ومستقبل صناعة الإنتاج والبث الإعلامي والإعلاني والفني والإخباري في مصر في الفترة القادمة، وتصادف أيضا في أسبوع الإعلام والفن الساخن لقاء المستشار تركي آل الشيخ الوزير بالديوان الملكي السعودي، ورئيس الهيئة العامه للترفيه حديثة العهد بالمملكه العربيه السعودية، لقاء الرئيس بالمستشار وأعقب ذلك لقاء المستشار ببعض مسئولي ورموز الثقافة والفن والإعلام في مصر بمنزل السفير السعودي بالقاهرة، ودار حديث حول الإنتاج الفني المشترك بين مصر والسعودية.
والسؤال هل هناك علاقه بين الحدثين بما أنهما يصبان في مستقبل صناعة الإعلام والفن معا؟، وهل يشهد أسبوعنا الحالي أحداثا كبيره تتعلق بمستقبل هاتين الصناعتين؟، وهل تأخر التعاون الفني المصري السعودي حتي تدخل السيد الرئيس؟، وأين كان أهل الفن من انفتاح المملكه فنيا منذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد؟، ولماذا لم يسارعوا – بحجم مصر الفني- واستراتيجية العلاقات مع السعودية لنقل الخبرات في مجال التدريب والإنتاج وتأسيس الأكاديميات الفنيه ومعاهد التدريب والاستديوهات والكوادر للمساهمه المبكره في هذا الانفتاح الفني بالمملكة، ولماذا كان تحركنا فرديا في مجال الإنتاج الدرامي والسينمائي وإقامة الحفلات والفعاليات قبل أن يسبقنا غيرنا في إقامة دور العرض والامداد بالأفلام السينمائية ومن سبق في إنشاء المؤسسات الفنية ومجال التدريب؟، هل كانوا ينتظرون توجيه قيادي؟، أم لم يكن الامر هاما بالنسبة لهم ولمصرنا!
ولماذا الآن – بعد أن دارت عجلة الانفتاح بالمملكة؟، وبعد أن شبت هيئة الترفيه ولمعت وتنوعت أنشطتها حتي طالت تلوين تراث الفن المصري والاعلان عن بث بعض أعماله حصريا علي منصة شاهد، بل والإعلان عن تطوير الموسيقي والغناء في مصر، وأخيرا الاعلان عن إنتاج 60 مسلسلا دراميا، و15 عملا مسرحيا، وحديث عن إنتاج أعمال تدعم الوطنية والانتماء، وأين كانت وزارات ومجالس وهيئات الفن والإعلام منذ بداية عصر الانفتاح الفني بالمملكة؟ ولماذا تأخروا حتي سبقنا الكثيرون؟، وأين بروتوكولات التعاون ضمن منظومة العلاقات المميزه بين البلدين؟، وهل ماتم الإعلان عنه مؤخرا من شراكة إنتاجيه واكتشاف المواهب هي توجيه سيادي أم أفكار المستشار النشط؟، ومادور أهل العقد والحزم في منظومتي الإعلام والفن المصريتين؟.
وهل تزامن أحداث المتحدة والمستشار لهما علاقه بهذا التقصير أم أن التلازم هو بداية العلاج له؟، واذا كانت المتحده هي أكبر كيان إعلامي مصري يمتلك نوافذ البث ومصادر الإنتاج ومصادر الأخبار ومصادر الإعلان ومصادر الأرشيف ومصادر الحقوق الحصرية ومصادر الدعم المادي والمعنوي، لماذا لم تدلو بدلوها في سياق السبق في التعاون المصري السعودي الفني والاعلامي، وإذا كان الأمر يتجه مستقبلا لإنتاج وتعاون مشترك بين مصر والسعودية لماذا لايكون لدينا مجلسا أعلي للتنسيق في مجال الإنتاج الفني واكتشاف المواهب، يهتم بالنصوص التي سيتم إنتاجها وبالتنوع المطلوب في الموضوعات و المواهب التي سيتم ضخها، وفنون التسويق للبلدين التي ستتضمنها أعمال الإنتاج المشترك.
وأيضا خطط الإنتاج الزمنيه وتكلفتها والكوادر الفنيه الصالحة لهذه الأعمال ونوافذ التسويق لهذا الأعمال وأماكن تصويرها وحقوق الإعلان عليها وحقوقها الرقمية حتي نصلح منظومة الإنتاج الدرامي ونكسر منظومة الاحتكار التي أغلقت نوافذ إعلامية وأنهت مسيرة شركات إنتاج ومعدات، وأجلست معظم الكوادر في بيوتها وغيبت العديد من صناع مشهد الإنتاج الإعلامي والفني وأقصت من أقصته، وحتي نكون منصفين فقد ساهمت تجربة المتحدة في خفض أسعار النجوم وكسر قاعدة النجم الأوحد.
وهل خطط تطوير وهيكلة المتحدة ستصلح ما خلفته الشركة من مشاهد الاحتكار والإقصاء والغلق والبطالة؟، وهل ستطال هذه الخطط إشراك شركات القطاع الخاص في المشهد القادم، سواء شركات إنتاج أو توزيع أو معدات، وهل ستعيد الألوف من الكوادر إلى سابق مهنهم للاستفاده بخبراتهم وتحقيق العداله في فرص التشغيل، وهل سيكون من ملامح المشهد القادم التنافس الشريف المفيد المهنه والإنتاج بدلا من الاحتكار والاقصاء الضار بالمهنة والمنتجات، وهل سيكون للنقابات الفنيه والإعلاميين صوت مسموع في تشغيل أعضائها من الكوادر الصالحه لسوق العمل، وهل سنتقاسم كلنا تورتات الإنتاج والتوزيع والاعلان؟ أم سيظل الحال مائلا؟.
وهل ستهتم خطط تطوير وهيكلة المتحدة بصناع المحتوي إيمانا بأن الإعلام رسالة، والوطن أمانه والكلمة شرف والعدالة مسئولي؟، أم هل ستظل سيطرة أهل الإنتاج والصرف على مقاليد المشهد الإعلامي؟، وهل ستتم الاستعانه بخبراء الإعلام ورواد صناعة المحتوي وصياغة المضامين وزرع الرسائل وخبراء علوم خرائط البث وأوقاته وجمهوره وتنوع محتواه وعدالة توزيعه مكانيا وحسب شرائح المحتمع لندخل كلنا مع هذه الخطط عصر العدالة الإعلامية أم أن التطوير وخططه يستهدف وجوه بعينها، وإدارة رؤس أموال فحسب وتعويض خسائر دون النظر إلي صناعة المحتوي وتنوع الانتاج وشراكة كل الكوادر الصالحة، وتضمين رسائل الوطن وتقاسم الإنتاج والتوزيع والإعلان والاخبار والأحداث والحقوق، في مشهد يعلي قيم التنافس بين كوادر الوطن لتحقيق أقصي استفادة من خبرة كوادره لصالح إنتاج وطني متنوع جيد وقوة ناعمة تضيف الي مصرنا ولصالح إنتاج يرضي تطلعات مواطنينا وعدالة إعلامية تضع مصر بخبرات كوادرها وتنافسها في المكانة اللائقة بها قيمة وقامة بين دول المنطقة والعالم انتاحا وبثت وتوزيعها وتأثيرا وجودة وعوائد؟.
حمي الله مصر وأصلح ‘علامها وإنتاجها وأرضي شعبها وألهم واضعي الخطط والتصورات الصواب لما فيه مصلحة مصر العليا وقوتها الناعمه وخبراتها المتراكمة وشعبها العظيم .. وللحديث بقايا قادمه،ان قدر الله ذلك.